كتب رضا الستراوي:
في ليلة استثنائية اجتمع فيها عبق الماضي وتطلعات المستقبل، افتتح مساء أمس مهرجان مسرح الريف الكوميدي العاشر، الذي يتزامن مع احتفالين بارزين في الذاكرة المسرحية البحرينية: مئوية المسرح البحريني، والذكرى العشرين لتأسيس مسرح الريف، أحد أبرز الصروح الأهلية التي أثرت الساحة الفنية بعطاءٍ متواصل ومتميز. بدأ الحفل بعرض افتتاحي بسيط تبعته كلمة افتتاحية لنائب رئيس مجلس إدارة مسرح الريف أحمد عيسى، ألقى فيها الضوء على مسيرة الريف التي امتدت لعقدين من الزمن، قائلاً: «عشرون عامًا من الإبداع والعطاء، شكّلت خلالها الريف منارة في منطقتنا، وملتقى للفنانين والمواهب». وأضاف: «كم هو شرف عظيم أن يتزامن احتفالنا هذا مع مئوية المسرح البحريني، نستذكر فيها كيف تحوّلت بداياتنا المتواضعة إلى واقع ملموس وعروض وورش ومساحات أمل للفن البحريني».
وختم كلمته بإهداء الدورة العاشرة لروح الفنان الراحل حمزة محمد، مؤكداً أن المسرح ليس ترفا، بل وسيلة لطرح قضايا المجتمع ومعالجة هموم المواطن.
من جانبه، ألقى مدير المهرجان جاسم العالي كلمة مؤثرة استهلها بالوقوف دقيقة حداد على روح الراحل حمزة محمد، مذكراً بحضوره في الدورة التاسعة وبصمته التي لا تغيب. وقال: «المسرح بيت الحقيقة المتخفية خلف الأقنعة، ونحن هنا لنصفق للفن لا للتسلية، بل لأنه جزء من هويتنا».
وأعرب العالي عن فخره بتزامن هذا المهرجان مع مرور مائة عام على تأسيس المسرح في البحرين، مشيداً بدور المسرح في التثقيف والتعليم، ومعاهدا باسم مسرح الريف وبقية الفرق الأهلية بالحفاظ على هذا الإرث الثقافي. وأعلن أن المهرجان يتضمن ثلاث مسرحيات وندوتين، موجهاً شكره للداعمين، على رأسهم صحيفة الوطن، الشريك الإعلامي للمهرجان.
وكرّم المهرجان نخبة من رموز الكوميديا البحرينية الذين كان لهم بصمة في المسرح المحلي، وهم: أحمد عيسى، حسن محمد، سامي رشدان، حسين شمعول، عبدالحسين مرهون، وسعيد محمد، وسط تصفيق حار وحضور لافت، تخلله التقاط صورة جماعية تذكارية.
وتواصل الحفل بعرض أرشيفي مقتطف من أبرز المسرحيات التي احتضنها مسرح الريف، تبعه فيديو وثائقي مؤثر عن الفنان الراحل حمزة محمد، جسّد فيه دوره التربوي والفني، حيث كان يرى الطفل مشروع أمة، والمسرح رسالة لا ترفيهاً.
شهادات من زملائه وأصدقائه أثرت القاعة، حيث قال جاسم الحربان: «لم أسمعه يومًا يتحدث بسوء عن أحد»، فيما وصفه أحمد عيسى بأنه فنان لم ينل حقه في الإعلام رغم ما قدمه من تضحيات، وتحدث حمد الحسن عن حضوره الدائم لدعم المسرح، وأكدت مريم زيمان أنه كان فنانًا تربويًا بحق، فيما أشاد جمال الصقر بإنسانيته، وختم ابنه علي حمزة بكلمة مؤثرة قال فيها: «كنت محظوظًا أنني ابن هذا الرجل». وتم تكريم الفنان الراحل وتسليم جائزته لعائلته، كما تم تكريم الدكتور محمد السلمان على إنجازه لكتاب يوثّق سيرة الراحل حمزة محمد.
واختُتم الحفل بعرض مشاهد من مهرجان الريف التاسع، ولقطات من كواليس بروفات المسرحيات الثلاث المشاركة في الدورة الحالية، ليُغلق الستار على ليلة وفاء وفن، حملت رسالة واضحة: مسرح الريف مستمر، والمسرح البحريني لا يزال حيًا بعد مائة عام، وأكثر إبداعًا من أي وقت مضى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك