في خطوة أثارت ردود فعل متباينة، قرر اتحاد الكرة الطائرة إلغاء فئة الصغار ودمجها مع فئة الأشبال، وذلك تماشيا مع التوجهات الجديدة للاتحادين الآسيوي والدولي، فالقرار فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول جدواه وانعكاساته الفنية، ما دفعنا إلى استطلاع آراء عدد من مدربي الفئات العمرية للوقوف على رؤيتهم وملاحظاتهم بشأن هذا التغيير.
غياب التنافس المتكافئ
ويرى الكابتن عبد الله أمان مدرب فئات المعامير أن فارق العمر الكبير بين مواليد 2011 و2013 سيؤدي إلى غياب التنافس المتكافئ بين اللاعبين، مما سيترتب عليه استبعاد اللاعبين الأصغر سنا من المشاركة الفعلية في المباريات.
وأضاف أن تفاوت البنية الجسمانية بين هذه الأعمار من شأنه أن سيؤثر سلبا على حماس اللاعبين الصغار، حيث إنهم لن يجدوا فرصة حقيقية للمنافسة من حيث القوة البدنية. فهل من المنطقي مثلا أن يلعب طالب في الصف الخامس أو السادس مع طالب في الصف الثاني الإعدادي؟
ويرى مدرب فئات المعامير أنه في حال الإصرار على دمج هذه الفئات، نقترح إعادة النظر في نظام التبديلات داخل المباراة، بحيث يتم إشراك 6 لاعبين في كل شوط وفق التوزيع التالي:
3 لاعبين من مواليد 2011، ولاعبان من مواليد 2012، ولاعب واحد من مواليد 2013، وذلك لضمان مشاركة جميع الأعمار بشكل عادل داخل الملعب.
ولفت إلى أن الكارثة الكبرى، فهي عندما يتكون فريق بأكمله من لاعبي مواليد 2011 ويواجه فريقا معظم لاعبيه من مواليد 2013، فكيف ستكون هناك عدالة أو توازن في مستوى المنافسة؟
وقدم الكابتن عبد الله ملاحظات وصفها بالمهمة للموسم القادم، إذ إن لاعبي مواليد 2013 سيكونون في الصف الأول الإعدادي، ومواليد 2012 في الصف الثاني الإعدادي، ومواليد 2011 في الصف الثالث الإعدادي، مع الأخذ في الاعتبار أن لاعبا من مواليد يناير 2011 قد يواجه لاعبا آخر من مواليد ديسمبر 2013، فهل هناك منطق أو عدالة في هذه المواجهة؟
قرار مفاجئ
وقال الكابتن سيد جميل سيد جمعة مدرب اتحاد الريف إنهم ابتداء كانوا يتأملون بعد نهاية الموسم الرياضي أن يبادر الاتحاد بدعوة جميع أطراف أسرة اللعبة – من مدربين، إداريين، وحكام – لمناقشة مخرجات الموسم من إيجابيات وسلبيات، وذلك بهدف تطوير المسابقات والارتقاء بالمستوى الفني.
وتابع قائلا: لكننا فوجئنا بقرار إلغاء فئة الصغار، وهو قرار نرى أنه ستكون له آثار سلبية مباشرة على مستقبل اللعبة، ومن أبرزها: عزوف اللاعبين الصغار عن الاستمرار في اللعبة، إذ بدلا من استمرارهم في دوري منظم وتنافسي، تم الاكتفاء بتمديد مشاركتهم ضمن «فئة المهرجان»، التي بطبيعتها تقتصر على تدريبات مرتين أسبوعيا، في حين أن بطولاتها محدودة (بطولتان أو ثلاث فقط في الموسم)، وغالبا ما تقام بأسلوب التجمع ولـيوم واحد فقط، ما يفقد اللاعب عنصر الاستمرارية والمنافسة.
وتطرق إلى دمج فئة الشباب بثلاث فئات عمرية مختلفة وقال: إن ذلك سيضعف مستوى المنافسة، ويؤدي إلى تكدس اللاعبين في فريق واحد، مما قد يحرم العديد منهم من فرصة اللعب والمشاركة الفعلية، كما أن هذا القرار قد يصب في مصلحة بعض الأندية فقط، في حين سيتضرر غيرها بشكل واضح.
وختم الكابتن سيد جميل وجهة نظره قائلا: نؤكد في ختام حديثنا أن هدفنا الأساسي من تطوير المسابقات هو خدمة المنتخبات الوطنية، وخلق بيئة تنافسية مستدامة تفرز مواهب حقيقية. لذا فإننا نأمل أن يكون عمل الاتحاد جماعيا وتشاركيا، وأن يتم إشراك جميع أطراف أسرة اللعبة في القرارات المستقبلية، بما يحقق مصلحة اللعبة، ويعزز من فرص نجاحها على كل المستويات.
تكدس في أعداد اللاعبين
ولفت الكابتن إبراهيم الحايكي مدرب الفئات في نادي المحرق إلى أن هذا الدمج سيؤدي إلى تكدس في أعداد اللاعبين على مستوى الفئة الواحدة، ولدينا تجربة سابقة في نادي المحرق قبل موسمين حين لم يكن لدينا فريق لفئة المهرجان، فقمنا بترفيع مواليد 2013 و2014 إلى فئة الصغار، غير أنه ومع اقتراب نهاية الموسم، تسرب ما يقارب نصف الفريق، وكان السبب الرئيسي هو عدم حصولهم على فرصة اللعب.
وأضاف قائلا: يخشى أن يؤدي القرار الجديد من الاتحاد إلى عزوف العديد من اللاعبين عن الاستمرار في ممارسة اللعبة، خصوصا أن ترتيب الكرة الطائرة يأتي في المركز الرابع بين الألعاب الجماعية من حيث الإقبال، مما قد يدفعهم للاتجاه نحو ألعاب أخرى.
ولفت إلى أنهم سبق لهم أن طالبوا الاتحاد بالسماح بإشراك أربعة لاعبين مع الفئة الأعلى، لكنهم برروا رفضهم بأسباب تتعلق بالبنية الجسدية والطول. والسؤال الآن: أين ذهبت هذه المبررات في ظل القرار الجديد؟
ويرى أن وجود فئة الصغار يضمن إقامة مباريات منتظمة، لكن في حال الدمج، سيحرم العديد من اللاعبين من فرصة المشاركة، ويمكن في حال إلغاء فئة الصغار، أن يتم تعويض ذلك بتنظيم مهرجانات شهرية كحل بديل، إلا أن الأجدر بالاتحاد كان الإصرار على استمرار فئة الصغار، فهي المرحلة التي يتعلم فيها اللاعبون أسس الدوران، فضلا عن فارق في عدد اللاعبين بين فئتي المهرجان والصغار.
ويرى أن إلغاء فئة المهرجان قد لا يشكل ضررا كبيرا، لأن اللاعب يكتسب مهارات أكثر أهمية في فئة الصغار مقارنة بالمهرجان، وهنا يطرح التساؤل: هل كان الدافع الحقيقي وراء هذا القرار هو تقليل النفقات؟
وتحدث الحايكي عن فئتي الناشئين والشباب، مشيرا إلى ضعف دوريهما نتيجة قلة عدد المباريات، مما يؤثر سلبا على تطور اللاعبين. وأوضح أن اللاعب حين ينتقل للفريق الأول لا يجد فرصته الحقيقية، بخلاف ما كان عليه الحال في السابق، حيث كان اللاعبون مثل المرحوم جاسم النبهان وحمد عيد يشاركان مع الفريق الأول وهم لا يزالان في فئتي الناشئين أو الشباب.
وأضاف أن فترة التوقف عن اللعب قد تصل إلى تسعة أشهر، وهو أمر يضر بمستوى اللاعب، مشددا على أهمية زيادة عدد المباريات كما هو الحال في لعبتي السلة واليد، لأن فترات التدريب والمنافسة الحالية غير كافية لبناء اللاعب بالشكل السليم.
في ضوء ما أثارته آراء المدربين من مخاوف وتساؤلات، يتضح أن قرار دمج فئتي الصغار والأشبال لم يحظَ بالإجماع داخل الأوساط الفنية، بل كشف عن فجوة في التواصل بين الاتحاد والأندية، وطرح تحديات فنية وتنظيمية قد تؤثر على مستقبل اللعبة. فبينما يسعى الاتحاد لمواكبة توجهات القارات والعالم، فإن الواقع المحلي يتطلب حلولا مدروسة تراعي الفروقات العمرية وتضمن العدالة التنافسية وتوافر فرص اللعب لجميع اللاعبين، ومن هنا، فإن إشراك أصحاب الخبرة في صنع القرار، وإعادة تقييم مخرجات الدمج بعد فترة من التطبيق، سيشكلان خطوة ضرورية لتفادي الأضرار وتعزيز بيئة اللعبة نحو الاستدامة والتطور.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك