أزواج يــعـيـشـــون منــفــصــلــيـن.. تــحــت ســـقـف واحــد!
إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والتدخين من أبرز المسببات
زوجة: صمت زوجي أفقدني الثقة بنفسي.. وأخرى: أخطر من الورم الخبيث
تحقيق: فاطمة اليوسف
تتعرض الكثير من العلاقات الزوجية للفشل لأسباب تكاد تكون مبهمة لكلا الطرفين، ومن دون أن يدركا السبب الرئيسي لها في بادئ الأمر. ولو عدنا الى تاريخ تلك العلاقات الزوجية نرى أن السبب في كثير من الأحيان واضح وجلي، فهو في واقع الأمر يعود إلى «الصمت» نعم؛ الصمت الزوجي الذي بات يهدد الكثير من العلاقات.
غالبًا ما يكون الصمت الزوجي سببًا للتوتر والاحتقان في العلاقة مما يؤدي إلى انعدام التواصل الحقيقي والتباعد بين الشريكين.
في موضوعنا هذا، نستعرض بعض الحالات الواقعية التي عانت من الصمت الزوجي، ونحاول الوقوف على الأسباب المحتملة للصمت الزوجي ومدى تأثيرها على العلاقة الزوجية ومناقشة الاقتراحات التي قد تساعد في إيجاد الحلول المناسبة.
بداية التقينا (ل.ن) التي نقلت تجربتها مع ما وصفته بالصمت القاتل الذي أصاب علاقتها الزوجية بالفتور قائلة: كنت وزوجي نعيش بسلام شديد وكانت علاقتنا منسجمة جدا ولم أتوقع أبدأ أن يأتي اليوم الذي أراه فيه يتجاهلني ويتجاهل مشاعري، حدث ذلك قبل بضع سنين وحاولت منه معرفة أسباب التغير لكن باءت محاولاتي بالفشل.
وأوضحت أنها كانت من النساء اللاتي يحفظن بيت الزوجية وتهتم بشكلها ومظهرها كثيرا فهي تحب التجديد كي لا يمل منها زوجها، فقالت: كنت دوما أسعى جاهدة الى أن أرضيه ورغم ذلك بدأ الصمت يتسلل الى حياتنا شيئا فشيئا وكلما حاولت التقرب أراه يبتعد معللا ابتعاده بالانشغال بوظيفته الجديدة وأنه يحاول إثبات وجوده وتحقيق أهدافه.
مضى على ذلك عدة أشهر ثم سنوات ولم يتغير لكنني الآن اعتدت على ذلك بأن شغلت نفسي عنه بتربية أبنائي.
وعن أكثر اثار الصمت الزوجي، قالت: فقدت الثقة بنفسي وصرت أتأمل وجهي كثيرا رغم أنني لم أتجاوز الـ 36 عاما إلا أنني ظننت بداية أنه يتجاهلني بسبب ملله مني.
أما (ع.أ) فقالت بحرقة: الصمت أخطر من السرطان، تزوجت سابقا وتم الطلاق قبل أن يكتمل عام على زواجنا، بعد انتهائي من الجامعة تقدم لي أحدهم وتمت الموافقة بعد السؤال عنه، بعد انقضاء شهر على الزواج رأيته فجأة يقضي معظم يومه على الإنستغرام بمجرد عودته من العمل يتناول الغداء بشكل سريع ثم يبدأ مسك هاتفه الذي لا يفارقه ويشاهد الفيديوهات ويضحك أو أنه يعلق على منشورات التطبيق، وكلما حاولت محادثته يشير لي بيده بأنه مشغول أو يقول لحظة ومهما أتحدث وأنتظر منه الإجابة يقول: ها ماذا لم أسمع؟ أعيدي، وحين انتهى بي الأمر وصرت أستنكر ما يحدث وأحاسبه على إهمالي، اتهمني بأنني نكدية.
فاض بي الكيل فطلبت الطلاق والآن أعيش حياة هانئة مع أسرتي الجديدة ولله الحمد.
ونصحت (ع.أ) المتزوجين قائلة: يجب على كل زوج وزوجة أن يخصصا وقتا لبعضهما فالعلاقة الزوجية علاقة سامية أمرنا الله بالمحافظة عليها.
وأخبرنا سالم عن تجربته قائلا: عشت فترة حرجة مع زوجتي طيلة فترة حملها، فقد كانت تكره محادثتي وكانت تنشغل عني بزيارة أهلها أو محادثة صديقاتها أو مشاهدة التلفاز، «الصمت» متعب جدا والحمد لله أن كل شيء تغير بعد ولادتها.
ونصح سالم: الأزواج بضرورة تقدير زوجاتهن ومحاولة فهم ظروفهن الخاصة في بعض الفترات الحرجة وأكد أن الحب والاهتمام أقوى من جميع الظروف، وقال: يجب على كل منهما أن يعامل الطرف الآخر كما يحب أن يُعامل.
الصمت أنواع
وحدثتنا المحاسب القانوني الشيف أنيسة الحواج، الحاصلة على London school of accountancy وخريجة new Town cookery school edinburgh ، بأن الصمت الزوجي له أنواع، نوع يأتي بدافع اليأس ونوع بدافع العقاب، وللتوضيح أكثر فالصمت الناتج عن اليأس هذا ما تقوم به المرأة غالبا، تمارسه حين ترى أن شريكها لا يعيرها أي اهتمام مهما تكلمت أو حاولت مناقشته في خصوصيات المنزل، ومع مرور الوقت تبدأ بالشعور باليأس من الحديث معه. وأضافت الحواج بأن سبب الصمت الناتج عن اليأس لأحد الشريكين تشتد خطورته لتطول المنزل والأسرة والأطفال ويؤثر على الروابط والعلاقات الاجتماعية وغالبًا ما تعاني منه المرأة على وجه التحديد بسبب «سي السيد» وتجاهله لها.
أما النوع الآخر للصمت فهو «العقابي» وغالبا ما يمارسه الرجال الذين ينتمون الى الشخصية النرجسية هذا النوع من الرجال يرفض بشكل تام التحدث مع زوجته والهدف منه التلاعب بشخصية الطرف الآخر وابتزازه عاطفيا، وهذا النوع من الرجال يحب فرض سيطرته دائما ويمتنع عن الحديث إلا إذا أراد هو فقط وترى الحواج بأن هذا الصمت الأخطر لأنه يهمّش الطرف الآخر ويشعره بالإذلال وللأسف فهو منتش كثيرًا.
وأكدت الحواج أن الصمت لا يمكن أن يكون حلاً للخلافات، كما أوضحت بأن الصمت قد يكون حكمة في بعض المواقف ليتمكن طرفا العلاقة من الهدوء والتفكير في حل المشكلة وهذا ما يسمى من وجهة نظرها بالصمت الحكيم.
وقالت الحواج إن الصمت الزوجي الذي يستمر فترات طويلة هو عبارة عن جدران غير مرئية في العلاقة، تنمو وتكبر وتؤدي الى الكثير من التخبط في العلاقة والمشاعر، مؤكدة أن هناك بعض الأزواج يجمعهم سقف واحد ولكن حياة كل واحد منهما مستقلة عن الآخر تمامًا وهذا خطر شديد على الأسرة، فالأسرة التي لا نقاش ولا حديث فيها تعتبر ميتة، لأن المودة والرحمة ماتتا فيها ورسولنا الكريم ــ عليه الصلاة والسلام ــ حثنا على المودة والرحمة.
واختتمت الحواج حديثها بالقول: لابد من اللجوء الى المختصين وعلماء النفس والمستشارين الأسريين لوضع الحلول المناسبة، وعدم اللجوء الى الأصدقاء لحل المشاكل الزوجية لأن بعض الأصدقاء يشعلون نيران الغضب ويثيرون المشاكل لتصبح أكثر تعقيدًا سواء كانوا أصدقاء الزوج الذين يتهمونه بالخوف من زوجته، أو صديقات الزوجة اللاتي يحرضنها ضد زوجها ويأمرنها بضرورة التخلص منه.
أما في حال اللجوء الى الأهل فكل طرف من طرفي العلاقة الزوجية أهله يتحيزون لصالحه وذلك بسبب العلاقة الطبيعية والمشاعر.
تجنب المشاكل
من جانبها، ترى نور أحمد بأن هناك بعض الأزواج، يلجؤون الى الصمت دائمًا وقت مطالبة الزوجة لهم بالحديث، وإذا ما بادرت الزوجة بالمطالبة بالحديث فإن الزوج يتعمد الصراخ حينها معللا ذلك بأنه لا جديد يُذكر لفتح أحاديث بينهما، وتؤكد نور أن بعض الأزواج يتهمون زوجاتهم بأنهن «نكديات» بالرغم من أن الزوجة تحاول جاهدة بأن تتحدث بحب وود.
وعن بعض أسباب الصمت الزوجي، قالت نور إن أكثر مسببات الصمت بين الأزواج هو إدمان بعض الأزواج للتدخين ومواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية والتلفزيون.
وتؤيد نور اللجوء الى مستشار أسري في حال ازدادت الأمور حدة في الصمت الزوجي لإنقاذ ما بقي من عش الزوجية، واختتمت حديثها لـ«أخبار الخليج» قائلة: الصمت بين الأزواج يؤدي الى الإصابة بحالات مختلفة من الأمراض النفسية وللأسف هناك من يلجأ الى الخيانة الزوجية سواء من الرجال أو النساء بسبب الضغوط النفسية التي يراها من الشريك وهناك من يلجأ الى طلب التدخل العائلي لحل هذا الصمت والبعض يلجأ الى مستشار أسري.
تجنب المشاكل
بعض الأزواج يختارون الصمت كوسيلة لتجنب الصراعات والمشاجرات، ولكن هذا ليس حلاً، فالصمت لا يحل المشاكل ولا يساهم في تطوير العلاقة، بل يجعلها تتدهور بشكل أكبر هذا ما أيده الفنان البحريني عادل الجوهر الذي قال إن الصمت الزوجي يأتي بسبب الفتور بالمشاعر وموت العاطفة التي لا يحاولان تجديدها باستمرار فيتحول ذلك الفتور الى حالة من التعود على الصمت فيصبح وجود أحدهما للآخر كالحائط، وبعض الأزواج يشعرون بعدم الرغبة بالحديث والاستماع الى مشاكل الطرف الآخر وعدم الاستماع الى كثرة الضغوط سواء بسبب كثرة المشاكل أو كثرة النصائح وكل ذلك يعود الى انقطاع علاقة الحب بينهما فيصبحان كالإخوة تحت سقف واحد.
وشبّه الجوهر، العلاقات الزوجية الواقعة تحت تأثير الصمت بـ«الطاولة والكرسي»، قائلاً: شبّهت علاقة الزوجين الصامتين بذلك لأن الكرسي والطاولة جماد لا يتحدثان لكن يغني استخدام الطاولة عن الكرسي ولا الكرسي عن الطاولة فهما مكملان لبعضهما، مؤكدًا أن الصمت الزوجي يهدم البيوت بشكل كبير، وأوضح أن هذه المشكلة وغيرها يجب أن يتم حلها في المنزل بين الزوجين لأنهما أعلم بمسببات ذلك الصمت وإذا لم يتمكنا فمن الممكن اللجوء الى أهل الزوجين، أما إذا لم يتم وضع الحل المناسب الذي يساعدهما في تخطي ذلك الصمت وعودة الحياة الزوجية الى سياقها الصحيح فمن الممكن اللجوء الى مستشار أسري رغم أن الحل المقدم من قبل المستشارين يكون حلاً سريعاً ومؤقتًا من وجهة نظره وأضاف بأن علاج المشكلة الحقيقي يكون من الداخل ( داخل المنزل بين طرفي العلاقة).
وعلى الوتيرة ذاتها حدثتنا سوزان الخطيب، الممارس لعلم البرمجة اللغوية العصبية والكوتش في التنمية البشرية والتطوير الذاتي، والمتخصصة في التدريب السلوكي المعرفي ومساعد في الاستشارات الزوجية والأسرية، قائلة: مفهوم الصمت الزوجي نوعان ، هناك الصمت المؤقت الناتج عند الخلافات الزوجية ويُعد حكمة ووعيا عاليا لأنه يعطي كلا الطرفين فرصة لإعادة التفكير في الخلاف بينهما ويعطي فرصة للنقاش بأن يهدأ والعصبية والتوتر ينخفضان ثم يبدأ الحوار في الموضوع بعقلانية وهدوء وهذا صحي جداً حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة في حالة الغضب.
وأوضحت الخطيب أن الصمت طويل الأمد يعد مؤشرًا على بداية النفور والبرود العاطفي بين الأزواج، والمشكلة تتزايد عندما يطول الوقت بالصمت فيبدأ الشخص بتحليلات سلبية للطرف الآخر يعظمها الشعور بالنقمة والحقد والكراهية ويبدأ التكتم بالمشاعر السلبية التي تتعمق بالنفس البشرية مما يؤدي إلى هجران الحياة الزوجية العاطفية بشكل طبيعي. كذلك تتشكل الافتراضات والتحليلات غير المنطقية وحتى غير الصحيحة التي تؤدي إلى تفاقم المشكلة وتزايد الضغوط النفسية عند الطرفين.
وأضافت الخطيب أن بعض الأزواج يلجؤون الى الصمت بسبب البرمجيات العالقة في العقل الباطن التي تعمل على تحليل الواقع بشكل شخصي من تجارب مروا فيها مع الأهل وشكلوا لها معاني غير منطقية لا دخل لها في الحاضر الذي يعيشونه لذلك هم بحاجة الى مساعدة من طرف آخر خارجي يساعدهم على تحليل المواقف بشكل أفضل بعيدًا عن برمجتهم.
وأكدت الخطيب أن الصمت الطويل يزيد المشاكل ولا يكون حلا حقيقيا أبدا بل أنه يساهم في هدم البيوت، وأضافت أن الحل يبدأ بالحوار المفتوح بين الزوجين وبفتح الأبواب للتعبير عن المشاعر المكتومة لإعادة ترتيب مفاهيم الحياة الزوجية بينهما، ومن ثم التوافق والتناغم يعود بينهما.
وأوضحت الخطيب أن بعض الأزواج الرجال لا يمتلكون القدرة على التعبير عن حبهم أو أسفهم بالكلام وهذا نتيجة تربيتهم منذ الصغر على كتم مشاعرهم لأن الرجولة تتطلب كتم المشاعر وطبعا هذا خاطئ، ولكن لا مانع من التعبير بطرق أخرى مختلفة لم لا، طبعا يُعتبر من الحلول ولكن المرأة الذكية تستطيع مساعدة الرجل على فتح قلبه والتعبير عن ما يجول في داخله بالحب والحنان والعطف، عندما تبادر هي بذلك ستعطيه الشعور بالأمان للاعتذار وتعديل سلوكه عندما يراها تفعل ذلك بسهولة.
وعن بعض الحالات التي تعاملت معها المستشارة الأسرية، قالت: هناك حالة كانت لزوجين يعيشان كتمانا عاطفيا في مشاعرهما ولكل منهما افتراضاته عن المواقف وعن الشريك التي لا أساس لها من الصحة وكانت عالقة في عقلهما الباطن من تجربتهما الشخصية مع أهاليهم، وعندما تواجه الشريكان وأثبت كل منهما للآخر أن افتراضاته خاطئة وتسيء الفهم للمواقف لكلا الطرفين تم تعديل معتقداته تجاه نفسه ومن ثم عدلها تجاه الآخر فبدأت التحليلات تظهر للمواقف بشكل مختلف تماما متحرر من أي موقف قديم لأن الإنسان عندما ينظف أفكاره ومعتقداته عن الزواج والزوج والعلاقة الزوجية يبدأ يتصرف بطريقة مختلفة فيها حرية التعبير وتكون مليئة بالمشاعر الإيجابية والحب والتقدير لنفسه وللطرف الآخر.
كل ذلك تم بما نسميه في عالم الكوتشينج بإعادة البرمجة وتحويل الأفكار والمشاعر إلى داعمة متناغمة.
ونصحت الكوتش الأزواج بالقول: يجب على الزوجين الذين يعانون من نفور ألا يتأخرا بطلب المساعدة من مختصين ومستشارين في العلاقات لأن ذلك يساعد على تحقيق التوافق النفسي والعاطفي بينهما من جديد ويساعد على تعديل السلوك بشكل أفضل.
واختتمت الخطيب حديثها بالقول: الصمت الطويل يعرض إلى أمراض نفسية مزمنة كالاكتئاب والإحباط وفقدان الشعور بالسعادة كما يؤثر سلبًا على جسدك بارتفاع الضغط العصبي والسكر العالي والأوجاع والصداع وغيرها من الأمراض التي أنت في غنى عنها لذلك أنصحك بمراجعة أخصائي قبل فوات الأوان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك