العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

الجارديان تندد بصمت العالم: أطباء غزة هم أبطالنا رموز القوة والاتزان والأمل

الثلاثاء ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬البريطانية‭ ‬أمس‭ ‬مقال‭ ‬رأي‭ ‬كتبته‭ ‬غادة‭ ‬عقيل،‭ ‬وهي‭ ‬أستاذة‭ ‬زائرة‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ألبرتا‭ ‬في‭ ‬كندا،‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬بينما‭ ‬تخلى‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬غزة،‭ ‬فعل‭ ‬أطباؤها‭ ‬العكس‭. ‬إنهم‭ ‬أبطالنا‮»‬‭.‬

وتقول‭ ‬غادة‭ ‬إن‭ ‬قرارا‭ ‬أو‭ ‬خطوة‭ ‬واحدة‭ ‬لأطباء‭ ‬غزة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعني‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬الهدنة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬فإن‭ ‬الدمار‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لمدينة‭ ‬غزة،‭ ‬وخاصة‭ ‬المستشفيات،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الراحة‮»‬‭ ‬لن‭ ‬تعني‭ ‬شيئا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬شعب‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيرها‭.‬

وتضيف‭: ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الدكتور‭ ‬يوسف‭ ‬مهدي،‭ ‬طبيب‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬المهدي‭ ‬للولادة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬نوفمبر‭ ‬وبين‭ ‬الساعات‭ ‬الطويلة‭ ‬والمجهدة‭ ‬التي‭ ‬قضاها‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الولادة،‭ ‬قرر‭ ‬أخذ‭ ‬قسط‭ ‬من‭ ‬الراحة،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬خرج‭ ‬ليدخن‭ ‬سيجارة‭ ‬إلا‭ ‬وقُصف‭ ‬المستشفى‭ ‬بصاروخ‭ ‬أصابه‭ ‬لكنه‭ ‬نجا‭.‬

شقيقاه‭ ‬باسل‭ ‬ورعد،‭ ‬الطبيبان‭ ‬اللذان‭ ‬كانا‭ ‬داخل‭ ‬المستشفى‭ ‬مع‭ ‬عائلتيهما‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬أشخاص‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬النازحين‭ ‬الذين‭ ‬لجأوا‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات،‭ ‬لم‭ ‬ينج‭ ‬منهم‭ ‬أحد‭. ‬وبحث‭ ‬الدكتور‭ ‬مهدي‭ ‬عن‭ ‬ناجين،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الجثث‭ ‬الموجودة‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭. ‬وأخبرتني‭ ‬أخته‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أحدًا‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬فجلس‭ ‬على‭ ‬الأنقاض‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صدمة‭ ‬كاملة‭ ‬حتى‭ ‬الفجر‭.‬

وفي‭ ‬الصباح،‭ ‬انطلق‭ ‬الدكتور‭ ‬مهدي‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬باتجاه‭ ‬الجنوب،‭ ‬عبروا‭ ‬المسارات‭ ‬المحددة‭ ‬لهم‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬سوى‭ ‬معطف‭ ‬الطبيب‭ ‬الأبيض،‭ ‬فخلعه‭ ‬ووضعه‭ ‬على‭ ‬عصا،‭ ‬ولوح‭ ‬به‭ ‬ومشى‭ ‬والدموع‭ ‬تنهمر‭ ‬على‭ ‬وجهه‭. ‬لكنه‭ ‬أخبر‭ ‬شقيقته‭ ‬أن‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أطلقوا‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬المجموعة،‭ ‬أصيب‭ ‬بعضهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬تُركوا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مساعدة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى،‭ ‬فواصل‭ ‬المشي‭ ‬خمس‭ ‬ساعات‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭.‬

وفي‭ ‬منشوره‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬فيسبوك‭ ‬نقل‭ ‬باسل،‭ ‬شقيق‭ ‬الدكتور‭ ‬مهدي،‭ ‬رسالة‭ ‬مؤثرة‭ ‬قال‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬لن‭ ‬يموت‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬لكن‭ ‬البعض‭ ‬سيموتون‭ ‬وهم‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الكرامة،‭ ‬ويفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ويفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬المبادئ‮»‬‭.‬

وتشير‭ ‬الكاتبة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬طبقة‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬الصدمة‭ ‬للمجتمع‭ ‬الطبي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لأن‭ ‬هدف‭ ‬حياتهم‭ ‬هو‭ ‬علاج‭ ‬المرضى‭. ‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬توافد‭ ‬المدنيون‭ ‬على‭ ‬مستشفى‭ ‬المهدي‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬ملجأ،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬القصف‭ ‬والحصار‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬مبنى‭ ‬مهجور،‭ ‬مجرد‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬والكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬والأكسجين‭. ‬وبحسب‭ ‬الإحصائيات‭ ‬فقد‭ ‬قُتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬غزة‭.‬

وتقول‭ ‬الكاتبة‭: ‬إنني‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬عجز‭ ‬العالم،‭ ‬تخيل‭ ‬الجرحى‭ ‬يموتون‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬الدواء‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يُتركون‭ ‬ينزفون‭ ‬حتى‭ ‬الموت،‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬وحتى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يصلون‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬يجدون‭ ‬أغلب‭ ‬معدات‭ ‬المستشفى‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭.‬

وتختم‭ ‬الكاتبة‭ ‬بالقول‭: ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الهدنة‭ ‬لا‭ ‬تمحو‭ ‬سبعة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬إراقة‭ ‬الدماء‭. ‬تنكسر‭ ‬قلوب‭ ‬الملايين‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬وخارجها‭. ‬‮«‬أطباء‭ ‬غزة‭ ‬هم‭ ‬أبطالنا،‭ ‬رموز‭ ‬القوة‭ ‬والاتزان‭ ‬والأمل‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تخلى‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬غزة‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬فقد‭ ‬فعلوا‭ ‬العكس‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا