تونس: نفى المفكر الروسي ألكسندر نازاروف عقد «صفقة» بين موسكو وواشنطن تتضمن مقايضة رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والمساعدة في التخلص من النفوذ الإيراني في سوريا مقابل وقف الدعم الغربي لأوكرانيا، كما اعتبر أيضا أن «خيانة» الجيش السوري للأسد هي التي عجلت بسقوط نظامه.
وقال نازاروف، في حوار خاص مع «القدس العربي»: «روسيا لا تمتلك القوة الكافية لتعويض غياب دعم بشار الأسد من قبل إيران وحزب الله، وأعتقد أن خيانة أو تقاعس الجيش السوري وعدم رغبته بالقتال هي التي فاقت أي أسباب أخرى لسقوط النظام». وأوضح بقوله: «الكل يعلم أنه منذ عام 2015، كانت روسيا مسؤولة عن الشق الجوي من الحرب، بينما لعب شركاء سوريا الآخرون الدور الرئيسي على الأرض. لذا فمن الواضح أن الاتهامات الموجهة إلى روسيا ليست في الاتجاه الصحيح».
كما أن أهمية سوريا بالنسبة إلى موسكو وواشنطن أقل بألف مرة من أهمية ما يحدث في أوكرانيا، وسوريا أقل بكثير من أن توضع في الاعتبار مقابل أوكرانيا. ونتيجة الحرب بين روسيا والغرب عموما ستكون نهاية أو موت الجانب الخاسر، وهو ما لن يتقرر في سوريا، وإنما في أوكرانيا أو أوروبا. وعلى هذه الخلفية من الممكن إهمال العامل السوري.
وتابع نازاروف «علاوة على ذلك، فإن تأكيد أن روسيا قد ترغب في تجميد نشاطها في أوكرانيا على طول خط المواجهة الراهن مقابل سوريا هو أمر مثير للضحك. فروسيا لا تسعى إلى الاستيلاء على الأراضي، وتمتلك مساحة من الأرض أكبر من أي دولة أخرى في العالم. لكن، وبالحديث عن الأراضي، فإن الأراضي الروسية التاريخية في أوكرانيا أكبر بثلاثة أضعاف مما استعدناه بالفعل حتى اللحظة».
وفي السياق ذاته، اعتبر نازارزف أن روسيا «تتقدم الآن بنجاح، في حين تعاني أوكرانيا من الإحباط، وهي على وشك الانهيار في مجالي الطاقة والاقتصاد. واقتراح تجميد خط المواجهة لا يأتي من روسيا، بل من الغرب، الذي يقترح التجميد لأن أوكرانيا أصبحت على حافة الهزيمة، في حين تحتاج روسيا إلى منطقة آمنة وعازلة في أوروبا الشرقية، وليس تجميد خط المواجهة، وأوكرانيا بالذات لا تهم روسيا».
وأضاف: «تجميد الحرب الآن لا يناسب روسيا ولا أوكرانيا، فكلا المجتمعين يميلان إلى مواصلة القتال، وسيكون رد فعلهما سلبيا للغاية على التجميد. وبالنظر إلى الوضع المزري في أوكرانيا، وعدم شعبية زيلينسكي، فإن التجميد يمثل حكما بإعدامه. لذلك، سيرفض ذلك، وفي هذا السياق، فإن زيلينسكي يناسب بوتين تماما ولا يناسب ترامب، الذي يحتاج بشكل عاجل إلى التحول من أوكرانيا إلى إيران والصين. ترامب هو الذي يريد إزاحة زيلينسكي، وليس بوتين».
وتساءل بقوله: «فهل من المنطقي أن تستبدل روسيا رحيل الأسد برحيل زيلينسكي المناسب لروسيا؟ بمعنى هل تتخلى موسكو عن أصل مفيد لها في سوريا من أجل الحصول على خسارة في أوكرانيا؟ إنه العبث المطلق بعينه!».
ويرى مراقبون أن موسكو ربما تعرضت لـ«الخداع» من قبل أنقرة، على اعتبار أن الثانية لم تلتزم بمسار أستانا ودعمت المعارضة التي أسقط نظام الأسد المدعوم من موسكو. لكن نازاروف اعتبر أن «تركيا نفسها لم تكن تتوقع مثل هذه النتائج في سوريا. فرغم أن بعضها يصب في مصلحة أنقرة، لكنها تلقت ضربة شديدة تتجلى في تزايد فرص الأكراد في إنشاء دولتهم في سياق انهيار سوريا، وهو ما تؤكده التصريحات التركية شبه اليومية حول ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا، والاستعداد للمشاركة في قمع الأكراد».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك