مخالفات وخلافات.. تزاحم وعدم تعاون..
أطفال بين السيارات.. وسلوكيات أنانية من البعض!
آباء يتساءلون: لماذا اختفى رجال شرطة المجتمع من أمام المدارس؟..
وآخرون يطالبون بدوريات مرور
تصوير- عبدالأمير السلاطنة
هي حالة استنفار تعيشها المدارس كل يوم. ما إن يقرع جرس الانصراف، حتى تتحول المنطقة حول كل مدرسة إلى مسرح تتداخل فيه اعداد الطلاب بطوابير السيارات، وترتفع ابواق المركبات، ويعيش أولياء الأمور والمارة حالة من التشنج لا تخلوا في أحيان كثيرة من المناوشات التي ترفع حرارة الشمس من حرارتها. والمشكلة لا تقتصر على قصور جهود التنظيم من قبل الجهات المعنية، وانما تتضاعف بسبب عدم التزام أولياء الأمور أنفسهم بالنظم وعدم التحلي بالصبر. ووفقا لوصف أحد أولياء الأمور، المظهر العام هو الأنانية الجماعية التي تغلب سلوكيات الكثير من السواق. حيث يقف ولي أو ولية الأمر وقتما شاء واينما شاء وكيفما شاء في وسط الشارع منتظرا ابنه او ابنته، غير آبه او مبال بطوابير السيارات خلفه، وغير مكترث بالاختناق المروري الذي يتسبب به، حتى ان البعض يضطر الى التجاوز من فوق الأرصفة أو المسار المعاكس. وبالطبع تتفاقم الأزمة المرورية تتدريجيا، ويصاحب ذلك كله سير الأطفال بين السيارات بشكل يهدد حتى سلامتهم. فتتحول المنطقة الى ما يشبه الميدان يصارع فيه الجميع كي يأخذ طفله او طفلته ثم يلوذ بالفرار. مع الحاجة الماسة الى وجود دوريات مرور في هذه الأزمة اليومية، فإن شرطة المجتمع كانت تجاهد للتعامل مع هذه المواقف، وإن كان افرادها يفتقدون سلطة توجيه المخالفات او ضبط التجاوزات. ولكن للأسف، وكما يؤكد أولياء أمور حتى هذا الدور اختفى من امام المدارس، وباتت المسؤولية تلقى على حارس الأمن في كل مدرسة. ووفقا للرصد الذي قمنا به لعدد من المدارس الابتدائية والاعدادية، يجتهد حارس الأمن في كل مدرسة من أجل تنظيم مرور الأطفال وحث السواق على ضمان سلاسة سير المركبات وعدم تعطيل الطوابير.
بل أن الطواقم الإدارية والتعليمية في بعض مدارس البنات بما في ذلك المديرة المساعدة والمشرفة الاجتماعية والمدرسات، كانت تتولى مهمة التنظيم والحفاظ على سلامة الطالبات، وكل ذلك تحت اشعة الشمس. وهو امر يشكرن عليه، وتشكر عليه وزارة التربية والتعليم اجمالا.
ولكن وجب التذكير بأن هؤلاء يتحملون مسؤولية فوق مسؤولياتهم، ويمارسون أدوارا ليست ادوارهم، خاصة وان الامر يتعلق بتجاوزات واستهتار وأنانية الكثير من السائقين.
معاناة يومية
ونحن نرصد المنظر في طريق أمام احدى المدارس الابتدائية، تقدم لنا ولي أمر وطلب ابداء رأيه. بدا عليه القلق وهو يجول بنظره يمينا ويسارا. قال: لا اشعر بالأمان على اطفالي هنا. فكل يوم آتي مشيا على الاقدام واعود مع ابنتي الصغيرة مشيا وذلك تجنبا لمشاكل السيارات. حيث نعاني من تهور الكثير من أولياء الأمور وعدم اكتراثهم بالاخرين. تصور ان الواحد منهم يصر على الوقوف في وسط الشارع لانتظار الطالب، وعلى الجميع خلفه ان ينتظروا او يتدبروا أنفسهم!
والأسوأ هو الأطفال الذين ينتشرون بين السيارات. فحارس أمن واحد لا يستطيع ان يسيطر على هذه الاعداد الكبيرة.
وعلى الوتيرة ذاتها حدثنا ولي أمر (ابوحسين)، قائلا: أعاني الأمرين عند توصيل أولادي للمدرسة وعند إرجاعهم للبيت، خاصة وأن المنطقة فيها ثلاث مدارس تقع داخل حي سكني ولا تبعد المدرسة عن الأخرى أكثر من خمسين إلى مائة متر. فكيف لشارع لا يتعدى عرضه عشرة أمتار وطوله لا يتجاوز مائة متر أن يستوعب عدد المركبات الشخصية لأولياء الأمور دونك الباصات الكبيرة التي توفرها الوزارة لنقل الطلاب أضف عليهم خروج الموظفين والموظفات لمقار أعمالهم.
لذلك أجد شخصيا صعوبة في توصيل أولادي في الوقت المناسب إلا إذا أجبرتهم على الاستيقاظ المبكر جدا وهذا يخلق حالة من الحنق لديهم.
أما عند ساعة الانصراف فالأمر أسوأ، وعليك أن (تشيل عمرك) وتتدبر أمرك من اجل الخروج من زحمة المنطقة واكتظاظ الشارع وتشابك السيارات مع بعضها البعض. وما يضاعف المشاكل هو عدم وجود مسار خاص للباصات (الصفراء) أو مكان مخصص لإنزال أولادنا بالقرب من المدرسة.
ونتيجة لكل ذلك، نجد الفوضى العارمة، وأبواق السيارات لا تتوقف، والكثير من أولياء الأمور يتفننون في الوقوف الخاطئ سواء وسط الشارع وإما على جانبي الطريق وعليك أنت أن تجيد لعبة (الحية) كي تخرج سالما.
وبالمقابل فإن حارس الأمن التابع للمدرسة لا يملك حيلة سوى رفع يده اليمنى تارة والتلويح باليسرى تارة أخرى في محاولة منه لتسريع عملية مرور المركبات وإنزال الطلاب منها بسرعة البرق.
أما أم هادي، فحدثتنا عن تجربتها قائلة: اضطر الى ان اقل ابنتي يوميا من المدرسة. ولكنني اتعمد ركن سيارتي في مكان بعيد جدا لأنني على قناعة بأن الاقتراب من المدرسة يعني دخول معركة لا اعلم نتائجها، خاصة مع ما اعتبره انانية عند الكثير من أولياء الأمور وعدم اكتراث بالآخرين. وبالتالي اضطر الى المشي مع ابنتي مسافة طويلة تحت اشعة الشمس، ولكنه أسهل عليه من الدخول في هذا المعترك.
مواطن آخر روى لنا تجربة مر بها قائلا: كنت انتظر مغادرة سيارة ولي امر كي أركن سيارتي مكانها لأن أخلاقي لا تسمح لي بان أقف بالشكل الذي يقف به الكثيرون وسط الشارع. وبعد طول انتظار تحركت السيارة، وعندما هممت بالدخول في الموقف، فوجئت بولية أمر تحاول ان تأخذ الموقف قبلي على الرغم من انني قد أعطيت الإشارة وانا انتظر منذ مدة، وهنا نبهتها من خلال بوق السيارة ولم اعطها مجالا لتأخذ الموقف. ولكنها بالمقابل فتحت النافذة وانهالت علي بالشتم أمام الاخرين! ولا اعلم كيف تعتبر هذه الأم نفسها قدوة لأطفالها المصاحبين لها.
سائقو الباصات.. ضحية
ممن يقع ضحية هذا الوضع هم سائقو الباصات الكبيرة التي تقل الاف الطلبة. وهذا ما دفعنا الى إجراء أحاديث ودية مع بعضهم للوقوف على معاناتهم اليومية. وفي الواقع كان تناول هذا الموضوع بالنسبة الى بعضهم فرصة للبوح بما في صدورهم من معاناة يومية. فوفقا لهم، المشكلة الأساسية تكمن في عدم تعاون الكثير من السائقين واولياء الأمور، بل والقيام بسلوكيات تعرض الطلبة لمخاطر. ومن ذلك تجاوز الحافلة بشكل خطر على الرغم من وجود إشارة تبين أن هناك طلبة يمرون ويجب اتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على سلامة الأطفال.
ومن المشاكل أيضا الوقوف في الأماكن المخصصة للحافلات. وهذا ما يضطر أصحاب الباصات الى الوقوف في الطريق والتسبب بإعاقة حركة السير، لأن الباص يجب ان يقف في موقع محدد.
كما أن الكثير من أولياء الأمور ينتظرون في وسط الطريق أو فوق الأرصفة أو يسيرون بالاتجاه المعاكس. وكل ذلك يتسبب بمشاكل مرورية، وتزداد المشكلة بالنسبة الى الباصات الكبيرة.
ووفقا لسائقي الباصات، فإنهم يعجزون في كثير من الأحيان عن التعامل مع المشكلة لأن اغلب أولياء الأمور من الأمهات، وهم يتجنبون التصادم معهم لان التعامل معهن اصعب من الرجال!.
ويضيفون: بشكل مستمر تحدث خلافات ومناوشات بين السائقين بسبب التجاوزات وعدم التعاون او عدم الانتظار واحترام الأدوار.
وربما كان الوضع أفضل عندما كان هناك رجال شرطة المجتمع ينظمون السير نوعا ما، ولكن لم يعد لهم حضور مؤخرا، ومن يقوم بدورهم هو حارس الامن الذي يعجز عن اقناع السواق بالتعاون معه.
شكاوى الأهالي
هذه المشكلة ناقشناها مع عضو المجلس البلدي الشمالي الأستاذة زينب الدرازي، وسألناها إذا ما كانت هناك مشكلة تتعلق بالاختناقات المرورية والتنظيم.
وهذا ما اجابت عنه بقولها: في الواقع هناك مشكلة حقيقية تتعلق بالاختناقات المرورية والتنظيم ساعة الانصراف من المدارس. فغالبًا ما تتزايد حركة المرور في هذه الفترات بسبب تجمع السيارات والأهالي، ما يؤدي إلى ازدحام مروري شديد. وهذا يمكن أن يتسبب في تأخير وصول الطلاب إلى منازلهم ويزيد من مخاطر الحوادث.
وهذه المشكلة تتطلب تنسيقًا بين المدارس والإدارة العامة للمرور وشرطة المجتمع مثل تخصيص مناطق انتظار محددة، وتحديد مواعيد مرنة، وتوعية أولياء الأمور بأهمية الالتزام بالقوانين المرورية.
فللأسف، عدم التزام أصحاب المركبات بالقواعد المرورية يمكن أن يفاقم مشكلة الاختناقات المرورية ساعة الانصراف من المدارس. وعندما يقوم السائقون بالوقوف في أماكن غير مخصصة أو يتجاهلون إشارات المرور، فإن ذلك يؤدي إلى اختناقات إضافية وزيادة في الازدحام.
كما تؤدي السلوكيات غير المسؤولة مثل السرعة أو التسبب في حوادث صغيرة إلى تفاقم الوضع.
وبالتالي قد تمثل ساعات الانصراف خطورة كبيرة على سلامة الأطفال الذين يعبرون الطرق، خاصةً في ظل الازدحام المروري وكثرة المركبات. فالأطفال قد لا يكون لديهم الوعي الكافي بالمخاطر المرورية، وقد يتصرفون بشكل غير متوقع عند عبور الشوارع.
وتتزايد المخاطر بسبب عدة عوامل، منها:
- عدم الالتزام بالقوانين. فالعديد من السائقين قد لا يلتزمون بإشارات المرور أو السرعة المسموح بها، ما يزيد من احتمال وقوع حوادث.
- الرؤية المحدودة في أوقات الازدحام بسبب عدد المركبات، ما يجعل من الصعب على السائقين رؤية الأطفال.
- التشتت بسبب الهواتف الذكية أو محادثات مع الركاب، ما يؤثر على انتباههم.
- افتقار بعض المناطق المحيطة بالمدارس إلى إشارات مرور واضحة أو مناطق عبور آمنة، ما يزيد من المخاطر.
لذا من المهم اتخاذ تدابير وقائية، مثل توفير إشارات مرورية واضحة، وتنظيم حملات توعية للسائقين والأهالي، وتخصيص مناطق آمنة لعبور الأطفال.
كما أن تحسين الوعي المروري بين السائقين وتعزيز الالتزام بالقوانين يمكن أن يساعد في تخفيف هذه المشكلة.
* هل تصلك شكاوى تتعلق بهذا الشأن؟
** بدوري كعضو مجلس بلدي، أتلقى الكثير من الشكاوي والملاحظات من المواطنين ومن إدارات المدارس وأهالي المنطقة. وهذه الملاحظات والشكاوى يتم رفعها إلى الجهات المختصة للإسهام في تقليص هذه اختناقات المرورية في أوقات انصرف الطلاب، خاصة وأنه غالبا ما يعبر الأهالي عن قلقهم بشأن سلامة أطفالهم وكذلك التأخيرات التي يتعرضون لها بسبب الازدحام.
ويمكنني تأكيد أن وجود لجنة خاصة لدراسة السلامة المرورية لمحيط المدارس وذلك للوقوف على وجود حلول تسهم في تقليل هذه الازدحامات تسمى اللجنة المدارس والتي تهدف إلى وجود جميع الجهات المختصة التي لها علاقة مباشرة. وهذه اللجنة تضم ممثلين من وزارة الاشغال ووزارة التربية ووزارة الداخلية وغيرها من الجهات المعنية. حيث ننظم زيارات وجولات دورية للمدارس ونقف على مشاكلها. وللأمانة نجد لشرطة المجتمع وجودا ودورا حيويا في الفترة الصباحية والمسائية وإسهاما في تخفيف من حدة المشكلة خاصة في المناطق السكنية التي تضم أكثر من مدرسة وفي شوارع ضيقة.
ومن الحلول المقترحة هنا:
- التعاون مع شرطة المجتمع لتنظيم حركة المرور حول المدرسة، مثل تخصيص مسارات خاصة للسيارات ولعبور المشاة.
- توقيت مرن للانصراف لتقليل عدد الطلاب الذين يغادرون المدرسة في نفس الوقت.
- تركيب إشارات مرورية واضحة ومناطق عبور آمنة، مع وجود مشرفين على السلامة للمساعدة في تنظيم عبور الطلاب.
- تنظيم حملات توعية لأولياء الأمور والسائقين حول أهمية الالتزام بالقوانين المرورية وسلامة الأطفال.
- إجراء استطلاعات دورية لأولياء الأمور والطلاب لجمع ملاحظاتهم واقتراحاتهم بشأن تحسينات ممكنة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك