قطاع غزة (وكالات الأنباء): كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على قطاع غزة المحاصر محذرة من أن الحرب مع حركة حماس ستستمر أشهرا عدة في وقت يحضها حليفها الأمريكي على تخفيض حدة ضرباتها بغية حماية المدنيين.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان أمس الجمعة في تل أبيب إنه ليس من «الصواب» أن تحتل إسرائيل غزة على المدى الطويل، مع تزايد التكهنات حول مستقبله في أعقاب الحرب التي اندلعت قبل أكثر من شهرين.
وتصاعدت سحب الدخان أمس الجمعة في شمال القطاع وخان يونس كبرى مدن الجنوب حيث وسعت القوات الإسرائيلية عملياتها البرية. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس فجر الجمعة سقوط «عشرات القتلى والجرحى» في ضربات جوية وقصف. كما تعرضت مدينة رفح القريبة من الحدود مع مصر، لضربات كذلك.
وقال بكر أبو حجاج لوكالة فرانس برس «كنا آمنين في بيوتنا فجأة صار قصف ببراميل متفجرة. وقعت لدينا إصابات ودمار هائل». وأضاف «نعاني من 70 يوما من الحرب والدمار».
وأغرق النزاع قطاع غزة في أزمة إنسانية خطرة مع نزوح 1,9 مليون شخص أي 85% من السكان بحسب الأمم المتحدة أضطر الكثير منهم إلى الفرار مرات عدة بسبب توسع رقعة المعارك.
وحذرت الأمم المتحدة الخميس الماضي من «انهيار النظام العام» في القطاع مؤكدة أن الجوع واليأس يدفعان بعض السكان إلى الاستيلاء على المساعدة الإنسانية التي تدخل بكميات محدودة عبر مصر.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني «أينما توجهنا نجد أشخاصا يائسين جياعا ومذعورين».
خلال الليل، بقيت الاتصالات مقطوعة في غزة مجددا على ما أفادت شركة «بالتل» الفلسطينية المشغلة ما شدد من عزلة القطاع الخاضع أساسا لحصار إسرائيلي مطبق منذ التاسع من أكتوبر.
وقال دانيال هاجاري الناطق باسم الجيش الإسرائيلي «ستشهد الأيام المقبل المزيد من المعارك الصعبة» مشيرا إلى استخدام «أساليب قتال جديدة» مثل زرع عبوات ناسفة في أماكن يتردد عليها مقاتلون من حماس واختيار «الوقت المناسب» لتفجيرها.
ومساء الخميس أشار الجيش الإسرائيلي إلى وقوع «معارك» في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع حيث تكبدت القوات الإسرائيلية أعلى حصيلة قتلى منذ بدء هجومها البري، في وقت سابق من الأسبوع مع سقوط عشرة جنود في يوم واحد. وقتل 117 جنديا إسرائيليا منذ بدء الهجوم البري في قطاع غزة في 27 أكتوبر.
وسمح الهجوم لإسرائيل بالسيطرة على مناطق في شمال القطاع، قبل أن يتوسع جنوبا حيث يحتشد مئات آلاف النازحين. وفي يوم هجوم حركة حماس خطف نحو 240 شخصا واقتيدوا رهائن إلى قطاع غزة حيث لا يزال 132 منهم محتجزين لدى حماس وفصائل أخرى بعد الإفراج عن 105 خلال هدنة استمرت سبعة أيام وانتهت في الأول من ديسمبر. وأفرجت إسرائيل في المقابل عن معتقلين فلسطينيين في سجونها من أطفال ونساء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة إنه استعاد جثث ثلاث رهائن في قطاع غزة هم الجنديان نيك بيزير ورون شيرمان البالغان التاسعة عشرة والمدني الفرنسي الإسرائيلي إيليا توليدانو.
وتزداد الضغوط على إسرائيل ولا سيما من حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة. وقد وصل ساليفان إلى إسرائيل الخميس حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت وتحدث عن إمكان تحول الهجوم «إلى عمليات أقل حدة» في «المستقبل القريب» على ما أفاد البيت الأبيض.
وأكد ساليفان من تل أبيب الجمعة لصحفيين «لا نعتبر أنه من المنطقي، أو من الصواب بالنسبة لإسرائيل، أن تحتل غزة، أو تعيد احتلال غزة على المدى الطويل». ومن المقرر أن يتوجه ساليفان إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة حيث سيجري محادثات مع المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية. وشدد المسؤول الأميركي على أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت «إنها لا تنوي احتلال غزة على المدى الطويل وأن الإشراف على غزة وإدارة غزة وأمن غزة تعود للفلسطينيين».
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس «أريدهم (الإسرائيليين) أن يركّزوا على كيفية إنقاذ حياة المدنيين، وليس التوقف عن ملاحقة حماس، بل أن يكونوا أكثر حرصاً». لكن وزير الدفاع الإسرائيلي حذر الخميس من أن الحرب ستطول. وخلال الأسابيع الأخيرة ألمحت إسرائيل إلى أن هدفها بعد انتهاء الحرب ليس في إدارة مباشرة قطاع غزة الذي سيطرت عليه حماس في 2007 وخرجت منه السلطة الفلسطينية. في قطاع غزة بات المدنيون يحتشدون في مناطق تتقلص مساحتها يوما بعد يوم محاولين الإفلات من الضربات وسط ظروف إنسانية بائسة.
في أقصى جنوب القطاع عند الحدود مع مصر استحالت مدينة رفح مخيما ضخما يضم مئات الخيم التي نصبت بالاستعانة بأوتدة وشوادر بلاستيكية وشراشف التي يحتمي تحتها النازحون من المطر فيما الشتاء والبرد على الأبواب. إلا أن الضربات باتت تطال هذه المدينة يوميا. والجمعة راح فلسطينيون يبحثون بين الأنقاض بعد عملية قصف جديدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك