العدد : ١٧٣٣٤ - الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٤ - الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

أخبار البحرين

«أخبار الخليج» تفتح الملف:
«النواب» و«الشورى».. تجانس أم تنافس؟!

تحقيق: محمد الساعي

الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

شوريون :التنسيق قائم على مستوى الرئاسة والشعب البرلمانية.. والاختلاف طبيعي حتى في المجلس الواحد

لا نرفض أي مقترح من النواب إلا إذا كان غير منطقي أو لا يمكن تطبيقه

نرفض المزايدة أو القول إن أي طرف يهتم باحتياجات المواطنين أكثر من غيره

المطالبة بتمرير قوانين ضخمة مثل «الصحافة» في يومين إهانة للتشريع وللقانون

ليس صحيحا أن القوانين تبقى لدينا مددا طويلة بدليل أننا نطلب من النواب سرعة إحالة المقترحات


فتحت‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬الأسبوع‭ ‬قبل‭ ‬الماضي‭ ‬ملف‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشورى،‭ ‬متسائلة‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬التجانس‭ ‬ام‭ ‬التنافس‭. ‬

عدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬استعرضنا‭ ‬آراءهم‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الموضوع،‭ ‬أكدوا‭ ‬أنهم‭ ‬يفتقدون‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬التنسيق‭ ‬الكامل‭ ‬والتعاون‭ ‬المطلوب،‭ ‬بل‭ ‬أحيانا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الامر‭ ‬الى‭ ‬الشعور‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬أشبه‭ ‬بالخصام‭ ‬أو‭ ‬الجدال‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬وغياب‭ ‬التنسيق‭ ‬كفيل‭ ‬بتأخير‭ ‬التشريع‭ ‬وضعف‭ ‬الرقابة‭ ‬وإحباط‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭.‬

فيما‭ ‬اعتبر‭ ‬نواب‭ ‬اخرون‭ ‬ان‭ ‬عدم‭ ‬التجانس‭ ‬موجود‭ ‬داخل‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وانه‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬جعل‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬شماعة‭ ‬لرفض‭ ‬مقترحات‭ ‬غير‭ ‬منطقية‭ ‬من‭ ‬الأساس‭. ‬واعتبروا‭ ‬ان‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية‭ ‬أريد‭ ‬لها‭ ‬التكامل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاختلاف،‭ ‬ولكنهم‭ ‬أيضا‭ ‬لم‭ ‬ينكروا‭ ‬وجود‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬تنسيق‭ ‬أكبر‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭.‬

اليوم،‭ ‬ننتقل‭ ‬الى‭ ‬الغرفة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬البرمان‭ ‬وهي‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬لنناقش‭ ‬مع‭ ‬شوريين‭ ‬ما‭ ‬طرحه‭ ‬النواب‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬ونستفسر‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬فعلا‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭.‬

وقبل‭ ‬ذلك،‭ ‬نود‭ ‬التنويه‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أبدى‭ ‬شوريون‭ ‬مشكورين‭ ‬تعاونا‭ ‬كبيرا‭ ‬وعلقوا‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬وبعضهم‭ ‬كان‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الأستاذ‭ ‬جمال‭ ‬فخرو،‭ ‬فإن‭ ‬عددا‭ ‬اخر‭ ‬اعتذر‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬او‭ ‬رفض‭ ‬التعليق‭ ‬من‭ ‬الاساس،‭ ‬واكتفى‭ ‬بعضهم‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬ما‭ ‬عندي‭ ‬أي‭ ‬تعليق‮»‬‭. ‬واخرون‭ ‬تعذروا‭ ‬بحساسية‭ ‬الموضوع‭. ‬وغيرهم‭ ‬بظروف‭ ‬خاصة‭! ‬

 

الاختلاف‭ ‬طبيعي

هل‭ ‬هناك‭ ‬فعلا‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الانسجام‭ ‬أو‭ ‬التنسيق‭ ‬الكافي‭ ‬بين‭ ‬المجلسين؟

سؤال‭ ‬طرحناه‭ ‬على‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬جمال‭ ‬فخرو،‭ ‬الذي‭ ‬علق‭ ‬بقوله‭: ‬أولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتساءل،‭ ‬ما‭ ‬المقصود‭ ‬بالتنسيق‭ ‬من‭ ‬الأساس؟‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬مستوى؟

فلو‭ ‬نظرنا‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬الرئاسة،‭ ‬يمكننا‭ ‬التأكيد‭ ‬بأن‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الرئيسين‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬الرؤساء‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الشورى‭ ‬او‭ ‬النواب،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬يتطلب‭ ‬التنسيق‭ ‬إلا‭ ‬بتعاون‭ ‬وانسجام‭ ‬وتواصل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الرئاسة‭. ‬وإذا‭ ‬تطلب‭ ‬الامر‭ ‬يكون‭ ‬التنسيق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأمينين‭ ‬العامين‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الغرفتين‭ ‬علاقة‭ ‬تعاون‭ ‬وتفهم‭ ‬متميزة‭. ‬

الأمر‭ ‬الآخر،‭ ‬هناك‭ ‬صورة‭ ‬جميلة‭ ‬ومتكاملة‭ ‬للتنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬في‭ ‬المشاركات‭ ‬والفعاليات‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشعب‭ ‬البرلمانية‭. ‬ولم‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬اختلافا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الدولية،‭ ‬ولا‭ ‬يتحدث‭ ‬أي‭ ‬مشارك‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬الشورى‭ ‬أو‭ ‬النواب،‭ ‬وانما‭ ‬صوت‭ ‬واحد‭ ‬يمثل‭ ‬شعبة‭ ‬واحدة‭.‬

ولكن‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬جانب‭ ‬مقترحات‭ ‬ومشروعات‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬صلب‭ ‬عمل‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭. ‬هنا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المقترحات‭ ‬تمر‭ ‬بدورة‭ ‬واضحة‭ ‬ومتكاملة،‭ ‬حيث‭ ‬يبدي‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬رأيه،‭ ‬ثم‭ ‬يبدي‭ ‬الشورى‭ ‬مرئياته،‭ ‬وإذا‭ ‬اختلفت‭ ‬عن‭ ‬مرئيات‭ ‬النواب‭ ‬يعود‭ ‬المقترح‭ ‬الى‭ ‬النواب،‭ ‬لمناقشة‭ ‬ملاحظات‭ ‬الشورى،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬الشورى‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬المرئيات‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتجه‭ ‬المقترح‭ ‬إلى‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭. ‬وبالتالي‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬تكفي‭ ‬لمناقشة‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬بشكل‭ ‬مفصل‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬مرئيات‭ ‬المجلس‭ ‬الآخر،‭ ‬وهو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬المتكامل‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬نظم‭ ‬عمل‭ ‬اللجان‭ ‬لتعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬ماعدا‭ ‬اللجنة‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬المجلسين،‭ ‬حيث‭ ‬نظم‭ ‬لهم‭ ‬عملا‭ ‬مشتركا‭ (‬لجنة‭ ‬مشتركة‭) ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬قانون‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬وذلك‭ ‬للأهمية‭ ‬القصوى‭ ‬لضرورة‭ ‬صدور‭ ‬الميزانية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭.‬

علما‭ ‬بأن‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬تماما،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الواحد‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اختلاف،‭ ‬كأن‭ ‬يوافق‭ ‬أعضاء‭ ‬على‭ ‬اقتراح‭ ‬ما،‭ ‬ويوافق‭ ‬عليه‭ ‬أعضاء‭ ‬آخرون‭. ‬وذات‭ ‬الأمر‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬المجلسين،‭ ‬كأن‭ ‬يوافق‭ ‬مجلس‭ ‬على‭ ‬المقترح،‭ ‬وللمجلس‭ ‬الآخر‭ ‬ان‭ ‬يعترض‭ ‬أو‭ ‬يوافق‭ ‬عليه‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬أساسا‭ ‬فلسفة‭ ‬وهدف‭ ‬تشكيل‭ ‬المجلسين‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬التشكيل‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬مجلس‭ ‬معين‭ ‬ومجلس‭ ‬منتخب‭ ‬‮«‬يتيح‭ ‬للمجلس‭ ‬التشريعي‭ ‬ان‭ ‬يستمد‭ ‬الحكمة‭ ‬والدراية‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وكافة‭ ‬التوجهات‭ ‬العامة‭ ‬للناخب‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬و‮«‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬أرحب‭ ‬لديمقراطية‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬والاستقرار‭ ‬والرخاء‮»‬‭. ‬

وبنفس‭ ‬الوقت،‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ ‬89‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬عضو‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب‭ ‬يمثل‭ ‬الشعب‭ ‬بأسره،‭ ‬ويرعى‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬ولا‭ ‬سلطان‭ ‬لأي‭ ‬جهة‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬بالمجلس‭ ‬أو‭ ‬لجانه‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬المادة‭ ‬هي‭ ‬صلب‭ ‬عمل‭ ‬الأعضاء‭ ‬بحرية‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭. ‬

وهنا‭ ‬يمكن‭ ‬التأكيد‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مقترح‭ ‬يحال‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الى‭ ‬الشورى،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الى‭ ‬النواب‭ ‬ويتم‭ ‬معارضته‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبررات‭. ‬فكل‭ ‬مجلس‭ ‬وكل‭ ‬عضو‭ ‬ينظر‭ ‬أولا‭ ‬الى‭ ‬المصلحة‭ ‬من‭ ‬عدمها‭ ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬المقترح‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحال‭ ‬من‭ ‬الشورى‭ ‬مثلا‭ ‬الى‭ ‬النواب‭ ‬الا‭ ‬بعد‭ ‬الدراسة‭ ‬والتفصيل‭ ‬الدقيق،‭ ‬ويحول‭ ‬الى‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬تصيغه،‭ ‬ثم‭ ‬يحال‭ ‬الى‭ ‬النواب‭. ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمجلس‭ ‬النواب‭. ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الآليات‭ ‬تمثل‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬الكافي‭ ‬وحرية‭ ‬ابداء‭ ‬الرأي‭ ‬والنقاش‭.‬

ثم‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬مجلسين‭ ‬هما‭ ‬نسخة‭ ‬طبق‭ ‬الأصل،‭ ‬وإلا‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬من‭ ‬المجلسين‭. ‬فالاختلاف‭ ‬نعمة‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬الواحد‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين‭. ‬

*‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬يبديها‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مقترحاتهم‭ ‬تبقى‭ ‬حبيسة‭ ‬ادراج‭ ‬الشورى‭ ‬مددا‭ ‬طويلة،‭ ‬وبعضها‭ ‬يلغى‭ ‬بانتهاء‭ ‬الدور‭ ‬أو‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي؟‭ ‬

**‭ ‬لا‭ ‬اعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬واقعي‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بأدوار‭ ‬وصلاحيات‭ ‬متعددة‭ ‬تشمل‭ ‬التشريع‭ ‬والرقابة‭ ‬والمسائلة‭ ‬واستجواب‭ ‬وزراء‭ ‬ولجان‭ ‬التحقيق‭ ‬وغيرها،‭ ‬فإن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يضطلع‭ ‬بدور‭ ‬أساسي‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ ‬التشريع‭. ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬الشوريين‭ ‬متفرغين‭ ‬للتشريع‭ ‬فقط،‭ ‬وحتى‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬للوزراء‭ ‬تكون‭ ‬ردودها‭ ‬مكتوبة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬تركز‭ ‬عمل‭ ‬الشوريين‭ ‬على‭ ‬التشريع‭ ‬فقط‭ ‬يضمن‭ ‬الإنجاز‭ ‬السريع‭. ‬

لذلك‭ ‬عندما‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬المدد‭ ‬التي‭ ‬تستغرقها‭ ‬التشريعات‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬نجد‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تأخير‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬وتمرير‭ ‬القوانين،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬أحيانا،‭ ‬نطلب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬إحالة‭ ‬تشريعات‭ ‬بسرعة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬موضوعات‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬قوانين‭ ‬تتطلب‭ ‬التريث‭ ‬والتروي‭ ‬والمناقشة‭ ‬العميقة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬احتياجها‭ ‬مدة‭ ‬أطول‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة‭ ‬الذي‭ ‬بقي‭ ‬في‭ ‬أدرج‭ ‬النواب‭ ‬12‭ ‬عاما،‭ ‬وتمت‭ ‬الموافقة‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬واحدة‭ ‬وقبل‭ ‬نهاية‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬مباشرة‭. ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لمجلس‭ ‬الشورى‭ ‬ان‭ ‬يدرس‭ ‬جميع‭ ‬مواد‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬ويناقشها‭ ‬في‭ ‬يومين‭ ‬فقط‭. ‬فهذا‭ ‬يعتبر‭ ‬إهانة‭ ‬للتشريع‭ ‬وللقانون‭ ‬وللصحافة‭. ‬ولو‭ ‬ممرناه‭ ‬في‭ ‬الشورى‭ ‬بهذه‭ ‬السرعة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مكسبا،‭ ‬وسوف‭ ‬نواجه‭ ‬انتقادا‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الصحافة‭ ‬نفسها‭. ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قوانين‭ ‬تبقى‭ ‬مددا‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬الشورى‭ ‬الا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬قوانين‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬دراسة‭ ‬مفصلة‭. ‬

*‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬اثارها‭ ‬نواب،‭ ‬أن‭ ‬الشوريين‭ ‬يرفضون‭ ‬مقترحا‭ ‬كاملا‭ ‬بسبب‭ ‬بند‭ ‬واحد‭ ‬مثلا،‭ ‬أو‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬بالإمكان‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬النواب‭ ‬ومناقشة‭ ‬البنود‭ ‬وابداء‭ ‬الملاحظات؟

**‭ ‬وفقا‭ ‬للآلية‭ ‬المتبعة،‭ ‬ما‭ ‬يأتينا‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬هو‭ ‬المقترح‭ ‬مع‭ ‬المذكرة‭ ‬التفسيرية‭ ‬ورأي‭ ‬الحكومة‭ ‬ورأي‭ ‬هيئة‭ ‬التشريع‭ ‬والافتاء،‭ ‬ومحضر‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭. ‬أي‭ ‬يأتي‭ ‬المقترح‭ ‬بكافة‭ ‬تفاصيله‭ ‬ومبرراته‭ ‬والآراء‭ ‬المتعلقة‭ ‬به‭. ‬وهذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬تعطي‭ ‬أعضاء‭ ‬الشورى‭ ‬المعلومات‭ ‬الكافية‭ ‬التي‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬إبداء‭ ‬رأيه‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬التنسيق‭ ‬المطلوب‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬يتم‭ ‬تقديمه‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬مع‭ ‬مذكرته‭ ‬التفسيرية‭ ‬المقنعة،‭ ‬ورأي‭ ‬الحكومة‭ ‬والهيئة‭ ‬التشريعية‭ ‬ومحضر‭ ‬الاجتماع؟‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬يصاحبه‭ ‬سرد‭ ‬لأسباب‭ ‬ومبررات‭ ‬الرفض‭. ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬يكن‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬رفض‭ ‬لمقترح‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬عضو،‭ ‬يكون‭ ‬منطلقا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬السابقة‭ ‬وليس‭ ‬لمجرد‭ ‬الرفض‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬أي‭ ‬بند‭. ‬ولا‭ ‬يرفض‭ ‬الشورى‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬الا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭ ‬او‭ ‬مقبول‭ ‬او‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تطبيقه‭ ‬أو‭ ‬يشكل‭ ‬عبئا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬والدولة‭. ‬وهي‭ ‬معايير‭ ‬يشترك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬الشوريين‭ ‬والنواب‭. ‬فما‭ ‬يهمنا‭ ‬هو‭ ‬المواطن‭ ‬والوطن‭.‬

*‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬أيضا‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينطلق‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬احتكاكهم‭ ‬بالمواطنين‭ ‬ومشاكلهم‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬فإن‭ ‬الشوريين‭ ‬يركزون‭ ‬في‭ ‬نظرتهم‭ ‬لأي‭ ‬مقترح‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬والجوانب‭ ‬المادية‭ ‬والتكلفة‭ ‬الاقتصادية؟

**‭ ‬جميعنا‭ ‬مواطنون،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الشورى‭ ‬أو‭ ‬النواب،‭ ‬وجميعنا‭ ‬نرفض‭ ‬أن‭ ‬يكابر‭ ‬على‭ ‬الآخر،‭ ‬كالقول‭ ‬أن‭ ‬طرفا‭ ‬يهتم‭ ‬بالمواطن‭ ‬وغيره‭ ‬لا‭ ‬يهتم‭. ‬فجميعنا‭ ‬مواطنون‭ ‬نهتم‭ ‬بالمواطنين‭ ‬والوطن،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الصحيح‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬نهتم‭ ‬مثلا‭ ‬بالعناوين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العريضة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المواطن‭. ‬وحتى‭ ‬ما‭ ‬نسمعه‭ ‬عن‭ ‬تعديلات‭ ‬تتعلق‭ ‬ببعض‭ ‬القوانين‭ ‬مثل‭ ‬قانون‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أنه‭ ‬صادق‭ ‬عليها‭ ‬المجلسان‭ ‬وليس‭ ‬الشورى‭ ‬فقط‭!‬

ثم‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يضم‭ ‬مختلف‭ ‬التوجهات‭ ‬والتخصصات‭ ‬والثقافات‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬طبيعية‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بأكمله‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أؤكد‭ ‬أننا‭ ‬كسلطة‭ ‬تشريعية‭ ‬في‭ ‬المجلسين،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬قبلنا‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬إلا‭ ‬ويكون‭ ‬مقبولا‭ ‬ومدروسا‭ ‬بالشكل‭ ‬الكافي‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نشرّع‭ ‬أي‭ ‬تشريع‭ ‬ينعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭. ‬فالمعيار‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬نتحمل‭ ‬جمعيا‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬حمّل‭ ‬بها‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭.‬

صمام‭ ‬أمان

وجهتنا‭ ‬الثانية‭ ‬كانت‭ ‬الدكتور‭ ‬الشيخ‭ ‬عادل‭ ‬المعاودة،‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬خبرة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬الغرفتين‭ ‬كنائب‭ ‬وشوري‭. ‬فهل‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالعلاقة‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين؟‭ ‬

يجيب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بقوله‭: ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬سررت‭ ‬بطرح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬وفد‭ ‬عبر‭ ‬النواب‭ ‬بشكل‭ ‬ناضج‭ ‬عن‭ ‬التجربة‭ ‬والواقع‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬خلفيته‭. ‬ويمكن‭ ‬التأكيد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين‭ ‬تتميز‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬والمحبة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬اللقاءات‭ ‬والمحافل‭ ‬الدولية‭ ‬والمشتركة،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬من‭ ‬نجلس‭ ‬معهم‭ ‬اننا‭ ‬نمثل‭ ‬مجلسين‭ ‬مختلفين‭.‬

ويضيف‭ ‬الشيخ‭ ‬المعاودة‭: ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬عبدالنبي‭ ‬سلمان،‭ ‬وهو‭ ‬النائب‭ ‬المخضرم‭ ‬ذو‭ ‬الخبرة‭ ‬الطويلة،‭ ‬أن‭ ‬التنسيق‭ ‬موجود‭ ‬فعلا‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الرئيسين‭ ‬ونوابهم‭ ‬واللجان‭. ‬ومن‭ ‬النقاط‭ ‬الهامة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬طرحته‭ ‬الأخت‭ ‬جليلة‭ ‬السيد‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬التكامل‭ ‬يحدث‭ ‬بالاختلاف،‭ ‬وان‭ ‬التنسيق‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬جهد‭ ‬شخصي،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬بعدم‭ ‬تداخل‭ ‬في‭ ‬الاعمال‭ ‬وعدم‭ ‬تشكيل‭ ‬لجان‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭. ‬فهذا‭ ‬الامر‭ ‬مطلوب‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الاستقلالية‭ ‬وعدم‭ ‬تأثير‭ ‬جانب‭ ‬على‭ ‬آخر‭. ‬وبالتالي‭ ‬يأخذ‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬كامل‭ ‬الحرية‭ ‬بإبداء‭ ‬اراءه،‭ ‬ليأتي‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬بخبرته‭ ‬ويضيف‭ ‬الى‭ ‬تلك‭ ‬الآراء‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬الاخوة‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم‭ ‬بكل‭ ‬صراحة‭ ‬وتجرد،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يضطر‭ ‬النائب‭ ‬الى‭ ‬كسب‭ ‬الجمهور‭ ‬والناخبين،‭ ‬يركز‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬متوازنة‭ ‬وهادئة‭ ‬للتشريعات‭. ‬والسؤال‭ ‬هنا‭: ‬أيهما‭ ‬أولى؟‭ ‬أن‭ ‬ندغدغ‭ ‬مشاعر‭ ‬جمهور‭ ‬لا‭ ‬يستفيد‭ ‬أي‭ ‬مكاسب؟‭ ‬ام‭ ‬تكون‭ ‬التشريعات‭ ‬متينة‭ ‬متوازنة‭ ‬قابلة‭ ‬للتطوير؟

فبكل‭ ‬صراحة‭ ‬أقول،‭ ‬ان‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬هو‭ ‬صمام‭ ‬امان‭ ‬للتشريع،‭ ‬وأعضاؤه‭ ‬لا‭ ‬يقلون‭ ‬اهتماما‭ ‬بالمواطن‭ ‬أبدا،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يتضمنه‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬ومتخصصين‭ ‬ومحامين‭ ‬ومهندسين‭ ‬وأطباء‭ ‬ورجال‭ ‬أعمال‭ ‬واداريين‭ ‬ووزراء‭ ‬ومسؤولين‭ ‬سابقين‭ ‬وحتى‭ ‬عسكريين‭ ‬سابقين‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬يضم‭ ‬مختلف‭ ‬التوجهات‭ ‬مثل‭ ‬الإسلامي‭ ‬والليبرالي‭ ‬والاشتراكي‭ ‬والعلماني‭ ‬وغيرها،‭ ‬وكل‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬ينقصهم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمواطن‭. ‬وهذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬يحقق‭ ‬التوازن‭ ‬المطلوب‭.‬

ولكن‭ ‬ربما‭ ‬البعض‭ ‬قد‭ ‬يسعى‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬الى‭ ‬استخدام‭ ‬كلمات‭ ‬رنانة‭ ‬حتى‭ ‬تتداولها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإعلام‭ ‬وتكون‭ ‬‮«‬ترند‮»‬‭ ‬كي‭ ‬يكسب‭ ‬التأييد‭ ‬أو‭ ‬يدغدغ‭ ‬مشاعر‭ ‬الشارع،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬يبوح‭ ‬به‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يذكره‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يطرحون‭ ‬أفكارا‭ ‬محددة،‭ ‬وبعد‭ ‬الخبرة‭ ‬ونضوج‭ ‬التجربة‭ ‬والتواصل،‭ ‬رأينا‭ ‬منهم‭ ‬آراء‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما‭. ‬وحتى‭ ‬انا‭ ‬شخصيا‭ ‬كانت‭ ‬لي‭ ‬مواقف،‭ ‬نضجت‭ ‬وتطورت‭ ‬وتغيرت‭ ‬مع‭ ‬الخبرة‭ ‬والتواصل‭ ‬والتجربة‭. ‬

فالتنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬ان‭ ‬يوافق‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يطرحه‭ ‬النواب،‭ ‬والعكس‭ ‬كذلك‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬مقدميها‭ ‬ان‭ ‬يتحركوا‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي‭ ‬للتنسيق،‭ ‬لانه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬بين‭ ‬لجنتين‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي،‭ ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬تمنعه‭ ‬اللائحة‭ ‬الداخلية‭. ‬

*‭ ‬هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬مقترحات‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬هدفها‭ ‬إرضاء‭ ‬الناخبين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اقره‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭. ‬هل‭ ‬تصلكم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النماذج؟

**‭ ‬أقولها‭ ‬بصراحة،‭ ‬نعم‭ ‬بعض‭ ‬المقترحات‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬وغير‭ ‬ممكنة‭ ‬هدفها‭ ‬دغدغة‭ ‬المشاعر،‭ ‬وكما‭ ‬ذكر‭ ‬بعض‭ ‬النواب،‭ ‬تسبب‭ ‬تلك‭ ‬المقترحات‭ ‬لهم‭ ‬احراجا،‭ ‬لأنهم‭ ‬لو‭ ‬رفضوها‭ ‬ستستخدم‭ ‬ضدهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬وقفوا‭ ‬أمام‭ ‬مصالح‭ ‬المواطنين‭!‬،‭ ‬وحتى‭ ‬مقدم‭ ‬المقترح‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬غير‭ ‬مقتنع‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬الواجهة،‭ ‬فيرميها‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬الشورى‭ ‬لأنه‭ ‬يعلم‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يجاملون‭ ‬وليس‭ ‬عليهم‭ ‬ضغوط‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭. ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الاخوة‭ ‬النواب‭ ‬يقرون‭ ‬لنا‭ ‬بذلك‭. ‬

وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يضمن‭ ‬ارتقاء‭ ‬التشريع‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬أو‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬الوطن‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تضحي‭ ‬بالوطن‭ ‬لإرضاء‭ ‬مشاعر‭ ‬الأفراد،‭ ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬الوطن‭ ‬كله‭ ‬للمواطن‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات‭ ‬والخيرات‭ ‬المتاحة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أقوله‭ ‬حتى‭ ‬وأنا‭ ‬نائب‭ ‬تحت‭ ‬قبلة‭ ‬البرلمان‭. ‬

العلاقات‭ ‬أقوى‭ ‬وأمتن

المحامية‭ ‬وعضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬دلال‭ ‬الزايد‭ ‬تدلي‭ ‬بدلوها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬لافتة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬عمل‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬بغرفتيها‭ ‬يحكمه‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون‭ ‬المنظم‭ ‬واللوائح‭ ‬الداخلية‭ ‬لكلا‭ ‬المجلسين‭. ‬وأن‭ ‬مبدأ‭ ‬التعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬أمر‭ ‬وجوبي‭ ‬الالتزام‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين،‭ ‬كما‭ ‬تستنير‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬بالتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظّم،‭ ‬وتعمل‭ ‬بمسئولية‭ ‬على‭ ‬تفعيلها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭ ‬والتعاون‭ ‬والتشاور‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وحرص‭ ‬سموّه‭ ‬على‭ ‬تكامل‭ ‬الجهود‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

وتضيف‭ ‬الزايد‭: ‬مسيرة‭ ‬المجلسين‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬تجسد‭ ‬معها‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬والاختلاف‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬البرلمانات‭ ‬ذات‭ ‬نظام‭ ‬الغرفتين‭ ‬وهذا‭ ‬جوهر‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني،‭ ‬فالاختلاف‭ ‬والنقاش‭ ‬كفيل‭ ‬بالوصول‭ ‬لأفضل‭ ‬النصوص‭ ‬القانونية والممارسات‭ ‬البرلمانية،‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬بحسب‭ ‬صلاحياته‭ ‬واختصاصاته‭ ‬الدستورية‭. ‬فالمبدأ‭ ‬الذي‭ ‬يحكمنا‭ ‬وأساس‭ ‬العلاقة‭ ‬ليس‭ ‬مبدأ‭ ‬المفاضلة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬البرلماني‭ ‬الوطني‭ ‬المنتج‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رئيسا‭ ‬المجلسين‭ ‬قد‭ ‬حرصا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭. ‬ونجد‭ ‬أن‭ ‬التقارب‭ ‬ومتانة‭ ‬العلاقة‭ ‬أصبحت‭ ‬أقوى‭. ‬

*‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬التنسيق‭ ‬وعدم‭ ‬الانسجام‭ ‬بين‭ ‬الطرفين؟

**‭ ‬كما‭ ‬أسلفت،‭ ‬تنظيم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬دستورية‭ ‬وقانونية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬أتفق‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭. ‬وحتى‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬يعترض‭ ‬عليها‭ ‬الشورى،‭ ‬تكون‭ ‬المرتكزات‭ ‬في‭ ‬قراراته‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬انتهى‭ ‬اليه‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬نفسه‭. ‬وترجع‭ ‬أغلب‭ ‬الأسباب‭ ‬إلى‭: ‬وجود‭ ‬شبهة‭ ‬عدم‭ ‬دستورية أو‭ ‬عدم‭ ‬موائمة‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬المرتبطة‭ ‬ببعضها،‮ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬اعتماد‭ ‬مالي‭ ‬مخصص‭ ‬لبعض‭ ‬المقترحات‭. ‬

والمستقرئ‭ ‬لتقارير مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬يتبناه‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬في‭ ‬مرفقات‭ ‬التقرير‭ ‬يكون‭ ‬مستندا‭ ‬ومرتكنا‭ ‬لأحكام‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬ومحكمة‭ ‬التمييز‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬استقرت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬قضائها‭ ‬ومبادئها‭ ‬الصادرة‭ ‬وهي‭ ‬واجبة‭ ‬الالتزام‭ ‬بما‭ ‬ورد‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬مخالفتها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬يكون‭ ‬مستندا‭ ‬لتقارير‭ ‬صادرة‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬مختصين‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وغيرها‭.‬‮ ‬كما‭ ‬نرتكن‭ ‬إلى‭ ‬التشريعات‭ ‬المقارنة‭ ‬التي‭ ‬تتماثل‭ ‬مع‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون‭ ‬والطبيعة‭ ‬القانونية‭ ‬لنظامها‭ ‬الإجرائي‭. ‬خلاصة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬رأي‭ ‬المجلس‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬الرفض‭ ‬لمجرد‭ ‬الرفض‭ ‬بل‭ ‬يأتي‭ ‬مدعماً‭ ‬بأسباب‭ ‬الرفض‭ ‬أو‭ ‬العكس‭ ‬عند‭ ‬الموافقة‭ ‬أو‭ ‬التعديل‭. ‬لذلك‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬بقانون‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬يتم‭ ‬التوافق‭ ‬عليها‭ ‬وقبولها‭ ‬من‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ونفس‭ ‬الحال‭ ‬عندما‭ ‬تأتي‭ ‬تعديلات‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬بقانون‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬فإننا‭ ‬نتوافق‭ ‬معهم‭ ‬لوجاهة‭ ‬الرأي‭.‬‮ ‬

وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬مظاهر‭ ‬لعدم‭ ‬التنسيق،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬انه‭ ‬يتم‭ ‬التمسّك‭ ‬بالرأي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬لما‭ ‬انتهى‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قرار‭. ‬مما‭ ‬يكون‭ ‬معه‭ ‬انتهاء‭ ‬المشروع‭ ‬بقانون‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬المشاريع‭ ‬المختلف‭ ‬عليها‭.‬

*‭ ‬هل‭ ‬تصلكم‭ ‬فعلا‭ ‬بعض‭ ‬المقترحات‭ ‬النيابية‭ ‬غير‭ ‬الواقعية؟‭ ‬وهو‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬اقره‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم؟

**‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وبحسب‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬فعلا‭ ‬نشهد‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك‭. ‬وأيضا‭ ‬ما‭ ‬يُثار‭ ‬من‭ ‬نقاش‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭ ‬ذاتهم‭ ‬نسمع‭ ‬منهم‭ ‬هذه‭ ‬الملاحظة‭. ‬وبالتالي‭ ‬تكون‭ ‬عدم‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬المقترح‭ ‬بقانون‭ ‬أو‭ ‬الاقتراح‭ ‬برغبة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحقيقه‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬ميزانية‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬الواقع‭ ‬النافذ‭ ‬أفضل‭ ‬ومتقدّما‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬شهدنا‭ ‬اقتراحات‭ ‬جاءت‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬محلها‭ ‬وملبية‭ ‬للاحتياجات‭ ‬وتمت‭ ‬الموافقة‭ ‬عليها‭ ‬وتطبيقها‭ ‬وإنفاذها‭ ‬وحققت‭ ‬منافعها‭ ‬وعوائدها‭ ‬للمواطنين‭. ‬

*‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬أبداها‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬كذلك،‭ ‬ان‭ ‬الشوريين‭ ‬ينظرون‭ ‬للأمور‭ ‬من‭ ‬منطلقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطن؟‮ ‬

**‭ ‬مع‭ ‬احترامي‭ ‬لما‭ ‬تفضل‭ ‬به‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬اتفق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭. ‬فكلا‭ ‬المجلسين‭ ‬مُلزمان‭ ‬ومُلتزمان‭ ‬باتخاذ‭ ‬كل‭ ‬تدبير‭ ‬تشريعي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬خدمة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬القطاعات‭ ‬والنواحي‭ ‬المعيشية‭. ‬ونعتمد‭ ‬بذلك‭ ‬كأعضاء‭ ‬بمجلس‭ ‬الشورى‭ ‬فيما‭ ‬اتفق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬وتم‭ ‬الموافقة‭ ‬وإقراره‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب‭. ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬تؤسّس‭ ‬عليه‭ ‬وتبنى‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬برامجها‭ ‬ومشاريعها‭ ‬وبالتالي‭ ‬نظرة‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬عامة‭ ‬لكافة‭ ‬القطاعات‭ ‬والمرتكزات‭ ‬بحسب‭ ‬نوعية‭ ‬وطبيعة‭ ‬المشروع‭ ‬بقانون‭ ‬وما‭ ‬تقتضيه‭ ‬مصلحة‭ ‬البلد‭ ‬والمواطنين‭. ‬

اختلاف‭ ‬وليس‭ ‬خلافا

اذن،‭ ‬تتفق‭ ‬المحامية‭ ‬الشورية‭ ‬دلال‭ ‬الزايد‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬لا‭ ‬تفتقد‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬كل‭ ‬بحسب‭ ‬صلاحياته‭ ‬واختصاصاته‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعنا‭ ‬الى‭ ‬استقاء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬اراء‭ ‬الشورى،‭ ‬ومحطتنا‭ ‬التالية‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬حسن‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يقول‭: ‬

أولا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نتذكر‭ ‬جوهر‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وما‭ ‬ينص‭ ‬عليه‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭. ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬النظام‭ ‬البرلماني‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬المجلسين،‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب،‭ ‬معين‭ ‬ومنتخب‭. ‬وهذا‭ ‬النظام‭ ‬شائع‭ ‬عالميا‭ ‬وتأخذ‭ ‬به‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬والمتقدمة،‭ ‬بل‭ ‬والعريقة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الديمقراطية‭. ‬وكلا‭ ‬المجلسين‭ ‬يستمدان‭ ‬شرعيتهما‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬ومن‭ ‬رأس‭ ‬الدولة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭. ‬وما‭ ‬ينبغي‭ ‬التركيز‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬المجلسين‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬مصالح‭ ‬الدولة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬حريات‭ ‬الشعب‭ ‬ومصالحه‭ ‬وأمواله‭.‬

من‭ ‬هنا،‭ ‬فإنه‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬تكوين‭ ‬المجلسين‭ ‬وصلاحياتهما‭ ‬الدستورية،‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬نجد‭ ‬اختلافا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وليس‭ ‬خلافا‭. ‬ويجب‭ ‬النظر‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الى‭ ‬اختلاف‭ ‬الخبرات‭ ‬هنا‭ ‬او‭ ‬هناك،‭ ‬والضغط‭ ‬المتولد‭ ‬من‭ ‬الجمهور،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬الميل‭ ‬نحو‭ ‬اهداف‭ ‬مختلفة‭ ‬استراتيجية‭ ‬او‭ ‬آنية‭ ‬او‭ ‬ذات‭ ‬مدى‭ ‬مختلف‭ ‬زمنيا،‭ ‬او‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ (‬عدم‭ ‬تعاون‭).‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬نؤمن‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ (‬الاختلاف‭) ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬امر‭ ‬طبيعي‭ ‬تمليه‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬ذكرتها‭. ‬وبالتالي‭ ‬إما‭ ‬القبول‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬ان‭ ‬توضع‭ ‬آليات‭ ‬لمعالجته‭ ‬وتقليص‭ ‬فجوة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بعد‭ ‬التعاون‭.    ‬

ومن‭ ‬موقعي‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬اكاد‭ ‬اجزم‭ ‬أنه‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬نية‭ ‬او‭ ‬منطلق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أعضائه‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬عائقا‭ ‬امام‭ ‬النواب‭. ‬وكون‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يرفض‭ ‬مشروعا‭ ‬بقانون‭ ‬آت‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬فإنه‭ ‬يرفضه‭ ‬لأسباب‭ ‬يراها‭ ‬وجيهة‭ ‬وفي‭ ‬مصلحة‭ ‬البلاد،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يصنف‭ ‬عائقا‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬سؤالا‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬بعض‭ ‬الأخوة‭ ‬النواب‭ ‬الذي‭ ‬يرون‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تنسيق‭ ‬وتعاون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬هل‭ ‬الأصح‭ ‬او‭ ‬المطلوب‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬آت‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬يجب‭ ‬لزاما‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬عليه؟‭. ‬والا‭ ‬اعتبر‭ ‬غير‭ ‬متعاون؟‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬حول‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬ورفضه‭ ‬النواب؟‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نعتبره‭ ‬عدم‭ ‬تنسيق‭ ‬او‭ ‬عدم‭ ‬تعاون‭. ‬بل‭ ‬ذلك‭ ‬حق‭ ‬دستوري‭ ‬لكلا‭ ‬المجلسين‭. ‬

بالتأكيد‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬نابع‭ ‬عما‭ ‬ذكرته‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬اختلاف‭ ‬صلاحيات‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬وتكوينه‭ ‬ورؤيته‭ ‬للأمور‭ ‬ونتائجها‭. ‬كما‭ ‬انه‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬وواقعي‭ ‬ان‭ ‬النواب‭ ‬أكثر‭ ‬انشغالا‭ ‬بالملف‭ ‬الرقابي‭. ‬اضف‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬منابع‭ ‬أخرى‭ ‬للاختلاف‭ ‬بعضها‭ ‬يتصل‭ ‬بالخبرات‭ ‬والثقافات‭ ‬البرلمانية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والقانونية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجلس‭ ‬او‭ ‬ذاك‭.‬

*‭ ‬ألا‭ ‬يخلق‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬جوا‭ ‬من‭ ‬المساومات‭ ‬بين‭ ‬البعض؟‭ ‬كأن‭ ‬يتعمد‭ ‬رفض‭ ‬مقترحات‭ ‬لان‭ ‬الطرف‭ ‬الاخر‭ ‬رفض‭ ‬مقترحاته‭ ‬او‭ ‬العكس‭!‬

**‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الامر‭ ‬شائعا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬البرلمانات‭ ‬الكبيرة‭. ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬غير‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬وان‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اتكال‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬كأن‭ ‬يتم‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬قانون‭ ‬ما‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬المجلسين‭. ‬وهذا‭ ‬له‭ ‬جوانب‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬إيجابية‭ ‬تؤول‭ ‬اليها‭ ‬حلول‭ ‬وسط‭. ‬وهناك‭ ‬امثلة‭ ‬عديدة‭ ‬شهدت‭ ‬مناقشات‭ ‬مستفيضة‭ ‬وتم‭ ‬فيها‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬صيغ‭ ‬وسطى‭ ‬لقوانين‭ ‬محددة‭. ‬

*‭ ‬في‭ ‬رأيك،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تحتاج‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬الى‭ ‬تطويره‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الطويلة‭ ‬نوعا‭ ‬ما؟

**‭ ‬ربما‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب‭ ‬لإزالة‭ ‬اللغط‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين،‭ ‬ومنها‭: ‬

‭- ‬وضع‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬لمناقشة‭ ‬المقترحات‭ ‬والمشاريع‭ ‬بقوانين‭.‬

‭- ‬زيادة‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لجان‭ ‬غير‭ ‬رسمية،‭ ‬وتتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬رئيسي‭ ‬المجلسين‭.‬

‭- ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الموضوعات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭.‬

الى‭ ‬جانب‭ ‬أمور‭ ‬مساعدة‭ ‬مثل‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬التعاون‭ ‬والحوار،‭ ‬والتدريب‭ ‬المكثف‭ ‬للأعضاء‭ ‬والنواب‭ ‬الجدد‭ ‬على‭ ‬العمل‭  ‬البرلماني‭ ‬والياته‭. ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬ان‭ ‬للاعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬ابراز‭ ‬صورة‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬المجلسين،‭ ‬وإظهار‭ ‬ان‭ ‬كلا‭ ‬منهما‭ ‬يكمل‭ ‬الاخر‭. ‬

نموذج‭ ‬متقدم

محطة‭ ‬أخرى‭ ‬توقفنا‭ ‬عندها‭ ‬وهي‭ ‬الشورية‭ ‬الدكتورة‭ ‬جهاد‭ ‬الفاضل،‭ ‬لنسألها‭ ‬عن‭ ‬تقييمها‭ ‬لطبيعة‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬البرلمان‭. ‬

تجيبنا‭ ‬الفاضل‭: ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المسيرة‭ ‬التنموية‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬تبرز‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬كأحد‭ ‬أعمدة‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬الإصلاحي‭ ‬والديمقراطي،‭ ‬والذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمسك‭ ‬الجميع‭ ‬بها‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬استدامتها‭ ‬نظرًا‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬أحدثته‭ ‬من‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬وسريعة‭ ‬لتطور‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات،‭ ‬فقد‭ ‬أرست‭ ‬ممارسة‭ ‬المجلسين‭ (‬الشورى‭ ‬والنواب‭) ‬نموذجًا‭ ‬متقدمًا‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬البرلمانية،‭ ‬يعكس‭ ‬الإرادة‭ ‬الجادة‭ ‬والجهود‭ ‬المتواصلة‭ ‬في‭ ‬التشريع‭ ‬والرقابة،‭ ‬بما‭ ‬يقدم‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬ويواكب‭ ‬تطلعاتهم‭.‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬يُثار‭ ‬أحيانًا‭ ‬من‭ ‬تباين‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬أو‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬التقديرات‭ ‬بين‭ ‬المجلسين،‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬الممارسة‭ ‬البرلمانية‭ ‬الصحيّة،‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬تعدد‭ ‬الآراء‭ ‬وتنوع‭ ‬الرؤى‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬جودة‭ ‬التشريع‭ ‬ويثري‭ ‬النقاش‭ ‬الوطني‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأدوار‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬التي‭ ‬تضطلع‭ ‬بها‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬واضحة،‭ ‬وأن‭ ‬تُهم‭ ‬جيدًا‭ ‬آلية‭ ‬عمل‭ ‬المجلسين‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬إزاء‭ ‬بعض‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬طرحت‭ ‬للمناقشة‭ ‬وجرى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬بشأنها‭ ‬بشكل‭ ‬موضوعي،‭ ‬وأن‭ ‬يعزز‭ ‬كذلك‭ ‬الفهم‭ ‬لطبيعة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭.‬

شخصيًا،‭ ‬أعاود‭ ‬تأكيد‭ ‬إيماني‭ ‬بأن‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬هو‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬المسيرة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬وقد‭ ‬تظهر‭ ‬بعض‭ ‬التباينات‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬برلماني‭ ‬ثنائي،‭ ‬لكننا‭ ‬نحرص‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬لتحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬العليا،‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬ما‭ ‬ينص‭ ‬عليه‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مثل‭ ‬المادة‭ (‬94‭) ‬التي‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬يبين‭ ‬نظام‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب‭ ‬ولجانهما،‭ ‬وأصول‭ ‬المناقشة‭ ‬والتصويت‭ ‬والسؤال‭ ‬والاستجواب‭ ‬وسائر‭ ‬الصلاحيات‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬تنظم‭ ‬لوائحه‭ ‬عمل‭ ‬المجلسين‭.‬

وفي‭ ‬الواقع‭ - ‬يتواصل‭ ‬الحديث‭ ‬للدكتورة‭ ‬جهاد‭ ‬الفاضل‭ - ‬أجد‭ ‬أن‭ ‬اختلاف‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬يُعد‭ ‬إثراء‭ ‬لوتيرة‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬بحيث‭ ‬يحفز‭ ‬ذلك‭ ‬الجميع‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المتقن‭ ‬والموضوعي‭ ‬الذي‭ ‬يستقطب‭ ‬أعلى‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬القناعة‭ ‬والتوافق‭ ‬لدى‭ ‬كافة‭ ‬أطراف‭ ‬العملية‭ ‬التشريعية،‭ ‬وهم‭ ‬المجلسان‭ ‬والحكومة‭ ‬الموقرة،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬المجلسان‭ ‬نهائيًا‭ ‬على‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المكتسبات‭ ‬للمواطنين،‭ ‬والدفع‭ ‬بعجلة‭ ‬التطور‭ ‬والنماء‭ ‬نحو‭ ‬آفاق‭ ‬أرحب،‭ ‬وإن‭ ‬القبول‭ ‬بالانخراط‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وممارستها‭ ‬تتطلب‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬ينظمها‭ ‬بموجب‭ ‬الدستور‭ ‬وكذلك‭ ‬لوائح‭ ‬عمل‭ ‬المجلسين‭.‬

وعندما‭ ‬ننظر‭ ‬الى‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراته‭ ‬ارتكازًا‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬عناصر‭ ‬أساسية،‭ ‬الأول‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أشرت‭ ‬وهو‭ ‬العمل‭ ‬بموجب‭ ‬الدستور‭ ‬ولائحة‭ ‬عمل‭ ‬المجلس،‭ ‬والثاني‭ ‬بما‭ ‬تقتضيه‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬والثالث‭ ‬وهو‭ ‬مرتبط‭ ‬كليًا‭ ‬بالعنصر‭ ‬الثاني،‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬الارتكان‭ ‬إلى‭ ‬الخبرة‭ ‬والرأي‭ ‬القانوني،‭ ‬وكذلك‭ ‬مرئيات‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬أفضل‭ ‬القرارات‭.‬

وأود‭ ‬تأكيد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الموقر،‭ ‬أو‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬بأن‭ ‬يتخذ‭ ‬قراره‭ ‬تماشيًا‭ ‬مع‭ ‬رغبة‭ ‬وتوجه‭ ‬المجلس‭ ‬الآخر،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تعارض‭ ‬مع‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬فنحن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬تشريعات‭ ‬وقوانين،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬أصدرت‭ ‬ودخلت‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬فإننا‭ ‬سنواجه‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬آثار،‭ ‬سواء‭ ‬سياسية‭ ‬أم‭ ‬مالية‭ ‬واقتصادية‭ ‬ام‭ ‬اجتماعية‭ ‬أم‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬ومسارات‭ ‬الحياة،‭ ‬ولذلك‭  ‬نتدارس‭ ‬الموضوعات‭ ‬المعروضة‭ ‬بمستوى‭ ‬مهني‭ ‬عال‭ ‬قبل‭ ‬البت‭ ‬فيها‭.‬

وأشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاقتراحات‭ ‬بقوانين‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬استرجاعها‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مقدمي‭ ‬الاقتراح‭ ‬أنفسهم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬المجلس‭ ‬نفسه،‭ ‬وكذلك‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬المحالة‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬إلى‭ ‬النواب‭ ‬وتم‭ ‬معارضتها،‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬صحية‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الدليل‭ ‬والبرهان‭ ‬المقنع‭.‬

فنحن‭ ‬لا‭ ‬نساوم‭ ‬أبدًا‭ ‬على‭ ‬رغبة‭ ‬الزملاء‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يطمحون‭ ‬إليه‭ ‬بحكم‭ ‬اختصاصاتهم،‭ ‬ونحن‭ ‬بدورنا‭ ‬أيضًا‭ ‬وبموجب‭ ‬اختصاصاتنا‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تشريعات‭ ‬متكاملة‭ ‬ومدروسة‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للمملكة،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬المقترحات،‭ ‬بل‭ ‬يعكس‭ ‬حرص‭ ‬المجلسين‭.‬

الفصل‭ ‬مع‭ ‬التنسيق

رأي‭ ‬آخر‭ ‬وأخير‭ ‬نستقيه‭ ‬من‭ ‬البرلماني‭ ‬المخضرم‭ ‬فؤاد‭ ‬الحاجي،‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬حديثه‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬الممارسة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬الدعم‭ ‬والرعاية‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة،‭ ‬بلغت‭ ‬مراحل‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬النضج،‭ ‬بحيث‭ ‬يشهد‭ ‬الجميع‭ ‬مستوى‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬والمتكامل‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭. ‬

ويضيف‭ ‬الحاجي‭: ‬لنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشواهد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬والتي‭ ‬أبرزها‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭-‬19،‭ ‬حيث‭ ‬تجلى‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬حجم‭ ‬العمل‭ ‬المتعاضد‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭.‬

فالنظام‭ ‬الدستوري‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات،‭ ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬التنسيق‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬اللذين‭ ‬يخضعان‭ ‬للدستور‭ ‬واللوائح‭ ‬التنظيمية‭ ‬لكلا‭ ‬المجلسين،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تجاوز‭ ‬النظام‭ ‬المعمول‭ ‬به‭ ‬ضمن‭ ‬العملية‭ ‬التشريعية‭ ‬للغرفتين‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬رغبات‭ ‬أو‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬افتراضات‭ ‬أو‭ ‬تكهنات،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬إن‭ ‬المجلسين‭ ‬يعملان‭ ‬بشكل‭ ‬متواز‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬وتخدم‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬الأحكام‭ ‬واللوائح‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬مسؤوليات‭ ‬وأدوار‭ ‬كلا‭ ‬الغرفتين،‭ ‬وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬سجل‭ ‬الاجتماعات‭ ‬المشتركة،‭ ‬واللقاءات‭ ‬الثنائية،‭ ‬وكذلك‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬فإنه‭ ‬بإمكان‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬حجم‭ ‬التواصل‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسي‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الرئيسين،‭ ‬أم‭ ‬اللجان‭ ‬المختصة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمانتين‭ ‬العامتين‭.‬

وهنا‭ ‬يجب‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬تشريعية‭ ‬ذات‭ ‬غرفتين،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬يثري‭ ‬ويجود‭ ‬العملية‭ ‬لا‭ ‬يقوضها،‭ ‬وهو‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬تنوع‭ ‬الخبرات‭ ‬والرؤى،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الاختلاف‭ ‬البنّاء‭ ‬والخلاف‭ ‬الذي‭ ‬يعيق‭ ‬العمل،‭ ‬فنحن‭ ‬نؤمن‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التكامل،‭ ‬لا‭ ‬التنافس،‭ ‬ونسعى‭ ‬دائمًا‭ ‬لتعزيز‭ ‬مساحات‭ ‬التفاهم‭ ‬والتقاطع‭ ‬في‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭.‬

نعم،‭ ‬أحيانًا‭ ‬تظهر‭ ‬فجوات‭ ‬أو‭ ‬تفاوتا‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬تقديم‭ ‬ودراسة‭ ‬بعض‭ ‬المقترحات‭ ‬أو‭ ‬القوانين،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تباين‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬والمبنية‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬موضوعية،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعميم‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الملفات‭ ‬وإبراز‭ ‬صور‭ ‬سلبية‭ ‬عن‭ ‬وتيرة‭ ‬عمل‭ ‬المجلسين،‭ ‬لأن‭ ‬نماذج‭ ‬نجاح‭ ‬التعاون‭ ‬البنّاء‭ ‬أكثر‭.‬

وألفت‭ ‬العناية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬مهمة،‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬التباين‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬التكوين‭ ‬والخبرة،‭ ‬فمجلس‭ ‬النواب‭ ‬يُنتخب‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬شعبية‭ ‬ويعبّر‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬اليومية،‭ ‬وهو‭ ‬حق‭ ‬مكتسب‭ ‬له‭ ‬دستوريًا،‭ ‬بينما‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يضم‭ ‬خبرات‭ ‬قانونية‭ ‬وفنية‭ ‬واجتماعية‭ ‬متخصصة،‭ ‬تنظر‭ ‬الى‭ ‬الأمور‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬تشريعية‭ ‬وفنية‭ ‬واقتصادية‭ ‬أعمق‭.‬

وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬المقترحات‭ ‬قد‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الدراسة‭ ‬الفنية‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الجوانب‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬التشريعية‭ ‬المتصلة‭ ‬بها،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬اعترف‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬دورهم‭ ‬ومبادراتهم،‭ ‬ودور‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬هو‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬تجويد‭ ‬هذه‭ ‬المقترحات‭ ‬بما‭ ‬تقتضيه‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن،‭ ‬لا‭ ‬تعطيلها‭.‬

وبالنسبة‭ ‬الى‭ ‬ملاحظة‭ ‬النواب‭ ‬حول‭ ‬النظرة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدى‭ ‬الشوريين،‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬النظرة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ليست‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطن،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ركيزة‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬نأخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬كلفة‭ ‬التشريع‭ ‬وأثره‭ ‬المالي،‭ ‬فقد‭ ‬نُثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬المواطن‭ ‬لاحقًا،‭ ‬لكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬متوازنة‭ ‬مع‭ ‬البُعد‭ ‬الاجتماعي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا