في حوار خاص لـ«أخبار الخليج الرياضي»، فتح الكابتن مشعل تركي قلبه وتحدث بشفافية عن تجربته الأولى ضمن الجهاز الفني للمنتخب الوطني للكرة الطائرة، بعد أن أسهم في تحقيق إنجاز تاريخي بلقب كأس أمم آسيا، مشعل يروي تفاصيل رحلته الجديدة، ويكشف كواليس العمل مع الجهاز الفني بقيادة المدرب الفرنسي أرنود جوسرند، ويشرح كيف تغيرت نظرته للتدريب بعد هذه التجربة الفريدة. إليكم تفاصيل الحوار.
1. كابتن مشعل، بداية، كيف تصف تجربتك الأولى كمدرب مساعد في الجهاز الفني للمنتخب الوطني؟
كانت من أروع التجارب، لا سيما أننا تمكنا من تحقيق لقب بطولة أمم آسيا في واحدة من أبرز الإنجازات على مستوى الألعاب الجماعية، ورغم أننا اقتربنا من التتويج بلقب غرب آسيا، إلا أن هذا هو طابع المنافسات الرياضية، وما ميز التجربة أيضا أنها كانت ممتعة واستثنائية، خصوصا بإقامتها على أرض المملكة ووسط جماهيرنا الوفية التي منحتنا دعما لا يوصف.
2. كيف جاء ترشيحك أو انضمامك إلى الجهاز الفني بقيادة المدرب الفرنسي أرنود جوسرند؟
تم ترشيحي من قبل رئيس الاتحاد الشيخ علي بن محمد آل خليفة، والأمين العام فراس الحلواجي، استنادا إلى العمل الذي قدمته مع فريق طائرة نادي النجمة، والذي نال ثقتهم وقناعتهم، وقد كان انضمامي إلى الجهاز الفني للمنتخب حلما طالما راودني، والحمد لله تحقق، فخدمة الوطن شرف لأي فرد، وكل موقع يسهم في رفع راية الوطن هو مصدر فخر واعتزاز، وأتوجه بالشكر الجزيل لهما على هذه الثقة، وآمل أن أكون على قدر المسؤولية والتطلعات.
3. ما الانطباع الأول الذي خرجت به بعد أول تجمع للمنتخب مع الجهاز الفني؟
كان الانطباع إيجابيا، يسوده التعاون والانسجام والتوافق على الأهداف المنشودة. وقد كان اجتماعنا مع اللاعبين مثمرا، إذ لمسنا حماسا كبيرا ورغبة صادقة في بذل أقصى الجهود لرفع راية المنتخب، هذا التفاعل من شأنه منح الجهاز الفني دافعا قويا لمضاعفة العمل ومواصلة التحضير بكل جدية.
4. هل كانت هناك أي مخاوف أو تحديات واجهتك شخصيا عند الدخول في هذه التجربة الجديدة؟
لم تكن هناك مخاوف بمعنى الكلمة بقدر ما كانت تحديات، والبحريني بطبيعته يعشق التحدي، أما عني، فقد كنت واثقا في نفسي منذ أن كنت لاعبا، واستمرت هذه الثقة عندما أصبحت مدربا، ومن هذا المنطلق، رحبت بهذه التجربة التي رأيتها تحديا جديدا يمنحني مزيدا من التقدم ويضيف إلى اسمي، فضلا عن أنها فرصة لأقيم نفسي وأتعرف على موقعي الحقيقي.
5. ما أهم الدروس التي تعلمتها على الصعيد الفني خلال هذه الفترة القصيرة ولكن المكثفة؟
بلا شك كانت الفترة القصيرة التي تضمنت المعسكر وبطولتين حافلة بالدروس والتجارب، إذ تعلمت خلالها الكثير، فعناصر الجهاز الفني كانت على دراية تامة بآخر المستجدات، مما عزز لدينا مفاهيم الجدية والانضباط والحماس والروح القتالية، إلى جانب القوة البدنية والفهم الخططي والتحليل الفني، وقد شكل طاقم الجهاز الفني حلقة متماسكة عملت بروح الفريق الواحد.
6. كيف كانت طبيعة عملك اليومية داخل الجهاز الفني؟ هل كان لك دور محدد في الجانب الخططي أو البدني؟
بالرغم من توزيع المهام داخل الجهاز الفني، إلا أننا كنا نعمل جميعا في الاتجاه نفسه، دون أدوار جامدة أو محددة، كنت أشارك في الجانب البدني إلى جانب الكابتن أنيس، وأساهم في الجانب الإحصائي مع الكابتن مارسيل، وخلال التحليل كنا نتبادل الآراء ونتناقش باستمرار، العمل بروح الفريق الواحد هذا ما ميز تجربتنا.
7. ماذا أضاف لك المدرب الفرنسي أرنود جوسرند من حيث الفلسفة التدريبية والتعامل النفسي مع اللاعبين؟
أضاف لي الفرنسي أرنود جوسرند الكثير، لا سيما على الصعيد النفسي، من خلال أسلوبه المميز في التعامل مع اللاعبين الذين نعتز بهم، فقد منحهم مساحة من الحرية داخل الملعب، انطلاقا من ثقته في خبراتهم وانضباطهم العالي، وهو ما انعكس أيضا خارج الملعب حيث أظهر احتراما لتمرسهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية، كان حريصا على الاستماع إليهم في جلسات فردية، يناقشهم ويبحث معهم عن سبل الراحة النفسية التي تعزز عطائهم. هذا النهج المختلف يميزه عن أغلب المدربين الآسيويين، الذين يغلب على أسلوبهم التشديد على الانضباط والطاعة الصارمة، وهو ما يفسر الصورة المغايرة التي ظهر بها المنتخب تحت قيادته.
8. كيف كانت علاقتك ببقية أعضاء الطاقم الفني؟ وهل كانت هناك مساحة لتبادل الآراء واتخاذ القرار؟
تجمعنا علاقة متينة، ونشكل حلقة واحدة تتحرك بانسجام في جميع الاتجاهات، نتبادل الآراء ونتشاور باستمرار، والمدرب يصغي للجميع، كل فرد يشارك برأيه في النقاش، وفي نهاية الحوار نتوصل إلى اتفاق جماعي يعتمد ويطبق خلال المباريات.
9. على الصعيد الشخصي، ماذا يعني لك الحصول على لقب كأس أمم آسيا؟
هذا اللقب يعني لي الكثير، خاصة كوني أحد أفراد الجهاز الفني، فبطولة الأمم الآسيوية تمثل إنجازا فريدا لم تحققه أي من الألعاب الجماعية الأخرى، وهذا ما يمنحها مكانة استثنائية، أما الميدالية الآسيوية، فهي بالنسبة لي أعز تذكار في مسيرتي الرياضية. وأتمنى أن يتواصل هذا الإنجاز في المشاركات المقبلة، سواء كنت ضمن الطاقم الفني أم خارجه.
10. كيف كان وقع هذا الإنجاز على اللاعبين؟ وهل لمست تغييرا في عقلية المنتخب بعد البطولة؟
بدون شك، يعد الإنجاز قيمة ثمينة لديهم، فقد كان يوما ما مجرد حلم، لكن بفضل الصبر والتعب والتحمل، أصبح واقعا ملموسا، وهم اليوم يعيشون سعادة هذا التحقق، الذي بدوره رفع من سقف طموحاتهم، رغم إدراكهم أن تحقيق المزيد من الإنجازات في المستقبل يتطلب مضاعفة الجهود، والعمل المتواصل والدؤوب.
11. برأيك، ما أبرز العوامل التي أسهمت في تحقيق لقب أمم آسيا؟
ما تحقق لم يكن محض صدفة، بل جاء ثمرة لتكاتف الجميع كبيرا وصغيرا من دون استثناء، وللوقفة الجماهيرية المؤثرة التي كان لها وقع السحر، خصوصا في الدورين نصف النهائي والنهائي. ولا يمكن إغفال دور الإعلام، بكافة أشكاله، الذي شكل درعا حاميا وسندا حقيقيا للمنتخب.
12. ما الفروقات التي لاحظتها بين العمل على مستوى الأندية وبين العمل مع منتخب وطني في بطولة قارية؟
بالطبع، الفوارق واضحة، وتميل الكفة لصالح المنتخب، ففي الأندية، عدد اللاعبين المميزين أو ما يعرف بالأوراق الرابحة يكون محدودا، ويبنى العمل وفق الإمكانات المتاحة، أما في المنتخب، فتتعدد الخيارات وتتقارب المستويات، مما يعزز من فرص التكافؤ والنجاح، كما أن التنظيم والطموحات تكون أعلى. وفي هذا السياق، وفر الاتحاد مشكورا – ضمن إمكاناته – ما يمكن أن يسهم في تحقيق النجاح والوصول إلى الهدف المنشود.
13. ما أهم التحديات التي واجهها المنتخب خلال مشوار البطولة؟ وكيف تعاملتم معها؟
واجهنا العديد من التحديات، أبرزها مواجهة منتخبات قوية مثل كوريا وقطر وباكستان، مع تباين مستوياتها، ورغم قصر فترة التحضير وعدم امتلاكنا معلومات كافية عن تلك الفرق، تمكنا من التعامل مع كل هذه الظروف وفرضنا شخصيتنا داخل الملعب، وفي نهاية المشوار نجحنا في التفوق عليها.
14. كيف تقرأ خسارة نهائي غرب آسيا؟ وهل ترى أنها كانت خسارة فنية أم ذهنية؟
لا شك أن المباراة النهائية جمعت بين أفضل منتخبين في البطولة، والمنتخب القطري غني عن التعريف، فهو بطل آسيا وصاحب سجل مميز، وعندما تصل المباراة إلى الشوط الفاصل، فإنها تصبح أشبه بركلات الترجيح في كرة القدم، إذ يلعب الحظ دورا كبيرا، وقد شاهدنا كيف حسمت المواجهة لصالح قطر عبر «الجلنج».
وأعتقد أن المجهود البدني والذهني الكبيرين اللذين بذلهما لاعبونا في بطولة آسيا كان له أثر واضح، رغم أن تشكيلتنا كانت تضم فريقين متقاربين من حيث المستوى. ومع ذلك، أثبتت التغييرات فعاليتها ونجح الفريق في العودة إلى أجواء المباراة،
وكنا نمنى النفس لو أن واجهنا المنتخب القطري، وهو فريق قوي ومحترم، ونحن في كامل جاهزيتنا البدنية والذهنية، لعل النتيجة كانت ستكون مختلفة.
15. هل تعتقد أن ضغط التتويج بلقب آسيا كان له تأثير سلبي على أداء المنتخب في نهائي غرب آسيا؟
أبدا، بل بالعكس الحصول على لقب الأمم الآسيوية كان حافزا كبيرا، ومنح اللاعبين ثقة إضافية، ولكن كما أسلفت بأن الأمم الآسيوية قد استنزفت اللاعبين بدنيا وذهنيا.
16. ترى أن المنتخب يسير في الاتجاه الصحيح على مستوى الإعداد والاستقرار الفني؟
بكل تأكيد، يسير اتحاد الكرة الطائرة على الطريق الصحيح والعكس ذلك إيجابا على أداء المنتخب، الذي ارتفعت أسهمه مؤخرا، ومع هذا الارتفاع تتزايد الطموحات نحو تحقيق ألقاب أكبر وأرفع في المستقبل.
17. من خلال قربك من اللاعبين، ما تقييمك لروح الفريق ومستوى الالتزام والانضباط؟
بكل اتفاق، لا يختلف اثنان على أن الانضباط والمسؤولية والمحبة المتبادلة بين اللاعبين كانت من أبرز سمات المنتخب، التعاون مع الجهاز الفني كان مثاليا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكأن الجميع كانوا أسرة واحدة، لم يكن هناك مجال للأنا، بل كانت روح الجماعة والانتماء للمنتخب والوطن هي الحاضرة دوما.
18. هل تغيرت نظرتك إلى التدريب بعد هذه التجربة؟ وهل حفزتك للمزيد من العمل مع المنتخبات؟
بالطبع، كانت تجربتي ضمن الجهاز الفني للمنتخب تجربة ثرية بكل المقاييس، ولم تمر دون أن أخرج منها بفوائد كبيرة انعكست على شخصيتي وأضافت إلى رصيدي التدريبي أبعادا جديدة. فمنذ أن كنت لاعبا، وحتى اليوم كمدرب، وأنا حريص على البحث المستمر عما يسهم في تطوير عملي والارتقاء به، وفوق كل ذلك، فإن العمل مع المنتخب يمثل شرفا عظيما يتمثل في خدمة الوطن، وهو الهدف الذي يسعى إليه الجميع.
19. ما طموحاتك المستقبلية كمدرب؟ وهل هناك أهداف معينة تضعها نصب عينيك؟
طموحاتي لا تعرف حدودا، أحرص على تحقيق الإنجاز وتطوير نفسي باستمرار على المستويات الفنية والذهنية والنفسية، إيمانا بأن هذا التطور سينعكس إيجابا على أدائي المهني.
20 . وأخيرا، ما الرسالة التي توجهها للجماهير، وللاعبي المنتخب، بعد هذه الرحلة الغنية بالإنجازات والدروس؟
في البداية، لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة «أخبار الخليج الرياضي»، ممثلة في شخصكم الكريم، على حضوركم الدائم ودعمكم المتواصل للعبة ولكل من ينتمي إليها دون استثناء.
ومن المؤكد أن البحريني ولد عاشقا للتحدي، وفي كل مجال يخوضه يبرهن دوما أنه قادر على بلوغ ما يصبو إليه بالمثابرة والجد والاجتهاد، متى ما تهيأت له الظروف، لأنه ببساطة يعشق هذا الوطن.
أما الجماهير، فهي الوقود الحقيقي لمنتخباتنا الوطنية، وقد عودتنا دائمًا على الحضور في الموعد، لأنها شريك أصيل في كل إنجاز يحقق.
وما حققه المنتخب مؤخرا لم يكن مجرد انتصار، بل تضمن دروسا ورسائل واضحة تؤكد أن البحريني أهل للمسؤولية، وقادر على رفع راية الوطن في كل محفل.
خاتمة:
وهكذا اختتم الكابتن مشعل تركي حديثه، محملا بالامتنان والفخر، ومفعما بالعزيمة لمواصلة المشوار التدريبي بشغف أكبر وطموحات لا تعرف الحدود، تجربة المنتخب الوطني بالنسبة له لم تكن مجرد محطة، بل علامة فارقة في مسيرته، وحافزا إضافيا للسعي نحو المزيد من الإنجازات، خدمة للعبة، وللوطن، وبين سطور حديثه، تتجلى روح الفريق والانتماء، وقصة نجاح بحرينية تكتب بحروف العزيمة والانضباط والإخلاص.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك