رئيس المكتب التنفيذي للجنة إدارة الطوارئ المدنية لـ«أخبار الخليج»:
المنصة الوطنية للحماية المدنية ركيزة لتعزيز الأمن والسلامة
تصنيف وتنسيق الاستجابة للطوارئ مبني على سجل وطني للمخاطر محدث
أجرى الحوار: إسلام محفوظ وياسمين العقيدات
تصوير - عبد الأمير السلاطنة
تتقدم مملكة البحرين اليوم كنموذج إقليمي رائد في إدارة الطوارئ والكوارث، في ظل عالمٍ تتداخل فيه التغيرات، وفي هذا السياق المتداخل أصبح لا يُمكن عزل ما يحدث في أي منطقة ما عن تأثيره على مناطق أخرى، حيث باتت كل أزمة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدول على التنبؤ، والتخطيط، والاستجابة، وقد وضعت مملكة البحرين تصورًا وطنيًا متقدمًا لإدارة الطوارئ، قائمًا على المرونة والتكامل المؤسسي والتخطيط الاستباقي، مدعومًا بإرادة سياسية واعية وإدارة تنفيذية فعالة، تم تطوير منظومة وطنية شاملة تُراعي التغيرات العالمية، وتستند إلى سجل وطني محدث للمخاطر، ومنهجيات محاكاة، وتمارين دورية متعددة القطاعات.
وما يميز التجربة البحرينية ليس فقط جاهزيتها المؤسسية العالية، بل قدرتها على استشراف المستقبل، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز المشاركة المجتمعية لبناء مجتمع قادر على الصمود، ومؤسسات تملك أدوات الاستجابة والتعافي في كل سيناريو محتمل، ولتسليط الضوء على هذه المنظومة الوطنية، والوقوف على مستوى الجاهزية التي وصلت إليها مملكة البحرين، التقت صحيفة «أخبار الخليج» الرائد حمد صباح آل سوار، رئيس المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لإدارة الطوارئ المدنية، الذي كشف في هذا الحوار عن تفاصيل الاستراتيجية الوطنية، وأبعاد التكامل المؤسسي، وآليات التنسيق اللحظي.
- في البداية، دعنا نطلع منك على استعدادات وجاهزية المملكة دائماً لأي طارئ؟
جاهزية المؤسسات وقوة البنية التحتية والعمل المشترك والجاهزية المجتمعية أمور أسس لها مجلس الدفاع المدني، وبفضل توجيهات وزير الداخلية رئيس مجلس الدفاع المدني، وبدعم مباشر من اللجنة الوطنية لإدارة الطوارئ المدنية، وضعنا استراتيجية وطنية للطوارئ، وضعت أُسسًا واضحة للجاهزية المبنية على سيناريوهات واقعية وسجل وطني للمخاطر محدث ومحاكاة متعددة المخاطر وفق منهجية مرنة تبدأ بتحليل المخاطر مروراً بإجراءات الوقاية والاستعداد والتمارين وصولا إلى الاستجابة والتعافي.
- وهل توجد خطط جاهزة مُعدة سلفًا لمختلف أنواع الطوارئ، وما السجل الوطني للمخاطر؟
نعم، تعتمد مملكة البحرين منظومة استجابة وطنية موحدة تقوم على أساس تدرج المخاطر وتصنيف مستويات التهديد، حيث لا يُنظر إلى الأزمات كحالات طارئة منفصلة، بل كجزء من مشهد متكامل تُدار مكوناته من خلال سجل وطني شامل للمخاطر تم تطويره بعناية بالتعاون بين الجهات المعنية، ويخضع للتحديث الدوري وفقًا للمستجدات المحلية والإقليمية والدولية.
ويُعد السجل الوطني للمخاطر بمثابة المرجعية الأساسية لتحديد طبيعة كل خطر محتمل، واحتمالية وقوعه، وتأثيره المتوقع، وبالتالي يُبنى عليه نظام الاستجابة بحيث تُحدَّد الجهة الرائدة التي تتولى زمام التنسيق والقيادة الميدانية حسب نوع الحادث كما تُحدَّد الجهات المساندة التي تقدم القدرات والإمكانات الفنية واللوجستية اللازمة، وأخيرا تُفَعَّل لوحات تحكم مركزية (Dashboards) تدير البيانات الحية وتُراقب مؤشرات الأداء والاستجابة في الزمن الحقيقي.
وتعمل هذه المنظومة وفق مستويات تصعيد لاستجابة مرنة، تبدأ من الاستجابة المحلية على مستوى المؤسسة أو الجهة، ثم تُرفع تدريجيًا إلى التنسيق القطاعي، ثم إلى المستوى الوطني بقيادة اللجنة الوطنية لإدارة الطوارئ المدنية عند الحاجة.
ويُشرف المكتب التنفيذي للجنة الوطنية على وضع الإطار التنفيذي لهذه المنظومة، من خلال تطوير خطط الاستجابة النوعية لكل خطر سواء من الكوارث البيئية والحرائق الصناعية، إلى الطوارئ الصحية والتقنية، بالإضافة إلى مصفوفات مسؤوليات واضحة بين الجهات.
كما أن تفعيل مركز عمليات وطني مشترك يُمكن من اتخاذ القرار اللحظي والتنسيق بين جميع الشركاء ويجدر بالذكر أن هذه الخطط تُختبر عبر تمارين وطنية دورية، وتُراجع وفق الدروس المستخلصة من الحالات السابقة.
- ما دور المنصة الوطنية للحماية المدنية وما دلائل اعتمادها عربياً ودولياً؟
تولي مملكة البحرين أهمية قصوى لتعزيز جاهزيتها في التعامل مع حالات الطوارئ، وتتجلى رؤيتها في أن تكون محمية من خلال ثقافة السلامة والتوعية والحد من المخاطر الرئيسية التي تؤثر على السكان وثروات الأمة، مع ضمان سرعة ونجاح إدارة أي أزمة كبرى والتعافي من آثارها.
ولتحقيق ذلك، تعتمد المملكة نهجًا شاملاً يرتكز على جاهزية التقنيات المتطورة والكوادر المدربة ذات الكفاءة العالية لإدارة الأزمات والرعاية المستعجلة، ما عزز مكانتها كدولة رائدة في إدارة الطوارئ بالمنطقة.
وفي إطار هذه الجهود، أطلقت وزارة الداخلية «المنصة الوطنية للحماية المدنية»، وهي منصة وطنية متكاملة تهدف إلى دعم وتعزيز الأمن والسلامة المدنية، تنطلق هذه المنصة من مبادئ الاستراتيجية الوطنية للطوارئ وخطط وإجراءات مجلس الدفاع المدني، بالاعتماد على آليات عمل اللجنة الوطنية للحماية المدنية، كما تتيح المنصة للمواطنين والمقيمين الوصول إلى جميع المعلومات المتعلقة بسلامتهم، وتسهم في تعزيز الثقافة الأمنية في المجتمع عبر التقنيات المتطورة.
وتعتمد المنصة على الشراكة المجتمعية كمنهجية أساسية لخلق بيئة آمنة من المخاطر، من خلال تضافر الجهود وتكاملها نحو مجتمع واعٍ بكافة المخاطر وكيفية الوقاية منها.
وفيما يتعلق بدلائل اعتمادها عربياً ودولياً فحققت المنصة الوطنية للحماية المدنية اعترافًا إقليميًا ودوليًا لافتًا، مؤكدة مكانة البحرين كنموذج مرجعي للحد من مخاطر الكوارث نتيجة جهود دؤوبة وتخطيط استراتيجي، مكن المنصة من أن تصبح ركيزة أساسية في بناء مجتمعات أكثر مرونة واستعدادًا لمواجهة التحديات، حيث تم اعتمادها كمرجع إقليمي لإعداد المنصة العربية للحد من مخاطر الكوارث وهذه الخطوة لم تكن مجرد اعتراف بالجهود الوطنية، بل كانت إقرارًا بقدرة البحرين على تقديم حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق على نطاق أوسع.
كما توج هذا الاعتراف الإقليمي بإشادة دولية رفيعة المستوى خلال أسبوع الشبكات الإنسانية والشراكات (HNPW2025) الذي عُقد في جنيف بسويسرا، حيث قدم وفد المملكة عرضًا شاملاً حول استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلّم الآلي في تعزيز منظومات الإنذار المبكر، ما أثار إعجاب ممثلي مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR). وقد تم اعتماد المنصة رسميًا كمرجع رئيسي لبناء المنصة العربية الإقليمية، وهي خطوة تعكس ثقة المجتمع الدولي الكبيرة في الكفاءة البحرينية في إدارة المخاطر.
- كيف تقيم التجربة البحرينية عربيا وإقليميا؟
البحرين اليوم تُعد من الدول الرائدة عربيًا في إدارة الكوارث والطوارئ المدنية حيث تترأس البحرين آلية التنسيق العربية للحد من مخاطر الكوارث، ونحن لا نتعامل مع الأزمات كرد فعل، بل نُخطط لها قبل وقوعها ولدينا سجل حافل من النجاحات، أبرزها الاستجابة المتكاملة خلال جائحة كورونا، وتنفيذ خطط الإخلاء خلال التهديدات الأمنية، وتفعيل غرف الطوارئ الوطنية وقياس الجاهزية الوطنية.
- وما الذي يجعل تجربة البحرين نموذجًا يُحتذى به؟
أولاً: القيادة الموحدة التي تضمن اتخاذ القرار بشكل فوري.
ثانيًا: التكامل المؤسسي، فلا توجد جهة تعمل منفردة، بل ضمن شبكة وطنية.
ثالثًا: المهنية العالية والتدريب المستمر والتمارين المشتركة.
وأخيرًا: المرونة والتحديث المستمر عبر توظيف التكنولوجيا المتقدمة.
- هل هناك آلية موحدة أم أن كل جهة تتعامل بطريقتها، وهل تُجرى تمارين دورية؟
هناك إطار وطني موحد يشكل المرجعية، لكنه يمنح كل جهة هامش التخصص أي أن هناك توزيعًا مرجعياً للمهام، ضمن إطار تنسيقي أعلى، وفيما يتعلق بالتمارين الميدانية فتجرى بشكل دوري وبشكل تكتيكي مؤسسي على مدار العام وفق خطة تمارين موحدة، تشمل جميع القطاعات: الأمن، الصحة، النقل، البيئة، والطاقة، بهدف ضمان الجاهزية والتكامل.
- ما الدور الذي يلعبه المكتب التنفيذي للجنة؟
المكتب التنفيذي هو الذراع التشغيلي الذي يقود التنسيق والتخطيط بين جميع الجهات ذات العلاقة ويعمل سكرتاريا للجنة الوطنية لإدارة الطوارئ المدنية، ولمتابعة المؤشرات ووسائل الرصد مع الجهات من خلال خلية الموقف، وصياغة التقارير والتوصيات التنفيذية إلى اللجنة الوطنية ومجلس الدفاع المدني.
- كيف تضمنون إيصال المعلومات الصحيحة؟ وهل هناك خطة إعلامية؟
نعمل وفق خطة اتصالات أزمات وطنية، تشمل الإعلام التقليدي والرقمي، لدينا فرق إعلامية مخصصة تصدر البيانات والمعلومات وتنسق مع الإعلام الرسمي ممثلة بوزارة الإعلام ومركز الاتصال الوطني والإدارة العامة للإعلام والثقافة الأمنية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك