أثارت تقارير إعلامية إسرائيلية مخاوف متزايدة بشأن مشروع مصري ضخم قيد الدراسة يهدف إلى تحويل منخفض القطارة في الصحراء الغربية إلى بحيرة صناعية ضخمة، عبر جلب مياه البحر المتوسط إلى هذا المنخفض الذي يقع جنوب غرب الإسكندرية. ويُعتبر المشروع بمثابة خطة طموحة لتعزيز الاقتصاد المصري وتوليد الطاقة الكهرومائية، بالإضافة إلى تحقيق فوائد بيئية وسياحية متعددة.
المشروع، الذي تعود فكرته إلى أوائل القرن العشرين، يعتمد على إنشاء قناة أو نفق بطول يزيد على 300 كيلومتر لتوصيل المياه من البحر المتوسط إلى المنخفض، الذي يمتد على مساحة تتجاوز 19 ألف كيلومتر مربع، ويقع على عمق 133 مترًا تحت سطح البحر. هذا التدفق الهائل سيؤدي إلى تشكل بحيرة صناعية قد تُحدث تغييرًا واسع النطاق في النظام البيئي والمناخي المحلي.
ورغم أن المشروع يُعد واعدًا من ناحية توليد الطاقة الكهرومائية وتوفير بيئة أكثر رطوبة في قلب الصحراء، فإن الجانب الإسرائيلي يسلّط الضوء على مجموعة من المخاوف البيئية من أبرزها احتمالية تدمير النظم البيئية الصحراوية، إذ إن غمر هذه الأراضي بالمياه المالحة قد يؤدي إلى انقراض كائنات حية ونباتات نادرة تكيفت مع الجفاف والملوحة المنخفضة.
كما عبّرت إسرائيل عن قلقها من احتمال تسرّب الملوحة إلى المياه الجوفية المحيطة، مما قد يُضر بقرى وواحات تعتمد بشكل أساسي على هذه المياه للشرب والزراعة. وأوضحت تقارير إسرائيلية أن مثل هذا التلوث قد يتسبب في أزمة بيئية إقليمية تتعدى حدود مصر، خاصة في ظل التغيرات المناخية العالمية والتنافس المتزايد على الموارد المائية.
أحد أبرز المخاطر الأخرى التي أشارت إليها التحذيرات هو تكون مستنقعات ملحية سامة بفعل التبخر السريع للمياه في المناخ الصحراوي الحار، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة وانتشار الأوبئة. كما أن إنشاء البنية التحتية اللازمة للمشروع من قنوات ومحطات ضخ ضخمة قد يؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية، ما يضيف أعباء بيئية أخرى في منطقة تعاني بالفعل من هشاشة بيئية.
على الجانب الإيجابي، ترى مصر أن هذا المشروع يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز أمنها المائي وتوليد الكهرباء من مصادر بديلة بعيدًا عن الاعتماد على النيل. كما أن المشروع قد يسهم في تطوير قطاع السياحة والصيد البحري، وخلق فرص عمل في مناطق نائية، إلى جانب إنتاج الملح من البحيرة الصناعية المتوقعة.
غير أن الحكومة المصرية لم تعلن رسميًا حتى الآن البدء الفعلي بتنفيذ المشروع، بل أكدت أن الموضوع لا يزال قيد الدراسة والتقييم الفني والمالي. ويعود ذلك إلى التكاليف العالية والتحديات الجيولوجية والهندسية التي حالت دون تنفيذه في محاولات سابقة منذ عشرينيات القرن الماضي.
ويرى خبراء مصريون أن المشروع يحمل إمكانات تنموية هائلة، لكنهم يشددون على ضرورة إجراء دراسات متعمقة لضمان عدم الإضرار بالبيئة أو السكان المحليين. ويؤكدون أهمية الالتزام بالمعايير الدولية لحماية البيئة قبل اتخاذ أي خطوات تنفيذية فعلية، خاصة أن المنطقة المعنية بالإنشاءات تُعد من أكثر البيئات هشاشة وتعرضًا للخطر في حال أي تدخل غير مدروس.
في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة، وخصوصًا تلك المتعلقة بمصادر المياه مثل سد النهضة، يرى بعض المحللين أن التحذيرات الإسرائيلية قد تحمل طابعًا سياسيا وليس بيئيا فقط، وقد تكون جزءًا من حملة أوسع لإعاقة أي مشاريع مصرية كبرى في مجال الطاقة أو المياه، خاصة إذا كانت هذه المشاريع تعزز من استقلالية القرار المصري في ملف الموارد الطبيعية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك