كابول - (أ ف ب): أعلنت الحكومة الأفغانية يوم الخميس أن روسيا صارت أول دولة تعترف رسميا بالإمارة الإسلامية في قرار وصفته بأنه «شجاع». سيطرت حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول في 15 أغسطس 2021، بعد سقوط الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة الذي أعقبه بعد أيام الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية. وسعت طالبان إلى نيل الاعتراف الدولي الرسمي والاستفادة من الاستثمارات الخارجية في وقت يسعى هذا البلد إلى تجاوز تداعيات أربعة عقود من الحرب، بما في ذلك الغزو السوفيتي بين 1979 و1989.
وجاء الإعلان عقب لقاء في كابول بين وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متّقي والسفير الروسي لدى أفغانستان دميتري زيرنوف. وقال أمير خان متقي في مقطع مصور على منصة اكس إن «هذا القرار الشجاع سيكون مثالا يُحتذى ... الآن وقد بدأ مسار الاعتراف، روسيا هي السبّاقة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية في حكومة طالبان ضياء أحمد تكل في تصريح لوكالة فرانس برس إن «روسيا هي أول بلد يعترف رسميا بالإمارة الإسلامية»، مستخدما التسمية التي اعتمدتها طالبان لأفغانستان.
وقالت وزارة الخارجية الروسية على تلغرام: «نعتقد أن الاعتراف الرسمي بإمارة أفغانستان الإسلامية سيعزز تطوير التعاون الثنائي المثمر بين بلدينا في مجالات عدة». وشددت الوزارة على إمكانيات التعاون «التجاري والاقتصادي» في مجالات «الطاقة والنقل والزراعة والبنية التحتية». وعبرت الوزارة عن أملها في مواصلة مساعدة كابول على «تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة تهديدات الإرهاب والاتجار بالمخدرات».
اتخذت روسيا مؤخرا خطوات لتطبيع العلاقات مع سلطات طالبان إذ رفعتها من قائمة «المنظمات الإرهابية» في أبريل، واعتمدت سفيرا لطالبان في موسكو. في يوليو 2024 قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعتبر حركة طالبان «حليفا في مكافحة الإرهاب». كما كانت روسيا أول دولة تفتح مكتبا تمثيليا تجاريا في كابول بعد سيطرة طالبان، وأعلنت خططا لاستخدام أفغانستان كمركز عبور للغاز المتجه إلى جنوب شرق آسيا.
لم تعترف بحركة طالبان خلال حكمها بين الأعوام 1996 و2001 سوى السعودية وباكستان ودولة الإمارات. ولحكومة طالبان الحالية سفراء في دول عدة بينها الصين وباكستان، إلا أن أيا منها لم يعترف بالإمارة الإسلامية منذ نهاية الحرب التي استمرت عقدين مع قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة. وجرى تواصل محدود لكن وتيرته تتسارع مع سلطات طالبان، خاصة من الدول المجاورة في المنطقة وكذلك من بعض القوى العالمية الكبرى مثل الصين وروسيا.
ورحبت الصين أمس الجمعة بقرار روسيا. وقال المسؤول بوزارة الخارجية ماو لينغ: «بصفتها جارة صديقة تقليديا لأفغانستان، لطالما رأت الصين أنه لا ينبغي استبعاد أفغانستان من المجتمع الدولي». لكن كثيرا ما شكلت القيود المفروضة على النساء والفتيات، ومنعهن من التعليم وإقصائهن عن الحياة العامة، نقاط خلاف شائكة بالنسبة إلى الدول الغربية. وسارعت العديد من الناشطات الأفغانيات إلى إدانة الاعتراف الروسي بطالبان.
وقالت العضوة السابقة في البرلمان الأفغاني مريم سليمان خيل إن هذه الخطوة «تضفي شرعية على نظام يحظر تعليم الفتيات ويفرض الجلد العلني ويؤوي إرهابيين مُدرجين على قوائم عقوبات الأمم المتحدة». وأضافت «تشير هذه الخطوة إلى أن المصالح الاستراتيجية ستتغلب دائما على حقوق الإنسان والقانون الدولي». ولا تزال شخصيات بارزة في حركة طالبان خاضعة لعقوبات دولية بما فيها من جانب الأمم المتحدة. وقالت النائبة السابقة في كابول فوزية كوفي إن أي اعتراف بحركة طالبان «لن يجلب السلام، بل سيضفي الشرعية على الإفلات من العقاب» و«يُخاطر بتهديد ليس شعب أفغانستان فحسب، بل الأمن العالمي أيضا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك