العدد : ١٧٢٨٨ - الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٨٨ - الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ محرّم ١٤٤٧هـ

المال و الاقتصاد

تكنولوجيا الترميز العقاري
هل يمكن أن تعيد «البلوك تشين» صياغة مفهوم الاستثمار العقاري في البحرين؟

الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

تقلل من الإنفاق الحكومي.. تزيد السيولة في سوق العقار.. تضاعف الشفافية.. وتقلل من فرص الاحتيال  


التنظيم القانوني.. غياب الوعي العام.. الأمن السيبراني.. والبنى التحتية من أهم التحديات


 

في‭ ‬عالم‭ ‬يشهد‭ ‬تحولا‭ ‬رقميا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التسارع‭ ‬والكيفية،‭ ‬بدأت‭ ‬صناعات‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬صناعة‭ ‬الأوراق‭ ‬المالية،‭ ‬والتجارة،‭ ‬والصناعة‭ ‬بمختلف‭ ‬فروعها،‭ ‬وحتى‭ ‬الصناعات‭ ‬التقنية‭ ‬والصناعات‭ ‬الفنية،‭ ‬في‭ ‬استيعاب‭ ‬ومواكبة‭ ‬قوة‭ ‬تقنية‭ ‬البلوك‭ ‬تشين‭ ‬وما‭ ‬أحدثته‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬هائل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صياغة‭ ‬الأصول‭. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يفاجئ‭ ‬البعض‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بدأت‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬أحد‭ ‬أقدم‭ ‬وأهم‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وهو‭ ‬قطاع‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬تفوق‭ ‬وجاذبية‭ ‬ومواكبة‭ ‬واستيعاب‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬لكافة‭ ‬أنواع‭ ‬التحولات‭ ‬التقنية‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭. ‬

‭  ‬ويمكن‭ ‬الإيعاز‭ ‬بظهور‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الترميز‭ ‬العقاري‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬الترجمة‭ ‬الحرفية‭ ‬لمصطلح‭ (‬Real‭-‬estate‭ ‬Tokenization‭) ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وتحديدا‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬ودخول‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسب‭ ‬الالي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬البيانات‭ ‬العقارية‭.  ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬تاريخ‭ ‬دقيق‭ ‬لظهور‭ ‬المصطلح‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬لكن‭ ‬الاستخدام‭ ‬الواسع‭ ‬لهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬بدأ‭ ‬بالازدياد‭ ‬مع‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭ ‬بالتسجيل‭ ‬العقاري‭ (‬كجهاز‭ ‬المساحة‭ ‬والتسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭) ‬مواكبة‭ ‬رقمنة‭ ‬الخدمات‭ ‬العقارية‭ ‬باستخدام‭ ‬أنظمة‭ ‬رقمية‭ ‬لإدارة‭ ‬تسجيل‭ ‬وتوثيق‭ ‬الملكيات‭ ‬بكافة‭ ‬مراحلها،‭ ‬ما‭ ‬يهيئ‭ ‬بيئة‭ ‬رقمية‭ ‬مناسبة‭ ‬وأنظمة‭ ‬رقمية‭ ‬لتبني‭ ‬هذه‭ ‬القفزة‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬وتداول‭ ‬الاصول‭ ‬العقارية‭ ‬وفقا‭ ‬لتقنية‭ ‬البلوكتشين‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ملامح‭ ‬تقنية‭ ‬ترميز‭ ‬العقار‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أصول‭ ‬رقمية‭ ‬يسهل‭ ‬تداولها‭ ‬وفقا‭ ‬لتقنية‭ ‬للبلوك‭ ‬تشين‭ ‬يعود‭ ‬ظهورها‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬الى‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬حيث‭ ‬أرسى‭ ‬صعود‭ ‬منصات‭ ‬البلوك‭ ‬تشين‭ ‬مثل‭ ‬منصة‭ ‬الإثيريوم‭ ‬شرارة‭ ‬البدء‭ ‬لترميز‭ ‬الاصول‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الاصول‭ ‬العقارية‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تبني‭ ‬وتطوير‭ ‬مفهوم‭ ‬أعمق‭ ‬للعقود‭ ‬الذكية‭.‬

وفي‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬وأوائل‭ ‬2018‭ ‬بدأت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬وشركات‭ ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬التقنيات‭ ‬التي‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬ترميز‭ ‬الأصول‭ ‬العقارية،‭ ‬بحيث‭ ‬يضمن‭ ‬ذلك‭ ‬تمثيل‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬العقارات‭ ‬كرموز‭ ‬رقمية‭ ‬على‭ ‬تقنية‭ ‬بلوكتشين‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬2018‭ ‬تحديدا‭ ‬بدأت‭ ‬ضهور‭ ‬أمثلة‭ ‬عملية‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬ترميز‭ ‬العقار،‭ ‬ففي‭ ‬سويسرا،‭ ‬نفذت‭ ‬شركة‭ ‬تُدعى‭ ‬Mona‭ (‬المعروفة‭ ‬سابقًا‭ ‬باسم‭ ‬Blockchain‭ ‬Estates‭) ‬أحد‭ ‬أوائل‭ ‬مشاريع‭ ‬ترميز‭ ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭. ‬تلتها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عملية‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬وتعتبر‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬تقنية‭ ‬ترميز‭ ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬أُطلقت‭ ‬شركة‭ ‬Harbor‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬مشروعا‭ ‬بهدف‭ ‬ترميز‭ ‬الأصول‭ ‬العقارية‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬قوانين‭ ‬الأوراق‭ ‬المالية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬شقة‭ ‬فاخرة‭ ‬في‭ ‬مانهاتن‭ ‬إلى‭ ‬عملة‭ ‬رقمية‭ ‬وبيعها‭ ‬كفرصة‭ ‬استثمارية‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬بلوكتشين،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬معاملات‭ ‬العقارات‭ ‬الرقمية‭ ‬المُعلنة‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬تقنية‭ ‬البلوكتشين؟

يقصد‭ ‬بتقنية‭ ‬البلوكتشين‭ (‬Blockchain‭) ‬بأنها‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬لامركزية‭ ‬تستخدم‭ ‬لتسجيل‭ ‬وتخزين‭ ‬البيانات‭ ‬بطريقة‭ ‬آمنة‭ ‬وشفافة،‭ ‬بحيث‭ ‬يصعب‭ ‬تعديلها‭ ‬أو‭ ‬التلاعب‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬تسجيلها‭. ‬كما‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬تقنية‭ ‬البلوك‭ ‬تشين‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬دفتر‭ ‬حسابات‭ ‬رقمي‭ ‬موزع‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬للجميع‭ ‬الاطلاع‭ ‬عليه،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬تغييره‭ ‬بسهولة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعطي‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ثقة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المستثمرين‭.‬

ماذا‭ ‬يقصد‭ ‬بالترميز‭ ‬العقاري‭ (‬Real‭ ‬Estate‭ ‬Tokenization‭)‬؟

انتشر‭ ‬مؤخرا‭ ‬مصطلح‭ ‬ترميز‭ ‬العقارات،‭ ‬وأطلقت‭ ‬بالفعل‭ ‬بعض‭ ‬شركات‭ ‬التقنيات‭ ‬الرقمية‭ ‬والمنصات‭ ‬مشاريع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬واتخذت‭ ‬خطوات‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬عقارات‭ ‬مرمزة‭ ‬وفقا‭ ‬لتقنية‭ ‬البلوكتشين‭. ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬يقصد‭ ‬بحقيقة‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري؟

الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬تحويل‭ ‬قيمة‭ ‬العقار‭ ‬إلى‭ ‬وحدات‭ ‬رمزية‭ ‬قابلة‭ ‬للتداول‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬البلوكتشين‭ ‬وتسمى‭ (‬توكن‭) ‬وكل‭ ‬توكن‭ ‬يمثل‭ ‬حصة‭ ‬ملكية‭ ‬في‭ ‬العقار‭ ‬قابلة‭ ‬للتداول‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المستثمرين‭ ‬شراء‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العقار‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬امتلاكه‭ ‬بالكامل‭ ‬مع‭ ‬احتفاظهم‭ ‬بحق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ريع‭ ‬التأجير‭ ‬والاستثمار‭ ‬وإعادة‭ ‬البيع‭ ‬والتداول‭.‬

ولتبسيط‭ ‬فكرة‭ ‬ترميز‭ ‬العقار‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نضرب‭ ‬المثل‭ ‬الاتي‭ ‬للتوضيح‭. ‬لنفترض‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شقة‭ ‬في‭ ‬الواجهة‭ ‬البحرية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بقيمة‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭. ‬يمكن‭ ‬وفقا‭ ‬لهذه‭ ‬التقنية‭ ‬تقسيم‭ ‬هذه‭ ‬الشقة‭ ‬إلى‭ ‬1000‭ ‬توكن‭ ‬وإدراجها‭ ‬بعد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التراخيص‭ ‬اللازمة‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬المنصات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتداول‭ ‬الاصول‭ ‬المشفرة،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬لكل‭ ‬توكن‭ ‬قيمة‭ ‬100‭ ‬دينار‭. ‬وبموجب‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يمكنه‭ ‬شراء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التوكنات‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬مدرجة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬وتمثل‭ ‬حصة‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬العقار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصبح‭ ‬مالكا‭ ‬جزئيا‭ ‬للشقة‭ ‬ويحق‭ ‬له‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬الأرباح‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الإيجار‭ ‬أو‭ ‬البيع‭.‬

آلية‭ ‬التطبيق

ولكن‭ ‬هل‭ ‬يحتاج‭ ‬تطبيق‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬جهدا‭ ‬ووقتا‭ ‬كبيرا؟‭ ‬وماهي‭ ‬الالية‭ ‬الفعلية‭ ‬لتطبيق‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬العقارية‭ ‬الحديثة؟

حتى‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬عملية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬عملية‭ ‬جذابة‭ ‬يمكن‭ ‬التسويق‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التداول‭ ‬الموثوقة‭ ‬وسهولة‭ ‬التعامل‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مما‭ ‬لاشك‭ ‬فيه‭ ‬ان‭ ‬تطبيق‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬يتطلب‭ ‬تضافر‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬مختلفة،‭  ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬مجهودا‭ ‬ضخما‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬توفير‭ ‬البيئة‭ ‬المعرفية‭ ‬والتعريف‭ ‬بهذه‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬وكيفية‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬كذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬وجود‭ ‬تشريعات‭ ‬وقواعد‭ ‬قانونية‭ ‬وطنية‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬العقاري‭ ‬عبر‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬ممكنا‭ ‬حيث‭ ‬تتطلب‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬وجود‭ ‬قوانين‭ ‬متخصصة‭ ‬لتنظيم‭ ‬كافة‭ ‬جوانب‭ ‬التعريف‭ ‬والترخيص‭ ‬والتداول‭ ‬لأجزاء‭ ‬العقار‭ ‬وفقا‭ ‬لهذه‭ ‬التقنية‭ ‬والتي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تستوعب‭ ‬القوانين‭ ‬الحالية‭ ‬معالجة‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭. ‬كذلك‭ ‬تتطلب‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬تبني‭ ‬قوانين‭ ‬تقنية‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬سهولة‭ ‬تداول‭ ‬العقارات‭ ‬وفقا‭ ‬لهذه‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬بكل‭ ‬يسر‭ ‬وسهولة‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬منصات‭ ‬رقمية‭ ‬أولا‭ ‬لإنشاء‭ ‬وتحويل‭ ‬العقار‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬يمكن‭ ‬تداولها‭ ‬كذلك‭ ‬وجود‭ ‬منصات‭ ‬موثوقة‭ ‬يمكن‭ ‬تداول‭ ‬هذه‭ ‬الأجزاء‭ ‬عليها‭ ‬بكل‭ ‬يسر‭ ‬وسهولة‭ ‬وشفافية‭.  ‬

نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والجذب

تحظى‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬ومجالاتها‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬لبعض‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الأنظمة‭ ‬الحكومية‭ ‬ومنها‭ ‬تحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ودعم‭ ‬طفرة‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬بدأ‭ ‬جهاز‭ ‬المساحة‭ ‬والتسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بتدشين‭ ‬خدمات‭ ‬الوثائق‭ ‬الإلكترونية‭ ‬واختزال‭ ‬النسخ‭ ‬التقليدية‭ ‬من‭ ‬الوثيقة‭ ‬أو‭ ‬الصك‭ ‬الخاص‭ ‬بالملكية‭ ‬العقارية‭ ‬من‭ ‬دفتر‭ ‬إلى‭ ‬ورقة‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬المقوى‭ ‬مذيلة‭ ‬برمز‭ ‬مسح‭ ‬الرقم‭ ‬المتسلسل‭ (‬الباركود‭) ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتسلسل‭ ‬سجل‭ ‬نقل‭ ‬ملكية‭ ‬العقار‭ ‬كذلك‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحقوق‭ ‬العينية‭ ‬والحجوز‭ ‬وكافة‭ ‬أنواع‭ ‬القيود‭ ‬المثقل‭ ‬بها‭ ‬العقار‭.‬

وقد‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬الهائل‭ ‬ولادة‭ ‬فكرة‭ ‬تحول‭ ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬أو‭ ‬التوريق‭ ‬والتي‭ ‬تتيح‭ ‬بدورها‭ ‬إمكانية‭ ‬تداول‭ ‬العقار‭ ‬وفقا‭ ‬لتقنيات‭ ‬البلوكتشين‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬موثوقة‭. ‬

كما‭ ‬تعد‭ ‬قدرة‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬على‭ ‬تجزئة‭ ‬سعر‭ ‬العقار‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬كثيرة‭ ‬يحمل‭ ‬كل‭ ‬جزء‭ ‬قيمة‭ ‬مالية‭ ‬صغيرة‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬كسر‭ ‬الحواجز‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمنع‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العقارات‭. ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬عقار‭ ‬كامل‭ ‬بقيمة‭ ‬مئات‭ ‬الالف‭ ‬من‭ ‬الدنانير،‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬مستثمر‭ ‬الآن‭ ‬شراء‭ ‬توكن‭ ‬واحد‭ ‬بقيمة‭ ‬مئات‭ ‬أو‭ ‬آلاف‭ ‬الدنانير‭ ‬فقط‭.‬

كذلك‭ ‬يمكن‭ ‬لتطبيق‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬السيولة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العقارات،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬سوق‭ ‬العقارات‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬يعتبر‭ ‬سوقا‭ ‬محدودا‭ ‬السيولة‭ ‬وترجع‭ ‬هذه‭ ‬المحدودية‭ ‬إلى‭ ‬ضخامة‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬تباع‭ ‬فيها‭ ‬العقارات‭ ‬كذلك‭ ‬المدة‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬يستغرقها‭ ‬بيع‭ ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭. ‬وايضا‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬نقص‭ ‬سيولة‭ ‬سوق‭ ‬العقارات‭ ‬الإجراءات‭ ‬البيروقراطية‭ ‬لمؤسسات‭ ‬التمويل‭ ‬مثل‭ ‬البنوك‭ ‬والتي‭ ‬تحد‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬تدفق‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العقارات‭. ‬ولكن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬المعوقات‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬السيولة‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزها‭ ‬بواسطة‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬والتي‭ ‬تتيح‭ ‬تداول‭ ‬العقار‭ ‬بشكل‭ ‬فوري‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬متخصصة‭ ‬وبمبالغ‭ ‬سهلة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اشتراط‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موافقات‭ ‬بنكية‭ ‬للتمويل‭ ‬وغيره‭.‬

ومن‭ ‬جملة‭ ‬المميزات‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬الجديدة‭ ‬أنها‭ ‬تعمل‭ ‬وفقا‭ ‬لنطاق‭ ‬تقنية‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬لذا‭ ‬فإنها‭ ‬تتمتع‭ ‬بحماية‭ ‬كبيرة‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬التعامل‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬عال‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الشفافية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬بيانات‭ ‬التداول‭ ‬متاحة‭ ‬للجميع‭ ‬ما‭ ‬يعطي‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬والراحة‭ ‬في‭ ‬التداول‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المعلومات‭ ‬غير‭ ‬الحقيقية‭ ‬عن‭ ‬نسب‭ ‬التعامل‭ ‬والتداول‭. ‬كذلك‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬معاملة‭ ‬تسجل‭ ‬على‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الغش‭ ‬والاحتيال،‭ ‬ويزيد‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المستثمرين‭ ‬والمطورين‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬السيولة‭ ‬والتداول‭ ‬في‭ ‬السوق‭.‬

تحديات

والسؤال‭ ‬هنا،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬تطبيق‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟

مثل‭ ‬أية‭ ‬تقنية‭ ‬أخرى‭ ‬حديثة‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬أو‭ ‬سلبيات‭ ‬لتطبيق‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الحديث‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭. ‬وقد‭ ‬تعمق‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬حدتها‭ ‬كون‭ ‬مادة‭ ‬التداول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنتج‭ ‬هو‭ ‬العقار‭ ‬والذي‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬كأداة‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخارقة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العصور،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬حذرا‭ ‬وعناية‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬أيضا‭ ‬يمثل‭ ‬مجمل‭ ‬الثروة‭ ‬السيادية‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬ومنها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬

وهنا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬التعامل‭ ‬في‭ ‬تقنيات‭ ‬الترميز‭ ‬الصناعي‭ ‬هي‭:  ‬

‭- ‬التنظيم‭ ‬القانوني‭: ‬تعتبر‭ ‬القوانين‭ ‬المنظمة‭ ‬للقطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أقدم‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تنظيمها‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬ويزيد‭ ‬عمرها‭ ‬عن‭ ‬قرن‭ ‬كامل‭. ‬حيث‭ ‬يرجع‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬إنشاء‭ ‬دائرة‭ ‬الطابو‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1924،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭ ‬النظام‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬ملكة‭ ‬البحرين‭ ‬سوى‭ ‬سنة‭ ‬1979‭ ‬بصدور‭ ‬المرسوم‭ ‬رقم‭ ‬15‭ ‬والذي‭ ‬نظم‭ ‬قانون‭ ‬التسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬وفقا‭ ‬لأحكام‭ ‬الشهر‭ ‬العقاري‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬أحتاج‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬43‭ ‬عاما‭ ‬لتعديله‭ ‬وصدور‭ ‬القانون‭ ‬النافذ‭ ‬وهو‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬13‭ ‬لسنة‭ ‬2013‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬استقرار‭ ‬التعامل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬والتحفظ‭ ‬الواضح‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬القوانين‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقطاع‭ ‬العقاري‭. ‬كما‭ ‬ويحذر‭ ‬المشرعون‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬المساس‭ ‬بالبناء‭ ‬القانوني‭ ‬التنظيمي‭ ‬للقطاع‭ ‬العقاري‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬أية‭ ‬نتائج‭ ‬عكسية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬بالاستقرار‭ ‬النسبي‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يدفعنا‭ ‬الى‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬البناء‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لاستيعاب‭ ‬حزمة‭ ‬قوانين‭ ‬حديثة‭ ‬منظمة‭ ‬لتقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الامان‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذ‭ ‬التقنية،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬ملامح‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬فكرة‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬مازالت‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬التخليق،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬لنا‭ ‬تضاربا‭ ‬في‭ ‬المفاهيم‭ ‬بين‭ ‬سرعة‭ ‬تطور‭ ‬التقنيات‭ ‬الرقمية‭ ‬وجمود‭ ‬نطاق‭ ‬التشريع‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭. ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تنظيم‭ ‬قانوني‭ ‬شامل‭ ‬ينظم‭ ‬إنشاءها‭ ‬والترخيص‭ ‬لها‭ ‬وتداولها‭.‬

ومن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الاندفاع‭ ‬نحو‭ ‬تبني‭ ‬بيئات‭ ‬داعمة‭ ‬وحاضنة‭ ‬للترميز‭ ‬العقاري‭ ‬هو‭ ‬ارتباط‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬قطاع‭. ‬حيث‭ ‬يرتبط‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬بالقوانين‭ ‬العقارية‭ ‬كذلك‭ ‬يرتبط‭ ‬بقانون‭ ‬المصارف‭ ‬المركزية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ارتباطه‭ ‬الوثيق‭ ‬بالتعاملات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والتقنية‭. ‬وبالتالي‭ ‬يتوجب‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬تشريعي‭ ‬ضخم‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬قطاعات‭ ‬قانونية‭ ‬رئيسية‭. ‬

‭- ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬مفاهيم‭ ‬تقنيات‭ ‬البلوك‭ ‬تشين‭ ‬التي‭ ‬تبنى‭ ‬عليها‭ ‬تقنيات‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري،‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬عائقا‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬وقبولها‭ ‬لدى‭ ‬المستثمرين‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬محدودي‭ ‬الدخل‭. ‬

‭- ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬حيث‭ ‬تبقى‭ ‬مسألة‭ ‬الأمان‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬حتى‭ ‬للمستثمرين‭ ‬العقاريين‭. ‬بل‭ ‬تضيف‭ ‬تحديا‭ ‬جديدا‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬وهو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الخروقات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لهذه‭ ‬التقنيات،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬منصات‭ ‬غير‭ ‬مرخصة‭ ‬تسمح‭ ‬بإدراج‭ ‬التوكنات‭ ‬العقارية‭ ‬بدون‭ ‬أية‭ ‬رقابة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬الدولية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬التداول‭ ‬في‭ ‬الأصول‭ ‬المشرفة‭ ‬يقوم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أركانه‭ ‬على‭ ‬شخصيات‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬رسميا‭ ‬تستخدم‭ ‬أسماء‭ ‬مستعارة‭ ‬في‭ ‬تداولاتها‭ ‬وفي‭ ‬نسبة‭ ‬تملكها‭ ‬بعض‭ ‬الأصول‭ ‬الرقمية‭ ‬الضخمة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬دائما‭ ‬وجود‭ ‬نسبة‭ ‬مجازفة‭ ‬وغموض‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬وفقا‭ ‬لهذه‭ ‬التقنيات‭.‬

‭- ‬قدرة‭ ‬تطبيق‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬التكامل‭ ‬مع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التقليدية‭ ‬للعقارات‭.  ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬العقارات‭ ‬وبخاصة‭ ‬المعدة‭ ‬للتأجير‭ ‬مصدرا‭ ‬لقلق‭ ‬الملاك‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإدارة‭ ‬والصيانة‭. ‬والسؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬وجود‭ ‬جدوى‭ ‬اقتصادية‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬خصم‭ ‬جميع‭ ‬الرسوم‭ ‬والتكاليف‭ ‬الفعلية‭ ‬للعقار؟‭ ‬

‭- ‬اعتماد‭ ‬المنصات‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأصول‭ ‬المشفرة‭ ‬على‭ ‬الاسواق‭ ‬الثانوية‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬المضاربة‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأرباح‭. ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أسواق‭ ‬ثانوية‭ ‬مستقرة‭ ‬لتقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أو‭ ‬المنطقة‭ ‬يجعل‭ ‬الأرباح‭ ‬من‭ ‬تداول‭ ‬هذه‭ ‬الرموز‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬الطرح‭ ‬الأولي‭. ‬أو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يمثله‭ ‬للجهة‭ ‬الطارحة‭ ‬للمشروع‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قصب‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬وقد‭ ‬يتغير‭ ‬هذا‭ ‬فورا‭ ‬بعد‭ ‬تشكل‭ ‬أسواق‭ ‬ثانوية‭ ‬وطلبات‭ ‬إعادة‭ ‬بيع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأجزاء‭ ‬الصغيرة‭. ‬

هل‭ ‬نحن‭ ‬مستعدون؟

أمام‭ ‬ذلك‭ ‬نتساءل‭: ‬هل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مستعدة‭ ‬لتطبيق‭ ‬تقنية‭ ‬البلوكتشين‭ ‬في‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري؟

إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬مستقبلي‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬أركانه‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬حقيقي‭ ‬نعيشه‭. ‬وبالفعل‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مثل‭ ‬الإمارات‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬عقارات‭ ‬للبيع‭ ‬وفقا‭ ‬لهذه‭ ‬التقنية‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬لاقت‭ ‬رواجا‭ ‬كبيرا‭ ‬بحسب‭ ‬تصريحات‭ ‬الشركات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تمت‭ ‬هذه‭ ‬الطروحات‭ ‬بحذر‭ ‬شديد‭ ‬وفي‭ ‬نطاق‭ ‬ضيق‭ ‬يغلب‭ ‬عليه‭ ‬روح‭ ‬المجازفة‭ ‬والتجربة‭. ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬استنساخ‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬وإطلاقها‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟‭ ‬

إن‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬رغبة‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬ووضع‭ ‬تنظيم‭ ‬قانوني‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭. ‬وعلى‭ ‬المردود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬الإشارة‭ ‬اليها،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تعصف‭ ‬بتقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬تطبيقها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بالفعل‭ ‬قد‭ ‬أظهرت‭ ‬مؤشرات‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬تقنية‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬العقاري‭. ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تلغ‭ ‬الاستثمار‭ ‬التقليدي‭ ‬في‭ ‬العقار‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬سوف‭ ‬تظفر‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬العقاري‭ ‬خلال‭ ‬الخمس‭ ‬سنوات‭ ‬القادمة‭.‬

إن‭ ‬جهاز‭ ‬المساحة‭ ‬والتسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬ومؤسسة‭ ‬التنظيم‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬هما‭ ‬الجناحان‭ ‬اللذان‭ ‬قد‭ ‬يحلقان‭ ‬بهذه‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تفتقر‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬إلى‭ ‬الإدارات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬الرقمي‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬عادة‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬إجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬لتطبيق‭ ‬وتوظيف‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭. ‬ولكننا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نفخر‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬المعنية‭ ‬بالقطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تزخر‭ ‬بنخبة‭ ‬من‭ ‬المهندسين‭ ‬والإداريين‭ ‬الذين‭ ‬يمكنهم‭ ‬وضع‭ ‬تصورات‭ ‬جدية‭ ‬وخطة‭ ‬عمل‭ ‬وطنية‭ ‬لتبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬واخذها‭ ‬إلى‭ ‬بعد‭ ‬اخر‭ ‬لخدمة‭ ‬لتنمية‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

فإذا‭ ‬ما‭ ‬تضافرت‭ ‬الأجهزة‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬دراسات‭ ‬وتصورات‭ ‬مناسبة‭ ‬يكون‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬جدوى‭ ‬إطلاق‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والنطاق‭ ‬العملي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتناوله،‭ ‬سوف‭ ‬نصل‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ازدهار‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬حاولنا‭ ‬القفز‭ ‬بتقليد‭ ‬ومجاراة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬نظام‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬تفوقه‭ ‬والجدوى‭ ‬منه‭ ‬وفقا‭ ‬للظروف‭ ‬الخاصة‭ ‬للقطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬والجدوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬منه‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬فإن‭ ‬نتائج‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬اقل‭ ‬من‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭. ‬

الخاتمة

إن‭ ‬بوادر‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬تشكلت‭ ‬بالفعل‭ ‬منذ‭ ‬اهتمام‭ ‬الحكومة‭ ‬بالتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المجالات‭. ‬ونرى‭ ‬اليوم‭ ‬نجاحات‭ ‬كبيرة‭ ‬حققتها‭ ‬وزارات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬والإلكترونية‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬وتنوع‭ ‬القطاعات‭ ‬الخدمية‭ ‬والخدمات‭ ‬الحكومية‭. ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬التحدي‭ ‬مدى‭ ‬الرغبة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬ومدى‭ ‬استعداد‭ ‬الاجهزة‭ ‬المعنية‭ ‬لوضح‭ ‬ملامح‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬التشريع‭ ‬ومن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬تقنية‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري‭ ‬وجعلها‭ ‬رافدا‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬

والسؤال‭ ‬الحقيقي‭ ‬الآن‭ ‬ليس‭: ‬هل‭ ‬ستتبنى‭ ‬الأجهزة‭ ‬المعنية‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬باعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬الترميز‭ ‬العقاري؟‭ ‬بل‭ ‬هل‭ ‬المستهلك‭ ‬العقاري‭ ‬مستعد‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬وقبول‭ ‬فكرة‭ ‬الأصول‭ ‬العقارية‭ ‬الرقمية‭ ‬المشفرة‭ ‬والتفوق‭ ‬فيها،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها؟

{ محام‭ ‬ومحكم‭ ‬وخبير‭ ‬معتمد‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬القانونية‭ ‬بالقطاع‭ ‬العقاري‭. ‬

 

aljunaidlaw@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا