ندوة تستعرض كيفية حماية الأبناء من الاعتداءات الجنسية
طالبت استشارية في العلاقات الأسرية بضرورة تعزيز الشفافية في مواجهة قضايا التحرش بالأطفال محذرة من خطورة التستر على هذه النوعية من القضايا بما يؤثر في استقرار المجتمع، ومحذرة من أن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في زيادة هذه المشكلات، وخاصة مع الأطفال الذين يعانون مشكلات أسرية.
جاء ذلك خلال ندوة حول «كيف نحمي أبناءنا من الاعتداءات الجنسية؟» ضمن أمسيات ملتقى السبت التابعة لمجلس بن رجب في بني جمرة، والتي قدمتها د. رنا الصيرفي استشارية العلاقات الأسرية وحماية الأطفال والمراهقين من الاعتداءات الجنسية.
وأشارت في ردّها على سؤال «أخبار الخليج» إلى أنه من الضروري إرساء مزيد من الشفافية حول الاحصائيات والأرقام المرتبطة بالاعتداءات والتحرشات الجنسيّة التي من شأنها أن ترفع من معدلات الوعي في المجتمع المحلي مع مراعاة خصوصية الضحايا والأطراف المعنيّة بالأمر، وذلك لرفع معدلات الوعي للأسر والأطفال والمراهقين من خطورة مسألة التحرّش والاعتداء.
وتحدثت عن آلية اختيار المتحرش لضحيته والتي تنطلق من مراقبته له، مؤكدةً أن المتحرش قد يميل إلى الأطفال أو المراهقين الأقل عرضةً للمشاكل أو الأطفال المعاقين بالإضافة إلى أطفال جاؤوا من أسر تعاني من مشاكل واضطرابات، وبعد اختيار الضحية يقوم المعتدي بإنشاء علاقة معه تقوم على كلمات التشجيع والثناء، ونوّهت إلى أن المتحرش اليوم يحتاج إلى حوالي 10 أيام لدراسة الضحية، وذلك بسبب تطبيقات التواصل الاجتماعي وشفافية المعلومات الشخصية فيها، بينما كان يستغرق ذلك منه وقتًا أطول قبل ظهورها.
وتطرّقت إلى كيفية معرفة المعتدي بضحيته وعلاقته بالدائرة المحيطة حيث يدرس هذه الزاوية من خلال مراقبته لتعامل الضحية مع اصدقائه ومدى ثقته بنفسه، ومن هذا المنطلق شجّعت على ضرورة الانفتاح في علاقة الأسرة مع الطفل، وذلك لمعرفة مثل هذه المواقف، مبررةً ذلك بأن أغلب المعتدين يقومون بتقديم الحب للضحايا لاستدراجهم نظرًا إلى غياب هذه المشاعر في البيئة الأسرية.
وحول مسألة تكتم الأطفال والمراهقين على التعرّض للتحرش أو الاعتداء أوضحت الصيرفي أن السبب يكمن في الطفل نفسه الذي يقوم بمراقبة رد فعل الأسرة في بعض المواقف لاستخلاص النتيجة المترتبة على التحدث بواقعة التحرّش أو بالوالدين أو بالمعتدي نفسه، وذلك من خلال قيامه بتحميل الطفل ذنب الاعتداء أو يقوم بتهديده بإيذاء الأشخاص المقرّبين منه، وبخصوص الوالدين أوضحت أن هناك فئة منهم يعيشون النكران فور تعرّضهم لحقيقة الاعتداء أو التحرّش مما يؤدي إلى تفاقم الأذى النفسي للطفل.
وخلال الندوة أشارت إلى أن التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا مهمًا في تعرّض الأطفال لمشاهد غير لائقة حيث أكدت وجود 95% من الأطفال الذين تعرضوا لمثل هذه المشاهد من خلال منصة اليوتيوب، منوهةً إلى أن متوسط الأطفال الذين تلقوا محتوى جنسيا صريح اخلال دراسة أقامتها مجموعة We Protect كانوا بعمر التاسعة إلى 12 سنة، وربع المشاركين في هذه الدراسة قد تلقوا محتوى صريحا من هذه المشاهدات، وقالت إن 50% من الأطفال يتعرضون لمحتويات جنسية قبل الخوض في المرحلة الإعدادية.
واستعرضت بعضا من الوقائع، منها حالة لفتاة كانت بعمر أقل من 6 سنوات تعرّضت لمحتوى جنسي في إحدى المنصات من خلال صديقتها المقربة، وعندما علمت والدتها بالأمر نهرتها وعبرّت عن غضبها من دون الخوض في تفاصيل تعرّض الفتاة لمثل هذا المحتوى أو الإجابة عن الأسئلة التي تدور في ذهنها مما ولّد عندها فضاء شاسعا من الفضول.
وفي ختام حديثها خلال الندوة أكدت الصيرفي ضرورة الاستقرار الاسري في حياة الطفل والمراهق لأن الطفل في الواقع لا إدراك له لمثل هذا الأمور بينما المراهق له إدراك لهذه الزاوية، ونوّهت إلى ضرورة نشر الثقافة الجنسية السليمة لدى الأطفال والمراهقين في حال تعرّضهم لها وعدم ترك المجال أمام محركات البحث التي قد تستعرض محتوى غير لائق آخر لهم، وفي حال شعور الوالدين بالحرج يجب عليهم الاتجاه لشخص ذي قدر من الثقة للنقاش، ولكن يبقى خيار الوالدين هو الأفضل في مثل هذا النقاش.
كما نصحت الوالدين بأهمية توطيد العلاقة مع الأطفال، والعمل على بناء ثقتهم بأنفسهم بعيدًا عن الإنجازات الاكاديمية والدراسية، وتعليمهم الوثوق بالمشاعر وحدسهم.
كما قال الدكتور النفسي المتخصص في الأطفال جاسم المهندي الذي شارك في الندوة إن هناك حوالي 5 فئات من الأطفال الذين يتعرضون للتحرش بكثرة، أولهم الطفل المدلل، يتبعه الطفل القلق، إلى جانب أبناء المطلقات «معظمهم»، والايتام حيث أكد أن هناك 2% من الايتام قد تعرضوا للتحرش أو الاعتداء، وآخر فئة كانت ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما تطرّق إلى علامات قد تظهر على الطفل الذي تعرّض للاعتداء والتحرش، أولها النوم ووضع اليد بين الفخذين، وذلك لجذب انتباه الوالدين، وقد يتطور إلى وضع الوسادة لجذب المزيد من الانتباه في حال عدم انتباههم أو من خلال فحص الملابس الداخلية لهم.
وفي مشاركتها وحضورها الندوة قالت الدكتورة فضيلة المحروس: بحسب الأرقام السابقة التي تعود لسنوات عديدة فإن 11% من المتحرشين عادةً ما يكونون من الآباء، و5% من الأبناء، و28% من الأقرباء، و23% من الأصدقاء، و6% من الخادمات بالإضافة إلى 5% من الطلاب في المدرسة و3% من الغرباء.
كما تحدثت المحروس عن نسب مرتبطة بالمتحرشين الذين 25% منهم يعانون من مشاكل نفسية، و44% مدمنين للمشروبات الكحولية، و12% مدمني مخدرات، و65% أصحاب سوابق و78% من الأفراد الذين وضعهم المادي متدن كانوا متحرشين وأكثرهم حاملون لشهادة تعليم ابتدائي فقط.
وأكدت أن مركز حماية الطفل اليوم يقدم دورًا نوعيًا في حماية الأطفال الذين تعرضوا لتحرشات واعتداءات وأن مملكة البحرين ساهمت في وضع قانون يحمي الطفل وحقوقه ويُعاقب من يتستر على أي حالة اعتداء او تحرش، وأوضحت ايضًا أن هناك 5% من الأطفال تم أخذهم من عائلاتهم بسبب ما تعرّضوا له.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك