على العرب أن يقدموا أنفسهم كقوة متجانسة وصلبة خلف القضية الفلسطينية
لا يمكن الرهان على أمريكا كما لا يمكن تجاهل نفوذها
البحرين لها رونق خاص وهي توفر الحرية لكل الآراء والأفكار
المعنويات في إسرائيل «تضعضعت» والجيش الإسرائيلي أدرك أنه ليس «سوبر باور»
أجرى الحوار أحمد عبدالحميد:
تصوير - عبدالأمير السلاطنة
وسط الحزن الذي يعتصر القلوب على مشاهد القتل الوحشي التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في حق أبناء الشعب الفلسطيني، حرصت «أخبار الخليج» على الالتقاء بالدكتور نبيل عمرو السياسي الفلسطيني ومستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الثقافية والإعلام، للتعرف منه على جانب من الرؤية الفلسطينية للأحداث.
اللقاء حمل الكثير من الصراحة من قبل السيد نبيل عمرو حيث قدم القراءات التحليلية للواقع الفلسطيني وشجونه وتفاصيل الداخل الإسرائيلي وتياراته، والمواقف العربية والأمريكية والدولية تجاه استطلاع مستقبل القضية الفلسطينية بعد توقف هذه الحرب الشعواء.
وهذا نص الحوار:
- ما مدى نجاح الإعلام الفلسطيني في توضيح حقائق الأوضاع في غزة، وأهمية دوره في إيصال الرواية الفلسطينية إلى العالم؟
إن أي حدث هو الأساس، والإعلام هو الصدى له، وما شهدناه في غزة كان حدثا قويا جدا، سواء ما تم في السابع من أكتوبر، أو الرد الإسرائيلي عليه، حيث جاء الإسرائيليون إلى حضن الحالة الفلسطينية في غزة، ودخلوا في الحواري والأزقة، والآن هم غير قادرين على الخروج منها.
الإعلام الفلسطيني وجميع العاملين فيه هم من أبناء غزة، لعب دورا يوازي الحدث وأحيانا يسبقه في كثير من الحالات، لأن الإعلامي لم يكن ينقل الخبر بل ينقل أجواءه وصوره، ويقول رأيه فيه.
لذلك نشأ إعلام متكامل في هذه الحرب، داخل غزة ومن حولها، ونجح المراسلون من غزة في إيصال الحالة الفلسطينية داخل كل بيت في العالم، لأن هؤلاء المراسلين باتوا هم مصدر الأخبار لكل القنوات الإخبارية في العالم سواء الجزيرة أو العربية أو حتى البي بي سي أو السي ان ان.
وامتد تأثيرهم حتى إلى داخل الإدارة الأمريكية والشارع الأمريكي.
وبعد أن وصلت الرواية الفلسطينية الحقيقية إلى العالم كله امتلأت الشوارع بالمظاهرات، بعد أن حاول البعض في الأسبوع الأول من السابع من أكتوبر تصوير الفلسطينيين كأنهم «داعش»، إلى أن ارتكب الإسرائيليون جريمتهم الفادحة في اقتحام غزة، وبدأ العالم يرى تنكيلهم بالفلسطينيين.
ورأى العالم أن ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد عملا أمنيا، إنما هو عمل انتقامي، وفي الحروب الأعمال الانتقامية هي جرائم حرب، وهي تقوم بالأعمال الانتقامية بصورة علنية وترتكب جرائم القتل بلا هوادة وبلا تمييز حيث تستهدف الأطفال والنساء حتى وصل عدد الشهداء الى ما يربو على الثلاثين ألف شهيد.
ونجح الاعلام الفلسطيني الشجاع في أن ينقل الصورة إلى العالم، وأسهمت ثورة التكنولوجيا والاتصالات في تطور الأدوات الإعلامية في بث الأوضاع من داخل غزة على مدار 24 ساعة، كما شهدنا حوارات ونقاشات ساخنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وباتت الحرب على الهواء.
كل هذا أدى إلى الانقلاب في الموقف والانقلاب في الرواية والانقلاب في شوارع العالم.
الانتصار الإعلامي
- كيف يمكن استثمار هذا الانتصار الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية؟
نحن هنا نقدم تحليلا عمليا، لأن أي حدث قد يتحول إلى عكسه إذا لم يحسن استخدامه، ففي السابق حققنا العديد من المكاسب الإعلامية والجماهيرية، وفي المحصلة النهائية نخسر.
والجميع يذكر أن حركة «السلام الآن» ولدت في إسرائيل، نتيجة التظاهرات التي ضمت 400 ألف إسرائيلي ضد الحرب على لبنان، ونحن كنا نخوض الحرب، لكن في النهاية خرجنا من لبنان على بواخر إلى منافٍ جديدة، وبعد ذلك تتآكل الانتصارات إذا لم يجر نوع من المتابعة الدقيقة على الصعيد السياسي بالدرجة الأولى، لأن المسألة ليست اعلاما فحسب.
الآن بعد هذه الحرب التي نتمنى أن تتوقف سريعا لأنها حرب إبادة، والجميع خاسر فيها، لأن لدينا أكثر من 100 ألف طفل يتيم في غزة حاليا، وعشرات الآلاف من الشهداء، وفي إسرائيل ارتدادات الحرب على غزة تسببت في «بلاوي» داخل إسرائيل.
ولا يمكن لإسرائيل أن تظن أن الخسائر فقط في الطرف الآخر، لأنها هي أيضا تخسر، ولا تقتصر على الخسائر المادية والبشرية الكبيرة أيضا، ولكن المعنويات في إسرائيل «تضعضعت»، لأنهم يعتقدون تاريخيا أنهم منتصرون ومتفوقون دائما، وأن جيشهم قادر على تحقيق المعجزات، ولكن جاء السابع من أكتوبر وما بعده، ليفيقوا على الحقيقة بأنهم والجيش الإسرائيلي ليسوا «سوبر باور» وأنهم يخسرون أيضا.
ولذلك لم تعد إسرائيل هي المكان الآمن والمضمون لكل يهود العالم كما تسوق إسرائيل، وصار هناك من يريد الهجرة والخروج من إسرائيل، بالإضافة إلى الخسائر المادية الضخمة، فالولايات المتحدة الأمريكية دفعت 14 مليارا في الأسبوع الأول من الحرب، والخسائر الاقتصادية والاجتماعية الداخلية من خلال النزوح الداخلي من المستوطنين الذين نزحوا من غلاف غزة ومستوطنات الشمال إلى داخل إسرائيل وهو ما أدى إلى أزمة وخلل اجتماعي في الداخل الإسرائيلي، مع استمرار الأزمة نحو 4 أشهر.
وكذلك بدأ العالم ينتبه أكثر، بأنه إذا أرد شرق أوسط هادئا عليه بحل القضية الفلسطينية.
والشرق الأوسط الهادئ هو مطلب دولي حاليا، وحل القضية الفلسطينية صار شرطا للاستقرار في الشرق الأوسط، وهذا أكبر إنجاز تحقق نتيجة الوضع الحالي.
وهذا أمر التقطه الأمريكيون والأوروبيون، لكن حتى الآن مازالوا غير قادرين على الخروج من تحت تأثير الموقف الإسرائيلي بالمعنى السياسي.
في المرحلة القادمة بعد توقف الحرب يبدأ الجهاد الأكبر من وجهة نظري، ويبدأ استغلال التطور السياسي الذي حصل في الوقت الراهن، وذلك على الجانب الفلسطيني ومن معه، بحيث يكون هناك تنسيق أكبر من السابق، حيث ان جميع الدول العربية لديها موقف موحد من القضية الفلسطينية، وهذا يجب أن يتجه بالكامل إلى الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل أن تضغط على إسرائيل المنفلتة من عقالها حتى نصل إلى حل يرضى الفلسطينيين، لأن الحلول السابقة غير المكتملة أدت إلى اشتعال المنطقة.
لم الشمل الفلسطيني
- كيف يمكن تحقيق ذلك إذن؟
على المستوى الفلسطيني يجب أن ينتهي الانقسام، ويجب لم الشمل الفلسطيني كله، داخل منظمة التحرير الفلسطينية، لأنها الإطار الوحيد المعترف به عالميا، وكل من لديه نظرية للإصلاح السياسي عليه أن يقوم بذلك من داخل المنظمة وليس من خارجها.
ويجب العودة إلى نظام الانتخابات والمؤسسات، وضبط النظام السياسي الفلسطيني حتى لا يحدث تشتت للصوت الفلسطيني.
وأيضا العرب عليهم دور في تشجيع الفلسطينيين بأن ينتجوا نظاما سياسيا منتخبا، لأن المواطن الفلسطيني لا يقتنع بأي رئيس أو برلماني غير منتخب.
وبالتالي فإن ترتيب البيت الفلسطيني في المرحلة القادمة أصبح واجبا وضرورة هائلة، وكذلك ضرورة وجود اصطفاف عربي قوي خلف القضية الفلسطينية، بما يساعد في الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في ظل تطور المصالح الأمريكية في العالم العربي، وخاصة الدول الخليجية التي تعد دولا مؤثرة في مجال الطاقة.
وأثق أن كل هذه الخطوات في ظل منظومة عمل عربي مشترك سوف تحرز ما لم يتحقق من قبل.
- على ماذا يراهن نتنياهو في استمرار الحرب على غزة؟
نتنياهو له حسبة خاصة في هذه الحرب، ونحن دائما ننظر إلى إسرائيل بأقل قدر من المتابعة للوضع الداخلي الإسرائيلي، وعلينا أن ننظر بدقة إلى هذه التفاصيل للتعرف على الأجندة الإسرائيلية.
هناك في إسرائيل حاليا شخص هو من أذكى الأشخاص في الطبقة السياسية من خصومه، وهو نتنياهو، هذا الرجل الذي أدمن أن يكون صاحب القرار في إسرائيل.
ووصلت الأمور أنه بدأ ينزل عن عرش السلطة في إسرائيل حتى ما قبل حرب غزة، عندما بدأت المظاهرات بشأن الإصلاحات القضائية، حتى اضطر في أحد الأيام الى مغادرة بيته بطائرة هيلوكوبتر إلى المطار حتى يتمكن من السفر، وخاض قضية الإصلاحات القضائية لحماية نفسه من المحاكمة.
وصار هناك رأي عام في إسرائيل أن نتنياهو يقامر بمصلحة إسرائيل لأجل مصلحته الشخصية، وحصل انفجار شعبي ضده في المسألة القضائية.
والآن ارتبطت الحرب أيضا بمصلحته الشخصية، لأنه في حال توقف الحرب سيخضع للمساءلات عما جرى في السابع من أكتوبر.
وللعلم الشعب الإسرائيلي ملّ من نتنياهو ويريد أن يجرب غيره، وهذا واقع قائم الآن.
وبدأت الأصوات تنادي بإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل، وإذا حصل ذلك فإن نتنياهو سيخسر، لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه سيخسر نصف المقاعد التي فاز بها في الانتخابات الأخيرة، لذلك يراهن على الاستمرار في الحرب، من البحث عن مكسب يحسن به وضعه الداخلي، ولكن الأمور تسير عكس ذلك تماما، حيث بدأت الأصوات داخل المجلس العسكري الإسرائيلي المصغر توجه له الاتهامات بسوء إدارة المشهد.
الحرب مفروضة على الفلسطينيين
- هنا سؤال يطرح نفسه، لكل من يشاهد هذا العدوان، إلى متى سيتحمل الفلسطينيون كل هذا الضغط؟
نحن نأمل بتوقف الحرب فورا، ولكن الحرب مفروضة على الفلسطينيين، وأنا لا أوافق على ما يقوله البعض بأنه لم يكن على حماس أن تقوم بما فعلته في السابع من أكتوبر، لأن هذا صراع قائم.
لا يوجد فلسطيني يرغب في أن يخسر الشعب الفلسطيني 30 ألف مواطن بينهم 10 آلاف طفل وامرأة في 4 أشهر.
علينا أن ندرك أن حماس أمام معادلة صعبة وينطبق عليها المثل «يا قاتل يا مقتول»، حيث يراهنون على النجاة كجسم عسكري مع جسم قيادي بحد أدنى من هذه الحرب، ويتم الوصول إلى تسويات بمقتضاها تنجو حماس من الإبادة، في المقابل ترى إسرائيل أنه بوجود حماس هي مهزومة، أي أن الأمور تعقدت على الطرفين عمليا.
وإسرائيل بدأت تتحايل لاستيعاب الثورة ضد نتنياهو مع استمرار المحتجزين في غزة، بحيث تطرح صيغ تستفيد منها، لتستغل حاجة الفلسطينيين لأشياء كثيرة، ومنها طرح هدنة مدة شهرين مقابل خروج جميع الرهائن، ولكن بهذا الطرح هم لن يخرجوا من غزة، وهذا طرح تعقيدي للأمور، لأنهم يريدون كل شيء ولا يعطون شيئا.
الولايات المتحدة لا تمارس ضغطا على إسرائيل في الوقت الراهن، لأنها لا تريد أن تتحمل فرض تسوية على نتنياهو، ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي على أنها هزيمة، حينها سيتعلل نتنياهو بالضغط الأمريكي، لذا فإن واشنطن تتبع مع نتنياهو حاليا المثل الشامي «روح قلّع شوكك بإيدك»، ويكتفون بالنصائح فقط، والتي لا يستجيب لها.
ولذلك الرهانات غير محسومة باتجاه معين.
منظمة التحرير الفلسطينية
- ما مستقبل العلاقة بين الفلسطينيين، وهل نحن أقرب إلى تجاوز الانقسام بين الفصائل الفلسطينية؟
لقد قدمت مقترحا إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لما يجب أن تقوم به السلطة الفلسطينية وحركة فتح، لأنه لا بد أن تعود حماس وتدخل في منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة حماس تقول إنها ترفض الدخول بدعوى حاجة المنظمة إلى الإصلاح، وأقترح عليهم أن ينخرطوا في المنظمة ويقوموا بالإصلاح من الداخل، لذا فإن الأمر لا يتوقف على أبو مازن في هذه القضية بل على حماس نفسها.
وأصبح ضروريا أن تعلن حماس استعدادها للدخول في منظمة التحرير، مع احتفاظها بتحفظاتها السياسية، مع التزامها بالتزامات المنظمة، مع السعي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبلهم، وهو الأمر الذي سيتيح بدء اللقاءات والتشاورات والتوافقات الخاصة بالانتخابات.
- ما هي خيارات منظمة التحرير للوصول إلى الحق الفلسطيني؟
إن المنظمة تتبنى خيار المقاومة السلمية، وهو ما يطرحه الرئيس أبو مازن ولديه فصائل تؤيده في ذلك، وحركة فتح تؤيد ذلك، باستثناء بعض المجموعات القتالية التي تدافع عن مخيم جنين وطولكرم ونابلس، لكن الخط الرئيس الرسمي لمنظمة التحرير هو الخط السياسي السلمي التفاوضي.
وهم يعتبرون أن المقاومة السلمية ضرورة لعدم الإذعان للاحتلال، ولكن لا يذهبون إلى الكفاح المسلح لأن الإمكانيات الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية غاية في المحدودية بعكس غزة.
موقف السلطة
- البعض يرى موقفا متخاذلا من السلطة الفلسطينية وحركة فتح في دعم غزة، ما رأيك في ذلك؟
دعني أشخص هنا ما يخص القدرة على قتال إسرائيل، لأن المسألة لا ترتبط فقط بالقرار، ولكن بالإمكانيات أيضا، لأن الضفة ليس لديها الإمكانيات العسكرية التي تمكنها من القتال، وذلك ينطبق على السلطة وفتح معا، وهذا الجانب مازال يحاور الأمريكيين، ومازال يسعى إلى المفاوضات، ومازال يتبنى المقاومة السلمية كالإضرابات والاحتجاجات والمظاهرات.
ولكن لا يجب أن نبالغ في اتهام السلطة الفلسطينية بأن تدافع عن مصالح الاحتلال.
أنا أعتبر أن السلطة قصرت في عدم معالجة البيت الفلسطيني بالطريقة الصحيحة، لأن الانقسام هو النكبة الفلسطينية الثانية، وهذا تقصير ظاهر للسلطة وللطبقة السياسية الفلسطينية كلها، بما في ذلك حماس وفتح.
وأعتبر أن السلطة الفلسطينية أخطأت خطأ فادحا عندما أجلت الانتخابات العامة، التي كان كل الفلسطينيين يريدونها، متذرعة بالقدس.
وهذه الانتخابات كانت ستخرجنا من هوة الانقسام، لذلك لا بد من مراجعة الوضع الفلسطيني مراجعة موضوعية وأمينة، وأن نتوقف عن تبادل الاتهامات بالمسؤولية بين جميع الأطراف الفلسطينية.
ويجب ان يعلم جميع الفلسطينيين أنه لا يوجد أمامهم إلا أن يتوحدوا، لأنه لن يلتفت إليكم أحد ما دمتم منقسمين.
- هل المشهد الفلسطيني يحتاج إلى وجوه جديدة؟
الانتخابات هي الوحيدة القادرة على إافراز وجوه جديدة، لأن أي شخص سيطرح الآن على الساحة سيتهم بأنه صنيعة أمريكية أو إسرائيلية أو أوروبية، وهو ما سيحرق أي شخص قبل أن يبدأ عمله.
الوجوه الجديدة من خلال الانتخابات العامة، واطلب من العالم أن يساعدك في اجرائها، واعمل على تشجيع الشباب بخوض الانتخابات.
لا حل آخر سوى أن يختار رئيس الشعب الفلسطيني بالانتخابات.
في ظل الوضع الراهن لا يمكن فرض أي ترتيب سياسي بدون انتخابات، حيث لا يمكن لأي أحد فرض أي إدارة على غزة في ظل حالة الحرب، وفي الضفة الأمور تسير بصورتها المؤقتة.
نحن نتحدث عن اليوم التالي لتوقف الحرب، حيث يجب أن يكون هناك قرار بفتح ورشة عمل داخلية بين الفلسطينيين لتحديد الموعد المناسب لإجراء الانتخابات، وعلى العالم أن يساعدهم من أجل استعادة النظام السياسي.
والنظام السياسي الفلسطيني الآن محلل وملتبس وممزق، ويجب العمل على استعادة قوته، على غرار ما كان في السابق مع منظمة التحرير الفلسطيني أيام ياسر عرفات.
- هل يوجد في إسرائيل من يدعو إلى السلام؟
ليس الأمر كما يتطابق معنا، المقياس في إسرائيل ليس سلميا ومتشددا، ولكن المقياس بين المتشدد والاقل تشددا.
المرشح الأبرز لخلافة نتنياهو في إسرائيل هو بيني غانتس.
والأمريكيون لا يحبون اجراء تغيير مباشر في إسرائيل من قبلهم، ويريدون أن يغير الإسرائيليون بأنفسهم.
وإذا صارت في إسرائيل انتخابات سيفوز غانتس وسيشكل ائتلافا يشارك فيه عرب إسرائيل، وهو ما يعني أن إسرائيل ستتخلص من القوى اليمينية المتشددة التي تحكم الآن، وحينها سيكون بإمكان الأمريكيين الضغط باتجاه بدء مسار تفاوضي.
لذلك يجب الانتظار إلى أين سيفضي المشهد في إسرائيل؟ لأنه كما قال كيسنجر إنه «لا يوجد في إسرائيل سياسة خارجية ولكن سياسة داخلية»، لأن كل شيء في إسرائيل يحدده الوضع الداخلي.
- هل هذا يقودنا إلى الحديث عن التعويل على الدور الأمريكي للوصول إلى حل؟
لا يوجد من بين الدول العربية من ينافس إسرائيل على الحظوة الأمريكية، لأن إسرائيل جزء لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي والاقتصادي والصناعي الأمريكي، نحن لدينا مصالح أمريكية مستجدة في المنطقة.
لذلك نرى الولايات المتحدة الأمريكية تدفع باتجاه التقارب بين السعودية وإسرائيل، لأن السعودية باتت قطبا دوليا بما تملكه من قدرات كبيرة في مجال الطاقة والاقتصاد.
كما أن الولايات المتحدة تدرك أنه إذا لم تدخل إسرائيل إلى الشرق الأوسط من البوابة السعودية فلن تدخل!
لأنه إذا لم تقبل السعودية بإسرائيل فستظل الأخيرة مستبعدة عربيا وإسلاميا وشرق أوسطيا.
ولا بد أن نشير إلى أهمية الموقف السعودي من قضايا المنطقة، والسعودية لا تساوم على القضية الفلسطينية.
لذلك لا يمكن الرهان على الولايات المتحدة، كما لا يمكن تجاهل نفوذها.
كما ننوه إلى أن المواقف العربية كلها أكدت أنه لا يمكن الاستفادة من التطبيع من دون حل القضية الفلسطينية، لأنه بات معروفا أنه لا يمكن قبول إسرائيل في نادي الشرق الأوسط من دون حل القضية الفلسطينية.
- هل سيختلف المشهد حال استمر بايدن في البيت الأبيض أو إذا خرج منه وعاد ترامب؟
ذلك أيضا يرتبط بتطورات الميدان على الأرض.
نحن أمام رئيسين أمريكيين، الأول المتآمر دونالد ترامب، الذي أعطى صفقة لإسرائيل للتنازل عن 30% من أراضي الضفة، والجولان، وهذه الصفقة رفضت ولم يعد معمولا بها، ولم تعد مطروحة للنقاش.
أما الرئيس بايدن الذي لم يقدم شيئا على الإطلاق، رغم وعوده للفلسطينيين والعرب قبل الانتخابات بحلحلة القضية الفلسطينية لكن لم يقم بأي شيء.
نحن أمام كارثتين ترامب وبايدن، وكلاهما عندما سيأتي سينظر إلى الوضع في المنطقة، فإذا وجد ضرورة للمصالح الأمريكية سيتحرك، وسيكون قوة ضغط هائلة على إسرائيل، لأنه لم يعد هناك من يقدم شيئا خيريا لأحد.
لذلك من المبكر تعليق الآمال على الولايات المتحدة.
الموقف العربي
- هل الموقف العربي موحد بالشكل الكافي في الوقت الراهن؟
بالمنطق السياسي الموقف موحد، القمم العربية والجامعة العربية والمواقف الثنائية، فالجميع يريد دولة فلسطينية ضمن حل الدولتين، ولا تشذ عن هذه القضية أي دولة عربية، والاختلافات فقط في الوسائل.
في تقديري يجب أن يتطور الموقف العربي إلى أن يقدم العرب أنفسهم كقوة متجانسة وصلبة حول الموقف السياسي من القضية الفلسطينية، وهذا يتبلور شيئا فشيئا.
والفرصة جاءت للجميع بسبب الظروف التي فرضتها الأحداث بداية من 7 أكتوبر والتدخل الإسرائيلي ولا الموقف الأمريكي أو الدولي، والتي كانت بمثابة مفاجأة تجر الأخرى، لذلك يتبلور الآن يقين عربي بضرورة مضاعفة الجهد لحل القضية الفلسطينية.
فالأردن التي هي رئة نتنفس منها لا يتحمل التهجير، كما لا أحد يريد أن يتورط لبنان في حرب إقليمية، وكذلك الرفض المصري للتهجير مهم، والأهم منه هو الرفض الفلسطيني لترك أراضيهم، حيث يتمسك كل فلسطيني سواء في غزة أو الضفة بالأرض.
ويجب أن يعلم الجميع أن الصمود في الضفة الغربية هو أرقى مقاومة على وجه الأرض، ونتنياهو يقشعر بدنه كلما ولد طفل جديد في الضفة.
كما يجب ان يعلم الجميع أن الحرب والجعجعة الإسرائيلية في غزة والهدف في الضفة.
- كيف ترى الموقف البحريني في التضامن مع القضية الفلسطينية؟
تاريخيا البحرين بها تعددية، كان بها يسار ووسط وعروبيون وإسلاميون، وكل أطياف الفكر في العالم موجودة في البحرين، كأنها منطقة حرة فيها كل هذه الآراء وهذا ما يعطيها رونق خاص، وللبحرين إيقاع خاص في نفوسنا، الله يحميها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك