قالت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية إن الرئيس يعمل على تقويض أجهزة الاستخبارات الأمريكية، محذّرة من أن تسييس النظام الاستخباراتي في عهده يزيد من احتمالية الفشل الخطير، على غرار ما تشهده الأنظمة الاستبدادية.
وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة، رغم امتلاكها جهاز استخبارات يُعدّ من الأقوى عالميًا، تعاني، اليوم، من اختلالات مشابهة لتلك التي تُضعف الأنظمة غير الديمقراطية، وذلك نتيجة ممارسات إدارة ترامب.
وأضافت أن المشكلة لا تكمن فقط في استهانة ترامب شخصيًا بالتقارير الاستخباراتية، بل تتجاوز ذلك إلى خلق بيئة مؤسساتية تُشجع كبار المسؤولين على تكييف تقييماتهم بما يتماشى مع رؤى الرئيس، حتى وإن خالفت الحقائق.
وتابعت المجلة أن مسؤولي الاستخبارات، رغم مسؤوليتهم المهنية في تكييف المعلومات بما يتماشى مع أولويات السياسة الخارجية للرئيس، فإن أحد أهم أدوارهم هو حماية متخذ القرار من أفكار راسخة لكنها خاطئة، إلا أن تسييس المعلومات يضعف هذا الدور الحيوي.
وترى المجلة أن فشل الاستخبارات، وإن كان أمرًا لا مفر منه حتى في أفضل الأنظمة، بسبب صعوبة جمع وتحليل المعلومات، إلا أن التشوهات المؤسسية تزيد من احتمالية هذا الفشل.
وأشارت إلى أن «الأنظمة الاستبدادية تُعدّ بيئة نموذجية لفشل الاستخبارات، حيث تُقمع الآراء المخالفة، ويُكافأ الولاء على حساب الكفاءة، ويُقدَّم النفاق على حساب البصيرة، ما يؤدي إلى تزييف الحقائق خدمةً لرواية الحاكم».
وحذّرت «فورين أفيرز» من أن الولايات المتحدة باتت تواجه خطرًا مشابهًا؛ إذ يتسم أسلوب ترامب الشعبوي بعدم الثقة بالمؤسسات الرسمية، ورفض آراء الخبراء الذين يقدمون تقييمات لا تنسجم مع معتقدات حركته السياسية، وعلى غرار بعض القادة المستبدين، أحاط ترامب نفسه بشخصيات موالية اجتازت اختبارات الولاء، من بينها الإصرار على أن انتخابات 2020 «سُرقت» منه.
وأشارت المجلة إلى أن ثقافة التحليل المُسيّس والرقابة الذاتية، إلى جانب قمع الحقائق غير المرغوب فيها، تعكس ما يجري في الأنظمة الاستبدادية التي تعاني من فشل استخباراتي هيكلي. وبينما يُتوقع من الموظفين الفيدراليين إظهار قدر من الولاء للرئيس، فإن إدارة ترامب، بحسب المجلة، تضع الولاء الشخصي فوق الكفاءة والخبرة والحقيقة.
وفي هذا السياق، لفتت «فورين أفيرز» إلى أن كبار مسؤولي الاستخبارات الموالين يُعيدون تصميم أنشطة وكالاتهم بما يتماشى مع ما يرغب الرئيس في سماعه، مما يوجّه الموارد بعيدًا عن التهديدات الحقيقية.
وخلُصت المجلة إلى أن هذا التسييس الصارخ للمؤسسات الاستخباراتية لا يقتصر تأثيره على البيت الأبيض فقط، بل يمتد إلى مجمل الجهاز.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك