الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«ومن أحياها».. خدمة للوطن والإنسان
«التبرع بالأعضاء من أعظم مقاصد الدين.. وهو نوع من الإحسان.. وهو جائز شرعًا إذا توافرت فيه شروط معينة، وأن يكون تبرعا وليس بيعا، لأن أعضاء الإنسان ليست ملكًا له.. ويدخل موضوع «التبرع بالأعضاء» ضمن مفهوم الآية: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».. هذا ملخص فتوى هيئة كبار العلماء بالسعودية، والأزهر الشريف في مصر.. وما اتفق عليه جمهور العلماء الأجلاء.
وفي دول الخليج العربي، هناك أكثر من مليون متبرع.. وقد منح العاهل السعودي، في يناير 2023، «وسام الملك عبد العزيز» من الدرجة الثالثة لـ100 متبرع بالأعضاء، سواء كان العضو من حي أو من متوفى دماغياً.
أذكر في أغسطس 2002 أن مركز «دراسات» في مملكة البحرين قام بإجراء استطلاع للرأي على «1350 فردا» من الذكور والإناث في المجتمع البحريني من مختلف المحافظات، ومستويات علمية ومهنية مختلفة، بهدف قياس ثقافة التبرع بالأعضاء، وموقف المجتمع من التبرع، وحول إنشاء مركز متخصص لنقل وزراعة الأعضاء البشرية.
وفي يناير 2023 تم نشر نتائج استطلاع الرأي، والتي كشفت ارتفاع الوعي المجتمعي بثقافة التبرع بالأعضاء، مع ضرورة إنشاء مركز لهذا الغرض، وقد أيدت نصف العينة مبدأ التبرع بالأعضاء، كما أبدى بعض المبحوثين قلقهم بشكل خاص على صحة المتبرعين، فيما وجد البعض أن هناك موانع «دينية» تحول دون التبرع.. وهذه نقطة بحاجة إلى مزيد من التوعية والتثقيف.. من دون الإلزام والوجوب.
في مملكة البحرين يوجد أكثر من 800 مريض كلى يرتادون عيادات غسيل الكلى.. ومرضى الكلى يكلفون الدولة 20 مليون دينار سنويا، ككلفة لجلسات الغسيل، دون الأدوية وغيرها.. وهناك أفراد يدفعون أموالا طائلة من حسابهم الخاص من أجل جلسات الغسيل الأسبوعية والشهرية، فضلا عن إجراء العمليات خارج البلاد بكلفة مالية باهظة.. ناهيك عن الآلام التي يتحملونها والمعاناة التي يعيشونها.. ويتطلعون إلى من يتبرع لهم بالكلية لإنقاذ حياتهم.
وبالأمس أعلنت البحرين تطوير آلية التسجيل في البرنامج الوطني (ومن أحياها)، والمعني بخدمات التبرع بالأعضاء، ويتيح للمواطنين والمقيمين الراغبين بالتبرع بأعضائهم وهم على قيد الحياة، أو التوصية للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، للمرضى الذين يعانون من القصور العضوي.
برنامج (ومن أحياها) مشروع وطني لغايات مجتمعية نبيلة، ويتم بالشراكة مع مختلف الجهات ذات العلاقة عبر آليات وضوابط قانونية محددة تضمن سلامة جميع الأطراف في كافة مراحل عملية التبرّع بالأعضاء.. ويمكن أن يكون التبرّع بالأعضاء من شخص حي (مثل التبرع بكلى أو جزء من الكبد)، أو من شخص متوفى (حيث يتم استخراج الأعضاء بعد إثبات الوفاة).
كما يتيــح برنامــج (ومن أحياها) فرصة التبــرّع بالأعضــاء لــكل فــرد بلغ 21 عاماً فما فوق، عبر إبداء رغبته في التبــرّع بأعضائه، سواء خلال حياته أو بعــد الوفــاة، على أنّ يكون المتبرّع كامل الأهلية قانوناً، كما لا يتحمّل المتبرّع أي تكاليف لإجراء عملية التبرّع بالأعضاء.
هذا برنامج وطني وإنساني.. يتوافق مع مقاصد الدين والشريعة.. ومن المفيد أن ينال الشراكة المجتمعية، مع المزيد من التحفيز والمزايا والتقدير من الدولة للمتبرعين.. وعن نفسي سأقوم بالتسجيل في البرنامج، وأعلن الوصية بالتبرع بعد الوفاة.. لعل الله يكتب لنا الأجر والثواب.. وخدمة للوطن والإنسان.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك