العدد : ١٧٠٦٧ - السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٧ - السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

«أحياء أم أموات؟» عشرات المفقودين نتيجة القتال في ولاية الجزيرة السودانية

السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

حلفا‭ ‬الجديدة‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬نجح‭ ‬الموظف‭ ‬الحكومي‭ ‬خضر‭ ‬علي‭ ‬في‭ ‬الهرب‭ ‬وعائلته‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬على‭ ‬مدينته‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬الجزيرة‭ ‬وسط‭ ‬رصاص‭ ‬متطاير‭ ‬وفوضى‭ ‬عارمة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬أصبح‭ ‬بأمان،‭ ‬اكتشف‭ ‬أنّه‭ ‬فقد‭ ‬أثر‭ ‬ابن‭ ‬أخيه‭ ‬المريض‭ ‬محمد‭. ‬ويبلغ‭ ‬ابن‭ ‬شقيقه‭ ‬17‭ ‬عاما،‭ ‬وهو‭ ‬مصاب‭ ‬بمرض‭ ‬جلدي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬طبية‭ ‬خاصة،‭ ‬وواحد‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أبلغ‭ ‬ذويهم‭ ‬عن‭ ‬فقدانهم‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الولاية‭ ‬والذي‭ ‬دفع‭ ‬قرابة‭ ‬119‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬للنزوح،‭ ‬وفق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬

ويروي‭ ‬علي‭ (‬47‭ ‬عاما‭) ‬بتوتّر‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬خرجنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى،‭ ‬وكان‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭ (...). ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحنا‭ ‬خارج‭ ‬المدينة‭ ‬اكتشفنا‭ ‬أن‭ ‬ابن‭ ‬اخي‭ ‬غير‭ ‬موجود‮»‬‭. ‬وتابع‭ ‬‮«‬هو‭ ‬مريض‭ ‬بعيب‭ ‬خلقي‭ ‬في‭ ‬خلايا‭ ‬الجلد‭ ‬لا‭ ‬يتحمّل‭ ‬الجفاف‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ساعة‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬خاصة‮»‬‭. ‬واندلعت‭ ‬المعارك‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬منتصف‭ ‬أبريل‭ ‬2023‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬بقيادة‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬البرهان،‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬بقيادة‭ ‬حليفة‭ ‬ونائبه‭ ‬السابق‭ ‬محمد‭ ‬حمدان‭ ‬دقلو‭ ‬المعروف‭ ‬بحميدتي‭. ‬

وخلّفت‭ ‬الحرب‭ ‬عشرات‭ ‬آلاف‭ ‬القتلى،‭ ‬وشرّدت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬3,1‭ ‬ملايين‭ ‬نزحوا‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬بحسب‭ ‬المنظمة‭ ‬الدوليّة‭ ‬للهجرة،‭ ‬وتسبّبت،‭ ‬وفقا‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بإحدى‭ ‬أسوأ‭ ‬الأزمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭. ‬ويخوض‭ ‬الطرفان‭ ‬راهنا‭ ‬معارك‭ ‬عنيفة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬الجزيرة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬انشقاق‭ ‬أحد‭ ‬قادتها‭ ‬في‭ ‬الولاية‭ ‬وانضمامه‭ ‬إلى‭ ‬الجيش،‭ ‬شنّت‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬هجمات‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬وحصلت‭ ‬مواجهات،‭ ‬ما‭ ‬تسبّب‭ ‬بمقتل‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬شخص‭ ‬خلال‭ ‬عشرة‭ ‬أيام،‭ ‬حسب‭ ‬السلطات‭ ‬ومسعفين‭. ‬

وكان‭ ‬علي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬رفاعة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لهجوم‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬أكتوبر‭ ‬دفعه‭ ‬للنزوح‭ ‬مع‭ ‬أسرته‭ ‬وأسرة‭ ‬شقيقه‭ ‬الراحل‭. ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬حلفا‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬كسلا‭ (‬150‭ ‬كيلومترا‭ ‬شرق‭ ‬رفاعة‭) ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬مضنية‭ ‬استغرقت‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭. ‬ويقول‭ ‬بقلق‭ ‬بالغ‭ ‬‮«‬مرّت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ستة‭ ‬أيام‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬عنه‭ ‬شيئا‮»‬‭.  ‬وأدت‭ ‬موجة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الجزيرة‭ ‬إلى‭ ‬نزوح‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭. ‬ويقول‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‭ (‬أوتشا‭) ‬إن‭ ‬قرابة‭ ‬119‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬نزحوا‭ ‬إلى‭ ‬ولايتي‭ ‬كسلا‭ ‬والقضارف‭. ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬حلفا،‭ ‬وصل‭ ‬أيضا‭ ‬محمد‭ ‬العبيد‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬الهجليج‭. ‬ويقول‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أحصينا‭ ‬170‭ ‬مفقودا‭ ‬من‭ ‬قريتنا‭. ‬هناك‭ ‬أسر‭ ‬بأكملها‭ ‬لا‭ ‬يُعرف‭ ‬لها‭ ‬أثر‮»‬‭. ‬ويوضح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬يصلون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ذوييهم‭.   ‬ومنذ‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬انقطعت‭ ‬شبكات‭ ‬الاتصالات‭ ‬وخدمات‭ ‬الإنترنت‭ ‬عن‭ ‬الولاية‭ ‬بصورة‭ ‬شبه‭ ‬كاملة‭ ‬ما‭ ‬يعيق‭ ‬التواصل‭. ‬ويقول‭ ‬الناشط‭ ‬علي‭ ‬بشير‭ ‬الذي‭ ‬ينظّم‭ ‬عملية‭ ‬النزوح‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬شرق‭ ‬ولاية‭ ‬الجزيرة‭ ‬‮«‬انقطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬يفاقم‭ ‬مسألة‭ ‬المفقودين‮»‬‭. ‬وتعجّ‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬بمنشورات‭ ‬تبلّغ‭ ‬عن‭ ‬مفقودين‭. ‬وأطلق‭ ‬ناشطون‭ ‬صفحات‭ ‬لنشر‭ ‬صور‭ ‬وأسماء‭ ‬المفقودين‭ ‬وغالبيتهم‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬والأطفال‭. ‬

وشهدت‭ ‬مدينة‭ ‬تمبول‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬الجزيرة‭ ‬مواجهات‭ ‬عنيفة‭ ‬قبل‭ ‬أسبوعين‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭. ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬الجيش‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬تمبول،‭ ‬أفاد‭ ‬شهود‭ ‬بأنّ‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬عادت‭ ‬‮«‬لتشنّ‭ ‬عمليات‮»‬‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بآلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬للنزوح‭. ‬

من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬التاجر‭ ‬عثمان‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬أثر‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أبنائه‭. ‬

ويقول‭ ‬الرجل‭ ‬البالغ‭ ‬43‭ ‬عاما‭ ‬‮«‬كان‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬أبنائي،‭ ‬أحدهما‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬والثاني‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة،‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬لحظة‭ ‬بداية‭ ‬الهجوم‭ ‬مساء‭ ‬السبت‮»‬‭ ‬19أكتوبر،‭ ‬فاضطررنا‭ ‬لنغادر‭ ‬من‭ ‬دونهم‮»‬‭. ‬ويتابع‭ ‬‮«‬مضت‭ ‬الآن‭ ‬عشرة‭ ‬أيام،‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬أحياء‭ ‬أم‭ ‬أمواتا‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا