نيابةً عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، شارك صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اليوم في أعمال القمة الثانية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، وذلك بالعاصمة الماليزية كوالالمبور بحضور أصحاب الجلالة والسمو والفخامة قادة الوفود المشاركة في القمة.
ونيابةً عن حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، وجه صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء كلمةً إلى القمة الثانية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) هذا نصها:
أصحاب الجلالة والسمو والمعالي،
نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، يشرفني أن أُخاطب هذه القمة الثانية بين مجلس التعاون والآسيان.
نغتنم هذه الفرصة لنعرب عن خالص تقديرنا لماليزيا على كرم الضيافة والتنظيم المتميز لهذا الاجتماع الهام، كما نتوجه بالشكر إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة لدورها المحوري في استضافة القمة الافتتاحية في الرياض، والتي أرست أساسًا قويًا للشراكة المستدامة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
قبل خمسة عشر عامًا، استضافت مملكة البحرين الاجتماع الوزاري الأول للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون ودول الآسيان، معلنةً بداية فصل جديد وواعد في العلاقات بين المنطقتين.
ما وحّدنا حينها، ويواصل جمعنا اليوم، هو الأساس المتين من القيم المشتركة، والمصالح المتوافقة، والفهم المشترك بأن التحديات العالمية الراهنة تتطلب وحدة وتصميمًا وقوة جامعة، ومن خلال هذه الروح، نحول التحديات إلى فرص ونمهد الطريق نحو الاستقرار والازدهار المستدام لجميع مواطنينا.
منذ ذلك الاجتماع التأسيسي، تطور الحوار إلى خطوات عملية، وقد أظهرت القمة الأولى بين مجلس التعاون والآسيان في الرياض مدى التقدم الذي حققناه، فبعد أن بدأنا حوارًا تمهيديا، أصبحت لدينا شراكة قوية قائمة على التزام مشترك بالازدهار في مجالات التجارة والاستثمار والترابط والابتكار وتعزيز الروابط بين الشعوب.
ونرى اليوم توافقًا حقيقيًا في رؤيتنا للمستقبل، سواءً في إنشاء نظم لتعزيز الأمن الغذائي، أو تطوير السياحة المستدامة، أو الاستثمار في رأس المال البشري عبر التعليم والبحث، وهذه ليست مجرد مجالات تعاون، بل تجسيد لرؤية مشتركة تضع تمكين الابتكار والإنجاز لتحقيق استقرار طويل الأمد في مقدمة أولوياتها.
كما أن التقدم المستمر والملموس الذي نراه يتحقق على الواقع أصبح مصدر للثقة في أن دولنا تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق كل ما نطمح إليه من عملنا مشترك.
أصحاب السمو والمعالي،
إن التحديات التي نواجهها اليوم من تغيّر المناخ، والاضطرابات الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية زادت تعقيدًا وتشابكًا وتستدعي معالجة فورية.
ومع ذلك، وفي ظل هذه الأجواء العالمية المرتبكة، هناك مؤشرات هامة تدعو للتفاؤل، فالتطورات النوعية في مجال الطاقة النظيفة، والتقدم في الابتكار الرقمي، والذكاء الاصطناعي والعزم المتجدد لدى المجتمع الدولي، دلائل تؤكد على أن الحلول ليست ممكنة فحسب، بل إنها قيد التنفيذ بالفعل.
ولهذا، فإن شراكتنا تكتسب أهمية بالغة.
مرتكزة على الاحترام المتبادل، وتوافق الأولويات، ومجموعة من القيم المشتركة، تمثل شراكة دول مجلس التعاون ودول الآسيان نموذجًا حيًّا لما يمكن أن يحققه العمل المشترك من نتائج إيجابية، فعندما تختار الدول التعاون بدلًا من الانقسام، تعزز قدرتها على مواجهة التحديات العالمية.
وتظل مملكة البحرين ثابتة على التزامها بالعمل الدولي المشترك. ففي مايو من العام الماضي، وخلال القمة العربية الثالثة والثلاثين التي استضافتها البحرين، دعا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، انطلاقًا من إيمان راسخ بأن السلام لا يتحقق إلا من خلال الوحدة والحوار والدبلوماسية، ونواصل دعوة المجتمع الدولي إلى دعم هذه المبادرة، التي تضع التعاون في صميم جهود حل النزاعات.
كما تجدد البحرين دعمها الكامل لخطة التعاون المشترك بين مجلس التعاون والآسيان للفترة 2024-2028، وتؤيد إطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين. فهذه المبادرات توفر إطارًا لتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية بين دولنا، وتمثل أيضًا آلية فاعلة للعمل المشترك.
وفي هذا السياق، نُرحب بتوقيع البيان المشترك يوم أمس لإطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون وماليزيا، بحضور سمو ولي عهد دولة الكويت الشقيقة ودولة رئيس وزراء ماليزيا. ويمثل هذا الحدث محطة هامة نحو تعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.
أصحاب السمو والمعالي،
عندما عقدنا الاجتماع الوزاري الأول بين دول مجلس التعاون ودول الآسيان في مملكة البحرين قبل خمسة عشر عامًا، كان هدفنا الأساسي تعزيز المرونة الاقتصادية في ظل أزمة مالية عالمية. ومنذ ذلك الحين، تضاعف حجم التبادل التجاري بين منطقتينا، وتعززت الروابط بين شعوبنا.
فعندما يدرس الطلبة في الخارج، ويتبادل الباحثون والعلماء المعرفة ويتم الاحتفاء والمشاركة بين الثقافات، تزداد شراكاتنا قوة ومتانة واستدامة.
ويجب أن يظل هذا البُعد الإنساني في التعاون بين دول مجلس التعاون ودول الآسيان في صميم رؤيتنا المشتركة. فمن خلال تعزيز هذه الروابط، نبني شراكة مرنة، نابضة بالحيوية، وجاهزة لمتطلبات المستقبل.
إن الطريق أمامنا لن يخلو من التحديات، لكن بزيادة التعاون بيننا، سنرسم معًا مسارًا نحو مستقبل أكثر أمنًا وازدهارًا للجميع.
شكرًا.