كتب: وليد دياب
طالبت الحكومة بإعادة النظر في مشروع قانون معد بناء على اقتراح بقانون بتعديل قانون تنظيم سوق العمل مقدم من مجلس النواب يهدف إلى منح صاحب العمل مهلةً زمنيةً مقدارها 30 يوماً، لتجديد تصريح العمل، بما يجنّبه عقوبتي الحبس والغرامة.
وأكدت الحكومة في ردها على مجلس النواب تعارض مشروع القانون مع أهداف قانون تنظيم سوق العمل المتمثلة في جعل العامل البحريني هو الخيار المفضل لدى أصحاب الأعمال من خلال فرض رسوم على العمالة الأجنبية للمساهمة في تدريب وتأهيل ودعم برامج توظيف العمالة الوطنية المطلوب توفيرها لأصحاب الأعمال بالقطاع الخاص، من خلال تدوير الرسوم المحصّلة من أصحاب العمل عبر استقطاع 80% من إجمالي الرسوم التي تحصّلها هيئة تنظيم سوق العمل، وتوريدها إلى صندوق العمل (تمكين)، ليتولى ذلك الصندوق القيام بالدور المنوط به تحقيقه في مجال تنمية وتعزيز الاقتصاد الوطني، ورفع قدرات ومهارات وتمويل برامج تدريب وتأهيل المواطنين البحرينيين في مجالات العمل المختلفة؛ لرفع كفاءتهم ومقدرتهم الإنتاجية وقدرتهم على المنافسة في سوق العمل، وإنشاء الوظائف اللازمة والمناسبة للباحثين عن عمل المسجّلين لدى وزارة العمل.
كما أكدت أن مشروع القانون يثير مشاكل عمليّة كبيرة عند تطبيقه ويؤدّي إلى زيادة ظاهرة العمالة غير النظامية، حيث مهلة الثلاثين يوماً التي يقرّرها مشروع القانون لن تمدّد صلاحية ذلك التصريح الذي سينتهي حتماً بقوة القانون بانتهاء مدته، ولن يستطيع العامل الأجنبي حينها مزاولة العمل لدى صاحب العمل وإلاّ أصبح بذلك مخالفاً للقانون الذي وضع قاعدة أساسية تواجه مشكلة العمالة غير النظامية، عبر نص: «يحظر على العامل الأجنبي مزاولة أي عمل في المملكة دون صدور تصريح عمل بشأنه طبقاً لأحكام هذا القانون».
وأضافت انه لن يستطيع صاحب العمل استخدام ذلك العامل خلال تلك المهلة، تطبيقاً للفقرة (ب) من ذات المادة التي يجري نصها على أن: «يحظر على صاحب العمل استخدام عامل أجنبي دون صدور تصريح عمل بشأنه طبقاً لأحكام هذا القانون أو شروط التصريح»، وإن مهلة الثلاثين يوماً الإضافية لتجديد التصريح التي يقرّرها مشروع القانون من تاريخ انتهاء مدته هي مدة طويلة نسبياً بالنسبة إلى العامل الأجنبي سيترتب عليها زيادة أعداد العمالة غير النظامية؛ لأنّ العامل رغم انتهاء تصريحه بقوة القانون وإلى حين تجديده سيضطر إلى العمل، فيصبح بذلك في وضع غير قانوني ينشأ عنه وجود عامل أجنبي على أرض المملكة يتعذّر أن يصدر له تصريح عمل، أو أنّ يتم تجديد تصريحه السابق؛ وذلك لعدم توافر شروط منح الترخيص أو تجديده لمخالفته الشروط المنصوص عليها قانوناً.
وبينت ان القانون يحظر انتقال العامل إلى صاحب عمل آخر في حالة مخالفته لشروط تصريح العمل الصادر بشأنه من جهة، كما أوجب على هيئة تنظيم سوق العمل إلغاء تصريح العمل الصادر للعامل الأجنبي في حالة مخالفته شروط تصريح العمل الصادر بشأنه من جهة أخرى. ومن ثَمّ أضحى وضع العامل الأجنبي مخالفاً وغير قانوني وغير مقنّن؛ ما يؤدي إليه ذلك من اختلال التوازن في سوق العمل، حيث يؤدّي توظيف هذه العمالة غير النظامية إلى منافسة غير عادلة للعمالة البحرينية، وإلى إغراق السوق بفائض من العمالة غير المنتجة وغير النظامية في الوقت الذي تكثف فيه أجهزة الدولة المعنيّة الجهود والإجراءات الرامية إلى ضبط العمالة غير النظامية وتقليص أعدادها في سوق العمل منعاً للمنافسة غير العادلة، وتشديد الضوابط التي تضمن عدم تضرّر أصحاب الأعمال من وجود هذه العمالة، لضمان تكامل مسؤوليات ومهام مختلف هذه الجهات في إنفاذ القانون، وهو ما يؤكد أنّ مشروع القانون يسبب العديد من المشاكل العملية على رأسها مشكلة العمالة غير النظامية.
كما اكدت الحكومة انه لا حاجة إلى مشروع القانون؛ إذ ينظّم قرار رئيس مجلس (إدارة هيئة تنظيم سوق العمل) رقم (76) لسنة 2008، وتعديلاته، تصاريح عمل الأجانب من غير فئة خدم المنازل، مضيفة ان هيئة تنظيم سوق العمل تقوم بتذكير صاحب العمل بالتزامه بتجديد التصريح قبل انتهاء التصريح بستة أشهر.
بدورها ايدت هيئة تنظيم سوق العمل ما جاء في رد الحكومة، مبينة ان عدد تصاريح العمل الصادرة من قبل الهيئة بلغت 503560 تصريحا في عام 2021، و568282 تصريح عمل في 2022، و460538 تصريح عمل في عام 2023 حتى شهر أكتوبر، مضيفة انه تعذّر حصر عدد حالات التأخير المرصودة في استصدار تصاريح العمل من قبل أصحاب الأعمال خلال الفترة ذاتها، التي تعني عدد حالات انتهاء تصاريح العمل من دون تجديد من قبل أصحاب الأعمال خلال السنوات (2021، و2022، حتى أكتوبر 2023)؛ كونه عدداً متغيراً باليوم والساعة، ذلك أنّ كلّ تصريح عمل صادر بشأن عامل أجنبي ينتهي بانتهاء مدته –طبقاً لنص المادة (26) من القانون المقترح تعديلها بالمشروع بقانون المعروض- وبعد انتهائه، قد يغادر الصادر بشأنه التصريح المملكة أو يطلب صاحب عمل آخر إصدار تصريح عمل بشأنه أو يستمر كعامل نظامي أو لغيرها من حالات وأسباب، لذا يتعذر عملياً حصر عدد حالات الانتهاء من دون تجديد.
بدورها اكدت وزارة العمل في ردها ان الصيغة المقترحة ستحدث حالة من الإرباك أثناء القيام بأعمال التفتيش على أماكن العمل، وعلى الأخص عند تعدّد العمال الأجانب المخالفين في محل التفتيش حال ضبطهم يعملون بدون تصريح عمل وكان من ضمنهم عمال لم يمضِ على انتهاء تصاريح العمل الصادرة بشأنهم ثلاثون يوماً، كما يلزم تطبيق الصيغة المقترحة التمييز بين العمال المرتكبين لذات الفعل المخالف للمادة (23) بحيث لا تشمل العقوبة المنصوص عليها في المادة (36) من ذات القانون من لم تنتهِ المدة المحدّدة بالصيغة المقترحَة بشأنه، ومن ثم سوف تطبق على فئة دون أخرى، الأمر الذي يتعارض ولا يتوافق مع غايات المشرّع من سن أحكام القانون جملةً واحدةً لإحكام عملية تنظيم سوق العمل وتلافي التعارض عند التطبيق.
فيما ايدت غرفة تجارة وصناعة البحرين المشروع بقانون، مشيرة الى انه جاء لصالح أصحاب الأعمال في منح صاحب العمل مهلة زمنية إضافية لتجديد التصريح مقدرة بثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء مدة التصريح، موضحة أنّ التعديل لن يغيّر من جوهر الحظر الوارد القانون الذي ينص على أن «يُحظر على صاحب العمل استخدام عامل أجنبي دون صدور تصريح عمل بشأنه طبقًا لأحكام هذا القانون أو شروط التصريح»، وبموجب هذه الفقرة يُمنَع صاحب العمل من استخدام العامل حتى لو دخل هذا التعديل المقترح حيز النفاذ، حيث سيتعذر على صاحب العمل في جميع الأحوال تشغيل العامل بسبب عدم صدور تصريح عمل له، وبناء عليه تقترح الغرفة إضافة حزمة التعديلات القانونية اللازمة في تعديل المواد المتعلقة في هذا الشأن وإدراجها في هذا المقترح.
وأكدت الغرفة ضرورة إعادة النظر في آلية إخطار أصحاب الأعمال لدى الهيئة والحرص على خلق آلية عمل لتطبيق مبدأ تدرّج العقوبات الواقعة على أصحاب الأعمال عبر إخطار صاحب العمل خلال ثلاثين يوماً ومن ثم إنذاره ثلاثين يوماً أخرى وصولاً إلى تطبيق العقوبة المقرّرة بعد تسعين يوماً من تاريخ الإخطار، وذلك لتحقيق الأهداف المنشودة من تناغم تشريعي يؤدّي إلى حماية صاحب العمل والحفاظ على حق العمال في استمرار العمل خلال المهلة المقررة.
من جانبها اوصت لجنة الخدمات بمجلس النواب بالموافقة على المشروع بقانون بعد اجراء بعض التعديلات؛ منها: «ينتهي تصريح العمل بانتهاء مدته ما لم يتم تجديده طبقاً لأحكام هذا القانون، على أن تمنح الهيئة لصاحب العمل مهلة زمنية إضافية لتجديد التصريح بعد انتهائه مقدارها ثلاثون يوماً، ولا يطبّق حكم الفقرتين (أ) و(ب) من المادة (23) من القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل خلال هذه المهلة المحددة. وتُفرض على صاحب العمل غرامة إدارية مقدارها خمسة دنانير عن كل يوم تأخير في تجديد التصريح، وذلك حتى انقضاء المهلة الممنوحة، ولا تشمل الغرامة الإدارية أصحاب العمل من مستخدمي خدم المنازل ومن في حكمهم».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك