يعد طبق فتة الحمص أحد أكثر الأطباق الشعبية شهرة في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، ويمتاز بتنوع نكهاته رغم تشابه مكوناته الأساسية. يتألف الطبق من الحمص المسلوق جيدًا والثوم، ويسكب فوقه اللبن الزبادي المملح، ثم تضاف إليه مكعبات الخبز المحمص أو المقلي، مع لمسة نهائية من الصنوبر المقلي بالزبدة أو السمن، وأحيانًا يضاف إليه اللحم المفروم المطهو بالبهارات.
نكهات متعددة... وهوية واحدة
ورغم تشابه المكونات، تختلف طرق التحضير بحسب المدن والتقاليد، فعلى سبيل المثال في سوريا، وتحديدًا دمشق، يحضر الحمص مطحونًا ويخلط مع اللبن للحصول على قوام كريمي ناعم، وتضاف إليه أحيانًا قطع من اللحم المسلوق أو المقلي، أو حتى «الكوارع»، ما يجعل من الطبق وجبة دسمة وغنية.
وفي فلسطين، تأخذ الفتة طابعًا مميزًا بخلط اللبن مع الطحينة، ما يمنحها مذاقًا أعمق ونكهة ترابية فريدة. وغالبًا ما تحضر بدون سمن أو لحوم، محافظة على بساطتها وروحها الريفية.
أما في لبنان، فتُعرف باسم «التسقية»، وتحضّر بأبسط صورة: حمص، لبن، وخبز. وتقدم غالبًا كوجبة فطور أو سحور رمضاني، من دون إضافات كثيرة، محافظةً على توازن خفيف في الطعم.
وبعيدًا عن الفروقات في التحضير، تتفق جميع نسخ فتة الحمص على شيء واحد: الارتباط العميق بالذاكرة الشعبية. فهي وجبة غنية بالبروتين، والنشويات، والدهون الصحية، وتقدم دائمًا في أجواء عائلية أو ضمن وجبات جماعية، ما يكرس مكانتها في الوعي الجمعي كشكل من أشكال الضيافة والكرم.
وقد يبدو للبعض أن فتة الحمص طبق بسيط، لكنه يحمل في طياته تاريخًا طويلًا من التنوع الثقافي، والتفاعل بين الأقاليم والمدن الشامية. فكل منطقة تضيف لمستها الخاصة، لكنها أبقت على جوهر الطبق وروحه الدافئة.
تراث يؤكل... ويحكى
وفي زمن تتسارع فيه الأطباق العالمية وتتداخل المطابخ، تبقى فتة الحمص مثالًا حيًّا على أن الأكلات الشعبية لا تموت، بل تتطور وتحافظ على جوهرها، وتبقى رمزًا للمحبة والدفء العائلي، حيث يعتبرها البعض أكثر من وصفة طعام، لهذا هي قصة تؤكل وتروى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك