العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

عربية ودولية

أطفال غزة: أي عيد وأحباؤنا رحلوا؟
معايدة أهل غزة لبعضهم: «نحن لسنا بخير»

الجمعة ١٢ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭: ‬‮«‬نفتقد‭ ‬أجواء‭ ‬العيد‭ ‬المبهجة،‭ ‬لا‭ ‬نشعر‭ ‬بأننا‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬،‭ ‬هكذا‭ ‬تستذكر‭ ‬تالا‭ ‬أبو‭ ‬عمرو،‭ ‬الفتاة‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬سبع‭ ‬سنوات،‭ ‬وتعيش‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬للنازحين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬رفح،‭ ‬جنوب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬في‭ ‬عيد‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬لعبنا‭ ‬واحتفلنا‭ ‬وابتهجنا‭ ‬معا‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬تالا‭: ‬‮«‬لكن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العيد،‭ ‬افتقدنا‭ ‬طعم‭ ‬السعادة‭.. ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ألعاب‭ ‬ولا‭ ‬أصدقاء‭ ‬نلعب‭ ‬معهم؛‭ ‬كلهم‭ ‬ماتوا‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬تالا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬تحدثوا‭ ‬إلى‭ ‬البرنامج‭ ‬الإذاعي‭ ‬‮«‬غزة‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تبُثُه‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬عربي،‭ ‬حول‭ ‬قصة‭ ‬مقاومتهم‭ ‬الظروف‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬هم‭ ‬وأفراد‭ ‬أسرهم‭ ‬الآخرين،‭ ‬للاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الفطر،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تستمر‭ ‬فيه‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬شهرها‭ ‬السابع‭.‬

وعادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬فترة‭ ‬احتفال‭ ‬كبير‭ ‬للمسلمين‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬الصيام،‭ ‬إذ‭ ‬تجتمع‭ ‬العائلات‭ ‬والأصدقاء‭ ‬ويتشاركون‭ ‬الولائم،‭ ‬ومن‭ ‬الشائع‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬الأطفال‭ ‬أموالا‭ ‬أو‭ ‬هدايا‭ ‬من‭ ‬كبارهم‭.‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مزق‭ ‬الصراع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسر،‭ ‬إذ‭ ‬قُتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬33400‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وفقا‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

وتقول‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬1.7‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ -‬نصفهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭- ‬أُجبروا‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬النزوح‭ ‬من‭ ‬منازلهم،‭ ‬ويواجه‭ ‬نحو‭ ‬مليون‭ ‬ومائة‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬جوعا‭ ‬كارثيا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استنفدوا‭ ‬إمداداتهم‭ ‬الغذائية‭ ‬وتراجعت‭ ‬قدراتهم‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬حال‭ ‬الحرب‭.‬

وألقت‭ ‬الحرب‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬لسنا‭ ‬بخير‮»‬‭ ‬أصبحت‭ ‬معايدة‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬الرسمية‭ ‬بين‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬وعلى‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وعشية‭ ‬العيد،‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تمتلئ‭ ‬الشوارع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬القطاع‭ ‬بأصوات‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يرددون‭ ‬‮«‬التكبيرات‮»‬‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬امتنانهم‭ ‬لله،‭ ‬بينما‭ ‬تعج‭ ‬الأسواق‭ ‬بالمتسوقين‭ ‬الذين‭ ‬يشترون‭ ‬الأطعمة‭ ‬الاحتفالية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحلويات‭ ‬المليئة‭ ‬بالتمر‭ ‬وأنواع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الشوكولاتة‭. ‬لكن‭ ‬الشوارع‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬تمتلئ‭ ‬إلا‭ ‬بالألم‭ ‬والحزن‭.‬

ويقول‭ ‬محمد‭ ‬البربري‭ (‬47‭ ‬عاما‭) ‬لـ«بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬‭: ‬‮«‬كنا‭ ‬نسهر‭ ‬الليل‭ ‬كله‭ ‬ونشتري‭ ‬الحلويات‭ ‬والملابس‭ ‬الجديدة‭ ‬للأطفال‭ ‬ونصلي‭ ‬في‭ ‬المسجد،‭ ‬وللأسف‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬خيمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬الأساسية‮»‬‭. ‬

وقالت‭ ‬سارة‭ ‬عامر،‭ ‬وهي‭ ‬فتاة‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬11‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬حي‭ ‬الشجاعية‭ ‬بمدينة‭ ‬غزة‭ ‬إنها‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬الملاهي‭ ‬خلال‭ ‬العيد‭ ‬أو‭ ‬تدعوها‭ ‬عماتها‭ ‬وأبناء‭ ‬عمومتها‭ ‬لحضور‭ ‬الحفلات‭. ‬وتسأل‭ ‬سارة‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬عيد‭ ‬الحرب،‭ ‬فكيف‭ ‬نفرح‭ ‬ونحتفل‭ ‬وفيه‭ ‬قتلى‭ ‬وأسرى‭ ‬وجرحى؟‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬خليل‭ ‬أبو‭ ‬حسنين‭ ‬وهو‭ ‬صبي‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬13‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشيخ‭ ‬رضوان،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬غزة،‭ ‬ويلجأ‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬شمال‭ ‬رفح‭: ‬‮«‬كنا‭ ‬نحتفل‭ ‬بالعيد‭ ‬مع‭ ‬أحبائنا،‭ ‬لكن‭ ‬الآن‭ ‬مات‭ ‬جميع‭ ‬أحبائنا،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬ملابس‭ ‬جديدة‭ ‬لنشتريها،‭ ‬ولا‭ ‬كعكات‭ ‬لنأكلها،‭ ‬ولا‭ ‬مشروبات‭ ‬لنتناولها‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬أبو‭ ‬حسنين‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬العيد‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬طعم‭ ‬بسبب‭ ‬أجساد‭ ‬الناس‭... ‬التي‭ ‬نراها‮»‬‭.‬

ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬فداء‭ ‬مرجان،‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المستقل‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬الاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الفطر‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حداد‭ ‬على‭ ‬ابنتها‭ ‬حبيبة‭ ‬التي‭ ‬قُتلت‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الثماني‭ ‬سنوات‭.‬

وأضافت‭ ‬فداء‭ ‬أن‭ ‬حبيبة‭ ‬قُتلت‭ ‬في‭ ‬غارة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬على‭ ‬منزلهم‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬أكتوبر‭ -‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬الهجوم،‭ ‬وقالت‭ ‬فداء‭ ‬لبي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬من‭ ‬رفح‭ ‬في‭ ‬العيد‭: ‬‮«‬اعتدنا‭ ‬أن‭ ‬نجتمع‭ ‬ونرتدي‭ ‬أفضل‭ ‬الملابس‭ ‬لدينا،‭ ‬وأن‭ ‬نتناول‭ ‬أفضل‭ ‬أنواع‭ ‬الشوكولاتة؛‭ ‬كانت‭ ‬أيام‭ ‬سعادة‭ ‬وفرح‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬لكن‭ ‬لسوء‭ ‬الحظ،‭ ‬هذا‭ ‬العيد‭ ‬مختلف‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الأعياد‭ ‬الأخرى‮»‬‭.‬

وتم‭ ‬تصوير‭ ‬نضال‭ ‬عبدة،‭ ‬وهو‭ ‬يحتضن‭ ‬جثة‭ ‬ابنه‭ ‬الصغير،‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬شهداء‭ ‬الأقصى،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬دير‭ ‬البلح‭ ‬بوسط‭ ‬البلاد،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬قُتل‭ ‬في‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬وطفليهما‭ ‬الآخرين‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬نضال‭ ‬لوكالة‭ ‬رويترز‭ ‬للأنباء‭: ‬‮«‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العيد،‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أطفالنا‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬حياة‭ ‬سعيدة،‭ ‬حياة‭ ‬كريمة؛‭ ‬الطائرات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وهمجيتها‭ ‬وغطرستها،‭ ‬قتلت‭ ‬أطفالنا‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬هارون‭ ‬المدلل‭ ‬لبرنامج‭ ‬‮«‬شريان‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬مخيمه‭ ‬بالمدينة‭ ‬قاموا‭ ‬بإعداد‭ ‬الكعك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬‮«‬لرسم‭ ‬البسمة‭ ‬على‭ ‬وجوه‮»‬‭ ‬الأطفال‭ ‬الأيتام‭ ‬هناك‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا