(مونت كارلو الدولية): نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريراً وصفته بالـ«صادم» تناول شهادات لضباط وجنود إسرائيليين خدموا في قطاع غزة، يكشف كيف تلقى الجنود والضباط في الجيش الإسرائيلي أوامر مباشرة بإطلاق النار على الفلسطينيين المجوعين وبالأسلحة الثقيلة، أثناء احتشادهم في طوابير توزيع المساعدات أمام المراكز التابعة للشركة الأمريكية، حتى في حال غياب أي تهديد واضح.
وفي إحدى الشهادات، وصف جندي إسرائيلي هذه المراكز بأنها «ساحة قتل»، حيث يقتل يومياً ما بين شخص وخمسة أشخاص برصاص الجيش، أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية.
وبحسب الشهادات، اعتمدت القوات الإسرائيلية أسلوب إطلاق النار المباشر باستخدام الرشاشات الثقيلة وقذائف الدبابات وقذائف الهاون وحتى القنابل اليدوية، بهدف تفريق المدنيين الذين يقتربون من المراكز التي تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة أمريكياً.
وشبه الجندي عمليات قتل الفلسطينيين بلعبة «عملية السمك المملح»، في إشارة إلى لعبة الأطفال حيث يتم إطلاق الرصاص على كل من يتحرك من دون إنذار، حتى على بعد مئات الأمتار.
من جهته، قال ضابط احتياط كبير في الجيش: إن إطلاق النار على المدنيين أصبح «روتيناً يومياً»، وأضاف بالقول: إن «قتل الأبرياء لم يعد يعتبر حادثاً مؤسفاً بل أمراً عادياً». وأكد الضابط أنه تلقى إفادات من قيادته العليا تؤكد أن «لا يوجد مدنيون في غزة».
وذكر المجند حادثة حيث تلقوا أوامر بإطلاق «قذيفة دبابة» على تجمع مدني قرب مركز مساعدات قرب الساحل، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص بينهم أطفال.
وتسلط الصحيفة الضوء على جانب آخر من المأساة، تتعلق بالمقاولين الإسرائيليين العاملين في غزة، والذين يتقاضون مبالغ مالية كبيرة لهدم المنازل، حيث يعمل بعضهم بالقرب من نقاط توزيع المساعدات ويحظون بحماية عسكرية، وتؤكد شهادة الجندي أنه «من أجل أن يحصل مقاول على 5000 شيكل يتم قتل مدني يحاول الحصول على كيس أرز».
ورغم تنبيه أرسل إلى القيادة العليا في الجيش، إلا أن الحادثة وحوادث مشابهة مرت من دون محاسبة أو أي رد فعل تُذكر.
بحسب التقرير الإسرائيلي، يبرز اسم العميد يهودا فاخ (قائد الفرقة 252)، كأحد أبرز الضباط المتهمين بإصدار أوامر إطلاق النار على الجموع المدنية.
ووجه فاخ أوامر مباشرة إلى الجنود بتفريق الحشود بالقذائف وبالرصاص، بينما تؤكد الشهادات أن أي اعتراض على هذه الأوامر يقابل بالتوبيخ أو بالصمت في أفضل الأحوال.
ويعرف فاخ أيضاً بدوره الميداني في تحويل ممر نتساريم إلى ما وصفته شهادة الجندي بـ«منطقة دموية».
وتقول الصحيفة الإسرائيلية: إن المدعي العام العسكري وجه باللجوء إلى «آلية تقصي الحقائق التابعة لهيئة الأركان العامة» من أجل التحقيق في الحوادث المبلغ عنها، بينما تشكك الصحيفة وفريق من المراقبين في جدية هذه التحقيقات، لا سيما مع الاستمرار في «الإفلات من المحاسبة» وعدم اتخاذ أي إجراءات تأديبية.
في ظل هذا الواقع، يقول أحد الجنود الاحتياط لهآرتس: إن غزة أصبحت «ساحة خلفية» لا تهم أحد، حيث تُزهق الارواح دون أن تُحسب حتى كـ«حوادث مؤسفة». وأكد أن القواعد الأخلاقية للجيش «انهارت بالكامل» في وقت يستبيح قتل المدنيين.
ويصف أحد الجنود القطاع المدمر بـ«العالم الموازي» حيث فقدت الحياة البشرية قيمتها ويعامل المدنيون الجائعون كـ«قوة معادية» يجب ردعها بالنار، بينما يتحدث ضابط كبير في الجيش عن مخاوف من أن «العنف ضد المدنيين لم يعد خيارا اضطراريا.. بل سياسة».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك