العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

عربية ودولية

محلل أمريكي: حرب غزة مجرد مقدمة لأزمات أخطر بالشرق الأوسط

الخميس ١١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

واشنطن‭ - (‬د‭ ‬ب‭ ‬أ‭): ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وسقوط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬ألف‭ ‬شهيد‭ ‬و76‭ ‬ألف‭ ‬جريح‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬تبدو‭ ‬سياسة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬المحك‭. ‬فالمفاوضات‭ ‬حول‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬حرجة‭.  ‬

وهجمات‭ ‬جماعة‭ ‬الحوثيين‭ ‬تعرقل‭ ‬حركة‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وخليج‭ ‬عدن‭ ‬وترهق‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭. ‬ومازال‭ ‬دعم‭ ‬بايدن‭ ‬لإسرائيل قويا،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬تراكم‭ ‬التوتر،‭ ‬تدهورت‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو بشكل‭ ‬صريح‭. ‬ومع‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬يخوضها‭ ‬بايدن،‭ ‬أضر‭ ‬العدوان الذي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬عواقب‭ ‬إنسانية‭ ‬مأساوية‭ ‬بمكانة‭ ‬الرئيس‭ ‬بين‭ ‬مؤيديه‭ ‬التقدميين‭ ‬في‭ ‬الداخل‭.  ‬

وفي‭ ‬تحليل‭ ‬نشرته‭ ‬وكالة‭ ‬بلومبرج‭ ‬للأنباء‭ ‬قال‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬هال‭ ‬براندز‭ ‬أستاذ‭ ‬كرسي‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الدراسات‭ ‬الدولية‭ ‬المتقدمة‭ ‬بجامعة‭ ‬جونز‭ ‬هوبكنز‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إن‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬أشد‭ ‬تعقيدا‭ ‬وقبحا،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬بالفعل،‭ ‬فتصبح‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مجرد‭ ‬مقدمة‭ ‬لأزمتين‭ ‬جديدتين‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تكونا‭ ‬أشد‭ ‬تدميرا‭.  ‬

الأزمة‭ ‬المحتملة‭ ‬الأولى‭ ‬تتعلق‭ ‬باحتمالات‭ ‬تطور‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭. ‬فعندما‭ ‬نشبت‭ ‬الحرب‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬2006‭ ‬تم‭ ‬تدمير‭ ‬الجنوب‭ ‬اللبناني‭. ‬

ويقول‭ ‬براندز‭ ‬إن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬فكرت‭ ‬في‭ ‬شن‭ ‬ضربة‭ ‬استباقية‭ ‬ضد‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الحزب‭ ‬اللبناني‭ ‬بمهاجمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬مستغلا‭ ‬انشغالها‭ ‬بالحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭.  ‬

ولكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تراجعت‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬إرسال‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬أمريكية‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬لإظهار‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬الكامل‭ ‬لإسرائيل‭ ‬واستعداد‭ ‬واشنطن‭ ‬للتدخل‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬الأعمق‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حلها‭.‬

قليل‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يريدون‭ ‬تحمل‭ ‬خطر‭ ‬احتمال‭ ‬قيام‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بمهاجمة‭ ‬شمال‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬والفصائل‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬جنوبها‮ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭. ‬وتحول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المستوطنات‭ ‬والتجمعات‭ ‬السكنية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬أشباح،‭ ‬وانتقل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬أو‭ ‬ابتعدوا‭ ‬عن‭ ‬الشمال‭ ‬ببساطة‭.‬‮ ‬‭ ‬وتواجه‭ ‬إسرائيل‭ ‬حاليا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‭ ‬انكماشا‭ ‬لمساحتها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬به‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيل‭ ‬سواء‭ ‬تحت‭ ‬رئاسة‭ ‬نتنياهو‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬خليفة‭ ‬له‭. ‬

ويرى‭ ‬براندز‭ ‬أن‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬ستكون‭ ‬أشد‭ ‬تدميرا‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ولآن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬حليف‭ ‬حيوي‭ ‬لإيران‭ ‬فقد‭ ‬تنخرط‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬بشكل‭ ‬أوضح‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وزعيمه‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬لديهما‭ ‬أسباب‭ ‬وجيهة‭ ‬لتجنب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬بسحب‭ ‬قواته‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬الليطاني‭ ‬كما‭ ‬تطالب‭ ‬إسرائيل‭. ‬

أما‭ ‬الأزمة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬فتتعلق‭ ‬بإيران‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬اضطرابات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬فإيران‭ ‬مثل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬ستفضل‭ ‬تجنب‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬ومباشرة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لآن‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬يوفر‭ ‬لها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المزايا‭. ‬فالفوضى‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تعرقل،‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت،‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والسعودية‭. ‬كما‭ ‬تسمح‭ ‬للحوثيين‭ ‬باستنزاف‭ ‬قدرات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتخلق‭ ‬ستارا‭ ‬كثيفا‭ ‬من‭ ‬الدخان‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬تطوير‭ ‬قنبلتها‭ ‬النووية‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التعثرات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وصل‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬تتيح‭ ‬لطهران‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬كمية‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬عالي‭ ‬التخصيب‭ ‬تكفي‭ ‬لصنع‭ ‬ثلاثة‭ ‬قنابل‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوعين‭. ‬ولكن‭ ‬صنع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬قابل‭ ‬للاستخدام‭ ‬سوف‭ ‬يستغرق‭ ‬وقتاً‭ ‬أطول،‭ ‬وربما‭ ‬عاماً‭ ‬كاملاً،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬دليل‭ ‬دامغ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تتخذ‭ ‬الخطوات‭ ‬اللازمة‭. ‬ولكن‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬تتزايد‭. ‬‮ ‬ففي‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شخصيات‭ ‬إيرانية‭ ‬بارزة‭ ‬شككت‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬التزام‭ ‬طهران‭ ‬ببرنامج‭ ‬نووي‭ ‬مدني‭ ‬فقط‮»‬‭. ‬

‭ ‬وقال‭ ‬الجنرال‭ ‬ميشيل‭ ‬كوريلا‭ ‬قائد‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إن‭ ‬حصول‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬‮«‬سيغير‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‮»‬‭.  ‬

وستجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسيهما‭ ‬إن‭ ‬عاجلا‭ ‬او‭ ‬آجلا‭ ‬مضطرتين‭ ‬إما‭ ‬للقبول‭ ‬بامتلاك‭ ‬إيران‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭ ‬أو‭ ‬التحرك‭ ‬لوقفها‭ ‬باستخدام‭ ‬إجراءات‭ ‬أقوى‭ ‬سواء‭ ‬بتشديد‭ ‬العقوبات‭ ‬أو‭ ‬بشن‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭ ‬ضدها‭.  ‬

‮ ‬معنى‭ ‬هذا أنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬التمني‮ ‬تصور‭ ‬أن‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬انخفاض‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬منسوب‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بل‭ ‬الاحتمال‭ ‬القوى‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬ستكون‭ ‬إيذانا‭ ‬ببدء‭ ‬المراحل‭ ‬الأخطر من‭ ‬أزمة‭ ‬أعمق‭ ‬وأطول‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا