العدد : ١٦٨٤٢ - الجمعة ٠٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٢ - الجمعة ٠٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ شوّال ١٤٤٥هـ

أخبار البحرين

تـلـوث الـهـواء فــــي الـبــحـــريـــن.. بــيــــن الـتـقـاريـر الـمـحـذرة والتصريحـات المطمئنة

إعداد: محمد الساعي

الأحد ٣١ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

تصريحات رسمية: التصنيف غير دقيق ويعتمد على محطة واحدة فقط في شارع مزدحم

بيئيون: لا يمكن أن نقطع الشك باليقين من دون قياسات ودراسات محلية

كلفة أجهزة قياس جودة الهواء لا تتجاوز 200 دينار.. ومحطات القياس الأساسية 20 ألفا

دراسة خليجية: نسبة الجسيمات الدقيقة من المصادر الصناعية تمثل 90% من ملوثات الهواء


تثير‭ ‬التقارير‭ ‬الدورية‭ ‬التي‭ ‬تنشرها‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بالبيئة‭ ‬ولاسيما‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاستفهامات‭ ‬بل‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬صحتها‭ ‬ودقتها‭. ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬تقارير‭ ‬شركة‭ ‬أي‭ ‬كيو‭ ‬أير‭ (‬IQAir‭) ‬السويسرية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تقنيات‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬ومتخصصة‭ ‬في‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬ملوثات‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭.‬

ففي‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬صنف‭ ‬تقرير‭ ‬الشركة‭ ‬المنامة‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الخامسة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والمدن‭ ‬الأكثر‭ ‬تلوثا‭.‬

ولم‭ ‬يختلف‭ ‬تقرير‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬حين‭ ‬جاءت‭ ‬المنامة أكثر‭ ‬مدينة‭ ‬تلوثا‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والخامسة‭ ‬عالميا‭. ‬وخمن‭ ‬المتخصصون‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الرقعة‭ ‬العمرانية‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬البنائية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬النفايات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يتمّ‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬بأساليب‭ ‬غير‭ ‬علمية،‭ ‬والتغول‭ ‬الواضح‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬المشاريع‭ ‬كالجسور‭ ‬والردم‭ ‬العشوائي‭.‬

وفي‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬نشرت‭ ‬الشركة‭ ‬تقريرها‭ ‬الدوري‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬البحرين‭ ‬احتلت‭ ‬المرتبة‭ ‬الرابعة‭ ‬عالميا‭. ‬وأكد‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬تلوّث‭ ‬الهواء‭ ‬يمثل‭ ‬أكبر‭ ‬تهديد‭ ‬للصحة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ويتسبّب‭ ‬التعرّض‭ ‬لتلوّث‭ ‬الهواء‭ ‬بحالات‭ ‬صحية‭ ‬عديدة‭ ‬قد‭ ‬تتفاقم،‭ ‬تشمل‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أمراض‭ ‬الربو،‭ ‬والسرطان،‭ ‬وأمراض‭ ‬الرئة،‭ ‬وأمراض‭ ‬القلب،‭ ‬والوفاة‭ ‬المبكرة‭. ‬ويعتمد‭ ‬إعداد‭ ‬التقرير‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬بيانات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬جهاز‭ ‬لمراقبة‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7300‭ ‬موقع‭ ‬في‭ ‬131‭ ‬دولة‭ ‬ومنطقة‭ ‬وإقليم‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالا‭ ‬عما‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬القلق‭! ‬

ربما‭ ‬تبعث‭ ‬تأكيدات‭ ‬الخبراء‭ ‬والبيئيين‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الاطمئنان‭ ‬بان‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬تشوبها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬حول‭ ‬دقتها‭ ‬وتوقيتها‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تعبر‭ ‬فعلا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭. ‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬استفهامات‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬حول‭ ‬غياب‭ ‬المؤشرات‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تدحض‭ ‬أو‭ ‬تفسر‭ ‬تلك‭ ‬الأرقام‭. ‬ففي‭ ‬السابق‭ ‬مثلا‭ ‬كانت‭ ‬تصدر‭ ‬تقارير‭ ‬شهرية‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحافظات،‭ ‬ويتضمن‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬مخالفات‭ ‬أو‭ ‬تحذيرات‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬توقف‭ ‬تماما‭. ‬بل‭ ‬أكد‭ ‬أحد‭ ‬البيئيين‭ ‬أنه‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬خمسة‭ ‬أجهزة‭ ‬متحركة‭ ‬لقياس‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬محافظات‭ ‬البحرين،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬ذكر‭!‬

تحذيرات

في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬وتحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬البحرين‭ ‬الرابعة‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‮»‬‭ ‬نشر‭ ‬الخبير‭ ‬البيئي‭ ‬البروفيسور‭ ‬إسماعيل‭ ‬المدني‭ ‬مقالا‭ ‬حول‭ ‬التقرير‭ ‬الأخير‭ ‬لشركة‭ ‬أي‭ ‬كيو‭ ‬أير‭ (‬IQAir‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تحتل‭ ‬المرتبة‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬الأسوأ‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬الذي‭ ‬يستنشقه‭ ‬الإنسان‭ ‬ويتعرض‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬حياته‭.‬

 

ومع‭ ‬تحذيره‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬المعلومات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬التقرير،‭ ‬يبين‭ ‬البروفيسور‭ ‬إسماعيل‭ ‬المدني‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اطلاعه‭ ‬على‭ ‬تقارير‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬إجماعاً‭ ‬على‭ ‬الترتيب‭ ‬لاختلافها‭ ‬في‭ ‬مصدر‭ ‬المعلومات،‭ ‬ومنهجية‭ ‬الدراسة،‭ ‬ومرجعية‭ ‬المواصفات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجسيمات‭ ‬الدقيقة،‭ ‬منها‭ ‬التقارير‭ ‬الدورية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬حالة‭ ‬الهواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‮»‬‭ (‬State‭ ‬of‭ ‬the‭ ‬Global‭ ‬Air‭)‬‮ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬وتقرير‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬لعام‭ ‬2020‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تلوثاً‭ ‬عالمياً‭ ‬لعام‭ ‬2020‮»‬‭.‬‮ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬البحرين‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬الأشد‭ ‬تلوثاً،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬تقارير‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تتناول‭ ‬الملوثات‭ ‬الأولية‭ ‬المعروفة‭ ‬كالدخان،‭ ‬وإنما‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬نجد‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تقع‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬المراتب‭ ‬الأولى‭.‬

ويضيف‭ ‬المدني‭: ‬هناك‭ ‬انطباع‭ ‬سائد‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬بأننا‭ ‬لا‭ ‬نتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬ارتفاع‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬فلا‭ ‬نلوم‭ ‬أنفسنا‭ ‬لهذا‭ ‬التلوث‭ ‬بسبب‭ ‬العواصف‭ ‬الترابية‭ ‬المستمرة‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬تشير‭ ‬تصريحات‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬آمنة،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬فهذا‭ ‬راجع‭ ‬الى‭ ‬اننا‭ ‬نعش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬صحراوية‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬مصدر‭ ‬التلوث‭ ‬طبيعي‭ ‬وليس‭ ‬صناعي‭.‬

ولكن الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬اتصالات‭ ‬الأرض‭ ‬والبيئة‮»‬‭ (‬‮ ‬Communications‭ ‬Earth‭ & ‬Environment‭) ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تلوث‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مصدر‭ ‬بشري‮»‬،‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬الصناعية‭ ‬البشرية‭ ‬تمثل‭ ‬أكثر‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الجسيمات،‭ ‬وهي‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬وأشد‭ ‬وطأة‭ ‬وتنكيلاً‭ ‬بالصحة‭ ‬العامة‭ ‬لأنها‭ ‬دقيقة‭ ‬جداً‭ ‬ومجهرية‭ ‬وتحمل‭ ‬في‭ ‬بطنها‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬السامة‭ ‬والمسرطنة‭.‬

وأشار‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬معلومات‭ ‬تنشرها‭ ‬دولنا‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الملوثات‭ ‬الأولية‭ ‬والثانوية،‭ ‬يضطرنا‭ ‬الى‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المصادر‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تقدير‮»‬‭ ‬نسبة‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬لندرة‭ ‬المعلومات‭ ‬الصحيحة‭. ‬وبالتالي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فعلينا‭ ‬وبكل‭ ‬بساطة‭ ‬نشر‭ ‬المعلومات‭ ‬المتوافرة‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬رصد‭ ‬ومراقبة‭ ‬ملوثات‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬محافظات‭ ‬البحرين‭.‬

أمر‭ ‬نسبي

يمكننا‭ ‬هنا‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بتصريحات‭ ‬سابقة‭ ‬لـ«البيئة‮»‬‭ ‬علقت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬بان‭ ‬برنامج‭ ‬رصد‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬يتضمن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬العالمية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬رصد‭ ‬ثاني‭ ‬أوكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬وثاني‭ ‬اوكسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬والجسيمات‭ ‬العالقة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬بحجم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬مايكرون‭ ‬PM10‭ ‬والجسيمات‭ ‬العالقة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬بحجم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مايكرون‭ ‬PM2.5‭ ‬وغيرها‭.‬

وأكدت‭ ‬التصريحات‭ ‬أن‭ ‬النمط‭ ‬العام‭ ‬لجميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ضمن‭ ‬الحدود‭ ‬المقبولة‭ ‬بيئيا‭ ‬وصحيا‭ ‬عدا‭ ‬مؤشرات‭ ‬الجسيمات‭ ‬العالقة‭ ‬PM‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬بشكل‭ ‬متزامن‭ ‬مع‭ ‬أوقات‭ ‬العواصف‭ ‬الرملية‭ ‬وموجات‭ ‬الغبار‭. ‬وبالتالي‭ ‬استندت‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬على‭ ‬الجسيمات‭ ‬العالقة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مايكرون‭ ‬PM2.5‭ ‬فقط‭.‬

وأضافت‭ ‬التصريحات‭ ‬أن‭ ‬تصنيف‭ ‬البحرين‭ ‬الأولى‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أمر‭ ‬نسبي،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬أجهزة‭ ‬رصد‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الدول،‭ ‬والنتائج‭ ‬التي‭ ‬اعتمد‭ ‬عليها‭ ‬التقرير‭ ‬للبحرين‭ ‬تم‭ ‬تحصيلها‭ ‬من‭ ‬محطة‭ ‬رصد‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬لمحطة‭ ‬رصد‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬شارع‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬والذي‭ ‬يتسم‭ ‬بازدحام‭ ‬مروري‭ ‬شديد‭ ‬وبالخصوص‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬الذروة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تتأثر‭ ‬نتائجها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بما‭ ‬يصلها‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬في‭ ‬عوادم‭ ‬السيارات،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬عوادم‭ ‬المركبات‭ ‬مصدر‭ ‬معروف‭ ‬للجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬اقل‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ ‬ميكرون‭.‬

وفي‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬أكد‭ ‬وزير‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬بن‭ ‬دينة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سبع‭ ‬محطات‭ ‬لقياس‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬مع‭ ‬التوجه‭ ‬لاستكمال‭ ‬ست‭ ‬محطات‭ ‬أخرى‭. ‬

وربما‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬هنا‭ ‬ان‭ ‬نتساءل‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالتصريحات‭ ‬المطمئنة‭ ‬وعدم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬القياسات‭ ‬والدراسات‭. ‬فما‭ ‬الفائدة‭ ‬من‭ ‬قياسات‭ ‬تبقى‭ ‬حبيسة‭ ‬الأدراج؟

غياب‭ ‬المعلومات‭ ‬المحلية

هل‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬حالة‭ ‬تدعو‭ ‬الى‭ ‬القلق؟

سؤال‭ ‬نطرحه‭ ‬على‭ ‬الأستاذ‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والمتخصص‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬البيئي‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالجليل‭ ‬زينل‭. ‬وعليه‭ ‬يجيبنا‭:‬

**‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬فقط‭ ‬الى‭ ‬المعدلات‭ ‬التي‭ ‬تنشرها‭ ‬منظمات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬مثل‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬أي‭ ‬كيو‭ ‬إير‮»‬‭ ‬السويسرية،‭ ‬نعم‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬القلق‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭ ‬المتعلق‭ ‬بجودة‭ ‬الهواء‭ ‬له‭ ‬انعكاساته‭ ‬الصحية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬المعدلات‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬المتوسط‭ ‬الى‭ ‬السيئ،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬دولية‭ ‬موثوقة‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬محطاتها‭ ‬وقياساتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬قياس‭ ‬موزعة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬المعلومات‭ ‬متاحة‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الخاص‭ ‬بالمؤسسة،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬معلومات‭ ‬لحظية‭ ‬حول‭ ‬تركيز‭ ‬الجسيمات‭ ‬العالقة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬التي‭ ‬قطرها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مايكرون‭ ‬PM2.5،‭ ‬وكذلك‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬مايكرون‭ ‬PM10‭ ‬وثاني‭ ‬اوكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬وثاني‭ ‬اوكسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬وغيرها‭.‬

وبالتالي‭ ‬بالنظر‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬فقط‭ ‬نقول‭ ‬نعم‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قارنا‭ ‬الوضع‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭. ‬

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالموضوع‭ ‬يجب‭ ‬أخذها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬منها‭ ‬طبيعة‭ ‬هذه‭ ‬القياسات‭ ‬ومواقعها‭ ‬وتوافر‭ ‬المعلومات‭ ‬الدقيقة‭ ‬واللحظية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ضرورة‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬دراسات‭ ‬شاملة‭ ‬تأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬كل‭ ‬الأبعاد‭ ‬وليس‭ ‬القياس‭ ‬اللحظي،‭ ‬فمثلا‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬نسبة‭ ‬الغبار‭ ‬المرتفعة‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬قياسات‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬بدليل‭ ‬اننا‭ ‬نجد‭ ‬المعدلات‭ ‬متقاربة‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭. ‬

إذن‭ ‬هناك‭ ‬قلق‭ ‬تدعو‭ ‬اليه‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬ولكن‭ ‬بالمقابل‭ ‬هناك‭ ‬استفهامات‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬كونها‭ ‬مؤشرا‭ ‬لوجود‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نجد‭ ‬المؤشرات‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬للمؤسسة‭ ‬سيئة‭ ‬أحيانا‭ ‬بالمنامة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات،‭ ‬نشاهدها‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬أخرى‭ ‬ضمن‭ ‬المعدل‭ ‬العالمي‭. ‬وهذا‭ ‬مؤشر‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الملوثات‭ ‬الهوائية‭ ‬وخاصة‭ ‬تركيز‭ ‬الجزيئات‭ ‬العالقة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬تتغير‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بحسب‭ ‬حالة‭ ‬الطقس‭ ‬وخاصة‭ ‬اتجاه‭ ‬الرياح‭ ‬والحركة‭ ‬المرورية‭. ‬

*‭ ‬ربما‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يبرز‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬لماذا‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬الأرقام‭ ‬الخارجية؟‭ ‬ألا‭ ‬نمتلك‭ ‬قياسات‭ ‬محلية‭ ‬تقطع‭ ‬الشك‭ ‬باليقين؟

**‭ ‬سؤال‭ ‬مهم‭ ‬جدا،‭ ‬والإجابة‭ ‬عليه‭ ‬لها‭ ‬عدة‭ ‬أبعاد‭. ‬أولا‭ ‬حتى‭ ‬انا‭ ‬كمتخصص‭ ‬عندما‭ ‬أحاول‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬محلية‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬يصعب‭ ‬علي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬استفهاما‭ ‬حول‭ ‬وجود‭ ‬محطات‭ ‬محلية‭ ‬لقياس‭ ‬هذه‭ ‬الجودة‭ ‬من‭ ‬الأساس‭. ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬وجدت،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تنشر‭ ‬النتائج،‭ ‬فما‭ ‬الفائدة‭ ‬من‭ ‬قياسات‭ ‬ودراسات‭ ‬تبقى‭ ‬حبيسة‭ ‬الأدراج‭ ‬ولا‭ ‬تعلن؟‭ ‬فوجود‭ ‬الأرقام‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬دراسات‭ ‬ومحطات‭ ‬متطورة‭ ‬يقطع‭ ‬الشك‭ ‬باليقين‭. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬محطات‭ ‬موزعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافظات‭ ‬بدل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬ارقام‭ ‬خارجية‭ ‬مصدرها‭ ‬محطة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬مزدحم؟‭ ‬

والأمر‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬بالمؤشرات‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬لزيادة‭ ‬وعي‭ ‬المواطن‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭. ‬وعندما‭ ‬تقرأ‭ ‬أهداف‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أي‭ ‬كيو‭ ‬إير‮»‬‭ ‬في‭ ‬موقعها‭ ‬تجد‭ ‬انها‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬اشراك‭ ‬الافراد‭ ‬وتوعيتهم‭ ‬بمخاطر‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬وطرق‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الانعكاسات‭.‬

فمثلا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬التلوث‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬الجزيئات‭ ‬العالقة‭ ‬التي‭ ‬قطرها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مايكرون‭ ‬PM2.5،‭ ‬فهذه‭ ‬أيضا‭ ‬خطيرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬كربونية‭ ‬كعوادم‭ ‬السيارات‭ ‬والمصانع‭. ‬وهي‭ ‬جزئيات‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬حتى‭ ‬فلترتها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬الدم‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬يعانون‭ ‬أمراضا‭ ‬تنفسية‭ ‬وقلب‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭. ‬وهنا‭ ‬فإن‭ ‬توفير‭ ‬المعلومات‭ ‬الكافية‭ ‬ضروري‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬تدعو‭ ‬الى‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والوعي‭ ‬بطرق‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭. ‬وأبسط‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬عندما‭ ‬توافرت‭ ‬كل‭ ‬الاحصائيات‭ ‬والمعلومات‭ ‬والدراسات،‭ ‬توافرت‭ ‬نسبة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬والالتزام‭ ‬بالإجراءات،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬الأمثل‭ ‬مع‭ ‬المشكلة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬انتشارها‭. ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬مشكلة‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬ليست‭ ‬بتلك‭ ‬الخطورة،‭ ‬ولكن‭ ‬لأنها‭ ‬معنا‭ ‬للأبد،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬دراسات‭ ‬وإجراءات‭ ‬حولها‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬حجمها‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬وتجنب‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبية‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬وقبل‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬كان‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬يقوم‭ ‬بدراسات‭ ‬متخصصة‭ ‬منها‭ ‬دراسات‭ ‬بيئية‭. ‬وهذا‭ ‬الدور‭ ‬اختفى‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭. ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬نمتلك‭ ‬الدراسات‭ ‬الكافية‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬حجم‭ ‬المشكلة‭ ‬ومصادر‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭. ‬

*‭ ‬هل‭ ‬قياس‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬مكلف؟‭ ‬

**‭ ‬هل‭ ‬تعلم‭ ‬انه‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تشتري‭ ‬جهازا‭ ‬بسيطا‭ ‬لقياس‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬بكلفة‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬200‭ ‬دينار؟‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تعتمد‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬الشركة‭ ‬السويسرية‭. ‬ولدينا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬عملية‭ ‬قياس‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬غير‭ ‬مكلفة‭. ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬بسيط‭ ‬لكنه‭ ‬يعطي‭ ‬مؤشرات‭ ‬أساسية‭. ‬

وهنا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الامر‭ ‬يتعلق‭ ‬بدراسات‭ ‬رسمية‭ ‬محلية‭ ‬فقد‭ ‬يتطلب‭ ‬الامر‭ ‬محطات‭ ‬أكبر‭ ‬أو‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬توفر‭ ‬بيانات‭ ‬شاملة‭ ‬لكل‭ ‬الملوثات‭. ‬وشخصيا‭ ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬نيوزيلاندية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬المعلومات‭ ‬الكافية‭ ‬والاساسية‭ ‬حول‭ ‬الملوثات‭ ‬الأساسية‭ ‬لجودة‭ ‬الهواء‭ ‬وثاني‭ ‬اوكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬وثاني‭ ‬أوكسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬والكربون‭ ‬والأوزون‭ ‬وضغط‭ ‬الجو‭ ‬وغيرها،‭ ‬وكانت‭ ‬التكلفة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬للمحطة‭ ‬الواحدة‭.‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬نحتاج‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬إلى‭ ‬أرقام‭ ‬محلية‭ ‬حتى‭ ‬نعرف‭ ‬حقيقة‭ ‬المشكلة‭. ‬

*‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬مؤشرات‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬أي‭ ‬كيو‭ ‬إير‮»‬‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬محطة‭ ‬واحدة‭ ‬وفي‭ ‬شارع‭ ‬مزحم‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬دقة‭ ‬النتائج‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬عممت‭ ‬على‭ ‬البحرين‭. ‬هل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬مؤسسة‭ ‬عالمية‭ ‬متخصصة‭ ‬تغفل‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الجانب؟

**‭ ‬وفقا‭ ‬للموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬محطة‭ ‬أو‭ ‬جهازا‭ ‬واحدا‭ ‬للقياس‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وبكل‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬كمؤشر‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ككل‭. ‬

والأمر‭ ‬الآخر،‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬الموقع‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬النتائج‭. ‬فوضع‭ ‬جهاز‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬سكنية‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬صناعية‭. ‬نعم‭ ‬مؤشرات‭ ‬محطة‭ ‬واحدة‭ ‬يكفي‭ ‬لوضع‭ ‬علامة‭ ‬استفهام‭ ‬تنبهنا‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬إجراء‭ ‬دراسات‭ ‬وقياسات‭ ‬محلية‭.‬

فمثلا‭ ‬عندما‭ ‬أقارن‭ ‬نتائج‭ ‬القراءات‭ ‬مع‭ ‬قراءات‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬تعتبر‭ ‬الأعلى‭ ‬ازدحاما،‭ ‬الغريب‭ ‬ان‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬المحطة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تبين‭ ‬ان‭ ‬التلوث‭ ‬أحيانا‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬بانكوك‭ ‬والقاهرة‭ ‬واسطنبول‭! ‬وهذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلا‭ ‬حول‭ ‬تفاصيل‭ ‬القياس‭ ‬والموقع‭ ‬ودقة‭ ‬البيانات‭ ‬والموقع‭ ‬الذي‭ ‬تقاس‭ ‬به‭ ‬الجودة‭.‬

وهذا‭ ‬كما‭ ‬يعود‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬أهمية‭ ‬وجود‭ ‬محطات‭ ‬قياس‭ ‬محلية‭ ‬ودراسات‭ ‬تفصيلية‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاستفهامات‭.‬

*‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬ومع‭ ‬غياب‭ ‬المؤشرات‭ ‬المحلية،‭ ‬ماهي‭ ‬الحلول‭ ‬في‭ ‬رأيك؟

**‭ ‬أولا‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬دراسة‭ ‬للوضع‭ ‬تشمل‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين،‭ ‬وتركز‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬التلوث‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬رصد‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬وجود‭ ‬شبكة‭ ‬ن‭ ‬المجسات‭ ‬والأجهزة‭ ‬التي‭ ‬تقيس‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬وتوزع‭ ‬حسب‭ ‬طبيعة‭ ‬المناطق‭ ‬والتجمعات‭ ‬السكنية،‭ ‬وتقارن‭ ‬بين‭ ‬القراءات‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬والفصول‭ ‬المختلفة‭ ‬والمناطق‭. ‬مع‭ ‬نشر‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬نشرات‭ ‬علمية‭ ‬موثوقة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اتاحتها‭ ‬للجمهور‭ ‬والمهتمين‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬ثبت‭ ‬فعلا‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بجودة‭ ‬الهواء‭. ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬الحلول‭ ‬تتفاوت‭ ‬في‭ ‬طبيعتها‭ ‬حسب‭ ‬طبيعة‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬وحدة‭ ‬المشكلة‭ ‬فيها‭. ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬عوادم‭ ‬السيارات‭ ‬سببا‭ ‬رئيسا‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التحول‭ ‬التدريجي‭ ‬الى‭ ‬السيارات‭ ‬الهجينة‭ ‬والكهربائية‭ ‬يبرز‭ ‬كأحد‭ ‬الحلول‭ ‬المهمة‭ ‬هنا‭. ‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الغبار‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬تعتبر‭ ‬مشكلة‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭. ‬وهنا‭ ‬يبرز‭ ‬التخطيط‭ ‬السليم‭ ‬للمدن‭ ‬والتشجير‭ ‬المكثف‭ ‬كحلول‭ ‬ممكنة‭. ‬

وحتى‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يمكن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مشكلة‭ ‬الغبار،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬بمكان‭ ‬معرفة‭ ‬المؤشرات‭ ‬واطلاع‭ ‬الجميع‭ ‬عليها‭. ‬فمثلا‭ ‬قد‭ ‬يتكون‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬الغبار‭ ‬وعوادم‭ ‬السيارات‭. ‬وهنا‭ ‬يمكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العوادم‭ ‬لتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬المشكلة‭. ‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأمر‭ ‬بذات‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تعامل‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬الكوارث‭. ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬ارتفع‭ ‬التلوث‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬او‭ ‬مناطق‭ ‬معينة،‭ ‬يتم‭ ‬تنبيه‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بمخاطر‭ ‬ذلك‭ ‬وتوجههم‭ ‬إلى‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأنسب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحالات‭ ‬مثل‭ ‬ارتداء‭ ‬الكمامات‭ ‬وحماية‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬والذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬والجهاز‭ ‬التنفسي‭.‬

الأمر‭ ‬الآخر،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬والمؤشرات‭ ‬التي‭ ‬تنشرها‭ ‬مؤسسات‭ ‬عالمية‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬يسببها‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭. ‬وهنا‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬دراسات‭ ‬صحية‭ ‬تبحث‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬قد‭ ‬تزايدت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الأخيرة‭ ‬مثلا؟‭ ‬إذا‭ ‬ثبت‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعتبر‭ ‬مؤشرا‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬التلوث‭. ‬وبالمقابل‭ ‬إذا‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬المعدلات‭ ‬طبيعية‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاطمئنان‭. ‬

أيضا،‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمناطق‭ ‬الجافة‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬فيها‭ ‬الغبار‭ ‬قياس‭ ‬معدلات‭ ‬PM10‭ ‬وPM‭ ‬1‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬الجزيئات‭ ‬الأكبر‭ ‬نسبيا‭ ‬في‭ ‬الجو‭ ‬ومقارنتها‭ ‬بنسب‭ ‬PM2.5K،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬PM10‭ ‬مؤشر‭ ‬أقوّي‭ ‬على‭ ‬التلوث‭ ‬الطبيعي‭ ‬الناتج‭ ‬من‭ ‬الأغبرة،‭ ‬بينما‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬PM2.5‭ ‬وخاصة‭ ‬PM1‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬وجود‭ ‬تلوث‭ ‬غير‭ ‬طبيعي‭ ‬ناتج‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬عادم‭ ‬السيارات‭ ‬والأدخنة‭. ‬لذا‭ ‬أكرر‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬إجراء‭ ‬دراسات‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬القياسات‭ ‬الميدانية‭ ‬المستمرة‭ ‬لمعرفة‭ ‬حقيقة‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬فأي‭ ‬خطة‭ ‬أو‭ ‬قرار‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينجز‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستندا‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬واضحة‭ ‬النتائج‭. ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬ان‭ ‬نتخذ‭ ‬قرارات‭ ‬تتعلق‭ ‬بالبيئة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستندة‭ ‬الى‭ ‬دراسات‭ ‬وأرقام‭ ‬وحقائق‭ ‬واضحة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا