باريس - (أ ف ب): مع تواصل التصعيد في الشرق الأوسط ولا سيما بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، تقف الأسرة الدولية عاجزة فيما تغرق المنطقة في حرب لم تنجح مساعيها الدبلوماسية المكثفة في منع وقوعها.
وعكست الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك بمشاركة قادة دول العالم، الهوة العميقة ما بين الدعوات المتزايدة إلى الهدوء وتكثيف الضربات الإسرائيلية على لبنان، يقابلها قصف صاروخي من لبنان على إسرائيل.
ومع تأكيد مقتل حسن نصر الله السبت في غارة إسرائيلية عنيفة استهدفته في قلب معقل الحزب في الضاحية الجنوبية، بات الوضع داهما أكثر قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر في الولايات المتحدة، الحليف الأول لإسرائيل.
وأوضحت برونوين مادوكس مديرة مركز تشاتام هاوس البريطاني للدراسات لقسم الفيديو في وكالة فرانس برس «يحاول الغرب إقناع إسرائيل باتخاذ بعض القرارات التي تخفض حدة التوتر، لكن هذا ليس ما شهدناه في الأيام الأخيرة».
وقبل تنفيذ الضربة، حض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مساء الجمعة إسرائيل وحزب الله على «وقف إطلاق النار» بأسرع ما يمكن، في وقت يواصل الحزب المدعوم من إيران قصف شمال إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر.
وقال بلينكن «قد يبدو من الصعب تبيان طريق الدبلوماسية في الوقت الحاضر، لكنها موجودة وهي برأينا ضرورية. سنواصل العمل عليها بكثافة». لكن الواقع أن واشنطن لم تتخذ أي تدابير عملية ملموسة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، لإرغام إسرائيل على تبديل سياستها.
ورأت برونوين مادوكس أن الولايات المتحدة «بإمكانها ممارسة المزيد من الضغط.. بالامتناع عن تسليم المزيد من الأسلحة». لكن إسرائيل أعلنت الخميس أنها حصلت على رزمة جديدة من المساعدات العسكرية الأمريكية بقيمة 8,7 مليارات دولار.
وقالت الخبيرة إن «الضغط شديد بالأساس على الصعيد الدبلوماسي، ولم نعد في الثمانينات أو التسعينات حين كان يكفي للإدارة الأمريكية أن تجري اتصالا هاتفيا للحصول على أمر ما».
فبعد حوالي عام على هجوم حماس، عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإمساك بالوضع.
ورأى مسؤول عسكري أوروبي كبير أن «إسرائيل نجحت في قلب منحى الرعب تماما. كانوا في مأزق، مصدومين، ضعفاء، فاقدي المصداقية. أما اليوم، فعادوا يبعثون الخوف من جديد».
وأشار إلى حجم الدمار الذي لحق بغزة وبات يلحق الآن بلبنان، معتبرا أنه «كلفة باهظة سيدفع الإسرائيليون ثمنها لعقود».
وحرص بعض أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي ولا سيما من اليمين المتطرف، على أخذ مسافة عن الولايات المتحدة.
ولفت جيمس دورسي من معهد إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إلى أن «الحزب العمالي كان يرفع تقليديا شعارا يقول بعدم الخروج أبدا عن التوافق مع الأمريكيين. أما الليكود، فلا يفكر على هذا النحو». ورأى الباحث أن السلطة الإسرائيلية تبنت «ذهنية القلعة المحاصرة» التي يصعب اختراقها، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وما يعزز ذلك الوزن الكبير الذي تحظى به القضية الفلسطينية الإسرائيلية في الرأي العام الأمريكي.
وقال دورسي بهذا الصدد «لا أعتقد أن أي بلد يلقى الدعم الشعبي الذي تلقاه إسرائيل في الولايات المتحدة»، معتبرا «من غير المرجح أبدا» أن تدخل واشنطن في خلاف مع حليفها قبل انتخابات نوفمبر.
من جانبه، أوضح العسكري الأوروبي أن إسرائيل تعتزم استثمار النافذة المتاحة لها إلى حين الانتخابات الأمريكية «إلى أقصى حد» و«لم تعد بحاجة إلى ذريعة للتحرك»، واثقا من أن «أي شيء يمكن أن يحصل» خلال الأيام المقبلة.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الشرق الأوسط على «شفير حرب شاملة».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك