الأعلى خليجيا.. «43%» نسبة المرأة في القوى العاملة في المملكة
النساء يمثلن نحو ثلث القوى العاملة في الخدمات المالية
سيدات أعمال: المجلس وضع المرأة البحرينية في موقع شريك حقيقي للتنمية
تقرير – علي عبدالخالق:
يُصادف اليوم الذكرى الرابعة والعشرين لتأسيس المجلس الأعلى للمرأة بمرسوم أميري رقم (44) لسنة 2001، مؤسسةً وطنيةً رسمت خلال عقدين ونصف العقد ملامح سياسةٍ عامةٍ تُعلي من مبدأ تكافؤ الفرص وإدماج احتياجات المرأة في التنمية، وتُحوّل الإنجاز الاجتماعي إلى مردودٍ اقتصادي ملموس.
تسلط «أخبار الخليج» الضوء على أبرز إنجازات المجلس في مسيرة تمكين المرأة البحرينية، وخصوصًا في القطاع المالي والاقتصادي الذي يُعد ركيزة أساسية في النهضة الوطنية، وقد كان لهذه الجهود أثر مباشر في تعزيز حضور المرأة في مواقع صنع القرار، وفتح آفاق واسعة لريادة الأعمال والمشاريع الاستثمارية.
وأكدت عدد من سيدات الأعمال أن المبادرات الوطنية أسهمت في خلق بيئة داعمة، عززت ثقة البنوك والمستثمرين في رائدات الأعمال، ورسخت مكانة البحرينيات كشريكات أساسيات في التنمية الاقتصادية.
خطة وطنية مُحدّثة
أطلق المجلس هذا الشهر الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية 2025–2026، محدِّدًا أولوياتٍ عملية لتعميق الإدماج الاقتصادي، ورفع حضور المرأة في صنع القرار، وربط ذلك بمؤشرات أداء موحّدة على مستوى الجهات.
وليس ذلك جديدًا على المدرسة البحرينية في النوع الاجتماعي؛ فمنذ 2010 اعتمدت المملكة النموذج الوطني لإدماج احتياجات المرأة، وتلاه في 2013 إنشاء لجان تكافؤ الفرص كآلية تنفيذ مؤسسية داخل الوزارات والهيئات ثم امتد التبني تدريجيًا للقطاع الخاص.
في تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين 2025 تقدّمت البحرين 12 مرتبة لتأتي في المركز 104 عالميًا مع تحسنٍ في الدرجة العامة. هذا التحسّن يعكس مسارًا تصاعديًا لكنه يبرز أيضًا هامش العمل المتبقي، وخصوصًا في محور المشاركة الاقتصادية والتمثيل القيادي.
التمكين الاقتصادي
مشاركة المرأة في قوة العمل بلغت نحو 43% حتى عام 2024، وهي إحدى أعلى النسب خليجيًا، وتشكّل قاعدةً أوسع لتنمية القيادات النسائية، ويشكّل القطاع المالي ركيزةً للاقتصاد الوطني ويضمّ 14775 موظفًا في 2024 (بنسبة بحرنة 69%) ما يجعل رفع تمثيل المرأة فيه مضاعف الأثر.
وبلغت نسبة المرأة البحرينية من إجمالي القوى العاملة البحرينية في القطاع المالي حوالي 40%، وذلك بحسب المسح السنوي للمصرف المركزي الذي أظهر أن عدد العاملين في قطاع الخدمات المالية بلغ 14362 موظفاً حتى 2023، يمثل البحرينيون 70% منهم.
ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة
المنشآت الصغيرة والمتوسطة تُشكّل 93% من الشركات في البحرين، وبحسب تقرير اقتصادي كشفت عنه شركة ماستركارد فإن 40% من هذه المنشآت مملوكة لنساء، كما أسهمت المنشآت الصغيرة في 10% من الصادرات وشغّلت أكثر من 44 ألف بحريني.
وفي مساحة السجلات التجارية تُشير أرقام حديثة إلى أن نحو 43% من السجلات مملوكة لنساء، وترتفع النسبة إلى 54% في السجلات الافتراضية (e-CRs)، ما يعكس استفادة النساء من قنوات الترخيص الرقمية وتكاليفها الأقل.
سيدات أعمال.. ناجحات
تقول سيدة الأعمال السعودية خولة منصور الحيدري: «بصفتي امرأة سعودية ورائدة أعمال في البحرين، أشعر بالفخر والامتنان تجاه إنجازات المرأة البحرينية، والدعم الذي توليه قيادة مملكة البحرين لتمكين المرأة وتعزيز دورها في مختلف المجالات».
وأضافت الحيدري: منذ إنشاء المجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة شهدنا تسليطًا متزايدًا على تميز المرأة البحرينية، ولا سيما في القطاع الاقتصادي.
بدورها، أشادت سيدة الأعمال البحرينية أحلام جناحي بالدور الريادي الذي يقوم به المجلس الأعلى للمرأة في دعم وتمكين المرأة البحرينية منذ تأسيسه، مؤكدة أن المبادرات الوطنية التي أطلقها المجلس أسهمت في إحداث نقلة نوعية في مسيرة المرأة الاقتصادية.
وقالت جناحي: «لقد استطاعت المرأة البحرينية بفضل سياسات المجلس أن تتحول من مجرد مشاركة في سوق العمل إلى شريك أساسي في قيادة الاقتصاد الوطني، اليوم نرى البحرينيات يتولين مواقع قيادية في الشركات والبنوك، ويدرن مشاريع ريادية ناجحة تتجاوز حدود المملكة. برامج التمويل والدعم التي تبناها المجلس، إلى جانب البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة، شجعت الكثير من النساء على خوض تجربة الاستثمار بثقة أكبر، ما انعكس في ارتفاع نسب السجلات التجارية المملوكة لنساء، وتوسع مشاركتهن في قطاعات متنوعة من بينها المالية والتقنية والخدمات».
سيدة الأعمال البحرينية زهراء طاهر قالت إن «المرأة البحرينية منذ القدم حظيت بالدعم والمشاركة، ولكن منذ تأسيس المجلس الأعلى للمرأة تم تسليط الضوء بشكل أكبر على تميزها في مختلف القطاعات، ولا سيما القطاع الاقتصادي».
وأضافت طاهر:«المجلس لم يكتفِ بتهيئة بيئة تشريعية عادلة للمرأة، بل عمل على تعزيز ثقة البنوك والمستثمرين في رائدات الأعمال، وذلك عبر مبادرات واضحة ساعدت النساء على النفاذ إلى التمويل وتحويل أفكارهن إلى مشاريع ناجحة».
وأشارت طاهر: «أصبحت البحرينيات اليوم جزءًا أساسيًا من قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي يشكل ركيزة للنمو الاقتصادي، حيث تُدار نسبة كبيرة من هذه المؤسسات بكفاءة من قبل نساء. كامرأة بحرينية ورائدة أعمال، أفتخر بجميع إنجازات المرأة البحرينية بشكل خاص، وبإنجازات مجتمعنا البحريني بشكل عام».
أما سيدة الأعمال البحرينية زهراء باقر فأوضحت أن ما تحقق للمرأة البحرينية من حضور لافت في القطاع الاقتصادي لم يكن ليتحقق لولا المبادرات النوعية التي أطلقها المجلس الأعلى للمرأة منذ تأسيسه، مشيرة إلى أن برامج المجلس ساعدت على فتح آفاق أوسع أمام النساء لدخول عالم الاستثمار والأعمال بثقة واقتدار.
وأضافت باقر: لقد أسهم المجلس في تهيئة بيئة اقتصادية وتشريعية جاذبة، سواء من خلال مبادرات التمويل مثل برنامج (ريادات) أو عبر دعم السياسات التي تكفل تكافؤ الفرص في المؤسسات، ما مكّن العديد من النساء البحرينيات من الانتقال من مرحلة تأسيس الأعمال الصغيرة إلى مرحلة التوسع والمنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية.
من جانبها، أكدت الخبيرة الاقتصادية نورا الفيحاني أن مملكة البحرين تشهد تحولاً ملحوظاً في تعزيز دور المرأة في المجال الاقتصادي والمالي، وذلك انسجاماً مع رؤية المملكة 2030 والتوجيهات الملكية السامية بتمكين المرأة كشريك أساسي في التنمية المستدامة.
وأضافت: «وفقاً لأحدث البيانات الرسمية، تشكّل المرأة ما يقارب 40% من إجمالي القوى العاملة في القطاع المالي، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي في العديد من الدول المتقدمة. كما تتولى الكفاءات البحرينية النسائية مناصب قيادية في المؤسسات المالية».
ولفتت الفيحاني: «يأتي هذا التميز في إطار الجهود المتواصلة التي يقودها المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، التي تركّز على تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة وزيادة وجودها في مواقع صنع القرار».
وقالت الفيحاني: «كما تُظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية أن نسبة كبيرة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة المسجلة في البحرين تقودها نساء، فيما تُشير تقارير وزارة الصناعة والتجارة إلى أن المرأة تشارك بقوة في مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة».
وختمت: «تظل مملكة البحرين حريصة على ترسيخ مكانتها الإقليمية والدولية كنموذج رائد في تمكين المرأة اقتصادياً، انطلاقاً من إيمانها بأن تمكين المرأة هو ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة».
بدورها، قالت د. نسرين القصير، خبيرة في إدارة المخاطر والحوكمة: «لقد أثبتت التجربة البحرينية أن المرأة ليست عنصرًا مكملاً، بل هي ركن أساسي في معادلة التنمية. فمنذ تأسيس المجلس، تحققت قفزات نوعية في حضور المرأة بمواقع القرار، وفي مساهمتها الاقتصادية والاجتماعية، وفي قدرتها على أن تكون شريكًا حقيقيًا في صياغة مستقبل البحرين».
وأضافت القصير: «بوصفي ابنة لهذا الوطن، وقيادية عايشت هذه التحولات من داخل المؤسسات المالية والمصرفية، أؤكد أن دور المجلس الأعلى للمرأة تجاوز حدود الدعم التقليدي إلى بناء نموذج عالمي في التكامل بين السياسات الوطنية والتمكين المؤسسي. لقد فتح أبوابًا واسعة أمام الكفاءات النسائية لتقود، وتبتكر، وتواجه التحديات بنفس القوة التي يواجهها الرجال، بل وتتفوق أحيانًا في صناعة القرار وتحمل المسؤولية».
ولفتت: «لعل تكريمي من قبل صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، ضمن مبادرة المرأة البحرينية في القطاع المالي والمصرفي، هو شاهد حيّ على هذه المسيرة المباركة. فهذا الاعتراف لم يكن تكريمًا شخصيًا فحسب، بل رسالة واضحة بأن المجلس الأعلى للمرأة يرى، ويقدّر، ويشجع إنجازات البحرينيات في كل موقع، وخصوصًا في مجالات حيوية كالمصارف والمالية، حيث أثبتت المرأة البحرينية جدارتها وريادتها».
وأشارت إلى أن المجلس الأعلى للمرأة لم يكن مؤسسة عابرة، بل مدرسة في القيادة، ومظلة للحقوق، ومنصة للتأثير، ودرعًا استراتيجياً يحمي المرأة البحرينية ويجعلها عنوانًا للنهضة. واليوم، البحرين لا تحتفل بذكرى مؤسسة فقط، بل تحتفل بفكرٍ ورؤية ومسيرة ستظل شاهدة على أن المرأة البحرينية كانت وستبقى الشريك الحقيقي في بناء الوطن، والضمانة الحقيقية لمستقبله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك