يناقش مجلس الشورى في جلسته الأحد القادم اقتراحا بقانون بشأن المسؤولية الطبية -بصيغته المعدلة- ووافقت لجنة الخدمات على الاقتراح المقدم من د. جميلة السلمان ود. جهاد الفاضل ودلال الزايد ود. ابتسام الدلال ود. هاني الساعاتي، لأن الاقتراح بقانون يتفق مع ما ورد في برنامج عمل الحكومة (2023 - 2026) الذي يهدف إلى تعزيز جودة الخدمات الصحية والارتقاء بأداء المؤسسات الصحية وكوادرها الوطنية، ذلك أن وجود قانون مستقل للمسؤولية الطبية يضع إطارًا قانونيًا واضحًا يُلزم المؤسسات الصحية ومقدمي الخدمة بمعايير مهنية دقيقة عند تقديم الرعاية الصحية، ويُحفز على تطوير الخبرات والاطلاع الدائم على التطورات العلمية والطبية.
وأكدت اللجنة أن الاقتراح بقانون يعد أحد الخطوات نحو تعزيز ودعم السياحة العلاجية في مملكة البحرين باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجية قطاع السياحة للفترة (2022 - 2026)، ذلك أن وجود قانون مستقل ينظم أحكام المسؤولية الطبية، ويبين آليات المحاسبة وإجراءاتها بشكل واضح وشفاف لجميع المهن الصحية سيشعر المرضى بالثقة والطمأنينة، مما يجعل المملكة وجهة مفضلة للمرضى الذين يبحثون عن خدمات علاجية متطورة ومضمونة الجودة، وهو ما سوف ينعكس إيجابًا على تعزيز إيرادات القطاع الصحي وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني.
واتفقت اللجنة مع فكرة الاقتراح بقانون التي تسعى إلى توحيد الإطار القانوني لأحكام المسؤولية الطبية في قانون خاص ومستقل، إذ إن المعمول به في الوقت الحالي أن أحكام المسؤولية الطبية موزعة على قوانين بحسب كل مهنة.
وأشارت إلى أن الاقتراح بقانون يسهم في تعزيز الثقة في المنظومة الصحية باعتبارها حجر الأساس لأي نظام صحي ناجح، إذ يسعى إلى حماية حقوق المريض من خلال وضع ضمانات قانونية تُلزم المؤسسات ومقدمي الخدمة بتقديم الرعاية وفقًا لأعلى المعايير المهنية والأصول الطبية، وتبصيره بكل أمانة ودقة بكل ما يتعلق بحالته الصحية.
وأكدت أن الاقتراح بقانون يسهم في تحديد المسؤوليات الطبية الملقاة على عاتق مقدمي الخدمة بدقة ووضوح، إذ يبين واجباتهم ومسؤولياتهم، والمحظورات التي يجب عليهم الامتناع عن أدائها، فضلاً عن تحديد الحقوق التي يتمتع بها المريض والتي يجب على مقدمي الخدمة كفالتها، مما ينعكس إيجابًا على توفير البيئة الآمنة التي تحمي الكوادر الطبية والصحية.
ولفتت اللجنة إلى أن الاقتراح بقانون كفل حماية خصوصية المريض وسرية معلوماته الطبية باعتبارها حقًا أصيلاً يضمن احترام كرامته ويعزز ثقته في النظام الصحي، ومع ذلك، فإن الاقتراح بقانون يُدرك أن ثمة حالات استثنائية قد تستدعي إفشاء هذه المعلومات لأسباب محددة ومبررة، شريطة أن تكون منظمة قانوناً وبإطار ضيق.
واشترط الاقتراح بقانون أن تكون موافقة المريض على أي إجراء طبي مبنية على فهم دقيق وواضح للمرض وخيارات العلاج المتاحة، مع التأكد من قدرة المريض العقلية على استيعاب هذه المعلومات واتخاذ قرار مناسب، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى تعليم المريض وخبرته احترامًا للفروق الفردية وضمانًا لتقديم المعلومات بطريقة تتناسب مع قدرته الشخصية على الفهم.
ويتبنى الاقتراح بقانون إنشاء اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، حيث يعد خطوةً جوهريةً نحو تنظيم أحكام المسؤولية الطبية تسهم في تعزيز الشفافية والوضوح والمساءلة.
وبينت اللجنة أن الاقتراح بقانون جاء لينظم أحكام التأمين ضد المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية، إذ يمثل هذا النهج إضافةً نوعيةً للمنظومة التشريعية الداعمة لقطاع الصحة، وخطوةً مهمةً لضمان حماية حقوق جميع الأطراف المعنية في النظام الصحي، ليشمل بذلك حماية المؤسسات الصحية ومقدمي الخدمة من المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية.
وعلى الجانب الآخر، فإن التأمين ضد المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية يوفر الحماية للمرضى أيضًا، إذ يكفل حصولهم على تعويض عادل وسريع في حال وقوع خطأ طبي بغض النظر عن الوضع المالي للطرف المتسبب بالضرر، مما يعزز شعور الأمان والثقة في المنظومة الصحية.
وتطرقت اللجنة إلى أن الاقتراح بقانون وفر مزيدًا من الحماية لمقدمي الخدمة من خلال النص على عدم جواز القبض عليهم أو حبسهم احتياطيًا في قضايا الأخطاء الطبية إلا بناءً على أمر من النائب العام دون غيره إسباغًا للحماية في أعلى مدارجها، وبعد التأكد من وجود خطأ طبي عن طريق تقرير صادر عن اللجنة العليا للمسؤولية الطبية حتى لا تؤثر هذه الإجراءات سلبًا في سمعة مقدم الخدمة، ذلك أن تعرضه للاتهام بارتكاب خطأ طبي، ومن ثم القبض عليه أو حبسه احتياطيًا قبل ثبوت ارتكابه للخطأ المدعى به في حقه، فإن ذلك سوف يؤثر في سمعته حتى بعد إثبات البراءة، وهو التوجه ذاته الذي تبناه عدد من التشريعات الخليجية المقارنة التي منعت القبض على مقدم الخدمة أو حبسه احتياطيًا بمجرد تقديم الشكوى، بل الانتظار إلى حين صدور التقرير الطبي المتخصص الذي يؤكد ثبوت الخطأ الطبي من قبل الجهة المختصة.
وأيدت الإضافة التي جاء بها الاقتراح بقانون بتحديد سقف زمني لعدم سماع الدعوى الجنائية المتعلقة بالخطأ الطبي بعد مضي سنة من تاريخ العلم به، تحقيقًا للاستقرار القانوني والمهني، وحتى لا يكون مقدم الخدمة مهددًا بالملاحقة القانونية سنوات طويلة في دعاوى قديمة قد يصعب إثبات تفاصيلها أو تذكرها، ذلك أن العمل تحت تهديد دائم بالملاحقة القانونية قد يؤثر سلبًا في الأداء المهني والنفسي لمقدمي الخدمة.
كما أن تحديد الاقتراح بقانون للمدة الزمنية من تاريخ العلم بالخطأ الطبي وليس من تاريخ وقوعه يوفر حماية من الجانب الآخر لحقوق المرضى ويضمن عدم إهدارها، فبعض الأخطاء الطبية قد لا تُكتشف فورًا ولا تظهر آثارها إلا بعد فترة من الزمن، فلا يدرك المريض أو ذووه أن هناك خطأ طبيًا إلا بعد فحوصات لاحقة أو استشارات طبية جديدة، فيُمنح بعدها الفرصة الكافية لجمع الأدلة والمعلومات اللازمة ورفع الدعوى.
من جهتها، رأت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية أن تطبيق أحكام الاقتراح بقانون سيؤدي إلى زيادة في المصروفات بشكل عام بسبب صرف مكافآت لأعضاء اللجنة العليا للمسؤولية الطبية واللجان الفرعية، بالإضافة إلى إلزام المؤسسات الصحية الحكومية باستصدار وثيقة تأمين لتغطية المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية لدى إحدى شركات التأمين.
من جانبها، أفاد كل من المجلس الأعلى للصحة، ووزارة الصحة، والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، أن الغاية المرجوة من الاقتراح بقانون متحققة بالفعل من خلال قوانين مزاولة المهن الصحية وقانون إنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، فضلاً عن الأنظمة واللوائح والقرارات واللجان المشكلة بالهيئة الصادرة عن المجلس الأعلى للصحة باعتباره مجلس إدارة الهيئة، كما أشاروا إلى أنه يتم في الوقت الراهن إعداد مشروع قانون متكامل ينظم مزاولة المهن الطبية ويتضمن أحكام المسؤولية الطبية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك