حسب التقارير، شهدت بعض الدول كوارث جوية غير مسبوقة ومفاجئة، وإن أحياء كاملة قد سويت بالأرض بسبب بعض الأعاصير التي هجمت كالوحش الكاسر مثل إعصار «تشيدو» المدمر الذي اجتاح جزيرة مايوت الفرنسية، وتسبب في مقتل 11 شخصاً وإصابة المئات بجروح خطيرة، وحسب الخبراء فإنها كانت «أسوأ كارثة» تصيب هذه الجزيرة منذ 100 عام!
كذلك سبق ذلك الفيضانات التي ضربت صقلية الإيطالية وأدت إلى وفيات وخسائر غير مسبوقة في تاريخ إيطاليا، وحدوث فوضى عارمة من غرق الشوارع، وإغلاق المدارس، وانقطاع الكهرباء؛ فقد هطلت أمطار 4 سنوات في يوم واحد تقريبا مما تسبب في جرف السيارات ودفعها إلى البحر.
كما شهدت بريطانيا في أوائل ديسمبر 2024 حالة من القلق بعد سيطرة العاصفة «داراغ»، حيث تساقطت أمطار غزيرة وهبت رياح عاتية، وتساقطت أشجار أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي، وذلك حسبما نشرت وكالة الأنباء الأوربية؛ الأمر الذي جعل مكتب الأرصاد الجوية يصدر تحذيرا باللون الأحمر، وهو النوع الأكثر خطورة، للرياح على سواحل جنوب وغرب ويلز وجنوب غرب إنجلترا إذ تجاوزت سرعة الرياح 145 كيلومترا في الساعة، نتج عنهما تلفيات كثيرة.
وأمس 16 ديسمبر شهدت الرياض انخفاضا قياسيا في درجة الحرارة حيث وصلت إلى 4 ° م.
ولا ننسى أن درجة الحرارة في هذا العام 2024 – رغم أننا لم نصل إلى العشر الأواخر من ديسمبر – هي الأكثر حرارة في تاريخ الأرض، ويمهد لتجاوز عتبة 1.5 ° م لأول مرة.
إذن ما الذي يجري في غلاف جو الأرض؟ ما يحدث هو أن حرارة الجو تفاقمت فيه الحرارة إذ صارت الحرارة القابعة فيه تقارب تلك الناتجة عن تفجير 2.8 بليون قنبلة نووية كتلك التي أسقطت على هيروشيما؛ فيكفي أن نعرف أن كل يوم، وبسبب ، نفث غازات الاحتباس الحراري بسبب حرق الوقود لإنتاج طاقة للمصانع والبيوت والمواصلات، فإن معدل تراكم الحرارة يعادل تلك الحرارة الناتجة من تفجير 5 قنابل نووية كل ثانية خلال الـ 25 سنة الماضية؛ فالفحم والنفط والغاز هم أكبر المساهمين في تغير المناخ العالمي، إذ يمثلون أكثر من 75% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 % من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وللأسف، تشير السياسات المعمول بها حاليًا إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.8 °م بحلول عام 2100 بدلا من ألا تتعدى 1.5°م لمنع الكوارث الناتجة من سخونة الكوكب وازياد اضطراباته وتطرفاته، فكلما زادت حرارة الكوكب زادت حرارة المحيطات وزاد البخر وزادت الأمطار وتغيرت نظم اتجاهات الرياح وتم خلق الفوضى وازدادت الانتروبيا (اللانظام).
ويبدو أن خلال ظاهرة اللانينيا هذا العام فإن درجات الحرارة في فصل الشتاء ستكون أكثر دفئًا من المعتاد في الجنوب وأكثر برودة من المعتاد في الشمال، ومن الممكن أن تؤدي ظاهرة اللانينيا أيضًا إلى موسم أعاصير أشد وأكثر حدة من المعتاد.
وحسب الدراسات التي قام بها طقس الغرب، ترتبط اللانينيا إحصائيًا بفترات من الجفاف في منطقة الشرق الأوسط، وبتكرار موجات البرد، حيث ترتبط باشتداد تأثير المرتفع السيبيري على الجزيرة العربية وبلاد الشام خلال فصل الشتاء، ويكون تأثيرها في المنطقة العربية بقلة الأمطار نسبيا في مناطق المشرق العربي بينما العكس في مناطق المغرب العربي (تزداد الأمطار وتنخفض الحرارة عن معدلاتها، وتزداد فرصة حدوث الفيضانات والسيول في مناطق المغرب العربي. والله أعلم.
{ أستاذ الفيزياء التطبيقية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك