القاهرة - (أ ف ب): دخلت الحرب المتواصلة منذ أكثر من عامين في السودان منعطفا جديدا مع تكثيف قوات الدعم السريع استهداف مناطق يسيطر عليها الجيش بالطائرات المسيّرة، ما ينذر بمرحلة «خطيرة»، وفق ما يرى محللون. وعلى مدى الأسبوع المنصرم، استهدفت طائرات مسيّرة أطلقها الدعم السريع مناطق يسيطر عليها الجيش، وكانت حتى أيام خلت تعتبر آمنة وفي منأى عن المعارك التي اندلعت منذ العام 2023.
وبذلك أمسى الاستقرار الذي حافظ عليه الجيش في مناطق سيطرته محل تساؤل مع تهديد طرق إمداده واستهداف البنى التحتية المدنية وقصف مناطق تبعد مئات الكيلومترات عن أقرب قواعد معلنة للدعم السريع. وترى المحللة السودانية خلود خير أن الضربات تهدف الى «تقويض قدرة الجيش على حفظ الأمن في مناطق سيطرته»، بما يتيح لقوات الدعم السريع توسيع رقعة الحرب من دون تحريك عديدها.
وخلال عامَي الحرب، اعتمد الدعم السريع بشكل رئيسي على الهجمات البرية الخاطفة التي أفضت مرارا إلى كسر دفاعات الجيش وخسارته مدنا رئيسية. لكن منذ إعلان طردها من الخرطوم، لجأت قوات الدعم السريع الى الأسلحة البعيدة المدى التي يتهم الجيش دولة الإمارات العربية المتحدة بإرسالها للدعم السريع. وتنفي أبو ظبي ذلك. ويصف مايكل جونز، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، تحركات الدعم السريع الأخيرة بأنها «تكيّف استراتيجي ضروري وربما يائس».
ويوضح لوكالة فرانس برس أن خسارة الخرطوم تعتبر «تراجعا استراتيجيا ورمزيا» للدعم السريع. وباتت الأخيرة في حاجة إلى أن تبعث رسالة «بأن الحرب مستمرة» عبر استهداف مواقع حيوية، وفقا للباحث في شؤون السودان حامد خلف الله. وقسمت الحرب السودان إلى مناطق نفوذ بين الحليفين السابقين، قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو. ويسيطر الأول على وسط وشرق وشمال البلاد ومعظم العاصمة، بينما يسيطر الثاني على معظم إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.
ولكن حتى مع الاستراتيجية الجديدة، يستبعد خلف الله أن تستعيد قوات الدعم السريع الخرطوم ومدن وسط البلاد، أو تبلغ المقر الموقت للحكومة مدينة بورتسودان (شرق)، عن طريق العمليات البرية بسبب التقدم النوعي للجيش السوداني وخاصة في القدرات الجوية. ويقول خلف الله لفرانس برس إن التحول للهجوم بالمسيرات هدفه فقط «ترهيب وعدم استقرار» في مناطق الجيش.
ويرى جونز أن الطائرات المسيرة وخاصة المسيرات الانتحارية تمكن الدعم السريع من «الوصول لمناطق لم تنجح سابقا في التوغل فيها». وبحسب لواء متقاعد في الجيش، يعتمد مقاتلو الدعم السريع على نوعين من المسيّرات: انتحارية خفيفة وبسيطة الصنع تحمل قذائف وتنفجر عند الاصطدام، ومتطوّرة بعيد المدى قادرة على حمل صواريخ موجهة. كما يحوز الدعم السريع مسيّرات من طراز «سي اتش 95» صينية الصنع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك