نيويورك - (أ ف ب): ندّدت عشرات الجامعات الأمريكية بينها ييل وبرينستون وهارفرد أمس الثلاثاء بـ«التدخل السياسي» لإدارة ترامب، في خضم اختبار القوة مع جامعة هارفرد بشأن تجميد الدعم الفدرالي المخصص لهذه المؤسسة التربوية المرموقة. وقال المئات من موقّعي البيان المشترك الذي يجمع رؤساء جامعات ومسؤولي جمعيات «نتحدث بصوت واحد ضد التدخل الحكومي غير المسبوق والتدخل السياسي الذي يهدد التعليم العالي الأمريكي». ووقّع البيان رؤساء خمس جامعات هي براون وكورنيل وهارفرد وبرينستون وييل، الأعضاء في رابطة آيفي ليغ التي تضم ثماني من أشهر جامعات البلاد.
ورفعت هارفرد الإثنين دعوى قضائية ضدّ إدارة دونالد ترامب، في تصعيد حاد للخلاف المفتوح بين الجانبين. وسعى ترامب للسيطرة على عدد من الجامعات الكبرى بعد ان اتهمها بالتساهل مع «معاداة السامية» لسماحها بقيام تظاهرات في حرمها تنتقد إسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة، فهدد بقطع التمويل عنها وسحب الإعفاءات الضريبية الممنوحة لها ومنعها من تسجيل طلاب أجانب. غير أن هارفرد رفضت الرضوخ لهذه المطالب.
وقالت الجامعة في دعواها: إنّ «هذه القضية تتعلّق بجهود الحكومة لاستخدام تجميد التمويل الفدرالي كوسيلة ضغط للسيطرة على عملية صنع القرارات الأكاديمية في هارفرد». ووصفت هارفرد، إحدى أبرز جامعات «رابطة آيفي» لمؤسسات نخبة النخبة، قرارات ترامب بأنّها «تعسّفية ومتقلّبة»، مشيرة إلى أنّ «تصرّفات الحكومة لا تنتهك التعديل الأول للدستور فحسب، بل تنتهك أيضا القوانين واللوائح الفدرالية».
وأثارت هارفرد غضب ترامب لرفضها الإذعان لمطالب البيت الأبيض بفرض رقابة عليها في مجال عمليات القبول والتوظيف والتوجه السياسي، وأمر الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي بتجميد 2.2 مليار دولار من التمويل الفدرالي لها. وتطالب الدعوى بإعلان تجميد التمويل والشروط المفروضة على المعونات الفدرالية غير قانونية، وبإلزام الإدارة بدفع نفقات الجامعة. وبرر ترامب وإدارته هذه الحملة على الجامعات باتهامها بتشجيع «معاداة السامية» وبضرورة التصدي لبرامج تعزيز التنوع والمساواة والشمول، الرامية بالأساس إلى معالجة التباين الناجم عن قمع تاريخي للأقليات.
وتصدت جامعات أمريكية عدة بما فيها هارفرد، للاحتجاجات بعد ورود شكاوى بشأن معاداة السامية في ذلك الحين، وقامت هارفرد التي تتخذ مقرا في كامبريدج بوضع 23 طالبا تحت المراقبة وحرمان 12 طالبا آخر من الحصول على شهاداتهم، على ما أفاد منظمو التظاهرات. وكتب ترامب عبر منصته «تروث سوشال» الأسبوع الماضي «لم تعد هارفرد تعتبر حتى مكانا لائقا للتعلّم، ويجب عدم إدراجها على أي قائمة لأفضل جامعات ومعاهد العالم». وتابع المنشور «هارفرد مهزلة، تُعلم الكراهية والحماقة، ويجب ألا تتلقى بعد الآن تمويلا فدراليا».
وقال رئيس الجامعة آلان غاربر إن إدارة ترامب باشرت «تحقيقات عديدة» بشأن عمل الجامعة.
وأعرب غاربر الأسبوع الماضي عن رفضه القاطع «التفاوض على استقلالية (هارفرد) أو حقوقها الدستورية». وهارفرد هي أول جامعة تقف بوجه ترامب، بعدما رضخت جامعات كبرى أخرى بينها جامعة كولومبيا لمطالب أقل تشددا من الإدارة الأمريكية التي ترى أن النخب الجامعية في الولايات المتحدة منحازة إلى اليسار. كما هدد مجلس الأمن القومي بتقويض قدرة جامعة هارفرد على تسجيل طلاب أجانب ما لم تسلم سجلات حاملي تأشيرات الدخول في ما يتعلق بـ«أنشطة غير قانونية وعنيفة» انخرطوا فيها.
ويشكل الطلاب الدوليون 27.2% من مجموع الطلاب المنتسبين إلى الجامعة في هذه السنة الدراسية، وفق ما أوردت على موقعها الإلكتروني. وأكدت الجامعة في دعواها «لا تخطئوا الظنّ بتاتا: إنّ جامعة هارفرد ترفض معاداة السامية والتمييز بكل أشكاله، وتسعى بجدّ لإجراء إصلاحات هيكلية للقضاء على معاداة السامية في حرمها الجامعي». وأضافت أنّه «بدلا من الانخراط مع هارفرد في هذه الجهود المتواصلة، أعلنت الحكومة تجميدا شاملا لتمويل الأبحاث الطبية والعلمية والتكنولوجية وغيرها من الأبحاث التي لا علاقة لها بمعاداة السامية».
وتصب ادعاءات ترامب بشأن التنوع في سياق مآخذ قديمة يعبر عنها المحافظون معتبرين أن الجامعات الأمريكية مسرفة في الليبرالية وتستبعد الأصوات اليمينية وتعطي الأفضلية للأقليات. لكن البيت الأبيض يطالب بالنسبة إلى هارفرد بمستوى رقابة غير مبسوق على العمل الداخلي لأقدم وأغنى جامعات الولايات المتحدة وواحدة من المؤسسات التعليمية والبحثية التي تحظى بأكبر قدر من الاحترام في العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك