العدد : ١٧١٧٤ - الاثنين ٣١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٤ - الاثنين ٣١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ شوّال ١٤٤٦هـ

الاسلامي

نصائح رمضانية :
اختصاصية نفسية: التربية الدينية الصارمة تؤدي إلى اضطرابات نفسية

تقديم: ياسمين العقيدات

الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

أكدت‭ ‬أبرار‭ ‬المغلق‭ ‬اختصاصية‭ ‬نفسية‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬الدينية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬نقل‭ ‬للتعاليم‭ ‬العقائدية‭ ‬أو‭ ‬تلقينٍ‭ ‬للنصوص‭ ‬المقدسة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬نفسية‭ ‬عميقة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬شخصية‭ ‬الفرد‭ ‬وتوجيه‭ ‬سلوكه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فمن‭ ‬منظور‭ ‬علم‭ ‬النفس،‭ ‬تتكون‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬لدى‭ ‬الطفل‭ ‬عبر‭ ‬بيئته‭ ‬المباشرة،‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬للتجربة‭ ‬والنموذج‭ ‬القدوة‭ ‬تأثير‭ ‬يفوق‭ ‬التعليم‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬التقليدي‭. ‬فالطفل‭ ‬لا‭ ‬يكتسب‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬الأوامر‭ ‬والتعليمات‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحاكاة‭ ‬ومعايشة‭ ‬المشاعر‭ ‬والسلوكيات‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬في‭ ‬أسرته‭ ‬ومحيطه‭.  ‬

وأضافت‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬قُدّمت‭ ‬التربية‭ ‬الدينية‭ ‬بأسلوب‭ ‬صارم‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التخويف‭ ‬والعقاب،‭ ‬فقد‭ ‬تتشكل‭ ‬لدى‭ ‬الطفل‭ ‬صورة‭ ‬سلبية‭ ‬عن‭ ‬الدين،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اضطراب‭ ‬نفسي‭ ‬بين‭ ‬الامتثال‭ ‬الظاهري‭ ‬والرفض‭ ‬الداخلي‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬غُرست‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشجيع،‭ ‬والتجربة‭ ‬الحياتية،‭ ‬وربطها‭ ‬بالمعاني‭ ‬الإنسانية‭ ‬كالرحمة‭ ‬والتسامح،‭ ‬فإن‭ ‬الطفل‭ ‬ينمو‭ ‬بروح‭ ‬متوازنة،‭ ‬يرى‭ ‬فيها‭ ‬الدين‭ ‬مصدرًا‭ ‬للطمأنينة‭ ‬والأمان‭ ‬النفسي،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬منظومة‭ ‬صارمة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬تسلبه‭ ‬حريته‭. ‬فالتربية‭ ‬الدينية‭ ‬الناجحة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الطفل‭ ‬يعيش‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يحفظها‭ ‬فقط،‭ ‬حيث‭ ‬يتبناها‭ ‬عن‭ ‬اقتناع‭ ‬داخلي،‭ ‬وليس‭ ‬استجابةً‭ ‬لضغط‭ ‬خارجي‭.  ‬

وبينت‭ ‬أن‭ ‬الصوم‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬انقطاع‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬تجربة‭ ‬نفسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تهذيب‭ ‬النفس‭ ‬وتعزيز‭ ‬الروابط‭ ‬الإنسانية‭. ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬الأسرة‭ ‬باعتبارها‭ ‬المدرسة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تغرس‭ ‬في‭ ‬الطفل‭ ‬معنى‭ ‬الصيام،‭ ‬ليس‭ ‬كواجب‭ ‬ديني‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كقيمة‭ ‬حياتية‭ ‬تعكس‭ ‬مفاهيم‭ ‬إنسانية‭ ‬جوهرية‭ ‬مثل‭ ‬الصبر،‭ ‬والانضباط،‭ ‬والتضامن‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬كما‭ ‬يتطلب‭ ‬غرس‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬في‭ ‬الطفل‭ ‬نهجًا‭ ‬تدريجيًا‭ ‬بسيطًا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬مستوى‭ ‬إدراكه‭ ‬وطاقته‭ ‬الجسدية،‭ ‬بحيث‭ ‬يُفضل‭ ‬تعريفه‭ ‬بالصيام‭ ‬بشكل‭ ‬مرن‭ ‬قبل‭ ‬سن‭ ‬التكليف،‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬يستكشف‭ ‬التجربة‭ ‬دون‭ ‬شعور‭ ‬بالإجبار،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التهيئة‭ ‬العقلية‭ ‬للطفل‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬أساسيًا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬شرح‭ ‬واضح‭ ‬لمفهوم‭ ‬الصيام‭ ‬بأساليب‭ ‬محفزة،‭ ‬مثل‭ ‬القصص‭ ‬التربوية،‭ ‬أو‭ ‬النمذجة،‭ ‬أو‭ ‬الحوار‭ ‬الإيجابي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إدماج‭ ‬اللعب‭ ‬كوسيلة‭ ‬تعليمية،‭ ‬مما‭ ‬يمنحه‭ ‬مساحة‭ ‬للتساؤل‭ ‬والفهم‭ ‬الذاتي‭.  ‬

فلو‭ ‬رأينا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬نفسي،‭ ‬فإنّ‭ ‬وعي‭ ‬الطفل‭ ‬يتشكل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللعب‭ ‬والتجربة‭ ‬والمعايشة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اعتماده‭ ‬على‭ ‬الأوامر‭ ‬المجردة‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬عندما‭ ‬يرى‭ ‬الطفل‭ ‬والديه‭ ‬يصومان‭ ‬برضا‭ ‬وسكينة،‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬ارتباط‭ ‬شرطي‭ ‬إيجابي‭ ‬بالصيام،‭ ‬مدركًا‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬حرمان‭ ‬جسدي،‭ ‬بل‭ ‬وسيلة‭ ‬للسمو‭ ‬الروحي‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬ارتبط‭ ‬الصيام‭ ‬لديه‭ ‬بالتذمر‭ ‬والشكوى‭ ‬والغضب،‭ ‬فقد‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬نفسي‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬تجربة‭ ‬روحانية‭ ‬تنمي‭ ‬شخصيته،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬دور‭ ‬التشجيع‭ ‬والثواب‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬السلوك‭ ‬المرغوب،‭ ‬فالسلوك‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬دعمه‭ ‬إيجابيًا‭ ‬يصبح‭ ‬أكثر‭ ‬ترسخًا‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬عندما‭ ‬يُكافأ‭ ‬الطفل‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مادية‭ -‬مثل‭ ‬الإشادة‭ ‬بجهوده،‭ ‬أو‭ ‬منحه‭ ‬تجربة‭ ‬ممتعة‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭- ‬فإنه‭ ‬يربط‭ ‬الصيام‭ ‬بمشاعر‭ ‬إيجابية،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬دافعيته‭ ‬لممارسته‭ ‬برغبة‭ ‬داخلية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بأنه‭ ‬التزام‭ ‬مفروض‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا