مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية:
مواكبة مستمرة لتطورات عالم الجريمة.. وتطوير متواصل لإمكانيات المواجهة
ممارسات قد يقوم بها البعض بحسن نية ولكنها جريمة تعرضهم للمساءلة القانونية
تصوير: عبدالأمير السلاطنة
وفقًا لتقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، تجاوزت الخسائر العالمية عام 2024 بسبب الجرائم الإلكترونية 16 مليار دولار، وهو ما يعني ارتفاعا كبيرا بلغ 257% خلال أربع سنوات فقط، ففي حين بلغت الخسائر عام 2019 نحو 3.5 مليارات دولار، ارتفعت إلى 4.2 مليارات عام 2020، ووصلت في 2021 إلى 6.9 مليارات دولار، ثم 10.3 مليارات في 2022، و12.5 مليارا في 2023.
والمقلق في الأمر، هو التوقعات بأن تبلغ قيمة الخسائر نحو 10.5 تريليونات دولار هذا العام (2025)، بحسب شركة (Cybersecurity Ventures).
ولم تعد الجرائم الإلكترونية مقتصرة على الجوانب المالية فحسب، بل تعددت أدواتها وأشكالها وأهدافها بدءا من سرقة البيانات والمعلومات والاحتيال واختراق الحسابات والاختراقات الأمنية والهجمات السيبرانية، وصولا إلى نشر الشائعات والمعلومات المضللة وتهديد الأمن المجتمعي والتحرش والابتزاز الإلكتروني وانتهاك الخصوصية والاستغلال الجنسي وغيرها. ومن ثم أصبحت الجرائم الإلكترونية واحدة من أخطر التحديات التي تواجه الأفراد والمؤسسات والدول.
البحرين كانت سباقة في التعامل مع هذه المشكلة، وبادرت في وقت مبكر إلى تأسيس إدارة متخصصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية ضمن الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية، كما أصدر النائب العام في سنة 2022 قرارا بإنشاء نيابة متخصصة بمسمى (نيابة الجرائم الإلكترونية).
ومنذ تأسيسها، ركزت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية على مواجهة التحديات المتزايدة لهذا النوع من الجرائم وحماية المجتمع والاقتصاد من أضرارها.
«أخبار الخليج» كانت لها وقفة مع هذه الإدارة التي يتعاظم دورها بتزايد أدوات وأنواع الجرائم الإلكترونية محليا وعالميا، حيث التقينا في حوار مفتوح مع مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية المقدم الدكتور إسماعيل ناجي الأمين، لنسأله بداية عن أبرز الاختصاصات والمجالات التي تركز عليها الإدارة خاصة مع تطور وسائل وطرق الجرائم الإلكترونية، وهذا ما أجاب عليه بقوله:
في الواقع، تعمل إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية على محورين:
الأول هو المحور الوقائي من خلال توعية الجمهور والرصد والمتابعة. والثاني هو المحور الإجرائي، وذلك من خلال تلقي البلاغات ومباشرة التحريات وجمع الاستدلالات، وتوظيف الوسائل التقنية أو الميدانية لمعاونة السلطات القضائية في تحقيق العدالة الناجزة. ويدخل ضمن اختصاص الإدارة، الجرائم المرتكبة من خلال وسائل تقنية المعلومات والإنترنت، والتي تهدد الأمن الإلكتروني للأفراد أو المؤسسات، وتشكل جريمة وفقاً للقانون، حيث تتعامل الإدارة مع قضايا متنوعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تباشر الإدارة البلاغات المتعلقة بجرائم إساءة استخدام وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية، والسب والقذف والابتزاز واختراق الحسابات وانتحال الهوية، وغيرها من الجرائم المستحدثة، التي تتم من خلال وسائل تقنية المعلومات والإنترنت.
ومن المهم أن نوضح هنا أن تلك الأفعال تمثل مرتكبيها ولا تعتبر ظاهرة عامة في المجتمع البحريني الذي هو بطبيعته مجتمع محافظ وملتزم بالأنظمة والقوانين.
ويضيف المقدم الدكتور إسماعيل: من ناحية أخرى، هناك تنسيق بين إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية وإدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، كلٌ بحسب اختصاصه، في مكافحة الاحتيال الإلكتروني، والذي يعتبر من الجرائم البارزة في الفترة الأخيرة. ويشمل ذلك الإعلانات المضللة عن منتجات بأسعار مغرية جدًا، وغالبًا ما تُعرض عبر وسائل التواصل أو تطبيقات التسوق.
ومن اللافت أن المحتالين اليوم يستغلون خوارزميات التطبيقات الذكية، التي تُظهر للمستخدمين ما يتوافق مع اهتماماتهم واحتياجاتهم. فتجد الإعلان يستهدف الفئات ذات الاهتمام بالموضوع بشكل مباشر، كأن يعرض عليك شخص هاتفًا حديثًا بنصف السعر، وخاصة في وقت قريب من إصداره في الأسواق، ويستهدف بذلك شغف الجمهور في اقتناء مثل هذه المنتجات، وفي الغالب، تقع ضحية تلك الجرائم فئات متنوعة بحسب الموضوع والمواسم. ونحن نعمل على تتبع هذه الحسابات، لكننا في الوقت نفسه نؤكد أهمية وعي المستخدم وثقافته الرقمية، لتجنب الانجراف خلف العروض السريعة من دون التحقق من مصدرها ومصداقيتها.
وفي الوقت نفسه، تحرص الإدارة دائماً على مواكبة التطور الحاصل في عالم الجريمة، وذلك من خلال الدعم والاهتمام المباشر الذي يوليه وزير الداخلية ونائب وزير الداخلية، ومدير عام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني، حيث نسعى إلى التفوق في توظيف أحدث التقنيات والأساليب، ودراسة الحالات والاستفادة منها، والتنسيق الأمني على المستوى الدولي ضمن خططنا التطويرية، لذلك فإن إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية لديها من الإمكانيات والتنسيق ما يجعلها قادرة دوما على المواجهة والمكافحة.
1086 قضية
* كم يبلغ عدد القضايا التي باشرتها الإدارة هذا العام؟ وما الإجراءات التي يفترض على مقدم البلاغ أن يقوم بها للتبليغ بشكل رسمي؟
** بلغ عدد القضايا منذ بداية هذا العام 2025 حتى نهاية شهر يوليو الماضي 1086 قضية.
وهناك عدة طرق لتقديم البلاغ، لكن يجب أن نوضّح أن الاتصال بالخط الساخن (992) هو وسيلة أولية لتقديم معلومة أو استفسار، وليس بلاغًا رسميًا مُكتملا من حيث الشكل والمستندات، وهي وسيلة فعالة في حالات تتطلب سرعة الإجراء.
ومن خلال الخط الساخن، يقوم المختصون بتقييم الحالة وتوجيه الشخص، إن كان بالإمكان حل مشكلته من خلال الإرشاد فقط، أو حضوره شخصيًا إلى مبنى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني، الكائن في منطقة العدلية، لتقديم التوضيحات بشأن الواقعة لمأموري الضبط القضائي، مدعّماً بالمستندات والأدلة.
كذلك، أصبح من الممكن تقديم البلاغ عبر تطبيق «حكومتي»، الذي يُعتبر وسيلة آمنة وسهلة، وخاصة للحالات التي لا تتطلب حضورًا عاجلاً، مع ضرورة إرفاق كل التوضيحات والمستندات التي تمكن مأموري الضبط القضائي من استكمال البلاغ من الناحية الشكلية أو الموضوعية.
* من الخدمات المميزة التي دشنتها الإدارة خدمة الواتساب. ماذا تضيف هذه الخدمة؟
** بالفعل، فمن منطلق حرص إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية على تطوير خدماتها وتسهيل الوصول وسبل التواصل مع الجمهور، أتاحت خدمة التواصل عبر «الواتساب» لتقديم الدعم والإرشاد في التعامل مع الجرائم الإلكترونية، ومع توجه وزارة الداخلية إلى التطوير المستمر للخدمات المقدمة وإيجاد تجربة أكثر تطورًا تم تدشين خدمة تقديم البلاغات عبر تطبيق «حكومتي» الذي يوفر وسيلة أكثر كفاءة وسرعة لمعالجة البلاغات الإلكترونية، كما بادرت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بإطلاق خدمة الرسائل التوعوية عبر تطبيق واتساب (المجتمع) تحت عنوان «الجرائم المالية والإلكترونية – توصلك أول بأول»، بهدف نشر التوعية الأمنية من خلال تسليط الضوء على أحدث الأساليب والتقنيات التي يستخدمها المجرمون، إلى جانب توضيح وسائل الوقاية والحماية منها.
* ما العقوبات التي يحددها القانون بشأن مرتكبي الجرائم الإلكترونية؟
** بحسب القانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات، تختلف العقوبات حسب نوع الجريمة، وذلك على النحو الآتي:
* المادة (3):
«يعاقب بالحبس وبالغرامة التي لا تجاوز خمسين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، من أحدث تلفًا في بيانات وسيلة تقنية المعلومات أو نظام تقنية المعلومات».
العقوبة القصوى: السجن المؤبد إذا أدى التلف إلى موت إنسان عمدًا.
* المادة (5):
«السجن مدة لا تزيد على خمس سنين والغرامة التي لا تجاوز ستين ألف دينار إذا استُخدمت البيانات لتهديد شخص لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، وبلغ الجاني مقصده».
* المادة (8):
«تعاقب بالحبس كل من استولى على مال الغير أو مزية بالتزوير الإلكتروني أو الاحتيال عبر النظم المعلوماتية».
فعلى سبيل المثال، في إحدى القضايا التي كشفت خطورة الابتزاز الإلكتروني، أدين أحد المقيمين في البحرين بعد أن تورط في جريمة تهديد وابتزاز الشاكي، مستغلًا بيانات وصورًا شخصية، استطاع الوصول اليها بطرق غير مشروعة للحصول على مبالغ مالية، ومن خلال عمليات التحريات وتتبع التقنيات المستخدمة وجمع الأدلة الرقمية، وأصدرت المحكمة حكمًا بسجنه مدة خمس سنوات مع إبعاده عن البلاد فور انتهاء مدة العقوبة.
كذلك، من القضايا التي تعاملنا معها مؤخرًا، قضية ابتزاز تعرضت لها فتاة بعد أن وثقت بشخص ضمن علاقة خاصة بينهما، حيث استخدم صورها الشخصية كوسيلة للضغط والتهديد. وبالفعل، نجح في تحصيل مبالغ مالية منها، لكنها تواصلت معنا لاحقًا وتم التعامل مع البلاغ بسرية تامة، حيث صدر لاحقاً بحق الجاني حكم بالسجن والغرامة.
* هل هناك سلوكيات أو ممارسات قد يقوم بها البعض بحسن نية لكنها تعتبر جنحة أو جريمة قد تعرضه للمساءلة القانونية؟
** نعم، وهذا من أكثر المواضيع التي نحرص على التوعية بشأنها. فكثير من الأشخاص يرتكبون أفعالًا يظنون أنها «عادية» أو «مجرد مزاح»، لكنها في الواقع تُصنّف قانونًا كجرائم.
من أبرز هذه السلوكيات:
- المساس بالحياة الخاصة، حيث يعتبر هذا الفعل جريمة وفق قانون العقوبات البحريني، وخاصة إذا تسبّب بنشر فضيحة أو إساءة. كما قد يُكيّف هذا الفعل، بحسب ملابسات القضية، من قبل سلطة التحقيق كجريمة تشهير، أو يدخل ضمن الابتزاز إذا استُخدمت الصور أو المحادثات للتهديد.
- إرسال روابط مزيفة أو مشبوهة حتى لو على سبيل المزاح، فهذا السلوك يُعد غير قانوني، خاصة إذا تسبب الرابط المرسل في اختراق أو ضرر أو إفشاء بيانات، فإن المرسل يتحمل المسؤولية، حتى لو لم يكن يقصد الإضرار. وقد يُعد ذلك «ظرفًا مشددًا» إذا ترتب على الاختراق إفشاء بيانات خاصة، فبحسب قانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات المادة (2) يُعاقب بالحبس من دخل إلى نظام معلوماتي من دون مسوغ قانوني. فإذا تسبب الرابط المرسل في اختراق أو ضرر أو إفشاء بيانات، فإن المرسل يتحمل المسؤولية، حتى لو لم يكن يقصد الإضرار.
- إرسال أو تداول صور أو ملصقات ذات طابع إباحي عبر التطبيقات، فبعض الأشخاص يرسلون ملصقات أو مقاطع تحتوي على طابع إباحي، من دون إدراك أن القانون يُجرّم حتى حيازة أو تداول المواد الإباحية.
وبحسب المادة (10) من القانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات والتي نصت على العقوبة التي لا تقل عن سنة وغرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار لكل من أنتج أو استورد أو باع أو عرض للبيع أو الاستخدام أو تداول أو نقل أو وزع أو أرسل أو نشر أو أتاح مادة إباحية بواسطة تقنية المعلومات، وتشدد العقوبة وتصبح لا تقل عن سنتين إذا كانت المادة الإباحية موجهة إلى طفل.
ففي إحدى الحالات الواقعية، أرسل طالب في الجامعة إلى زميله ملصقا على تطبيق الواتساب فيه طابع إباحي كنوع من المزاح، لكنه تعرض للمساءلة وتحولت إلى قضية منظورة أمام المحكمة المختصة.
لذلك، نُشدّد على أهمية الوعي في التعامل مع الفضاء الرقمي من جانب فني وقانوني واحترام الحياة الخاصة وحريات الآخرين، ومراعاة العادات والتقاليد المحمودة في المجتمع.
أرقام بحرينية!
* الكثير من محاولات الاحتيال تكون من أرقام بحرينية، وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات حول أسباب عدم إمكانية الإمساك بالمحتالين؟
** الكثير من الناس يعتقدون أن وجود رقم هاتف بحريني يعني بالضرورة أن صاحبه داخل المملكة ويمكن الوصول إليه بسهولة، لكن الواقع التقني والميداني يُظهر خلاف ذلك.
ففي بعض الحالات، يقوم المحتال بشراء شريحة بحرينية أثناء زيارته القصيرة للمملكة، ثم يغادر البلاد ويواصل نشاطه من الخارج، وغالبًا ما يتم شراء الشريحة من أحد المقيمين الذي يكون على وشك مغادرة البحرين، مما يصعّب تتبع المستخدم الفعلي للرقم.
وهناك أسلوب آخر شائع، يتمثل في إقناع شخص –غالبًا بحسن نية– بأنه يعمل في شركة تحصيل ديون أو تحويلات مالية، فيقوم هذا الشخص باستلام الأموال عبر حسابه، ثم يُطالب بتحويلها إلى جهات أخرى مقابل عمولة بسيطة، من دون أن يدرك أنه جزء من عملية احتيال.
وما يزيد الأمور تعقيدًا، أن هذه المبالغ غالبًا ما تُحوّل لاحقًا عبر العملات الرقمية، التي تتنقل بسرعة بين محافظ إلكترونية متعددة يصعب تتبعها، وخاصة حين تتم العمليات عبر منصات خارجية لا تملك البحرين فيها ولاية مباشرة.
* هل يعني ذلك أن الحالات التي تتم من خارج البحرين لا يمكن تتبعها أو اتخاذ إجراءات بشأنها؟
** القانون البحريني يتيح ملاحقة الجرائم الإلكترونية المرتكبة من خارج البلاد إذا كان لها أثر أو ارتباط في إقليم مملكة البحرين، وذلك استنادًا إلى المادة (5) من قانون العقوبات البحريني، والتي تندرج ضمن أحكام تطبيق القانون من حيث المكان. تنص المادة على أن القانون يسري على الجرائم المرتكبة خارج البحرين إذا ترتب عليها ضرر داخلي. وبناءً عليه، يمكن اتخاذ إجراءات قانونية ضد الجاني بالتعاون مع (الإنتربول) أو عبر اتفاقيات التعاون القضائي الدولي، وقد تعاملت الإدارة فعليًا مع مثل هذه القضايا سابقًا.
* على الرغم من الجهود التوعوية الكبيرة التي تقومون بها، فإن العديد من الأفراد مازالوا يقعون ضحية لتلك المحاولات، ما السبب في رأيكم؟
** نعم، للأسف على الرغم من الحملات التوعوية المستمرة التي نقوم بها بالتعاون مع مختلف وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع، فإن بعض الأفراد لا يزالون يقعون في فخ الاحتيال الإلكتروني أو الابتزاز. والسبب في ذلك يعود إلى عدة عوامل متداخلة:
أولًا: ضعف الثقافة الرقمية لدى البعض، وخصوصًا في كيفية التعامل مع الروابط، والتحقق من مصادر الرسائل، والتعامل مع وسائل الحماية والخصوصية.
ثانيًا: الثقة الزائدة أو التسرّع، حيث يتفاعل البعض مع الإعلانات أو الرسائل من دون تفكير، وخصوصًا عندما يكون المحتوى عاطفيًا أو مرتبطًا بالمال أو الجوائز.
ثالثًا- تطوّر أساليب المحتالين، الذين باتوا يستخدمون أدوات وتقنيات متقدمة، ويستهدفون الضحية بدقة عالية عبر الذكاء الاصطناعي والخوارزميات.
كما أن بعض الضحايا، وخاصة كبار السن أو بعض الفئات التي تتحرج من الابلاغ، قد يتأخرون في التواصل معنا، مما يتيح للجاني وقتًا أطول لإتمام جريمته. لهذا، نؤكد دائمًا أن الوقاية تبدأ بالوعي وزيادة الثقافة الرقمية، وأن التردد في الإبلاغ يعطي للمحتال فرصة أكبر للنجاح.
الجدير بالذكر، أن وردت إلينا بلاغات من أولياء أمور فجئوا بارتفاع غير مبرر في فواتير هواتفهم، ويظنون في البداية أنهم وقعوا ضحية احتيال. لكن بعد التحقق، يتبين أن الطفل استخدم هاتف أحد الوالدين للدخول إلى تطبيقات أو ألعاب تحتوي على خصائص مدفوعة، تم خصم قيمتها من رصيد الهاتف أو إضافتها إلى الفاتورة مباشرة.
وبعض الألعاب أو التطبيقات تسهّل عمليات الشراء بمجرد ضغطة زر، الأمر الذي يجعل الأطفال يُتمّون عمليات الشراء من دون قصد حقيقي، نتيجة عدم تفعيل أدوات الرقابة الأبوية أو مشاركة الجهاز من دون ضبط الإعدادات المالية.
الأفراد أكثر تضررا
* ما أكثر القطاعات أو الفئات في المجتمع تتضررا من الجرائم الإلكترونية؟
** في الواقع، تؤكد إحصائيات الإدارة الفترة بين عامي 2024-2025 أن الفئة الأكثر تضرراً بسبب الجرائم الإلكترونية هم الأفراد.
وفي الواقع، لا أحد معصوم من الوقوع ضحية للجريمة الإلكترونية، فالفيصل الحقيقي هو درجة الوعي والثقافة الإلكترونية، وليس العمر أو التعليم فقط، لكن من الملاحظ أن كبار السن وبعض الفئات التي تستخدم الهواتف بشكل غير آمن يكونون أكثر عرضة للاحتيال المالي، خاصة عبر الرسائل أو الإعلانات المضللة، وهذا الأمر يستحق أن يخضع لدراسة علمية من عدة أبعاد.
في المقابل، فإن فئة الشباب –من الجنسين– هم الأكثر تعرضًا لجرائم الابتزاز والتهديد، وغالبًا ما تتم عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي ومن خلال استدراجهم في علاقات ظاهرها عاطفي وباطنها استغلالي.
ومن ثم، فإن أساليب الجريمة تتغير بحسب الفئة المستهدفة، ولهذا نؤكد دائمًا أن الوقاية تبدأ من الوعي، بغض النظر عن العمر أو الخلفية التعليمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك