حين قال الله سبحانه في محكم كتابه العزيز (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون) (البقرة 2: 185).
فرمضان هو شهر الصوم الذي فرض على المسلمين حيث يخبرنا القرآن عن أهميته، وموعد شهر رمضان هو الشهر التاسع من السنة القمرية التي تبلغ 12 شهرًا في الإسلام، وهو ما يسمى (التقويم الهجري). لقد حدد الله سبحانه وتعالى بنفسه السنة القمرية في وقت خلق الأرض.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (سورة التوبة، 9:36).
يعتمد التقويم القمري الإسلامي عبر السنة الشمسية والفصول، حيث إن السنة القمرية الحقيقية هي بطبيعة الحال 10 إلى 11 يومًا أقصر من نظيرتها الشمسية. يستغرق رمضان حوالي 33 عامًا شمسيًا ليعود مرة أخرى عبر التقويم الشمسي بأكمله. في العمر النموذجي، سيشهد المسلم شهر رمضان من خلال النطاق الكامل للسنة الشمسية.
ما صوم رمضان؟
يفرض صيام رمضان من الفجر حتى غروب الشمس والامتناع عن الطعام والشراب والجماع طوال 29 أو 30 يومًا، حيث تتقلب الشهور القمرية بشكل طبيعي، وهذا واجب على جميع المسلمين غير المرضى أو على سفر عدم القدرة على تحمل الصيام بسبب العمر والحمل والرضاعة وما شابه ذلك من المصاعب (الذين يستطيعون دفع ما يسمى بالفدية، بدلاً من الصيام. المفطر: يجب على من تخلف عن صيامه عمداً من دون سبب دفع كفارة.
ما الغاية من رمضان؟
لا يهدف صيام رمضان إلى فرض الجوع والعطش والحرمان الحسي للصائمين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ» (أحمد رقم 8693).
يهدف رمضان إلى تحلي المؤمنين بالأخلاق، على وجه التحديد، تتمثل محاكمتنا كبشر في الحكم والتصرف» بناءً على حكمنا في الوقت الذي منحه إياه الله سبحانه وتعالى حيث قال في كتابه العزيز (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (سورة الملك 2)
معيار العبادة هو الغيب غير المرئي، حيث قال الله سبحانه وتعالى في هذا الشأن (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ) (سورة الملك، 67:23).
قل لهم -أيها الرسول- الله هو الذي أوجدكم من العدم، وجعل لكم السمع لتسمعوا به، والأبصار لتبصروا بها، والقلوب لتعقلوا بها، قليلا-أيها الكافرون -ما تؤدون شكر هذه النعم لربكم الذي أنعم بها عليكم. قل لهم: الله هو الذي خلقكم ونشركم في الأرض، وإليه وحده تُجمعون بعد هذا التفرق للحساب والجزاء.
بمعنى آخر رمضان هو تدخل إلهي في الحياة الدنيا مصمم لتحريرنا لنصبح ما أوجدتنا أيادي الخالق اليمنى في الأصل: بوعي عبادا للامتنان إلى هذا الإله الواحد.
ماذا يحصل الصائم من رمضان؟
من الناحية الروحية يخبرنا القرآن أن الفضيلة الصريحة التي يمنحها صيام رمضان للمؤمن هي أن تكون خائفًا من الله، هذا أمر أساسي تمامًا للثقة في النجاح الأخلاقي الذي حمل العبء على الإنسان منذ اللحظة التي خرج من الجنة إلى الأرض، بصفته وكيله المعين والقدير. أن نصبح خائفين من الله أمر أساسي لنجاحنا النهائي.
حيث قال سبحانه وتعالى (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء 26: 87-89).
وأيضاً: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) (سورة التين، 95: 4-6).
في مفردات القرآن، «تقوى الله» -هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، القوة المحددة التي تريدنا النية الإلهية أن نأخذها من صيام رمضان-إجمالاً، صيام رمضان يقشر العالم من حواسنا، حجابه من قلوبنا، ويعيد معنوياتنا إلى السيولة الأولى، فنأتي بثمر رمضان: التقوى، خوف الله اللائق هذا هو التدبير الذي توفره طاعة الشهر، وهي وصفة طبية تمنحنا نظامها القوة للارتقاء إلى مكانتنا البشرية الكاملة والسير بين الناس في عالم يكتنفه نور الله لنا.
هل الصوم عبادة شرعية فقط؟
صيام رمضان ليس جديدا على الناس. تعد تعاليمه القرآنية مصدرًا عباديًا قديمًا مثل العقيدة التوحيدية، أي قديم قدم الإنسان، لأن الدين الحقيقي والإنسان يظهران معًا في الأنثروبولوجيا المقدسة للإسلام.
وتأتي زكاة الفطر على شكل مواد غذائية أساسية أو، بشكل عام اليوم تأتي كدفعة لكل فرد من أفراد الأسرة تعادل قيمته توفير قوت يوم كامل للشخص.
إنها طـُهرة للصائم من اللغو والرفث، أي إنها تمحو ما قد يرتكبه المسلم في رمضان من منهيات شرعية في صيامه. (2) بشكل عام، تساعد على توفير الموارد الغذائية للمؤمنين الفقراء وهي تعبير عن شكر الله سبحانه وتعالى بإخلاص، إنَّها طُعمةٌ للمساكينِ؛ ليستغنوا بها عن السُّؤالِ يومَ العِيدِ، ويشتركوا مع الأغنياءِ في فرحةِ العيد. تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.
ما فضائل شهر رمضان الخاصة؟
رمضان مليء بالعبادة إلى جانب الصوم، ويغدق في فضله على عديد من الأعمال الورعة الأخرى، فقد ضاعف الله سبحانه وتعالى أجر أي عمل خيري فيه مهما كان صغيراً.
1-الشهادة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويتجلى ممارساتها بشكل يومي في كل يوم في رمضان.
-2الصلاة: يؤدي المصلون العبادة الإسلامية المميزة يوميًا مدة شهر متواصل - بشكل فردي وجماعي، في الشمس وفي ضوء النجوم، في المساجد وأماكن الصلاة في جميع أنحاء الأرض، وتتميز بصلاة التراويح في كل ليلة من الشهر الفضيل ترنيمة للسماء.
-3الزكاة: يخرج المسلمون زكاة أموالهم عن سنة قمرية ويعطونها للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل.
غالباً يصل تراكم الثروة لعام كامل إلى مرحلة النضج بالنسبة إلى معظم الناس في رمضان. إن صدقات الزكاة هذه تصنع شيئاً كبيراً لما تستحقها عندما توزع على يد الموزعين الحكماء)، وتُدفع لهم بفرحة، لأنها تجبي الأجر الكبير وبخاصة في شهر رمضان المبارك.
هل رمضان هو الوقت المناسب للتصدق؟
أفضل الأوقات يضاعف الله سبحانه وتعالى أجر العمل الصالح في رمضان، ولكن ليس أكثر من الصدقة التطوعية، مع فتح الأيدي على نطاق أوسع، يتبع صائمو رمضان نموذج نبيهم عليه السلام حيث قال ابن عباس: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ (البخاري رقم 3554).
وروى ابن عباس أيضًا أن الصحابي أنس سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما أفضل صدقة؟ قال: الصدقة في رمضان.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ (مسلم، رقم 115).
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». (البخاري، رقم 1904).
هل اختص الله الصوم من بين سائر العبادات؟ نعم. وقد وصف علماؤنا ذلك بعدة طرق:
إنه سر بينه وبين الله اختصه الله بنفسه؛ لأنه شيء لا يعلمه إلا الله، قال ابن الجوزي أشهر إمام بغداد في القرن الثاني عشر: كل عبادات ما عدا الصوم يراها. هذا يمكن أن يلوث نقاء نية المرء من خلال إظهار خارجي للتقوى، وبعبارة أخرى، الرياء.
2- كما إن عبارة الله «الصوم لي» تدل على أنه صنفه على أنه عبادة «أعز» عنده، وهو ما قاله قاضي لشبونة المالكي العظيم في القرن الحادي عشر، ابن عبد البر، «يكفي للدلالة على ذلك. تفوق الصوم على جميع العبادات الأخرى، ويؤيد ذلك القول الأصيل للنبي عليه السلام: «(عليك بالصوم، فإنه لا مِثلَ له)» (النساء رقم 2220).
ما هو أفضل وقت في رمضان؟
ليلة القدر لا مثيل لها بين جميع ليالي الطقوس الأخرى في كل العالم. هذه هي الليلة التي نزل فيها القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء على جبل النور خارج مكة، تكليفه بالرسالة إنها إحدى الليالي ذات الأرقام الفردية في الأيام العشرة الأخيرة من شهر الصيام.
باختصار، هذه الليلة تعادل ألف شهر مهما كانت عبادة الصيام فيها. وهذا يجعل كل عبادة يقوم بها المرء في هذه الساعات الليلية مساوية لعمر من هذه العبادات -83 سنة وأربعة أشهر -سواء كانت الصلاة والدعاء، والصدقة، وذكر الله، وكل عمل صالح وعبادة.
في سياق الأمر بهذه الطقوس الصارمة والامتناع في وضح النهار عن المغريات في سبيل نيل الأجر العظيم في اليوم الأخير، يحلفنا الله بكلمات لا يمكن أن تفشل في تحريك القلب الذي يرتجف مع الشوق إلى الاقتراب منه:
يقول سبحانه وتعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (سورة البقرة 2: 186).
وأيضاً (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (سورة البينة 98: 8).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك