لندن – (أ ف ب): بدت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان في وضع محرج بشكل متزايد أمس الخميس بعد أن انتقدت مواقف الشرطة إزاء التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في تصريحات أدلت بها دون موافقة رئيس الوزراء ريشي سوناك. ويواجه سوناك دعوات متزايدة لإقالة وزيرة الداخلية في حكومته بعد أن قالت إن عناصر الشرطة «يفاضلون» عندما يتعلق الأمر بالتظاهرات واعتبرت أنهم تجاهلوا «الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين» خلال مسيرات احتجاج على الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وجاءت تصريحاتها التي تلقفها الجناح اليميني لحزب المحافظين الحاكم بعد أن وصفت المسيرات الداعية إلى وقف إطلاق النار في غزة بأنها «مسيرات كراهية» بعد أيام على قولها إن العيش بلا مأوى هو «خيار لنمط الحياة». ويؤكد داونينغ ستريت أن لديه ثقة تامة ببرافرمان لكنه قال إنه يحقق في كيفية نشر تصريحاتها في مقالة رأي في صحيفة «ذا تايمز» من دون إذنه كما تمليه القواعد الوزارية.
وقال متحدث باسم سوناك للصحفيين: «لم يتم الاتفاق على المحتوى مع الرقم 10»؛ في إشارة إلى مقر الحكومة في شارع دوانينغ. ووفق مصادر قريبة من الملف أرسلت المقالة إلى مكتب سوناك الذي طلب إدخال تعديلات عليها دون أن يتم إجراؤها. وعززت تصريحات برافرمان تكهنات بأنها تهيئ نفسها للتنافس على زعامة حزب المحافظين، أو أن تصريحاتها حيلة متعمدة من حزب سوناك لجذب اليمينيين قبل الانتخابات العامة القادمة.
وكان سوناك قد اعتبر أن تنظيم تظاهرة في ذكرى «يوم الهدنة» الموافق 11 نوفمبر، اليوم الذي تكرّم فيه البلاد الجنود الذين قتلوا في الحربين العالميتين، أمرا «استفزازيا ومعيبا»، واقترح أن تحظرها شرطة مدينة لندن. وقالت الشرطة إن المسيرة المؤيدة للفلسطينيين لا تستوفي الشروط التي تسمح بالطلب من الحكومة منع تنظيمها.
وهدأ التوتر بين شرطة مدينة لندن وسوناك على ما يبدو يوم الأربعاء عقب اجتماع طارئ أكد فيه قائد الشرطة مارك راولي أن المسيرة لا تتضارب مع فعاليات «يوم الهدنة». غير أن مقالة برافرمان وجهت انتقادات لاذعة لتصرفات الشرطة. وكتبت: «يقابَل المتظاهرون اليمينيون والقوميون الذين ينخرطون في أعمال عدائية برد صارم، لكن الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين الذين يظهرون سلوكا متطابقا تقريبا يتم تجاهلهم إلى حد كبير، حتى عندما يقومون بمخالفة القانون بشكل واضح».
وأضافت أنها لا تعتقد أن هذه التظاهرات «مجرد صرخة استغاثة لغزة»، بل تتعلق أكثر بما وصفته بـ«تأكيد الأولوية من قبل مجموعات معينة، وخاصة الإسلاميين». ورأى توم وينسور، الذي شغل سابقا رئيس هيئة مراقبة في الشرطة أن تعليقات الوزيرة مبالغ بها وتتعارض مع مبدأ استقلالية الشرطة. وقال لإذاعة «بي بي سي» إنه «عبر الضغط على مفوض شرطة العاصمة بهذه الطريقة، أعتقد أن هذا يتجاوز الحدود».
من جانبها، اعتبرت إيفيت كوبر المتحدثة باسم الشؤون الداخلية لحزب العمال المعارض أن برافرمان «خرجت عن السيطرة»، و«تشجع المتطرفين لدى جميع الأطراف». وشهدت لندن تظاهرات كبيرة على مدى أربع عطل نهاية أسبوع متتالية منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي قالت إسرائيل إنه أودى بـ1400 شخص معظمهم مدنيون. واحتجزت حماس 240 رهينة.
واعتقلت شرطة مدينة لندن نحو 200 شخص منذ هجوم حماس، إما على خلفية جرائم كراهية وإما لأحداث متعلقة بالاحتجاجات فيما ازدادت حالات معاداة السامية. وقد يكون ميل برافرمان إلى إذكاء حروب الثقافات مفيدا لحزب المحافظين في محاولته إصلاح تراجعه الكبير إمام حزب العمال في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التي يتعين إجراؤها بحلول يناير 2025.
مؤخرا وصفت برافرمان، وهي من والدين هنديين هاجرا إلى بريطانيا في الستينيات، التعددية الثقافية بأنها «عقيدة مضللة». كما هاجمت الميثاق العالمي الأمم المتحدة بشأن اللاجئين وحذرت من أن بريطانيا تواجه «إعصار» هجرة، ووصفت الليبراليين بأنهم «أكلة التوفو».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك