المطلة - (أ ف ب): من ملجأ في المطلة، يعرض دافيد أزولاي شظايا صواريخ وقذائف ومسيّرات أطلقها حزب الله اللبناني على البلدة الواقعة في شمال إسرائيل على مدى أكثر من عام من القصف المتبادل عبر الحدود. وقال وهو يقلّب شظايا صغيرة بين يديه، إن «الصواريخ مصدرها من الشرق... إيران وروسيا وكوريا الشمالية».
هذه الشظايا هي ما تبقّى من صواريخ مضادة للدروع وقذائف وصواريخ ومسيّرات أطلقها حزب الله على مدار الأشهر الماضية من جنوب لبنان. وشاهدها صحفيو وكالة فرانس برس خلال جولة نظّمها الجيش الإسرائيلي في البلدة الواقعة ضمن منطقة عسكرية مغلقة. وأوضح أزولاي، وهو رئيس المجلس الإقليمي للمطلة، أن البلدة «هي الأكثر تعرضا للقصف» في مناطق شمال إسرائيل.
ومع استمرار المواجهة بين الدولة العبرية والتنظيم المدعوم من إيران، لم يعد أزولاي الذي يرأس المجلس منذ عقد، يجلس في مكتبه كالمعتاد، وإنما في الملجأ الذي يشكل جزءا من مركز عمليات للمطلة في زمن الحرب. فقد غادر سكان المطلة الذين كان تعدادهم يناهز ألفي نسمة بلدتهم مذ فتح حزب الله جبهة «إسناد» لقطاع غزة في أكتوبر 2023 غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس إثر هجوم الحركة على جنوب الدولة العبرية.
وأوضح أزولاي أنه لم يعد يدير الشؤون البلدية بل يركز على تلك المتعلقة بالحرب بما يشمل القتلى المدنيين. وقال «خلال العام الماضي قمنا بكل شيء باستثناء الاعتناء بمواطنينا»، مشيرا الى أن سكان المطلة باتوا يتوزعون على مختلف أنحاء إسرائيل. وبعد نحو عام من تبادل القصف عبر الحدود، كثّفت إسرائيل اعتبارا من 23 سبتمبر ضرباتها الجوّية على مناطق تُعتبر معاقل لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان وشرقه، وبدأت في 30 منه عمليات برية في المناطق الحدودية الجنوبية.
وتؤكد الدولة العبرية أنها تريد تفكيك بنى تحتية عسكرية للحزب قرب حدودها، والسماح لسكان مناطقها الشمالية بالعودة إلى ديارهم. وغادر أكثر من 60 ألف شخص منازلهم في شمال إسرائيل منذ أكتوبر 2023، وفقا للسلطات الإسرائيلية. وخلال الفترة نفسها، قتل ما لا يقل عن 113 شخصا في الجانب الإسرائيلي بينهم 12 في الجولان السوري المحتل.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، قتل أكثر من 3100 شخص في لبنان منذ بدء التصعيد العام الماضي، معظمهم منذ 23 سبتمبر، بحسب وزارة الصحة. ونزح مئات الآلاف بحسب الأمم المتحدة.
يستبعد أزولاي وغيره من سكان المطلة الذين تحدثوا لفرانس برس أن تكون العودة سريعة، بل قد يحتاجون إلى أربع سنوات لإعادة تأهيل البلدة بعدما دُمّر 350 منزلا ومباني أخرى، أي نحو 60 في المئة من مجموع ما فيها. تم إجلاء غاليت يوسف من منزلها الذي يقع على قمة تلة في 16 أكتوبر 2023 ولم تعد إليه سوى مرات معدودة منذ ذلك الحين. وقالت يوسف (60 عاما) التي كانت تعمل في بلدية المطلة «لا شيء لنعود إليه». وشرحت «أصيب منزلي مرات عدة» بصواريخ مضادة للدروع ومقذوفات أخرى، ما أدى إلى «اشتعال النيران فيه».
حاليا، تقيم يوسف في فندق بطبريا، وتراقب أصدقاءها وجيرانها وقد انتقلوا تدريجا الى مناطق أخرى. وتابعت «لا نستطيع أن نخطط للعودة الآن... كل يوم يتم قصف منزل آخر، وهكذا دواليك». وبعد أكثر من عام على غياب مظاهر الحياة المدنية، أصبحت المطلة أشبه بمدينة أشباح فيها المنازل المتضررة والطرق والأرصفة حيث تنتشر الشظايا والمركبات المهجورة المحترقة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك