العدد : ١٧٢٦٣ - السبت ٢٨ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٣ - السبت ٢٨ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ محرّم ١٤٤٧هـ

عربية ودولية

«أُمرنا بإطلاق النار على المدنيين»: جنود إسرائيليون يروون كيف تحولت مراكز المساعدات إلى أفخاخ موت

السبت ٢٨ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

‭(‬مونت‭ ‬كارلو‭ ‬الدولية‭): ‬نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬هآرتس‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تقريراً‭ ‬وصفته‭ ‬بالـ«صادم‮»‬‭ ‬تناول‭ ‬شهادات‭ ‬لضباط‭ ‬وجنود‭ ‬إسرائيليين‭ ‬خدموا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬يكشف‭ ‬كيف‭ ‬تلقى‭ ‬الجنود‭ ‬والضباط‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أوامر‭ ‬مباشرة‭ ‬بإطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المجوعين‭ ‬وبالأسلحة‭ ‬الثقيلة،‭ ‬أثناء‭ ‬احتشادهم‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬أمام‭ ‬المراكز‭ ‬التابعة‭ ‬للشركة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬واضح‭.‬

وفي‭ ‬إحدى‭ ‬الشهادات،‭ ‬وصف‭ ‬جندي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ساحة‭ ‬قتل‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يقتل‭ ‬يومياً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شخص‭ ‬وخمسة‭ ‬أشخاص‭ ‬برصاص‭ ‬الجيش،‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتهم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مساعدات‭ ‬غذائية‭.‬

وبحسب‭ ‬الشهادات،‭ ‬اعتمدت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أسلوب‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المباشر‭ ‬باستخدام‭ ‬الرشاشات‭ ‬الثقيلة‭ ‬وقذائف‭ ‬الدبابات‭ ‬وقذائف‭ ‬الهاون‭ ‬وحتى‭ ‬القنابل‭ ‬اليدوية،‭ ‬بهدف‭ ‬تفريق‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬يقتربون‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬غزة‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬المدعومة‭ ‬أمريكياً‭.‬

وشبه‭ ‬الجندي‭ ‬عمليات‭ ‬قتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بلعبة‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬السمك‭ ‬المملح‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬لعبة‭ ‬الأطفال‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬إطلاق‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتحرك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إنذار،‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬مئات‭ ‬الأمتار‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬قال‭ ‬ضابط‭ ‬احتياط‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الجيش‭: ‬إن‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬روتيناً‭ ‬يومياً‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬بالقول‭: ‬إن‭ ‬‮«‬قتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يعتبر‭ ‬حادثاً‭ ‬مؤسفاً‭ ‬بل‭ ‬أمراً‭ ‬عادياً‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬الضابط‭ ‬أنه‭ ‬تلقى‭ ‬إفادات‭ ‬من‭ ‬قيادته‭ ‬العليا‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مدنيون‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وذكر‭ ‬المجند‭ ‬حادثة‭ ‬حيث‭ ‬تلقوا‭ ‬أوامر‭ ‬بإطلاق‭ ‬‮«‬قذيفة‭ ‬دبابة‮»‬‭ ‬على‭ ‬تجمع‭ ‬مدني‭ ‬قرب‭ ‬مركز‭ ‬مساعدات‭ ‬قرب‭ ‬الساحل،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬ثمانية‭ ‬أشخاص‭ ‬بينهم‭ ‬أطفال‭.‬

وتسلط‭ ‬الصحيفة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المأساة،‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمقاولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والذين‭ ‬يتقاضون‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬لهدم‭ ‬المنازل،‭ ‬حيث‭ ‬يعمل‭ ‬بعضهم‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬ويحظون‭ ‬بحماية‭ ‬عسكرية،‭ ‬وتؤكد‭ ‬شهادة‭ ‬الجندي‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬مقاول‭ ‬على‭ ‬5000‭ ‬شيكل‭ ‬يتم‭ ‬قتل‭ ‬مدني‭ ‬يحاول‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬كيس‭ ‬أرز‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬تنبيه‭ ‬أرسل‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬الجيش،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحادثة‭ ‬وحوادث‭ ‬مشابهة‭ ‬مرت‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاسبة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬تُذكر‭.‬

بحسب‭ ‬التقرير‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يبرز‭ ‬اسم‭ ‬العميد‭ ‬يهودا‭ ‬فاخ‭ (‬قائد‭ ‬الفرقة‭ ‬252‭)‬،‭ ‬كأحد‭ ‬أبرز‭ ‬الضباط‭ ‬المتهمين‭ ‬بإصدار‭ ‬أوامر‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الجموع‭ ‬المدنية‭.‬

ووجه‭ ‬فاخ‭ ‬أوامر‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الجنود‭ ‬بتفريق‭ ‬الحشود‭ ‬بالقذائف‭ ‬وبالرصاص،‭ ‬بينما‭ ‬تؤكد‭ ‬الشهادات‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأوامر‭ ‬يقابل‭ ‬بالتوبيخ‭ ‬أو‭ ‬بالصمت‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال‭.‬

ويعرف‭ ‬فاخ‭ ‬أيضاً‭ ‬بدوره‭ ‬الميداني‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬ممر‭ ‬نتساريم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬شهادة‭ ‬الجندي‭ ‬بـ«منطقة‭ ‬دموية‮»‬‭.‬

وتقول‭ ‬الصحيفة‭ ‬الإسرائيلية‭: ‬إن‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬العسكري‭ ‬وجه‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬آلية‭ ‬تقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬التابعة‭ ‬لهيئة‭ ‬الأركان‭ ‬العامة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الحوادث‭ ‬المبلغ‭ ‬عنها،‭ ‬بينما‭ ‬تشكك‭ ‬الصحيفة‭ ‬وفريق‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬في‭ ‬جدية‭ ‬هذه‭ ‬التحقيقات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬‮«‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬المحاسبة‮»‬‭ ‬وعدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬تأديبية‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬الجنود‭ ‬الاحتياط‭ ‬لهآرتس‭: ‬إن‭ ‬غزة‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬ساحة‭ ‬خلفية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تهم‭ ‬أحد،‭ ‬حيث‭ ‬تُزهق‭ ‬الارواح‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تُحسب‭ ‬حتى‭ ‬كـ«حوادث‭ ‬مؤسفة‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬القواعد‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للجيش‭ ‬‮«‬انهارت‭ ‬بالكامل‮»‬‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يستبيح‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭.‬

ويصف‭ ‬أحد‭ ‬الجنود‭ ‬القطاع‭ ‬المدمر‭ ‬بـ«العالم‭ ‬الموازي‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬فقدت‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬قيمتها‭ ‬ويعامل‭ ‬المدنيون‭ ‬الجائعون‭ ‬كـ«قوة‭ ‬معادية‮»‬‭ ‬يجب‭ ‬ردعها‭ ‬بالنار،‭ ‬بينما‭ ‬يتحدث‭ ‬ضابط‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬عن‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬خيارا‭ ‬اضطراريا‭.. ‬بل‭ ‬سياسة‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا