إسطنبول - (أ ف ب): دعا الزعيم الكردي عبدالله أوجلان أمس الخميس حزب العمال الكردستاني الذي أسسه إلى إلقاء السلاح وحل نفسه، في إعلان تاريخي صدر في اسطنبول بعد أربعة عقود من النزاع. وقال في الإعلان الذي تلاه وفد من نواب «حزب المساواة وديمقراطية الشعوب» (ديم) المؤيد للأكراد الذي زاره في سجنه في جزيرة إيمرالي في وقت سابق أمس: إن «على جميع المجموعات المسلحة إلقاء السلاح وعلى حزب العمال الكردستاني حل نفسه».
وأكد الزعيم الكردي أنه «يتحمل المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة». وقُرئت رسالته المنتظرة منذ أسابيع، باللغة الكردية ثم بالتركية بحضور حشد من الصحفيين في فندق وسط إسطنبول، أمام صورة كبيرة تظهر الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، ممسكا بورقة بيضاء. والتقى وفد من «حزب المساواة وديمقراطية الشعوب» مدة ثلاث ساعات صباح أمس الخميس، أوجلان المسجون منذ 26 عاما.
وتجمع مئات الأشخاص في عدة مدن في جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية بينها دياربكر، لسماع رسالة أوجلان. كذلك نصبت شاشات في شمال سوريا والعراق، حيث تقيم أقلية كردية. وهذه المرة الثالثة منذ نهاية ديسمبر التي يُسمح فيها لممثلين عن «حزب المساواة وديمقراطية الشعوب»، القوة الثالثة في البرلمان التركي، بلقاء أوجلان (75 عاما) الذي صدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة. وخلال الزيارتين السابقتين، أعرب أوجلان عن «تصميمه» على طي صفحة النزاع المسلح.
وقال لأحد زائريه: «إذا أُتيحت الظروف، فإنّ لدي القوة النظرية والعملية لنقل النزاع من ساحة العنف إلى الساحة القانونية والسياسية». وأطلق أوجلان دعوتين سابقتين إلى الهدنة في بداية القرن الحالي ثمّ في عام 2013 باءتا بالفشل، ما أفسح المجال أمام تجدد أعمال العنف. لكن بحسب بوريس جايمس المؤرّخ الفرنسي المتخصّص في الشأن الكردي، هذه المرّة «تمنع القوة العسكرية التركية منذ فترة طويلة حزب العمّال الكردستاني من التحرّك على الأرض».
وقال نائب رئيس حزب المساواة وديمقراطية الشعوب تونجر بكرهان، رئيس الوفد الذي زار أوجلان: «لا يريد (أوجلان) أن يكون الأكراد أحرارا في التحدّث بلغتهم فحسب، بل يريد أيضا أن يكون أي تعبير ديمقراطي ممكنا» في البلاد. وكانت الحكومة التركية التي بادرت إلى هذه العملية عبر حليفها زعيم «حزب الحركة القومية التركية» دولت بهجلي، قد اقترحت إخراج أوجلان من عزلته بعد 26 عاما في السجن. غير أنّ الإفراج عن أوجلان يبدو غير مرجّح، نظرا إلى التهديدات بالانتقام التي تطوله.
رغم عدم حديثه كثيرا عن هذا الموضوع، كان الرئيس التركي رجب طيب إردوجان قد أكد مرارا سياسة «مد اليد للإخوة الأكراد» الذين يشكّلون الأقلية الرئيسية في تركيا (حوالي 20 في المائة من السكان)، بينما زاد الضغوط على المعارضة، خصوصا على حزب المساواة وديمقراطية الشعوب الذي فُصل عشر رؤساء بلديات ينتمون إليه من مناصبهم خلال العام الماضي.
ورغم الكاريزما التي يتمتّع بها أوجلان، يشير خبراء إلى حالة من عدم اليقين تحيط برد فعل مقاتلي حزب العمّال الكردستاني الذين انسحب معظمهم إلى جبال قنديل في شمال العراق. وقال دبلوماسي غربي في تركيا: «يمكنهم أن يقولوا (المقاتلون) إنّه بما أنّ أوجلان محتجز، فهو لا يتحدث بحرية، وبالتالي قد يواصلون القتال»، متوقّعا أن تنفّذ أنقرة ردا عسكريا فوريا في حال حصول ذلك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك