حضور الملك المنتدى يفتح آفاقا أوسع للتعاون الاستراتيجي بين البحرين والصين
أكَّد سمير عبدالله ناس رئيس اتحاد الغرف العربية رئيس غرفة البحرين أن اليوم وبعد عشرين عامًا على إنشاء منتدى التعاون العربي – الصيني الذي تأسَّس في عام 2004، يمكن القول إن المنتدى كان له دورٌ فاعلٌ ومؤثر في تعزيزِ العلاقات العربيَّة الصينيَّة وتحقيق قدرٍ من التوازن الاقتصادي بأبعاده الديناميكية المرغوبة في منطقة الشرق الأوسط، وتعميق آليات التعاون والتنسيق في مجمل القضايا التي تواجهها المنطقة ترسيخًا لمبدأ الحوار ومواصلة دفع جهود السلام لضمان الاستقرار، ولهذا حرص عددٌ من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية على حضور اجتماعات المنتدى مما منحه ثقلا إضافيًا لبلورةِ سياسات مؤثرة قادرة على التكيف مع الظروف المتغيرة في عالم تتوالى فيه الأزمات الاقتصادية وتتقلص الفتراتُ البينيَّة لنهاية أزمة وبداية أزمة جديدة.
وأوضح ناس أن التغيراتِ الأخيرة التي طرأت على مستوى التجارة العالمية وهيكلها ونمطها الجغرافي عائق بقدر ما هي فرصة أمام الجغرافيا الاقتصادية للقيام بدراسات إمبريقية عنها، فالحقائق التي استجدت وفرَّت حافزاً لتعزيز التعاون المشترك بين الصين والدول العربية فيما بينهما، لمواجهة هذه التحديات ومن أهمها: الانخفاض المستمر لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي، وارتفاع معدلات التضخم واستمرار الأزمات الدولية المؤثرة بشكل كبير على الأسواق العالمية كتفاقم الحرب الروسية الأوكرانية، بجانب الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مرورا بالحرب الدائرة في السودان، ومليشيا الحوثي، وكلها أزمات تحتاج إلى تعاون عربي متعدد الأطراف تكون فيه دول الشرق ذات أولوية لتسريع مسارات الإنماء الاقتصادي على المستويات الجغرافية المختلفة سواء من الناحية الإنتاجية أو العمليات التجارية والاستثمارية.
ونوّه رئيس اتحاد الغرف العربية بأنه وبالعودة إلى تاريخ التعاون الاقتصادي العربي الصيني فإنه يعود إلى أكثر من 2000 عام منذ طريق الحرير القديم، وهو متنامٍ بشكل مستمر ويشهد انعقاد العديد من الفعاليات المشتركة التي تعزز تلك العلاقات، وقد أولينا في اتحاد الغرف العربية اهتماماً خاصاً بربط مجتمع الأعمال العربي بنظيره الصيني وحرصنا على الوصول إلى توافقات مشتركة تضمن إطلاق فرص للاستثمار خاصة بعد أن بلغت الاستثمارات الصينية المباشرة في أسواق العالم العربي 23 مليار دولار خلال عام 2021م، بينما بلغت حركة التجارة بين العالم العربي والصين، ما يزيد على 430 مليار دولار في عام 2022م، وتمكنا من خلال شراكتنا الاستراتيجية مع المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية من الارتقاء بمستوى العلاقات بين رجال الأعمال والمستثمرين العرب والصينيين، سواء من خلال تنظيم مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، أو من خلال المعرض العربي – الصيني ، كما مازلنا نسعى إلى زيادة تدفقات الاستثمار والاستفادة من سوق الصين الكبير وبالتالي الارتقاء بالعلاقات المشتركة إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وقال ناس: إن أكثر ما يميز التعاون العربي الصيني أنه قائم بالأساس على مبدأ المنفعة المتبادلة بعيدا عن أي تدخلات في الشؤون الداخلية أو السياسية ويوفر أيضًا فرصًا كبيرة للتعاون في شتى المجالات بما في ذلك التجارة والاستثمار والبنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا لذا نحرص كل الحرص خلال اجتماعاتنا إلى الوصول إلى تفاهمات مشتركة حول مجمل القضايا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، اتساقاً مع أهدافنا في الاتحاد الرامية إلى تحقيق التكامل الاقتصادي العربي في إطار صيغة شاملة وفاعلة ومتطورة، بحيث يستطيع أن يتعامل ويتعاون مع التكتلات الاقتصادية الأخرى على أسس متكافئة تضمن مصالح كل الأطراف وتسهم في تحقيق الازدهار العالمي، وهنا يمكنني القول إننا أصبحنا أمام نموذج يشتمل في مختلف مراحله على اختيار الصورة المناسبة والشكل المقبول للتكامل الإنمائي وآليات التنسيق بين السياسات الاقتصادية وخطط وبرامج التنمية الاقتصادية بما يتوافق مع رؤى واستراتيجيات دولنا العربية.
وبالإشارة إلى أهمية القمة العربية الصينية هو حضور صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم لها تلبية لدعوة فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، والمباحثات التي أجراها جلالته مع الرئيس الصيني بالعاصمة الصينية بكين تعد نقلة نوعية في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية وذلك لسببين أولهما إنها تأتى عقب النجاح المشرف للقمة العربية في دورتها الثالثة والثلاثين بمملكة البحرين وصدر عنها «إعلان البحرين» الذي قدمه ملك البلاد المعظم متضمناً عدداً من المبادرات للإسهام في خدمة القضايا الجوهرية لاستقرار المنطقة وتنميتها، منها الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، إلى جانب دعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة، والسبب الثاني، هو الاهتمام الصيني بدفع مسيرة التعاون الثنائي مع مملكة البحرين نظراً إلى موقعها الاستراتيجي ومكانتها المتميزة كملتقى للحضارات والثقافات في المنطقة، إضافة إلى دبلوماسيتها الحكيمة وسياستها المتوازنة وتوجهاتها التي تسعى من خلالها إلى بناء علاقات متميزة من التواصل والتقارب مع مختلف دول العالم.
وفي الختام أكد ناس أن المنتدى بمثابة فرصة هائلة لتنمية وتطوير العلاقات البحرينية الصينية من خلال التنسيق المتناغم بشكل يوثق لمجابهة التحديات المشتركة واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والاستقرار في كلا البلدين، إلى جانب كونه أداة للتوسع أكثر بين السوق البحريني ونظيره الصيني بما يخلق نمواً للأعمال ويولد مزيداً من الإيرادات الإجمالية ويحافظ على القدرة التنافسية وزيادة حصتها في الأسواق العالمية ويقارب بين المؤسسات الاقتصادية التي تختلف مخرجاتها لكي تتباين أنظمتها الاقتصادية في صيغة عمل موحدة، كما من المتوقع أن تشهد تلك العلاقات تطورا كبيرا خلال الفترة المقبلة في ظل الحرص الصيني على تذليل جميع العقبات أمام الاستثمارات العربية، على غرار مبادرة «الحزام والطريق» التي تعد في حال استكمالها طفرة حقيقية لتسريع الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك