العدد : ١٧٢٢٩ - الأحد ٢٥ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٩ - الأحد ٢٥ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضـايــا وحـــوادث

استنادا إلى المجمع الفقهي الإسلامي..
«الشرعية» تنهي معاناة شاب وتقضي بتصحيح جنسه بعد إثبات ذكورته طبيا

المحامي د. عبدالله العلي.

الأحد ٢٥ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

أنهت‭ ‬المحكمة‭ ‬الشرعية‭ ‬الكبرى‭ ‬معاناة‭ ‬شاب‭ ‬وقضت‭ ‬بتصحيح‭ ‬جنسه،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬ألزمت‭ ‬المحكمة‭ ‬المدنية‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬بإثبات‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬وتسجيله‭ ‬ذكراً،‭ ‬بعد‭ ‬ولادته‭ ‬بعضو‭ ‬أنثوي‭ ‬ظاهر‭ ‬تم‭ ‬تسجيله‭ ‬على‭ ‬إثره‭ ‬أنه‭ ‬انثى‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ومع‭ ‬مراحل‭ ‬البلوغ‭ ‬ظهرت‭ ‬عليه‭ ‬أعراض‭ ‬الذكورة‭ ‬التامة‭ ‬ليكتشف‭ ‬بمراجعة‭ ‬الأطباء‭ ‬وجود‭ ‬عضو‭ ‬ذكري‭ ‬ضامر‭ ‬‮«‬داخل‭ ‬الجسم‮»‬‭ ‬وليتأكد‭ ‬أنه‭ ‬ذكر‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الطبية‭.‬

حيث‭ ‬فصلت‭ ‬المحكمة‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬وأنهت‭ ‬معاناته‭ ‬وأكدت‭ ‬أن‭ ‬المجمع‭ ‬الفقهي‭ ‬الإسلامي‭ ‬قد‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬اجتمع‭ ‬في‭ ‬أعضائه‭ ‬علامات‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬فينظر‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬حاله،‭ ‬فإن‭ ‬غلبت‭ ‬عليه‭ ‬الذكورة‭ ‬جاز‭ ‬علاجه‭ ‬طبياً‭ ‬بما‭ ‬يزيل‭ ‬الاشتباه‭ ‬في‭ ‬ذكورته،‭ ‬ومن‭ ‬غلبت‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬الأنوثة‭ ‬جاز‭ ‬علاجه‭ ‬طبياً،‭ ‬بما‭ ‬يزيل‭ ‬الاشتباه‭ ‬في‭ ‬أنوثته،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬العلاج‭ ‬بالجراحة‭ ‬أو‭ ‬بالهرمونات‭.‬

وقال‭ ‬المحامي‭ ‬د‭. ‬عبدالله‭ ‬العلي‭ ‬إن‭ ‬موكله‭ ‬أنجب‭ ‬رضيعا‭ ‬كان‭ ‬ظاهرا‭ ‬للجميع‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬انثى،‭ ‬وقيد‭ ‬لدى‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬بأنه‭ ‬أنثى،‭ ‬وعند‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬سن‭ ‬البلوغ‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬بلوغ‭ ‬الإناث‭ ‬مثل‭ ‬الطمث،‭ ‬بل‭ ‬ظهرت‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬البلوغ‭ ‬لدى‭ ‬الذكور‭ ‬من‭ ‬خشونة‭ ‬الصوت‭ ‬وعرض‭ ‬المنكبين،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬لديه‭ ‬الطمث‭ ‬مثل‭ ‬بقية‭ ‬الإناث‭ ‬ليتأكد‭ ‬طبيا‭ ‬وجود‭ ‬عضو‭ ‬ذكري‭ ‬ضامر‭.‬

وبعد‭ ‬إجراء‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬اللازمة‭ ‬تبين‭ ‬حمله‭ ‬الكروموسوم‭ ‬الذكري‭ (‬46‭ ‬XY‭)‬،‭ ‬ولا‭ ‬يحمل‭ ‬الأعضاء‭ ‬التناسلية‭ ‬الأنثوية‭ ‬مثل‭ ‬الرحم‭ ‬والمبيض،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حدا‭ ‬به‭ ‬لإقامة‭ ‬الدعوى،‭ ‬والمطالبة‭ ‬بتصحيح‭ ‬جنسه‭ ‬من‭ ‬أنثى‭ ‬إلى‭ ‬ذكر،‭ ‬وإلزام‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بتغيير‭ ‬جنسه‭ ‬واسمه‭ ‬في‭ ‬الأوراق‭ ‬الثبوتية‭.‬

وقدم‭ ‬المحامي‭ ‬العلي‭ ‬الدعوى‭ ‬بداية‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الشرعية،‭ ‬وأرفق‭ ‬معها‭ ‬التقارير‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬دعواه،‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬تصحيح‭ ‬جنس‭ ‬البنت،‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬اختصاص‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬لأنه‭ ‬يبحث‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أيدته‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬حكمها،‭ ‬منوهة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬الأسرة‭ ‬لسنة‭ ‬2017‭ ‬قد‭ ‬خلا‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬وأن‭ ‬مسألة‭ ‬الجنس‭ ‬من‭ ‬النوازل‭ ‬المعاصرة،‭ ‬ويتم‭ ‬الرجوع‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬مبادئ‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والقواعد‭ ‬العامة‭ ‬الفقهية‭.‬

وقالت‭ ‬المحكمة‭ ‬إن‭ ‬جمهور‭ ‬الفقهاء‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بلوغ‭ ‬الذكر‭ ‬يتبين‭ ‬إن‭ ‬خرجت‭ ‬لحيته،‭ ‬أو‭ ‬أمنى،‭ ‬وكذلك‭ ‬ظهور‭ ‬الشجاعة‭ ‬والفروسية،‭ ‬ومثابرة‭ ‬العدو،‭ ‬وأن‭ ‬بلوغ‭ ‬الأنثى‭ ‬بظهور‭ ‬الثدي‭ ‬ونزول‭ ‬الحيض؛‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الولادة‭ ‬تقطع‭ ‬بذلك‭.‬

وأشارت‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬القرار‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجمع‭ ‬الفقهي‭ ‬الإسلامي‭ ‬برابطة‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1989،‭ ‬والذي‭ ‬نظر‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬تحويل‭ ‬الذكر‭ ‬إلى‭ ‬أنثى،‭ ‬وبالعكس،‭ ‬والمحددات‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬بشأن‭ ‬تحديد‭ ‬الذكر‭ ‬من‭ ‬الأنثى،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يحل‭ ‬تحويل‭ ‬أحدهما‭ ‬إلى‭ ‬النوع‭ ‬الآخر،‭ ‬وأن‭ ‬محاولة‭ ‬ذلك‭ ‬يعد‭ ‬جريمة‭ ‬يستحق‭ ‬فاعلها‭ ‬العقوبة؛‭ ‬لأنه‭ ‬تغيير‭ ‬لخلق‭ ‬الله‭.‬

وأوضحت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬المجمع‭ ‬الفقهي‭ ‬الإسلامي‭ ‬قد‭ ‬استدرك‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أما‭ ‬من‭ ‬اجتمع‭ ‬في‭ ‬أعضائه‭ ‬علامات‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬فينظر‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬حاله،‭ ‬فإن‭ ‬غلبت‭ ‬عليه‭ ‬الذكورة‭ ‬جاز‭ ‬علاجه‭ ‬طبياً‭ ‬بما‭ ‬يزيل‭ ‬الاشتباه‭ ‬في‭ ‬ذكورته،‭ ‬ومن‭ ‬غلبت‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬الأنوثة‭ ‬جاز‭ ‬علاجه‭ ‬طبياً،‭ ‬بما‭ ‬يزيل‭ ‬الاشتباه‭ ‬في‭ ‬أنوثته،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬العلاج‭ ‬بالجراحة‭ ‬أو‭ ‬بالهرمونات‮»‬‭.‬

ونوهت‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬التقرير‭ ‬الطبي‭ ‬وإجراء‭ ‬الفحوصات‭ ‬السريرية‭ ‬والمخبرية‭ ‬والاشعاعية‭ ‬والجينية‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ ‬تبين‭ ‬للجنة‭ ‬الطبية‭ ‬أن‭ ‬المدعي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الأعضاء‭ ‬التناسلية‭ ‬المبهمة‭ ‬أو‭ ‬متلازمة‭ ‬الاستئناث‭ ‬الخصوي‭ ‬وتبين‭ ‬للجنة،‭ ‬أنها‭ ‬تحمل‭ ‬الكرموسوم‭ (‬46‭ ‬XY‭) ‬الخاص‭ ‬بالذكور،‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬هرمون‭ ‬الذكورة‭ (‬التستوستيرون‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬أعضاء‭ ‬ذكرية‭ ‬بدائية‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬أعضاء‭ ‬التناسلية‭ ‬أنثوية،‭ ‬وما‭ ‬خلصت‭ ‬إليه‭ ‬اللجنة‭ ‬بأن‭ ‬المذكورة‭ ‬هي‭ ‬ذكر،‭ ‬ولديها‭ ‬كل‭ ‬مقومات‭ ‬الذكورة،‭ ‬وسوف‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬تصحيحية‭ ‬لاحقا‭.‬

وأكدت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬حكمها‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬تغييرا‭ ‬لجنس‭ ‬المذكور‭ ‬أو‭ ‬تغييرا‭ ‬لأصل‭ ‬صفة‭ ‬جنس‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬إظهارا‭ ‬لصفات‭ ‬جنس‭ ‬آخر،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬قد‭ ‬جاءت‭ ‬بتحريمه‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الغراء،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬إظهار‭ ‬لحقيقة‭ ‬أصل‭ ‬جنسه‭ ‬الثابت‭ ‬بالأدلة‭ ‬الشرعية‭ ‬والحقائق‭ ‬الواقعية،‭ ‬وحكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬الشرعية‭ ‬بتصحيح‭ ‬وتعديل‭ ‬جنس‭ ‬ابن‭ ‬المدعي‭ ‬من‭ ‬أنثى‭ ‬إلى‭ ‬ذكر،‭ ‬وبعدم‭ ‬اختصاصها‭ ‬بنظر‭ ‬طلب‭ ‬تعديل‭ ‬الاسم،‭ ‬وأمرت‭ ‬بإحالته‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬المدنية‭ ‬المختصة‭.‬

وبدأت‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬مصير‭ ‬المدعي‭ ‬لدى‭ ‬المحكمة‭ ‬المدنية،‭ ‬والتي‭ ‬قدم‭ ‬أمامها‭ ‬المحامي‭ ‬د‭. ‬عبدالله‭ ‬العلي‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬الشرعية،‭ ‬وطلب‭ ‬القضاء‭ ‬بإلزام‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬بتصحيح‭ ‬وتعديل‭ ‬اسم‭ ‬وجنس‭ ‬المدعي‭ ‬في‭ ‬المستندات‭ ‬الثبوتية،‭ ‬حيث‭ ‬أحالت‭ ‬المحكمة‭ ‬الدعوى‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬الأسماء‭ ‬والألقاب‭ ‬والتي‭ ‬انتهت‭ ‬في‭ ‬توصيتها‭ ‬إلى‭ ‬إجابة‭ ‬المدعي‭ ‬لطلبه‭.‬

وأشارت‭ ‬المحكمة‭ ‬المدنية‭ ‬إلى‭ ‬المستقر‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬التمييز‭ ‬بأن‭ ‬لمحكمة‭ ‬الموضوع‭ ‬سلطة‭ ‬تحصيل‭ ‬وفهم‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬الدعوى‭ ‬وتقدير‭ ‬قيمة‭ ‬الأدلة‭ ‬والمستندات‭ ‬المقدمة‭ ‬فيها،‭ ‬وقالت‭ ‬إنه‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬الشرعية‭ ‬القاضي‭ ‬تغيير‭ ‬جنس‭ ‬المدعية‭ ‬إلى‭ ‬ذكر،‭ ‬وما‭ ‬خلصت‭ ‬إليه‭ ‬لجنة‭ ‬الأسماء‭ ‬والألقاب،‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بإلزام‭ ‬المدعى‭ ‬عليهم‭ ‬كل‭ ‬فيما‭ ‬يخصه‭ ‬بتغيير‭ ‬اسم‭ ‬ابنة‭ ‬المدعي‭ ‬وتغيير‭ ‬جنسها‭ ‬إلى‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬وتسجيل‭ ‬ذلك‭ ‬بسجلاتهم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا