جنيف - (أ ف ب): حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من منبر مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس الاثنين من أن حقوق الإنسان «تخنق الواحد تلو الآخر» في العالم. وقال غوتيريش إن «حقوق الإنسان هي أكسجين البشرية، لكنها تخنق الواحد تلو الآخر»، مستعرضا قائمة طويلة من الأسباب التي أفضت إلى هذا الوضع.
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن «حقوق الإنسان التي تتعرّض لهجمات دنيئة باتت محاصرة. ويشكّل هذا الوضع تهديدا مباشرا لكلّ الآليات والنظم التي أقيمت بعد نضال طويل في السنوات الثمانين الأخيرة بهدف حماية حقوق الإنسان والنهوض بها». وقال غوتيريش إن حقوق الإنسان تخنف جراء أفعال «الطغاة الذين يسحقون المعارضة لأنهم يخشون ما يمكن أن يفعله شعب يتمتّع بوسائل التحرّك كلها» من دون تقديم أمثلة على ذلك.
وندّد بـ«النظم الذكورية التي تمنع الفتيات من ارتياد المدارس والنساء من التمتّع بحقوقهنّ الأساسية» وبـ«دعاة الحرب الذين يضربون عرض الحائط القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة». وأشار إلى الأزمة المناخية والنظام المالي العالمي الذي يشهد انحطاطا أخلاقيا ويعيق مساواة أكبر وتنمية مستدامة في جملة العوامل التي تهدّد حقوق الإنسان.
وندّد غوتيريش خلال الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف بالتكنولوجيات المتفلّتة من الضوابط كالذكاء الاصطناعي التي تثير آمالا كبيرة لكن في وسعها أيضا انتهاك حقوق الإنسان بكبسة زرّ. كذلك، شدد على التعصب المتزايد إزاء فئات برمتها، من السكان الأصليين إلى المهاجرين واللاجئين مرورا بمجتمع الميم وذوي الاحتياجات الخاصة. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن حقوق الإنسان تخنق عموما بخطابات هؤلاء الذين يلقون بذور الشقاق والغضب، باعتبار أن حقوق الإنسان ليست خيرا للبشرية بل عائقا أمام ما يصبون إليه من سلطة واستفادة وسيطرة.
ومن جانبه، حذّر المفوّض الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن عهد الطغاة الذين ارتكبوا جرائم فظيعة قد يتكرّر، داعيا إلى يقظة لتجنّب وضع غاية في الخطورة.
وخلال افتتاح الدورة السنوية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، قدّم تورك صورة قاتمة عن الوضع في العالم الذي يشهد تغييرا مزلزلا على حدّ قوله.
وهو لم يأت على ذكر أيّ بلد بالرغم من التداعيات العالمية للحرب بين روسيا وأوكرانيا والتغييرات الجذرية في الولايات المتحدة وتعاظم نفوذ الصين. وقال في كلمته الافتتاحية: خلال القرون الماضية، كان الاستخدام المتفلّت للقوّة من المتنفّذين والهجمات العشوائية على المدنيين ونقل السكان وعمالة الأطفال ممارسات شائعة. وكان في مقدور الطغاة أن يأمروا بارتكاب جرائم فظيعة تقضي على حياة عدد كبير من الأشخاص، مضيفا «احذروا: هذا قد يتكرر».
وقال المفوّض السامي أمام مجلس حقوق الإنسان إن الإجماع العالمي حول حقوق الإنسان يتفتّت تحت وطأة الطغاة والمستبدّين والأوليغارشيين، مشيرا إلى أن بعض التقديرات تفيد بأن الطغاة يتحكّمون اليوم بحوالي ثلث الاقتصاد العالمي، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه هذه النسبة قبل 30 عاما. وأشار تورك إلى أن بعض قادة العالم اليوم «يتذرّعون بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب لتبرير انتهاكات وخيمة». واستنكر من دون ذكر جهات محدّدة «قوى إقليمية محايدة أو معادية لحقوق الإنسان تزداد نفوذا». وقال «نشهد أينما كان محاولات لتجاهل حقوق الإنسان أو تقويضها أو إعادة تعريفها».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك