مع انخفاض عدد السكان في مقدونيا الشمالية منذ استقلالها عام 1991 يشهد هذا البلد الصغير الذي يضم 1.8 مليون نسمة انخفاضا في عدد تلاميذه كل عام دراسي، حتى إن بعض المدارس في القرى المهجورة تضم تلميذين أو 3 تلاميذ.
وعانت مقدونيا الشمالية التي كانت أصلا من أفقر جمهوريات يوغوسلافيا السابقة من أزمة اقتصادية سنوات بعد الاستقلال. وارتفع معدل البطالة 39% في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قبل أن يعاود الانخفاض تدريجيا. وفي عام 2024 بلغ هذا المعدّل 14.4%.
وإلى جانب نزاع مسلح عام 2001 دفعت الصعوبات الاقتصادية آلاف الأشخاص إلى مغادرة البلاد، ضمن موجة هجرة أثرت في البداية على معظم المناطق الريفية، ولكن أيضا على المدن، مع انخفاض عدد التلاميذ.
ويقود زاركو بلازيفسكي سيارته لساعة، كل صباح، على طريق متعرج كي يصل إلى مدرسته في شمال البلاد حيث ينتظره 3 تلاميذ.
وفي غضون نحو 10 سنوات، ارتفع عدد التلاميذ في مدرسة زاركو بلازيفسكي من أربعة إلى تسعة، وهو رقم قياسي، قبل أن يعاود التراجع إلى ثلاثة، على ما يوضح الأستاذ الذي يدرّس في قرية كوسوفو التي تتشارك الاسم نفسه مع دولة مجاورة. والتلاميذ الذين يدرّسهم من أعمار مختلفة.
وبحسب تقرير نشره مركز «سنتر فور سيفيل كوميونيكيشن» في سبتمبر خسرت المدارس الابتدائية خلال العقد نفسه عشرة آلاف تلميذ، أي 5% من الأطفال الملتحقين بالمدارس.
ويشير تقرير المنظمة غير الحكومية مستندا إلى إحصاءات رسمية إلى أنّ «الانخفاض في عدد التلاميذ أكبر في المرحلة الثانوية، إذ تقلّص عدد هؤلاء بنسبة 20%»، سواء في المناطق الريفية أو المدن.
ويشكّل وضع حدّ لهجرة العائلات إحدى المهام التي وعدت الحكومة اليمينية القومية الجديدة المنتخبة في يونيو بمعالجتها. وأُنشئت وزارة جديدة لشؤون السكان والشباب، ولكن لا يزال من غير الواضح ماذا ستعتمد لوقف الهجرة.
والمشكلة أكبر في الجبال، إذ تواجه المنازل المدمرة والقرى المهجورة تهديدا دائما بالحرائق التي تستمر أياما عدة خلال الصيف، مع أنها من غير المرجح أن تتسبب بوقوع جرحى.
وفي آخر القرى المأهولة تواجه السلطات باستمرار خيارا صعبا يتمثل بإغلاق المدارس التي لم تعد تستقبل سوى عدد قليل من التلاميذ. ويجبر الإغلاق آخر التلاميذ على التنقل ساعات طويلة للدراسة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك