العدد : ١٧٢٨١ - الأربعاء ١٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٨١ - الأربعاء ١٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٧هـ

أخبار البحرين

في ندوة «تجمع الوحدة الوطنية»..
صراع إيران وإسرائيل تحت المجهر

الخميس ١٠ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

خبراء يحذرون من استنزاف العرب في حرب لمشاريع


كتبت‭: ‬ياسمين‭ ‬العقيدات‭ ‬

تصوير‭: ‬عبدالامير‭ ‬السلاطنة‭ ‬

نظم‭ ‬تجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬ندوة‭ ‬فكرية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬إيران‭ ‬والكيان‭.. ‬الدروس‭ ‬المستفادة‮»‬،‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والكتاب‭ ‬والأكاديميين‭ ‬العرب،‭ ‬ناقشوا‭ ‬خلالها‭ ‬أبعاد‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬وانعكاساته‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ومستقبل‭ ‬النظام‭ ‬العربي‭.‬

‭ ‬وتناولت‭ ‬الندوة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تباينًا‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬الخلفيات‭ ‬التاريخية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬للصراع،‭ ‬وتحليلات‭ ‬معمّقة‭ ‬حول‭ ‬أهداف‭ ‬الأطراف‭ ‬المتنازعة،‭ ‬ودور‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬المطلوب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬المشاركون‭ ‬بـ«تحولات‭ ‬خطرة‮»‬‭ ‬تهدد‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭. ‬

العلم‭.. ‬أنتج‭ ‬الفارق‭ ‬في‭ ‬الصراع

أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬الرميحي‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬كان‭ ‬مخططا‭ ‬له‭ ‬مسبقًا،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬أطرافا‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بتفاصيله،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬أولويات‭ ‬فهم‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتركز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬يعيش‭ ‬المدنيون‭ ‬تحت‭ ‬القتل‭ ‬والحصار‭ ‬والدمار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬إنسان‭ ‬سويّ‭ ‬أن‭ ‬يتغاضى‭ ‬عنه‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬الراهن‭ ‬يكشف‭ ‬استخدامًا‭ ‬واضحًا‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإيراني‭ ‬للملف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كمدفعية‭ ‬غير‭ ‬منضبطة،‭ ‬حيث‭ ‬تدخلت‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬فلسطين،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حاليًا‭ ‬من‭ ‬اشتباك‭ ‬مباشر‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬هو‭ ‬نتيجة،‭ ‬وليس‭ ‬سببًا،‭ ‬لصراع‭ ‬خفي‭ ‬تعتقد‭ ‬إيران‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تديره‭ ‬خارج‭ ‬حدودها‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العربي‭ ‬أصبح‭ ‬مدركًا‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬إيران،‭ ‬رغم‭ ‬شعاراتها،‭ ‬لن‭ ‬تحرر‭ ‬شبرًا‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭.‬

وتطرق‭ ‬الرميحي‭ ‬إلى‭ ‬إشكالية‭ ‬العلاقة‭ ‬المأزومة‭ ‬مع‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬السياسي‭ ‬الإيراني،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬ولاية‭ ‬الفقيه‮»‬‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬الشيعي‭ ‬بدأت‭ ‬كمناقشات‭ ‬فكرية،‭ ‬لكنها‭ ‬تحولت‭ ‬لاحقًا‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬عقدية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬الولاية‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬أنصارها‭ ‬ليست‭ ‬جزئية،‭ ‬بل‭ ‬مطلقة‭. ‬وبيّن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬العقائدي‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تعقيد‭ ‬المشهد‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬طموحات‭ ‬إيران‭ ‬التوسعية‭ ‬التي‭ ‬انعكست‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الحوثي،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ترتبط‭ ‬بعلاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بإيران،‭ ‬حيث‭ ‬تمكّنت‭ ‬من‭ ‬إرسال‭ ‬صواريخ‭ ‬عابرة‭ ‬للقارات‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭. ‬وتساءل‭: ‬هل‭ ‬اليمن‭ ‬يمتلك‭ ‬مصانع‭ ‬لإنتاج‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ؟‭ ‬بالطبع‭ ‬لا‭.. ‬قدراتهم‭ ‬العلمية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بذلك،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬هو‭ ‬دليل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬الاشتباك‭.‬

وتابع‭ ‬الرميحي‭ ‬متسائلًا‭: ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الاشتباك،‭ ‬هل‭ ‬ستتراجع‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬عقيدتها‭ ‬التوسعية؟‭ ‬وهل‭ ‬ستمتنع‭ ‬عن‭ ‬تخريب‭ ‬الدول‭ ‬العربية؟‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬مثل‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن،‭ ‬دفعت‭ ‬ثمن‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬ساهم‭ ‬الوجود‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الأزمات‭ ‬وتدمير‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فيها،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها،‭ ‬رغم‭ ‬امتلاكها‭ ‬لسلوك‭ ‬سياسي‭ ‬مأزوم‭ ‬مرتبط‭ ‬بالماضي،‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تقارب‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬علمي،‭ ‬عبر‭ ‬تخصيص‭ ‬مبالغ‭ ‬سنويًا‭ ‬لتطوير‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتقنية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تنفق‭ ‬أقل‭ ‬بكثير،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬الأداة‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬الفارق‭ ‬في‭ ‬الصراع،‭ ‬وأضاف‭: ‬لولا‭ ‬هذا‭ ‬العلم،‭ ‬لبقيت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضعيفة،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬نمتلك‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬أدوات‭ ‬المعرفة‭ ‬والعلم‭ ‬فلن‭ ‬نستطيع‭ ‬مواجهتها‭.‬

وختم‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬الرميحي‭ ‬حديثه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬يُتخذ‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مؤسسات‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬موافقة‭ ‬‮«‬الولي‭ ‬الفقيه‮»‬،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬نراه‭ ‬وأوسع‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬اشتباك،‭ ‬وقال‭: ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬وإذا‭ ‬استمر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬ورائيات‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة،‭ ‬فسنظل‭ ‬عالقين‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الحلقة‭ ‬المغلقة‭.‬

عدوان‭ ‬مدبر

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬عارض‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬إدريس‭ ‬أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬ومستشار‭ ‬مركز‭ ‬الاهرام‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬ما‭ ‬طرحه‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬الرميحي‭ ‬بشأن‭ ‬توصيف‭ ‬الاشتباك‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬ليس‭ ‬اشتباكًا‭ ‬عابرًا،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬عدوان‭ ‬مدبر‮»‬‭ ‬تقف‭ ‬خلفه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لتجرؤ‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬إيران‭ ‬لولا‭ ‬اعتمادها‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭.‬

وأضاف‭ ‬إدريس‭ ‬أن‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬تحقّقها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الملفات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصلها‭ ‬عن‭ ‬تطورها‭ ‬العلمي،‭ ‬لكنه‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬لا‭ ‬يُبرر‭ ‬العدوان،‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬هو‭ ‬عدوان‭ ‬أمريكي‭ ‬بغطاء‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُحسب‭ ‬بدقة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬تأثير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬توازنات‭ ‬الصراع‭.‬

وانتقد‭ ‬إدريس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬بها‭ ‬القوى‭ ‬الغربية،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التعامل‭ ‬يتم‭ ‬دائمًا‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬استعلائي،‭ ‬وكأن‭ ‬العرب‭ ‬أقل‭ ‬شأنًا‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحكم‭ ‬إسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬‮«‬تيار‭ ‬يميني‭ ‬توراتي‮»‬،‭ ‬يدفع‭ ‬نحو‭ ‬التصعيد‭ ‬ويغذي‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وتساءل‭ ‬إدريس‭ ‬عن‭ ‬التوقيت‭ ‬الحقيقي‭ ‬للعدوان‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬مستحضرًا‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الهجوم‭ ‬بيومين‭ ‬فقط،‭ ‬والتي‭ ‬قال‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بقيام‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‮»‬،‭ ‬متسائلًا‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬إيران؟‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬أنهى‭ ‬ملفها‭ ‬بالكامل‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬كانت‭ ‬تسعى‭ ‬لتفردها‭ ‬كقوة‭ ‬إقليمية‭ ‬عظمى،‭ ‬ولهذا‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬بهدف‭ ‬إخراج‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬المعادلة‭ ‬الإقليمية‮»‬‭.‬

وبيّن‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأنها‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬تدمير‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬بالكامل،‭ ‬وقد‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬رغم‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تنتصر،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬شاركت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬القصف‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭.‬

وأكد‭ ‬إدريس‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬وقف‭ ‬الحرب،‭ ‬في‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬بادرت‭ ‬بطلب‭ ‬إنهاء‭ ‬التصعيد،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تنتصر‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولم‭ ‬تُهزم‭ ‬إيران،‭ ‬بل‭ ‬بقيت‭ ‬طهران‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية‭ ‬معتبرة،‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬وقدراتها،‭ ‬وتدرك‭ ‬الآن‭ ‬تمامًا‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الطيران‭ ‬أو‭ ‬اختراق‭ ‬المخابرات‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تقيّم‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬بعناية،‭ ‬بينما‭ ‬تأخذ‭ ‬إسرائيل‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬ليس‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬مجرد‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭. ‬ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الضربات‭ ‬الإيرانية‭ ‬طالت‭ ‬أهدافا‭ ‬حساسة،‭ ‬منها‭ ‬منشأة‭ ‬‮«‬ديمونة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الرد‭ ‬والوصول‭.‬

واختتم‭ ‬الدكتور‭ ‬إدريس‭ ‬حديثه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي،‭ ‬متسائلًا‭: ‬‮«‬ما‭ ‬هو‭ ‬مستقبل‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق؟‭ ‬وهل‭ ‬ينبغي‭ ‬لنا‭ ‬تأسيس‭ ‬محور‭ ‬حضاري‭ ‬إسلامي‭ ‬جديد؟‮»‬‭. ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مختلفًا‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬داعيًا‭ ‬إلى‭ ‬بلورة‭ ‬رؤية‭ ‬سياسية‭ ‬موحدة‭ ‬تحفظ‭ ‬للعرب‭ ‬مكانتهم‭ ‬في‭ ‬الخارطة‭ ‬الإقليمية‭ ‬المتغيرة‭.‬

موقف‭ ‬سياسي‭ ‬موحد

وقالت‭ ‬الكاتبة‭ ‬الصحفية‭ ‬فوزية‭ ‬رشيد‭ ‬إن‭ ‬تفتيت‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬وليد‭ ‬اللحظة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬استعماري‭ ‬قديم‭ ‬بدأ‭ ‬قبل‭ ‬تشكيل‭ ‬جهاز‭ ‬‮«‬الموساد‮»‬‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬قناعة‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بأن‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬هي‭ ‬التهديد‭ ‬الحقيقي‭ ‬الوحيد‭ ‬للحضارة‭ ‬الغربية،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬منعها‭ ‬من‭ ‬التوحد‭ ‬أو‭ ‬النهوض‭ ‬مجددًا‭.‬

وأشارت‭ ‬رشيد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬حاولت،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬المراحل،‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬المرسوم،‭ ‬متوهمة‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروع‭ ‬توسعي،‭ ‬ظنّت‭ ‬أنه‭ ‬عالمي،‭ ‬وأوضحت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الطموح‭ ‬الإيراني‭ ‬اصطدم‭ ‬لاحقًا‭ ‬بإدراك‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬وتشتيت‭ ‬العرب‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬نهايته،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لتفكيك‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه‭.‬

وأكدت‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصلها‭ ‬عن‭ ‬خلفية‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬مشاريع‭ ‬السيطرة‭ ‬والنفوذ‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬يعكس‭ ‬صراعًا‭ ‬إقليميًا‭ ‬ودوليًا‭ ‬متعدد‭ ‬المستويات‭. ‬ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬الخارجي‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لفهم‭ ‬المعادلة،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للعرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬المستقبل‭.‬

وشددت‭ ‬الكاتبة‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬نحو‭ ‬الجانب‭ ‬التنموي‭ ‬بشكل‭ ‬جاد،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تتخذ‭ ‬موقفًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬قويًا‭ ‬وموحدًا‭ ‬تجاه‭ ‬محاولات‭ ‬الهيمنة،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭. ‬واعتبرت‭ ‬أن‭ ‬ضرب‭ ‬الطموح‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لم‭ ‬يأتِ‭ ‬فقط‭ ‬نتيجة‭ ‬معادلة‭ ‬صراع‭ ‬النفوذ،‭ ‬بل‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬تجاوزت‭ ‬دورها‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬أداة‭ ‬صالحة‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬التفتيت‭.‬

وختمت‭ ‬رشيد‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الكبرى‭ ‬تمارس‭ ‬سياساتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحالف‭ ‬غير‭ ‬مرئي‭ ‬بين‭ ‬قمة‭ ‬الحداثة‭ ‬التقنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وعقلية‭ ‬صهيونية‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬ديني‭ ‬متطرف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬محور‭ ‬عربي‭ ‬إسلامي‭ ‬حضاري‭ ‬متنور‭ ‬أكثر‭ ‬إلحاحًا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭.‬

الضرر‭ ‬الأكبر

أكد‭ ‬عبدالله‭ ‬الحويحي‭ ‬مستشار‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬تجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬أن‭ ‬مصلحة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأولويات‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬المشهد‭ ‬الإقليمي‭ ‬الراهن،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬يعتبرون‭ ‬إيران‭ ‬عدوًا‭ ‬بطبيعتها،‭ ‬لكن‭ ‬تدخلاتها‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬توتر‭ ‬العلاقة،‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬على‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬سياساتها‭ ‬تجاه‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مقبولة‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‮»‬‭.‬

وتساءل‭ ‬الحويحي‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬المنتصر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كل‭ ‬طرف‭ ‬يدّعي‭ ‬النصر‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬المتضرر‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬هو‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مواجهة‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬قوتين،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬يستهدف‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها،‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬نفسر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬عقود؟‭ ‬هذا‭ ‬وحده‭ ‬كفيل‭ ‬بأن‭ ‬يعطينا‭ ‬انطباعًا‭ ‬بأن‭ ‬منطقتنا‭ ‬مستهدفة‭ ‬بشكل‭ ‬ممنهج‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬نشب‭ ‬مؤخرًا‭ ‬يجب‭ ‬فهمه‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬أكبر،‭ ‬وهو‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬مشروعين‭ ‬متناقضين‭: ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغربي،‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقسيم‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬وإبقائه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تخلف‭ ‬دائم،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬اليوم‭ ‬بمشروع‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬نهضوي‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬إسلامي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬التوحّد‭ ‬والتنمية‭.‬

وأوضح‭ ‬الحويحي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الغربي‭ ‬المتجدد‭ ‬لم‭ ‬يأتِ‭ ‬عبر‭ ‬أدوات‭ ‬تقليدية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬تمريره‭ ‬باستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬داخلية‭ ‬وإقليمية،‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬إشعال‭ ‬النزاعات‭ ‬الطائفية‭ ‬والإثنية‭ ‬داخل‭ ‬البلدان‭ ‬العربية،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تقسيم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مقسم،‭ ‬وإبقاء‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬احتراب‭ ‬دائم،‭ ‬تُمكِّن‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬البقاء‭ ‬والتفوق‭ ‬دون‭ ‬مواجهة‭ ‬حقيقية‭.‬

وختم‭ ‬حديثه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تحمّل‭ ‬الشعوب‭ ‬والحكومات‭ ‬العربية‭ ‬مسؤولية‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حولها،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬وعي‭ ‬جماعي‭ ‬يُمكّن‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬المفروضة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬بإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الأولويات‭ ‬وبناء‭ ‬مشروع‭ ‬عربي‭ ‬متماسك‭ ‬وقوي‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا