باريس - (أ ف ب): انطلقت في فرنسا أمس الأربعاء احتجاجات هدفها إظهار الغضب الشعبي تجاه رئيس الجمهورية، في يوم يبدأ وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو الذي كلّفه إيمانويل ماكرون تشكيل حكومة جديدة، مهامه. وتشكّل الاحتجاجات التي دعي إليها تحت شعار «لنشلّ كل شيء» اختبارا حقيقيا للوكورنو (39 عاما) وهو حليف وثيق لماكرون وشغل منصب وزير الجيوش خلال السنوات الثلاث الماضية. وتجمّع متظاهرون في مختلف أنحاء البلاد منذ صباح أمس الأربعاء، مع نشر 80 ألف شرطي للحفاظ على النظام.
وأقامت مجموعات من المتظاهرين حواجز باستخدام حاويات نفايات ورشقوا الشرطة بالقمامة في ضواحي باريس، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس. وفي مدينة ليون (جنوب شرق) أغلق متظاهرون طريقا سريعا يمر عبر المدينة وأشعلوا النار في حاويات قمامة، في حين استخدمت الشرطة في مدينة نانت (غرب) الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وكان وزير الداخلية برونو روتايو قد حذّر المتظاهرين من أنه لن يكون هناك «أي تسامح» مع الأعمال العنيفة أو عمليات إغلاق أماكن رئيسية. وأفاد روتايو لصحفيين بأنه تم توقيف حوالي مائتي شخص، معظمهم في باريس ومحيطها.
وقال أحد المتظاهرين في ليون ذكر فقط اسمه الأول وهو فلوران: إن قرار ماكرون بتكليف حليف وثيق له لتشكيل حكومة هو «صفعة على الوجه». وأضاف: «لقد سئمنا من حكوماته المتعاقبة، ونحتاج إلى تغيير». وكلّف الرئيس الفرنسي لوكورنو الثلاثاء غداة حجب الجمعية الوطنية الثقة عن حكومة فرنسوا بايرو، ليصبح سابع رئيس للوزراء في عهد ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية في عام 2022. وهذا الأمر غير مسبوق في نظام الجمهورية الخامسة الذي أُعلن في 1958 والذي عُرف لفترة طويلة باستقراره.
وقالت الرئاسة الفرنسية: إن ماكرون «مقتنع بأن التوصل إلى اتفاق بين القوى السياسية (بقيادة لوكورنو) ممكن، مع احترام قناعات الجميع». وقالت: إن ماكرون كلف لوكورنو في البداية بالتشاور مع الأحزاب بهدف التوصل إلى «الاتفاقات الضرورية للقرارات التي ستتخذ في الأشهر المقبلة»، قبل تشكيل حكومة جديدة. ويواجه لوكورنو مهمة صعبة تتمثل في بناء جسور عبر البرلمان المنقسم من دون غالبية صريحة لأي طرف، وضمان عدم مواجهة مصير بايرو الذي استمر في منصبه تسعة أشهر فقط.
وشكر لوكورنو ماكرون على ثقته وأشاد ببايرو «لشجاعته في الدفاع عن قناعاته حتى النهاية». وأضاف: «لقد أوكل إليّ رئيس الجمهورية مهمة تشكيل حكومة ذات توجه واضح يتمثل في الدفاع عن استقلالنا وقوتنا وخدمة الشعب الفرنسي وتحقيق الاستقرار السياسي والمؤسساتي من أجل وحدة البلاد». من جهته، قال حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف امس الأربعاء إنه سيقدم اقتراحا بسحب الثقة من لوكورنو في البرلمان. وجاء سقوط بايرو بعدما طرحت حكومته مشروع ميزانية تقشفية كان يهدف إلى توفير 44 مليار يورو لتقليل الدين العام الضخم الذي يصل إلى 114% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويصعب تقدير أعداد المشاركين في الاحتجاجات أو مدى تأثيرها على القطاعات المختلفة في البلاد، نظرا إلى المشاركة الضئيلة للنقابات العمالية التي تخطط معظمها ليوم خاص بها من الإضرابات والاحتجاجات الواسعة النطاق في 18 سبتمبر. وفيما ستعمل القطارات العالية السرعة ومعظم قطارات مترو باريس بشكل طبيعي، يتوقع أن تشهد خدمات السكك الحديد والمطارات في كل أنحاء البلاد، بما فيها مطارا باريس الرئيسيان شارل ديغول وأورلي، اضطرابات. ومع أن هذه التعبئة تذكّر البعض بحراك «السترات الصفراء» الذي هزّ فرنسا بين عامي 2018 و2019، ما زال من غير المعروف مدى تأثيرها، خصوصا أنها بلا قيادة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك