الاستثمار البحريني في ماكلارين.. عوائد اقتصادية وسياحية وإعلامية مستدامة
الانطلاقة في 2007 وفي 2024 نجاحات وإنجازات عالمية .. وممتلكات أدارت نموذج أعمال ناجحا قائما على الابتكار
بات الاستثمار الرياضي أحد أبرز النماذج التي تجتذب أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم، بسبب تأثيره المباشر والمتنوع على مختلف القطاعات ذات الصلة، على رأسها السياحي والإعلامي، فعشاق الرياضة ينفقون المليارات سنويا من أجل تحقيق شغفهم بمتابعة النجوم البازغين في مختلف الألعاب.
ومن بين الرياضات التي يتعلق بها أكثر من 1.5 مليار شخص من مختلف دول العالم تبزغ رياضة سباقات السيارات، على رأسها دوما سباقات الفورمولا1، لذا جاء الاستثمار البحريني في شركة ماكلارين لصناعة السيارات كرؤية سباقة من مملكة البحرين في الدفع تجاه تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للاقتصاد الوطني.
وكانت بداية الاستثمار البحريني عن طريق صندوق البحرين السيادي «ممتلكات» في عام 2007، وعلى مدار عام 2024 تمكنت ماكلارين من تحقيق نجاحات وإنجازات على الصعيد العالمي، أعادت إلى الأذهان التساؤلات عن المكاسب العائدة على المملكة من هذا الاستثمار الاستراتيجي؟
وللإجابة عن هذا التساؤل علينا أن نطرح سؤالا آخر، آلا وهو كم تنفق الدول من أجل الترويج السياحي لبلدانها؟
مقابل ذلك، أكد خبراء اقتصاديون ورياضيون لـ«أخبار الخليج» أن فوز ماكلارين ببطولة العالم له أثر اقتصادي كبير على المملكة يتمثل في تحقيق عوائد استراتيجية طويلة الأمد، وكذلك العوائد غير المباشرة التي تتمثل في قطاعات مختلفة، أبرزها القطاع السياحي، والضيافة، والبنية التحتية.
وأكدوا أن هذا الإنجاز أسهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز اقتصادي، وإعلامي، وسياسي، ودبلوماسي. وخلال العقدين الماضيين تمكنت المملكة من استقطاب العديد من الفعاليات، وكان لرياضة الفورمولا1 من خلال شركة ماكلارين دور بارز في جذب الأنظار إلى مملكة البحرين، واستُخدمت هذه الرياضة كأداة ترويجية فعالة للمملكة، ما سأاهم في جذب رؤوس أموال خارجية استُثمرت في قطاعات مختلفة مثل القطاع المصرفي، والعقاري، والطاقة، والصناعة.
وأشاروا إلى أن العوائد المالية من الرعاة والإعلانات وكذلك توزيع الأرباح سترتفع بشكل مؤكد بعد تحقيق هذا الإنجاز، كما أن الشركة ستصبح قبلة ووجهة لجميع الشركات الراغبة في الاستثمار في ماكلارين مستقبلا.
نادي البحرين للسيارات
أكد الشيخ أحمد بن علي بن عبدالله آل خليفة رئيس نادي المحرق رئيس مجلس إدارة نادي البحرين للسيارات أن فوز فريق ماكلارين ببطولة العالم للفورمولا وان للصانعين لأول مرة منذ 26 عاماً والمركز الأول في جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا وان يعكس نجاح مملكة البحرين في سياستها الاقتصادية، وتنوع مجالات الاستثمارات الخارجية، بما فيها الاستثمار في ماكلارين التي تعد شركة لصناعة السيارات الرياضية المتطورة، وقد استطاعت البحرين في هذه الفترة الوجيزة إعادة الشركة إلى مقدمة الشركات المصنعة لسيارات سباقات الفورمولا واحد، وتحقيق الإنجاز لها لأول مرة منذ 26 عاما.
وأشار الى أن مئات الملايين من الجماهير تتابع سباقات الفورمولا وان في مختلف أرجاء المعمورة، حيث إن هذا الحدث العالمي الذي يقام في مملكة البحرين سنوياً ليس حدثاً رياضياً فحسب، وإنما هو مشروع حضاري كبير، وهو مشروع اقتصادي كبير جاذب لكثير من المشاريع الاقتصادية، والتنموية، ضمن توجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، وبدعم واهتمام ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وأكد رئيس نادي المحرق أن هذا الإنجاز الباهر الذي تحقق يعد مفخرة لكل أهل البحرين، مشيراً إلى أن مشاريع التنمية والتطوير في مختلف الميادين الاقتصادية والثقافية والتعليمية والاجتماعية تتماشى مع هذا المشروع العملاق جنبا إلى جنب.
مجلس التنمية الاقتصادية
أشار خالد الأمين عضو مجلس التنمية الاقتصادية إلى أن الاستثمار في شركة ماكلارين لا يقتصر فقط على الأرباح المباشرة، بل إن حضور سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أعطى دفعة إضافية للفريق لتحقيق هذا الفوز.
وبيّن أن انتصار فريق ماكلارين للفورمولا1 له دلالات إيجابية لمملكة البحرين، ولم يأتِ من فراغ، بل يعكس رؤية اقتصادية استراتيجية طويلة الأجل؛ فالهدف من الاستثمار في شركة ماكلارين لم يكن فقط لتحقيق أرباح مباشرة، بل كان الهدف الأوسع هو تحقيق عوائد استراتيجية طويلة الأمد؛ فمنذ أن بدأت حكومة مملكة البحرين الاستثمار في هذا القطاع في عام 2004، ومع استضافة أول سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا1، كان العائد غير المباشر واضحًا في قطاعات مختلفة، أبرزها القطاع السياحي، والضيافة، والبنية التحتية.
وأكد أن هذا الإنجاز أسهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز اقتصادي، وإعلامي، وسياسي، ودبلوماسي. وخلال العقدين الماضيين تمكنت المملكة من استقطاب العديد من الفعاليات، وكان لرياضة الفورمولا1 من خلال شركة ماكلارين دور بارز في جذب الأنظار إلى مملكة البحرين، واستُخدمت هذه الرياضة كأداة ترويجية فعالة للمملكة، ما أسهم في جذب رؤوس أموال خارجية استُثمرت في قطاعات مختلفة مثل القطاع المصرفي، والعقاري، والطاقة، والصناعة.
وبيّن الأمين أن العائد من الاستثمار في شركة ماكلارين لا يقتصر فقط على الأرباح المباشرة، بل يهدف إلى تنويع مصادر الدخل التي تسعى فيها المملكة إلى تقليل الاعتماد على القطاع النفطي والانتقال إلى قطاعات أخرى تدعم الاقتصاد الوطني، وهذه هي الأهداف والعوائد التي حققتها المملكة من الاستثمار في شركة ماكلارين ورياضة السيارات والقطاع الرياضي بشكل عام، وبالإضافة إلى الجانب الاقتصادي هناك أيضًا أهداف اجتماعية نبيلة وراء الاستثمار في القطاع الرياضي.
أرباح حقوق البث والرعايات
أكدت الخبيرة الاقتصادية هدى رضي أن الاستثمار البحريني في ماكلارين عبر شركة ممتلكات البحرين القابضة يهدف إلى تحقيق عدة أهداف اقتصادية واستراتيجية، أبرزها: الأثر الاقتصادي المباشر وغير المباشر من خلال تحقيق ماكلارين بطولة العالم في السيارات يسهم في تعزيز مكانة البحرين كداعم رئيسي لصناعة السيارات والرياضة العالمية، ما ينعكس إيجابياً على سمعة المملكة كوجهة استثمارية.
وأوضحت رضي أن أي نجاح كبير لماكلارين يؤدي إلى زيادة أرباحها من حقوق البث، والرعايات، والمبيعات التجارية (مثل السيارات الرياضية والمنتجات ذات العلامة التجارية)، ما يعزز العائد المالي على استثمار البحرين في الشركة، كما أن الاستثمار في ماكلارين يعكس استراتيجية البحرين لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط، من خلال الدخول في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والهندسة.
وبيّنت أن استثمار البحرين في ماكلارين يمكن أن يسهم في نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى قطاعات أخرى في المملكة، مثل السيارات الكهربائية أو تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأن النجاحات الرياضية لماكلارين تعزز ارتباط البحرين بسباقات الفورمولا1، ما يسهم في زيادة الزوار والسياحة إلى حلبة البحرين الدولية.
ارتفاع القيمة السوقية
وقال الخبير الأردني في رياضة السيارات والمعلق الرياضي فراس النمري إن القيمة السوقية لشركة ماكلارين ارتفعت مع تحقيقها بطولة العالم للصانعين، مبيناً أن تحقيق البطولة بعد توقف دام 26 عاما لم يكن بالأمر السهل، بل بجهود عظيمة للبحرين وشركة ممتلكات بعد استحواذها على ماكلارين.
وأوضح النمري أن العوائد المالية من الرعاة والإعلانات وكذلك توزيع الأرباح على الفرق سترتفع بشكل مؤكد بعد تحقيق هذا الإنجاز، كما أن الشركة ستصبح قبلة ووجهة لجميع الشركات الراغبة في الاستثمار في ماكلارين مستقبلا.
وأكد أن البحرين آمنت وعرفت كيف تستثمر في ماكلارين، والخروج من مرحلة مواجهة العقبات إلى مرحلة الانتصارات، والفضل يعود بشكل مباشر للبحرين وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب الرؤية الثاقبة بعد نجاحه في جعل البحرين قبلة لرياضة السيارات في الشرق الأوسط، ونجح كذلك في الترويج لاسم البحرين طوال موسم سباقات الفورمولا الذي يعتبر أطول موسم على مدار تاريخ سباقات الفورمولا الذي بدأ في شهر فبراير واستمر حتى ديسمبر الجاري على مدار 24 جولة.
غرفة تجارة البحرين
وأكدت سونيا جناحي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين أن تحقيق بطولة العالم في موسم 2024 يمثل تتويجًا لجهود الفريق وكفاءته، ويبرز أهمية الاستثمار في الرياضة بشكل عام، ورياضة السيارات بشكل خاص.
وأضافت أن هذا الإنجاز سيترك أثرًا اقتصاديًا إيجابيًا على البحرين، مشيرة إلى أن استضافة فعاليات رياضية عالمية كجائزة البحرين الكبرى تسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة متميزة للاستثمار والسياحة الرياضية، ما يدعم قطاعي السياحة والتجارة ويعزز حركة الاستثمارات الدولية.
وأكدت جناحي أن استثمار البحرين في فريق ماكلارين يعكس رؤية استراتيجية لتعزيز مكانة المملكة عالمياً، موضحة أن التعاون مع فريق رائد مثل ماكلارين يعزز سمعة البحرين كداعم لقطاع السيارات والتقنيات المتقدمة، مع تحقيق عوائد استثمارية ملموسة من خلال الشراكات التجارية والتكنولوجية، وخلق فرص عمل جديدة تدعم الاقتصاد المحلي.
وأشارت إلى أن الاستثمار في ماكلارين لم يكن فقط للفوز بالبطولات، بل لتحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في فتح آفاق جديدة للتعاون الدولي وتعزيز التنوع الاقتصادي، وأوضحت أن هذا النجاح يؤكد فعالية الاستراتيجية المتبعة، ويسهم في تعزيز مكانة البحرين في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
فوائد غير مباشرة
وقال الرئيس التنفيذي لشركة راكوون عبدالله مراد: بلا شك أن فوز فريق ماكلارين سينعكس بشكل إيجابي على المملكة التي تُعد المسهم الرئيسي في الشركة. ومع ذلك، فإن المكسب الأهم يكمن في تعزيز مكانة البحرين إعلاميًا ودبلوماسيًا على الساحة العالمية، وهو ما تحقق بالفعل مع فوز ماكلارين ببطولة العالم للفورمولا1 للصانعين.
وأكد أنه رغم الكلفة الباهظة للاستثمار في رياضة السيارات فإن هذه الاستثمارات حققت فوائد غير مباشرة تتمثل في دعم نمو قطاعي السياحة والضيافة، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير البنية التحتية بشكل غير مباشر، ما يخلق قيمة استراتيجية للاستثمار، متجاوزة العائد المالي المباشر.
ومن المحتمل أن يكون الفوز الأخير عاملاً جاذبًا للمستثمرين وزيادة الثقة التي تدفعهم إلى المشاركة في قصة نجاح الشركة المرتقبة، التي تسعى لتنويع استراتيجيتها وإحداث تحولات جوهرية في عملياتها، مع التركيز على تحديث خطوط الإنتاج لمواكبة أحدث التقنيات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك