بيروت - (أ ف ب): دعت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس الثلاثاء إلى التحقيق في ضربة إسرائيلية أودت بحياة امرأة وحفيداتها الثلاث في جنوب لبنان، معتبرة أنّ الاستهداف قد يرقى إلى «جريمة حرب». وفي 5 نوفمبر، قتل المدنيون الأربعة في ضربة إسرائيلية استهدفت سيارة كانت الجدة وحفيداتها يستقللنها للابتعاد عن مناطق يطولها القصف قرب المنطقة الحدودية في جنوب لبنان والتي تشهد تصعيداً عسكرياً بين حزب الله وإسرائيل بالتزامن مع الحرب الدائرة في قطاع غزة المحاصر.
وقال الباحث في الشأن اللبناني في هيومن رايتش ووتش رمزي قيس في بيان إن «الهجوم الذي شنته القوات العسكرية الإسرائيلية... يظهر استخفافاً متهوراً بحياة المدنيين»، معتبراً أنّ مقتل الفتيات الثلاث مع جدّتهن يعدّ «انتهاكاً لقوانين الحرب، ويتعيّن على حلفاء إسرائيل، وبينهم الولايات المتحدة، الرد على ما يبدو بمثابة جريمة حرب عبر المطالبة بالمساءلة عن هذه الضربة غير القانونية».
بناء على تحقيقات أجرتها، لم تجد هيومن رايتس ووتش «أي دليل على وجود هدف عسكري في محيط» السيارة المستهدفة. وقالت إنه حتى وإن كان هناك هدف عسكري، فإن «استهداف سيارة تقلّ مدنيين... يجعل من الضربة غير قانونية»، متهمة الجيش الإسرائيلي «بالفشل في التمييز بين المقاتلين والمدنيين». وإثر الضربة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف أهدافاً لحزب الله في جنوب لبنان بينها «مركبات».
وأدان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في حينه «جريمة نكراء تضاف إلى سجل جرائم الاحتلال»، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت السيارة بطائرة مسيّرة. بدأ التصعيد في جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس إثر هجوم غير مسبوق شنته الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
ويقصف حزب الله مواقع إسرائيلية من جنوب لبنان بشكل يومي. وتردّ إسرائيل بقصف قرى وبلدات غالبيتها حدودية، كما تستهدف تحركات مقاتلي حزب الله. ومنذ بدء التصعيد، قتل 88 شخصاً في لبنان، بينهم 65 مقاتلاً من حزب الله و11 مدنياً، وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس. ونعى حزب الله كذلك سبعة من مقاتليه قضوا بضربة إسرائيلية في سوريا. وأحصت إسرائيل من جهتها مقتل ستة عسكريين وثلاثة مدنيين منذ بدء التصعيد.
وإلى ذلك حذّر رئيس بعثة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان أرولدو لاثارو أمس الثلاثاء من ارتفاع حدّة التصعيد في جنوب لبنان، حيث تدور مواجهات يومية بين حزب الله وإسرائيل على وقع الحرب في قطاع غزة. وقال لاثارو، الذي التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري: «أعربت عن قلقي العميق إزاء الوضع في الجنوب واحتمال وقوع أعمال عدائية أوسع نطاقاً وأكثر حدّة».
وأوضح أن «أولويات اليونيفيل الآن هي منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان سلامة وأمن حفظة السلام الذين يحاولون تحقيق ذلك». وخلال الأسابيع الماضية، طالت قذائف مقار ومراكز لقوة اليونيفيل جراء التصعيد المستمر. وأعلنت اليونيفيل الأحد إصابة أحد عناصرها برصاصة من دون أن توضح ملابسات الحادثة وما إذا كانت ناتجة من التصعيد. كما أصيب عنصر آخر بجروح في 29 أكتوبر جراء قصف قرب قرية حولا الحدودية، بعد ساعات من إصابة المقر العام للقوة بقذيفة.
وحذرت دول غربية عدة، بينها فرنسا والولايات المتحدة، من خطورة توسع الحرب في غزة إلى لبنان. ودعت واشنطن إلى ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي عزز انتشار اليونيفيل في جنوب لبنان إثر انتهاء حرب يوليو 2006 بين حزب الله وإسرائيل. وانتشر الجيش اللبناني بموجب هذا القرار للمرة الأولى منذ عقود عند الحدود مع إسرائيل. وحظر القرار أي انتشار مسلح في المنطقة الحدودية خارج قوات الجيش واليونيفيل. وليس لحزب الله أي وجود عسكري مرئي في المنطقة الحدودية اللبنانية.
وقال لاثارو الثلاثاء إن «القرار الرقم 1701 يواجه تحدياً في الوقت الراهن، لكن مبادئه المتعلّقة بالأمن والاستقرار والتوصّل إلى حلّ طويل الأمد تظلّ صالحة». وشدد على دور قوة اليونفيل في «إيصال الرسائل الحاسمة للحدّ من التوترات ومنع سوء الفهم الخطير، بهدف تجنّب أي تصعيد غير مبرر».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك