استنكرت جمعيات «تجمع الوحدة الوطنية» و«الأصالة الإسلامية» و«المنبر الوطني الإسلامي» طلب نقل إجازة يوم الجمعة المبارك إلى يوم الأحد، حيث فوجئ المجتمع البحريني المحافظ على دينه وثوابته بطلب البعض لنقل إجازة يوم الجمعة إلى يوم الأحد معللاً أن ذلك سبيل النهوض بالتجارة والاقتصاد الوطني.
وقالوا في بيان لهم أمس إن الجمعيات السياسية تعتبر أن مثل هذه التصريحات المبنية على قلة الفهم وضعف البصيرة والحجج الوهمية في عصر التقنية الذي يتم فيه معظم المعاملات المالية العالمية بضغطة زر واحد، من دون الحاجة إلى تغيير إجازة يوم إلى آخر.
وأضافوا أن فضيلة يوم الجمعة ثبت شرعيا وبنصّ القرآن الكريم، وهو من الأوضاع الثابتة المعهودة في بلاد الإسلام، فلا تقفل ولا تنتقص لأيّ غرضٍ من الأغراض، فهي صارت بمثابة العرف الشرعي الثابت، والعادة الدينية المستمرة، وما كان على هذا النحو لا يعارض بمصلحةٍ تجارية ولا بمصلحة دنيوية، وإنما بالحفاظ عليه.
ويعتبر يوم الجمعة العيد الأسبوعي للمسلمين، و قد فَضَّلَه الله على ما سواه من الأيام، فعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَضَلَّ اللَّهُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلائِقِ» رواه مسلم (856).ومن فضائل هذا اليوم المبارك أنّ فيه صلاة الجمعة وهي أفضل الصلوات: قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» (الجمعة - 9)
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ» مسلم (233)
وقد نبهنا الله تعالى إلى فضل صلاة الجمعة، والسعي لها، والمبادرة إليها، وعدم إيثار متاع الدنيا عليها بشكل من الأشكال في قوله تعالى: «قل ما عند الله خيرٌ من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين» الجمعة: 11.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختصّ بها عن غيره، ومن أعظم هذه العبادات صلاةُ الجمعة التي هي من أكد فروض الإسلام ومن أعظم مجامع المسلمين التي يجتمع الناس لها، ويتركون أشغالهم وتجاراتهم من أجلها.
وقدْ بلغَ من تعظيمِ الشَّرعِ لصلاةِ الجمعةِ أنْ أمرَ بالإنصاتِ للخطبةِ وسمَّاها ذكرًا للهِ، وحرَّمَ الكلامَ والعبثَ في وقتِها، قالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ»، وحرَّمَ سبحانهُ البيعَ والشِّراءَ وقتَها، وعابَ سبحانهُ على منِ انشغلَ عنِ الجمعةِ ببيعٍ أوْ لهوٍ أوْ تجارةٍ؛ فقالَ سبحانهُ: «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» (الجمعة: 11)
ولكل ما سبق فإن دعوة بعض الجهات إلى إلغاء إجازة يوم الجمعة وتحويلها إلى يوم آخر أمر غريب ومستنكر يتنافى مع روح الشريعة الإسلامية والمقاصد الشرعية والأعراف البحرينية وليس فيه أي مصلحة ولا منفعة، بل هو متجرد عن المصلحة والضرورة الشرعية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك