تقلل من الإنفاق الحكومي.. تزيد السيولة في سوق العقار.. تضاعف الشفافية.. وتقلل من فرص الاحتيال
التنظيم القانوني.. غياب الوعي العام.. الأمن السيبراني.. والبنى التحتية من أهم التحديات
في عالم يشهد تحولا رقميا غير مسبوق من ناحية التسارع والكيفية، بدأت صناعات كبرى مثل صناعة الأوراق المالية، والتجارة، والصناعة بمختلف فروعها، وحتى الصناعات التقنية والصناعات الفنية، في استيعاب ومواكبة قوة تقنية البلوك تشين وما أحدثته هذه التقنية من تطور هائل في مجال صياغة الأصول. ولكن ما قد يفاجئ البعض هو أن هذه التقنية بدأت أيضًا في اختراق أحد أقدم وأهم القطاعات الاقتصادية في العالم وهو قطاع الاستثمار في القطاع العقاري، ما يؤكد تفوق وجاذبية ومواكبة واستيعاب القطاع العقاري لكافة أنواع التحولات التقنية على مر العصور.
ويمكن الإيعاز بظهور مصطلح «الترميز العقاري» وهو الترجمة الحرفية لمصطلح (Real-estate Tokenization) أول مرة في أواخر القرن العشرين، وتحديدا مع تطور التكنولوجيا الرقمية ودخول أجهزة الحاسب الالي في إدارة البيانات العقارية. وبالرغم من ذلك لم يتم تحديد تاريخ دقيق لظهور المصطلح لأول مرة، لكن الاستخدام الواسع لهذا المصطلح بدأ بالازدياد مع بدايات القرن الحادي والعشرين، حيث بدأت الجهات الحكومية المعنية بالتسجيل العقاري (كجهاز المساحة والتسجيل العقاري في مملكة البحرين) مواكبة رقمنة الخدمات العقارية باستخدام أنظمة رقمية لإدارة تسجيل وتوثيق الملكيات بكافة مراحلها، ما يهيئ بيئة رقمية مناسبة وأنظمة رقمية لتبني هذه القفزة في إنشاء وتداول الاصول العقارية وفقا لتقنية البلوكتشين في مملكة البحرين.
وبالرغم من ذلك إلا أن ملامح تقنية ترميز العقار وتحويلها إلى أصول رقمية يسهل تداولها وفقا لتقنية للبلوك تشين يعود ظهورها أول مرة الى عام 2017 حيث أرسى صعود منصات البلوك تشين مثل منصة الإثيريوم شرارة البدء لترميز الاصول بما فيها الاصول العقارية وذلك عن طريق تبني وتطوير مفهوم أعمق للعقود الذكية.
وفي أواخر عام 2017 وأوائل 2018 بدأت العديد من الشركات الناشئة وشركات العقارات في الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الأوروبية في استكشاف التقنيات التي تفضي إلى كيفية ترميز الأصول العقارية، بحيث يضمن ذلك تمثيل الملكية في العقارات كرموز رقمية على تقنية بلوكتشين.
وفي 2018 تحديدا بدأت ضهور أمثلة عملية على عمليات ترميز العقار، ففي سويسرا، نفذت شركة تُدعى Mona (المعروفة سابقًا باسم Blockchain Estates) أحد أوائل مشاريع ترميز العقارات في العالم الحقيقي. تلتها في ذلك عملية مهمة جدا وتعتبر حجر الزاوية في تقنية ترميز العقارات في الولايات المتحدة، حيث أُطلقت شركة Harbor في عام 2018 مشروعا بهدف ترميز الأصول العقارية بما يتوافق مع قوانين الأوراق المالية الأمريكية، حيث تم تحويل شقة فاخرة في مانهاتن إلى عملة رقمية وبيعها كفرصة استثمارية باستخدام تقنية بلوكتشين، وهي واحدة من أولى معاملات العقارات الرقمية المُعلنة.
ما هي تقنية البلوكتشين؟
يقصد بتقنية البلوكتشين (Blockchain) بأنها تكنولوجيا لامركزية تستخدم لتسجيل وتخزين البيانات بطريقة آمنة وشفافة، بحيث يصعب تعديلها أو التلاعب بها بعد تسجيلها. كما يُنظر إلى تقنية البلوك تشين على أنها «دفتر حسابات رقمي موزع» يمكن للجميع الاطلاع عليه، لكن لا أحد يستطيع تغييره بسهولة، وهو ما يعطي هذه التكنولوجيا ثقة كبيرة من المستثمرين.
ماذا يقصد بالترميز العقاري (Real Estate Tokenization)؟
انتشر مؤخرا مصطلح ترميز العقارات، وأطلقت بالفعل بعض شركات التقنيات الرقمية والمنصات مشاريع في المنطقة واتخذت خطوات حقيقية في عرض عقارات مرمزة وفقا لتقنية البلوكتشين. ولكن ماذا يقصد بحقيقة الترميز العقاري؟
الترميز العقاري هو عملية تحويل قيمة العقار إلى وحدات رمزية قابلة للتداول عبر شبكة البلوكتشين وتسمى (توكن) وكل توكن يمثل حصة ملكية في العقار قابلة للتداول عبر شبكة البلوك تشين، ما يعني أنه يمكن لعدد كبير من المستثمرين شراء جزء من العقار من دون الحاجة إلى امتلاكه بالكامل مع احتفاظهم بحق الحصول على ريع التأجير والاستثمار وإعادة البيع والتداول.
ولتبسيط فكرة ترميز العقار يمكننا أن نضرب المثل الاتي للتوضيح. لنفترض أن هناك شقة في الواجهة البحرية لمملكة البحرين بقيمة 100 ألف دينار بحريني. يمكن وفقا لهذه التقنية تقسيم هذه الشقة إلى 1000 توكن وإدراجها بعد الحصول على التراخيص اللازمة على إحدى المنصات الخاصة بتداول الاصول المشفرة، بحيث يكون لكل توكن قيمة 100 دينار. وبموجب ذلك فإن أي شخص حول العالم يمكنه شراء عدد من التوكنات التي تكون مدرجة في هذه المنصة وتمثل حصة حقيقية من العقار، وبالتالي يصبح مالكا جزئيا للشقة ويحق له نصيب من الأرباح الناتجة عن الإيجار أو البيع.
آلية التطبيق
ولكن هل يحتاج تطبيق تقنية الترميز العقاري جهدا ووقتا كبيرا؟ وماهي الالية الفعلية لتطبيق هذه التقنية العقارية الحديثة؟
حتى وإن بدت عملية الترميز العقاري عملية جذابة يمكن التسويق لها عبر منصات التداول الموثوقة وسهولة التعامل بها إلا أنه مما لاشك فيه ان تطبيق تقنية الترميز العقاري يتطلب تضافر جهود كبيرة من قطاعات مختلفة، حيث إن ذلك يتطلب مجهودا ضخما من ناحية توفير البيئة المعرفية والتعريف بهذه التقنية الحديثة وكيفية الاستفادة منها في تطوير القطاع العقاري في المنطقة، كذلك يتطلب البدء في هذه التقنية وجود تشريعات وقواعد قانونية وطنية تجعل من الاستثمار العقاري عبر تقنية الترميز العقاري ممكنا حيث تتطلب هذه التقنية وجود قوانين متخصصة لتنظيم كافة جوانب التعريف والترخيص والتداول لأجزاء العقار وفقا لهذه التقنية والتي ربما لا تستوعب القوانين الحالية معالجة جميع جوانب هذه التقنية. كذلك تتطلب تقنية الترميز العقاري تبني قوانين تقنية تساعد في سهولة تداول العقارات وفقا لهذه التقنية الحديثة بكل يسر وسهولة. أضف إلى ذلك ضرورة وجود منصات رقمية أولا لإنشاء وتحويل العقار إلى أجزاء يمكن تداولها كذلك وجود منصات موثوقة يمكن تداول هذه الأجزاء عليها بكل يسر وسهولة وشفافية.
نقاط القوة والجذب
تحظى التقنيات الحديثة بمختلف أنواعها ومجالاتها على الدعم من قبل الجهات الحكومية وذلك لأسباب عدة منها أن هذه التقنيات تقلل من تكاليف الإنفاق الحكومي بشكل كبير كما أن التقنيات الحديثة تسهم في وضع الحلول لبعض المشاكل التي تعاني منها الأنظمة الحكومية ومنها تحسين الأوضاع الاقتصادية ودعم طفرة معينة في أحد الجوانب الاقتصادية.
وعلى الصعيد المحلي في عام 2021، بدأ جهاز المساحة والتسجيل العقاري في مملكة البحرين بتدشين خدمات الوثائق الإلكترونية واختزال النسخ التقليدية من الوثيقة أو الصك الخاص بالملكية العقارية من دفتر إلى ورقة واحد من الورق المقوى مذيلة برمز مسح الرقم المتسلسل (الباركود) الذي يحتوي بدوره على مجموعة من البيانات الخاصة بتسلسل سجل نقل ملكية العقار كذلك يحتوي على المعلومات الخاصة بالحقوق العينية والحجوز وكافة أنواع القيود المثقل بها العقار.
وقد يعد هذا التحول الرقمي الهائل ولادة فكرة تحول العقارات في مملكة البحرين إلى تقنية الترميز أو التوريق والتي تتيح بدورها إمكانية تداول العقار وفقا لتقنيات البلوكتشين الحديثة في منصات موثوقة.
كما تعد قدرة تقنية الترميز العقاري على تجزئة سعر العقار إلى أجزاء كثيرة يحمل كل جزء قيمة مالية صغيرة يمكن من خلاله كسر الحواجز المالية التي كانت تمنع الكثيرين من الدخول إلى سوق العقارات. فبدلاً من شراء عقار كامل بقيمة مئات الالف من الدنانير، يمكن لأي مستثمر الآن شراء توكن واحد بقيمة مئات أو آلاف الدنانير فقط.
كذلك يمكن لتطبيق تقنية الترميز العقاري إلى زيادة السيولة في سوق العقارات، حيث إن سوق العقارات كان دائما يعتبر سوقا محدودا السيولة وترجع هذه المحدودية إلى ضخامة المبالغ التي تباع فيها العقارات كذلك المدة الطويلة التي يستغرقها بيع العقارات في معظم الأحيان. وايضا ما يسهم في نقص سيولة سوق العقارات الإجراءات البيروقراطية لمؤسسات التمويل مثل البنوك والتي تحد عادة من تدفق السيولة النقدية في سوق العقارات. ولكن جميع هذه المعوقات في زيادة السيولة يمكن تجاوزها بواسطة تقنية الترميز العقاري والتي تتيح تداول العقار بشكل فوري عبر منصات متخصصة وبمبالغ سهلة من دون اشتراط الحصول على موافقات بنكية للتمويل وغيره.
ومن جملة المميزات التي تحظى بها هذه التقنية الجديدة أنها تعمل وفقا لنطاق تقنية البلوك تشين، لذا فإنها تتمتع بحماية كبيرة ما يجعل التعامل بها على قدر عال جدا من الشفافية، حيث إن بيانات التداول متاحة للجميع ما يعطي نوعا من الطمأنينة والراحة في التداول بعيدا عن المعلومات غير الحقيقية عن نسب التعامل والتداول. كذلك بما أن كل معاملة تسجل على البلوك تشين، فإن ذلك يقلل من فرص الغش والاحتيال، ويزيد الثقة بين المستثمرين والمطورين ما يسهم في رفع السيولة والتداول في السوق.
تحديات
والسؤال هنا، ما هي التحديات التي قد تواجه تطبيق تقنية الترميز العقاري في المنطقة؟
مثل أية تقنية أخرى حديثة قد تواجه تقنية الترميز العقاري بعض التحديات أو سلبيات لتطبيق هذا النظام الحديث لعدة أسباب. وقد تعمق هذه التحديات حدتها كون مادة التداول في هذا المنتج هو العقار والذي دائما ما كان ينظر إليه كأداة الاستثمار الخارقة على مدى العصور، الأمر الذي يتطلب حذرا وعناية عند التعامل معها خاصة وأن الاستثمار في القطاع العقاري أيضا يمثل مجمل الثروة السيادية لبعض الدول ومنها مملكة البحرين.
وهنا يمكن القول إن أهم التحديات التي قد تواجه التعامل في تقنيات الترميز الصناعي هي:
- التنظيم القانوني: تعتبر القوانين المنظمة للقطاع العقاري في مملكة البحرين أقدم القوانين التي تم تنظيمها في الدولة، ويزيد عمرها عن قرن كامل. حيث يرجع تاريخها إلى ما قبل إنشاء دائرة الطابو في سنة 1924، وبالرغم من ذلك إلا انه لم يكتمل النظام القانوني في القطاع العقاري في ملكة البحرين سوى سنة 1979 بصدور المرسوم رقم 15 والذي نظم قانون التسجيل العقاري وفقا لأحكام الشهر العقاري إلا أن هذا القانون أحتاج ما يقرب من 43 عاما لتعديله وصدور القانون النافذ وهو القانون رقم 13 لسنة 2013 ما يؤكد استقرار التعامل في القطاع العقاري والتحفظ الواضح على تعديل القوانين المتعلقة بالقطاع العقاري. كما ويحذر المشرعون عادة من المساس بالبناء القانوني التنظيمي للقطاع العقاري خوفا من حصول أية نتائج عكسية على هذا القطاع الذي يتسم بالاستقرار النسبي.
وهذا ما يدفعنا الى التفكير في مدى قدرة البناء القانوني في القطاع العقاري في مملكة البحرين لاستيعاب حزمة قوانين حديثة منظمة لتقنية الترميز العقاري وقدرتها على التطور المستمر في تحقيق أقصى درجات الامان في التعامل مع هذ التقنية، خصوصا وأن ملامح هذه التقنيات التي تقوم عليها فكرة الترميز العقاري مازالت في طور التخليق، ما يؤكد لنا تضاربا في المفاهيم بين سرعة تطور التقنيات الرقمية وجمود نطاق التشريع في القطاع العقاري. ليس فقط من ناحية تبني هذه التقنية ولكن من ناحية تنظيم قانوني شامل ينظم إنشاءها والترخيص لها وتداولها.
ومن التحديات التي تواجه الاندفاع نحو تبني بيئات داعمة وحاضنة للترميز العقاري هو ارتباط تقنية الترميز العقاري بأكثر من قانون وأكثر من قطاع. حيث يرتبط الترميز العقاري بالقوانين العقارية كذلك يرتبط بقانون المصارف المركزية فضلا عن ارتباطه الوثيق بالتعاملات الإلكترونية والتقنية. وبالتالي يتوجب ذلك العمل على تعديل تشريعي ضخم في 4 قطاعات قانونية رئيسية.
- غياب الوعي العام عن مفاهيم تقنيات البلوك تشين التي تبنى عليها تقنيات الترميز العقاري، ما يعد عائقا ايضا في انتشار هذه التقنية وقبولها لدى المستثمرين خصوصا من محدودي الدخل.
- الأمن السيبراني، حيث تبقى مسألة الأمان مصدر قلق حتى للمستثمرين العقاريين. بل تضيف تحديا جديدا إلى التحديات التي تواجه الاستثمار في القطاع العقاري وهو الخوف من الخروقات الإلكترونية لهذه التقنيات، خاصة مع وجود منصات غير مرخصة تسمح بإدراج التوكنات العقارية بدون أية رقابة في بعض الأنظمة الدولية. كما أن قطاع التداول في الأصول المشرفة يقوم في بعض أركانه على شخصيات غير معروفة رسميا تستخدم أسماء مستعارة في تداولاتها وفي نسبة تملكها بعض الأصول الرقمية الضخمة المرتبطة بتقنية الترميز العقاري ما يجعل دائما وجود نسبة مجازفة وغموض في التعامل وفقا لهذه التقنيات.
- قدرة تطبيق تقنية الترميز العقاري في التكامل مع البنية التحتية التقليدية للعقارات. حيث تعتبر العقارات وبخاصة المعدة للتأجير مصدرا لقلق الملاك فيما يتعلق بالإدارة والصيانة. والسؤال المطروح هنا ما مدى وجود جدوى اقتصادية من الاستثمار البسيط في هذه التقنيات ما إذا تم خصم جميع الرسوم والتكاليف الفعلية للعقار؟
- اعتماد المنصات التي تتعامل مع الأصول المشفرة على الاسواق الثانوية في عمليات المضاربة وتحقيق الأرباح. حيث إنه عدم وجود أسواق ثانوية مستقرة لتقنية الترميز العقاري في مملكة البحرين أو المنطقة يجعل الأرباح من تداول هذه الرموز لا يتعدى الطرح الأولي. أو ما قد يمثله للجهة الطارحة للمشروع من الحصول على قصب السبق في هذه التقنية وذلك في الوقت الراهن، وقد يتغير هذا فورا بعد تشكل أسواق ثانوية وطلبات إعادة بيع على هذه الأجزاء الصغيرة.
هل نحن مستعدون؟
أمام ذلك نتساءل: هل مملكة البحرين مستعدة لتطبيق تقنية البلوكتشين في الترميز العقاري؟
إن الحديث عن الترميز العقاري لا يمكن اعتباره فكرة عن شيء مستقبلي لم تكتمل أركانه بل هو واقع حقيقي نعيشه. وبالفعل قد بدأت بعض الدول في المنطقة مثل الإمارات والمملكة العربية السعودية على طرح عقارات للبيع وفقا لهذه التقنية والتي قد لاقت رواجا كبيرا بحسب تصريحات الشركات ذات الصلة حتى وإن تمت هذه الطروحات بحذر شديد وفي نطاق ضيق يغلب عليه روح المجازفة والتجربة. ولكن هل يمكن استنساخ تلك التجارب وإطلاقها في مملكة البحرين بناء على تجارب دول أخرى في المنطقة؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على مدى رغبة الجهات الحكومية في تبني هذه التقنيات ووضع تنظيم قانوني نابع من الكفاءات الوطنية الحقيقية في القطاع العقاري. وعلى المردود الاقتصادي من تبني هذه التقنية. وعلى الرغم من التحديات التي سبق الإشارة اليها، والتي قد تعصف بتقنية الترميز العقاري في بداية تطبيقها في البحرين، إلا أنه لا أحد يشك في أن هذه التقنية بالفعل قد أظهرت مؤشرات على كونها تقنية المستقبل في الاستثمار العقاري. حتى وإن لم تلغ الاستثمار التقليدي في العقار إلا أنها بلا شك سوف تظفر على حصة جيدة من السوق العقاري خلال الخمس سنوات القادمة.
إن جهاز المساحة والتسجيل العقاري ومؤسسة التنظيم العقاري في مملكة البحرين هما الجناحان اللذان قد يحلقان بهذه التقنية الحديثة. وبالرغم من ذلك تفتقر هذه الأجهزة الحكومية إلى الإدارات المتخصصة في الإبداع والابتكار الرقمي والتي تكون عادة مسؤولة عن إجراء الدراسات لتطبيق وتوظيف التقنيات الحديثة. ولكننا في نفس الوقت نفخر بأن تكون هذه الأجهزة المعنية بالقطاع العقاري في مملكة البحرين تزخر بنخبة من المهندسين والإداريين الذين يمكنهم وضع تصورات جدية وخطة عمل وطنية لتبني هذه التقنيات الحديثة واخذها إلى بعد اخر لخدمة لتنمية القطاع العقاري في مملكة البحرين.
فإذا ما تضافرت الأجهزة المعنية في وضع دراسات وتصورات مناسبة يكون الهدف منها جدوى إطلاق هذه التقنية في مملكة البحرين والنطاق العملي الذي يمكن أن تتناوله، سوف نصل حتما إلى نتيجة قد تسهم في ازدهار القطاع العقاري في البحرين. أما إذا حاولنا القفز بتقليد ومجاراة الدول الأخرى في تطبيق نظام لم يثبت تفوقه والجدوى منه وفقا للظروف الخاصة للقطاع العقاري في المملكة والجدوى الاقتصادية منه حتى هذه اللحظة، فإن نتائج ذلك لن تكون اقل من كارثية على القطاع العقاري.
الخاتمة
إن بوادر تبني هذه التقنيات الحديثة في البحرين قد تشكلت بالفعل منذ اهتمام الحكومة بالتحول الرقمي في معظم المجالات. ونرى اليوم نجاحات كبيرة حققتها وزارات الدولة في تبني التقنيات الحديثة والإلكترونية على مختلف وتنوع القطاعات الخدمية والخدمات الحكومية. ولكن يبقى التحدي مدى الرغبة العامة في تبني هذه التقنيات ومدى استعداد الاجهزة المعنية لوضح ملامح تقنية الترميز العقاري في موضع التشريع ومن بعد ذلك التطبيق العملي للاستفادة من تقنية الترميز العقاري وجعلها رافدا من روافد التنمية في القطاع العقاري في مملكة البحرين.
والسؤال الحقيقي الآن ليس: هل ستتبنى الأجهزة المعنية السير في هذا التوجه باعتماد تقنيات الترميز العقاري؟ بل هل المستهلك العقاري مستعد للانضمام إلى هذا التوجه وقبول فكرة الأصول العقارية الرقمية المشفرة والتفوق فيها، وتحقيق أقصى درجات الاستفادة منها؟
{ محام ومحكم وخبير معتمد متخصص في الشؤون القانونية بالقطاع العقاري.
aljunaidlaw@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك