الحفاوة التي لقيتها لديكم لا مثيل لها.. وسوق المنامة يذكرني بـ«بعقوبة»
إصـابة أختـي بالسـرطان تجربة ملهـمة قادتني إلى رحـلة الـ«11» عاماً
البحرين الوجهة «28».. وأربع سنوات متبقية على نهاية استكشافي الضخم
حوار أجراه: عبد المجيد حاجي
أعدّه للنشر: جميل سرحان
تصوير: محمد سرحان
لم يكن يدرك الرحالة النمساوي ثائر عبود ذو الأصول العراقية أن مرض أخته الوحيدة بالسرطان في عام 2013، سيكون بوابة لبداية ولادة فكرة تحوّلت إلى مشروع استكشافي ضخم، سيستغرق قرابة الـ«11 عاماً» من أجل إكماله، وهو قطع مسافة مكانية سيراً على الأقدام، بدايتها من أقصى شمال أوروبا في «نورت كاب» بالنرويج، ونهايتها في أقصى جنوب القارة الإفريقية.
الرحالة ثائر عبود زار «أخبار الخليج» حاملاً على كتفيه حقيبة تحمل أغراضه وكل حاجياته التي تزن حوالي 20 كيلوجراما، وأطلعها على مسيرته بتفاصيلها الدقيقة، منذ وصوله إلى البحرين وهي الدولة رقم 28 في خط سيره الزمني، الذي انطلق قبل 6 سنوات و8 أشهر تقريبا، ليروي خلالها العديد من التجارب المهمة.
* كيف تولّدت فكرة الترحال لديك، وقطع كل هذه المسافة الزمنية؟
في الواقع البداية كانت منذ عام 2013 عندما أصيبت أختي بمرض سرطان الثدي، وكانت تخشى فقدان الحياة، وهو ما جعلني أجد الطريقة المثلى لمساعدتها والتخفيف عنها، وإلهائها حتى تستعيد عافيتها معنويا، متّبعا أسلوبا قصصيا من كتاب ألف ليلة وليلة ساعدها كثيرا في نسيان المرض، وقادني شخصياً نحو ممارسة رياضة المشي.
* هل كنت تخطط حينها لقطع مسافة معينة، وبطريقة ما؟
في الحقيقة لم يكن الأمر مخططا له، لكن الفكرة تبلورت في عام 2018 وتحديدا في يوم 25 من شهر أبريل، وقد سبقها تحديد رؤيتي وفلسفتي في العيش بسعادة، وكسر دائرة الروتين اليومي، من خلال السير بطريقة مستقيمة بعيدا عن الدائرة التي تدور في حلقة مفرغة، وقمت باعتماد نظرية ممارسة الشيء الذي أحبه وأجد ضالّتي فيه، بعيدا عن الطقوس الاعتيادية التي أكون مجبراً عليها.
* وماذا فعلت؟
وضعت لنفسي نقطة انطلاق تبدأ من أقصى شمال أوروبا وبالتحديد في منطقة «نورت كاب» في النرويج، وصولاً إلى أقصى جنوب القارة الإفريقية، وكان من الضروري أن أقطع هذه المسافة سيراً على الأقدام.
* أين موقع البحرين في خارطة مسيرك، وكم مقدار المسافة التي قطعتها حتى هذه اللحظة؟
وصلت البحرين وهي الدولة رقم 28 من بين دول العالم التي وطأت قدماي عليها، وبمسافة مقطوعة قدرها 35 ألف كيلومتر تقريباً، استغرقت حوالي 6 سنوات و8 أشهر.
* وماذا وجدت في البحرين فور وصولك؟
لا يمكنني اختصار ما وجدته في بضع كلمات، فالبحرين واحة الأمن والأمان، والمصادفة أنني أزورها في أعيادها الوطنية، وبمناسبة مرور 25 عاماً على تولي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم، وهي أعياد لها مضمونها الكبير وواقعها الجميل لدى شعب البحرين الحبيب، كما أن هذه الفترة هي فترة متميزة للرياضة البحرينية من خلال فوز منتخب كرة القدم ببطولة كأس الخليج في نسختها رقم 26 التي اختتمت بدولة الكويت، ومن هنا أهنئكم بهذا اللقب الرائع وأتمنى لكم مزيدا من الإنجازات.
ولا أخفي عليكم أنني لقيت كل الحب والاحترام، والروح الأصيلة الطيبة، والكرم المضروب به المثل، فالشعب البحريني مضياف، ويقدّر زواره من كل أقطار العالم، ولذا ليس مستغرباً أن ألمس كل هذا الاهتمام والترحيب، وهو ما يجعلني سعيدا بين أهلها الخيّرين.
* ما الذي شدّك كثيرا خلال وجودك في البحرين؟
سوق المنامة على طبيعته الحالية، فهو يذكرني بطفولتي في مدينة بعقوبة في العراق، وكل التفاصيل في مخيلتي هناك، قبل الهجرة إلى أوروبا والاستقرار في النمسا منذ عام 1979.
* ما هي المواقف والتحديات التي واجهتك خلال رحلتك الطويلة؟
هناك بعض المواقف التي لا يمكنني نسيانها، فالموقف الأول كان بعد يومين من انطلاقتي وبالتحديد يوم 27 أبريل من عام 2018 عندما تعرضت لبرودة شديدة وقاسية في النرويج بدرجة حرارة تحت الصفر بلغت -11، وكدت حينها أفارق الحياة، لولا أن منّ الله عليّ برجل أنقذ حياتي ونقلني بسيارته إلى فندق قريب استعدت من خلاله الوعي التام.
والموقف الآخر كان في ألمانيا عندما أوقفني شخص «فاشي» وهددني بالقتل لأنني كنت ألتقط صورة لم تعجبه، كما أنني تعرضت لموقف طريف في إيطاليا عندما جاء شخص لسرقتي قبل أن يكتشف عدم وجود المال لديّ، ويستضيفني على شرب فنجان قهوة هناك.
* البعض يتساءل.. كيف تؤمّن مصروفك المعيشي وأنت تقضي أيامك في الترحال؟
أنا أعتمد على إصدار روزنامة سنوية أضع فيها العديد من صوري الخاصة، وتجاربي المثيرة، وأقوم ببيعها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هذه المبالغ البسيطة أؤمن كافة احتياجاتي الخاصة.
* هل لديك أنشطة أخرى في الوقت الراهن؟
نعم لديّ جمعية خيرية لمساندة المحتاجين من الأطفال ومرضى السرطان في تنزانيا، وأنا أسهم بنسبة 20% من الأموال التي أحصل عليها في تسيير شؤون تلك الجمعية.
* دعنا نعود بالسؤال الى الوراء قليلاً، الآن وأنت في البحرين.. ما هي الخطة القادمة؟
الوجهة القادمة هي الوصول إلى المملكة العربية السعودية ومن ثم قطر والإمارات وعمان، ومواصلة المسيرة التي انطلقت قبل 6 سنوات و8 أشهر.
* وماذا عن المسافة المتبقية؟
يتبقى لي أن أقطع مسافة 20 ألف كيلومتراً تقريباً، وهي مسافة تستغرق حوالي 4 سنوات وبضعة أشهر.
* في ختام هذا اللقاء ما هي الرسالة التي تحبّ أن تقولها؟
قبل الختام أودّ توجيه الشكر لصحيفة «أخبار الخليج» على ترحيبها الكبير، واستضافتي لتسليط الضوء على تجربتي الخاصة، وأؤكد أن حب الاستكشاف وطريق السعادة هي بممارسة ما يقود الإنسان الى تحقيق أحلامه، وليس بالسير على نهج مشبع بالروتين الممل، متمنياً لكم التوفيق والنجاح، وللبحرين الحبيبة كل الازدهار والتقدم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك