العدد : ١٧٢٠١ - الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠١ - الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٦هـ

الصفحة الأخيرة

تحذيرات صارمة من مخاطر وبائية جديدة بـسـبـب ذوبـان الـجـلـيد في القطب الشمالي

الأحد ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

كشف‭ ‬علماء‭ ‬متخصصون‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬البشرية‭ ‬والبيئية‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬صحية‭ ‬جديدة‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬ذوبان‭ ‬الجليد‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭.‬

ووفقا‭ ‬للفريق‭ ‬العلمي‭ ‬فإن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬يفتح‭ ‬مسارات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لانتشار‭ ‬أمراض‭ ‬معدية‭ ‬مثل‭ ‬الحمى‭ ‬المالطية‭ ‬والتولاريميا‭ ‬والإشريكية‭ ‬القولونية‭. ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬دولية‭ ‬شاملة‭ ‬نشرتها‭ ‬مجلة Science of the Total Environment شارك‭ ‬فيها‭ ‬علماء‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬مؤسسة‭ ‬علمية‭ ‬عبر‭ ‬أوروبا‭ ‬وكندا‭.‬

وتشير‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ذوبان‭ ‬الصقيع‭ ‬الدائم‭ (‬permafrost‭) ‬يخلق‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬لانتشار‭ ‬الأوبئة،‭ ‬إذ‭ ‬يصبح‭ ‬بإمكان‭ ‬البشر‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬كانت‭ ‬معزولة‭ ‬سابقا،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬المجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬والنظم‭ ‬البيئية‭ ‬القطبية‭. ‬لكن‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬إطلاق‭ ‬ميكروبات‭ ‬قديمة‭ ‬ظلت‭ ‬مجمدة‭ ‬تحت‭ ‬طبقات‭ ‬الجليد‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬أمراضا‭ ‬مجهولة‭ ‬أو‭ ‬سلالات‭ ‬من‭ ‬البكتيريا‭ ‬والفيروسات‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الجهاز‭ ‬المناعي‭ ‬البشري‭ ‬معتادا‭ ‬على‭ ‬مواجهتها‭. ‬ويوضح‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬مجاهد‭ ‬عباس‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الشارقة،‭ ‬أحد‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬الدراسة،‭ ‬أن‭ ‬ذوبان‭ ‬الصقيع‭ ‬الدائم‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬تأثيره‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الخرائط‭ ‬الجغرافية،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الخريطة‭ ‬الوبائية‭ ‬العالمية،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬لن‭ ‬يبقى‭ ‬محصورا‭ ‬هناك،‭ ‬وحذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تخلق‭ ‬تأثيرات‭ ‬متتالية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬المناطق‭.‬

وخلال‭ ‬هذه‭ ‬المراجعة‭ ‬العلمية‭ ‬حلل‭ ‬العلماء‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬ووثائق‭ ‬حكومية‭ ‬من‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي،‭ ‬مع‭ ‬تركيز‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬كندا‭ ‬وألاسكا‭ ‬وغرينلاند‭ ‬وشمال‭ ‬أوروبا‭. ‬وشرح‭ ‬الدكتور‭ ‬عباس‭: ‬هدفنا‭ ‬هو‭ ‬فهم‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تعلمها‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬لمساعدة‭ ‬المجتمعات‭ ‬القطبية‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬للمخاطر‭ ‬الصحية‭ ‬المستقبلية‭. ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والتلوث‭ ‬يؤثران‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الحيوان‭ ‬والإنسان‭ ‬معا،‭ ‬وبحثنا‭ ‬تناول‭ ‬كيفية‭ ‬ترابط‭ ‬هاتين‭ ‬القوتين‭. ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬حرارة‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬معظم‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭ ‬نشهد‭ ‬تغيرات‭ ‬في‭ ‬البيئة،‭ ‬مثل‭ ‬ذوبان‭ ‬الصقيع‭ ‬الدائم‭ ‬وتحول‭ ‬النظم‭ ‬البيئية،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬بين‭ ‬الحيوانات‭ ‬والبشر‭. ‬وكشفت‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬نمطين‭ ‬رئيسيين‭ ‬للخطر‭: ‬الأول‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬النشاط‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬متاحة‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬الغطاء‭ ‬الجليدي،‭ ‬حيث‭ ‬تجتذب‭ ‬المنطقة‭ ‬صناعات‭ ‬جديدة‭ ‬ومسالك‭ ‬ملاحية،‭ ‬ما‭ ‬يرفع‭ ‬معدلات‭ ‬الاحتكاك‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬والحيوانات‭ ‬البرية‭. ‬أما‭ ‬النمط‭ ‬الثاني‭ ‬فيرتبط‭ ‬بإحياء‭ ‬الميكروبات‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنشط‭ ‬مع‭ ‬ذوبان‭ ‬الجليد‭ ‬الدائم،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬المحفوظة‭ ‬في‭ ‬بقايا‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عصور‭ ‬جيولوجية‭ ‬سابقة‭. ‬ويؤكد‭ ‬العلماء‭ ‬ضرورة‭ ‬تبني‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬الصحة‭ ‬الواحدة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعالج‭ ‬الصحة‭ ‬البشرية‭ ‬والحيوانية‭ ‬والبيئية‭ ‬كمنظومة‭ ‬متكاملة،‭ ‬داعين‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬أنظمة‭ ‬المراقبة‭ ‬المبكرة‭ ‬وتعاون‭ ‬دولي‭ ‬عاجل‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭. ‬كما‭ ‬يلفتون‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬دمج‭ ‬المعرفة‭ ‬المحلية‭ ‬للسكان‭ ‬الأصليين‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الإنذار‭ ‬المبكر،‭ ‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬خبرات‭ ‬تراكمية‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬التغيرات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭. ‬ويختتم‭ ‬الدكتور‭ ‬عباس‭ ‬بالتشديد‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬لهذه‭ ‬التهديدات‭: ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬لا‭ ‬تذيب‭ ‬الجليد‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تذيب‭ ‬أيضا‭ ‬الحواجز‭ ‬بين‭ ‬الأنظمة‭ ‬البيئية‭ ‬والأنواع‭ ‬الحية‭. ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬تحول‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الوبائي‭ ‬العالمي‭ ‬يتطلب‭ ‬استجابة‭ ‬منسقة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬لم‭ ‬تشهده‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

وتعد‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬بمثابة‭ ‬جرس‭ ‬إنذار‭ ‬للحكومات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الصحية‭ ‬للتحرك‭ ‬العاجل‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭. ‬وتؤكد‭ ‬الدراسة‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التعاون‭ ‬البحثي‭ ‬متعدد‭ ‬التخصصات‭. ‬وأشار‭ ‬الدكتور‭ ‬عباس‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النتائج‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬اتحاد‭ ‬دولي‭ ‬يضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬مؤسسة‭ ‬عبر‭ ‬أوروبا‭ ‬وكندا،‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التبادل‭ ‬المعرفي‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا