أكدت محكمة التمييز الشرعية في حكم لها أن مجرد إنكار الشخص لتوقيعه الوارد على محرر عرفي لا يهدر حق الطرف الآخر في التمسك بما هو متفق عليه في المحرر، حيث قررت المحكمة انه ووفقاً لنص المادة 31 من قانون الاثبات إذا كان المحرر مؤثراً في النزاع القائم بين الطرفين، فيجب أن تأمر المحكمة بالتحقيق لإثبات صحة المحرر العرفي من عدمه، وجاء ذلك في حيثيات نقضها حكماً قدر نفقة شهرية لزوجة بأقل مما اتفقت عليه مع زوجها من خلال ابرام محرر عرفي بينهما، أنكره الزوج فيما بعد أمام محكمة اول درجة.
وقال المحامي محمد الذوادي وكيل الزوجة أن موكلته اتفقت مع زوجها على سداد مبلغ نفقة شهرية لها بعد ان نشبت خلافات بينهما بسبب تخلفه عن الإنفاق عليها لفترة طويلة، إلا انه أمتنع بعد ذلك عن سداد المبلغ المتفق عليه لمدة سنة كاملة، على الرغم من يساره وقدرته على الانفاق، مما اضطرها لإقامة دعواها أمام المحكمة الصغرى الشرعية طالبةً في ختامها القضاء بإلزام الزوج بسداد متخلف النفقة المتفق عليها منذ توقيع المحرر العرفي بينهما، إلا أن محكمة أول درجة قضت لها بمبلغ يقارب ربع المستحق لها، عن كامل الفترة المتخلف عنها استناداً للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في تقدير النفقة، حيث طعنت الزوجة أمام محكمة الاستئناف التي رفضت طعنها وأيدت حكم محكمة أول درجة، ولم ترتضي الزوجة بهذا الحكم فطعنت عليه مجدداً أمام محكمة التمييز.
ودفع الذوادي أمام محكمة التمييز بخطأ الحكم في تطبيق القانون وبطلانه للقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الاوراق، وبين في طعنه أن الحكم المطعون عليه لم يأخذ بما ورد في الاتفاق المبرم بين الطرفين والمذيل بتوقيعهما بسبب إنكار الزوج لهذا الاتفاق لكونه محرر عرفي، مؤكداً أن مجرد انكار التوقيع على المحرر العرفي لا يدحض حجية المحرر، بل يجب التأكد من صحته عبر التحقيق طبقاً لما ورد في القانون.
ومن جانبها أكدت محكمة التمييز أن المحرر العرفي يعتبر صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو امضاء أو ختم او بصمة، فإن أنكر توقيعه زال ما للورقة من حجية في الاثبات، الا ان مجرد انكار التوقيع الوارد على المحرر العرفي لا يبرر اهدار حق من يتمسك به، بل يتعين على المحكمة متى كان المحرر العرفي مؤثراً في النزاع، أن تأمر بالتحقيق لإثبات صحة المحرر من عدمه، بمضاهاة التوقيع أو سماع الشهود أو كليهما.
وأضافت محكمة التمييز أن الزوجة تمسكت أمام محكمة الموضوع بحجية المحرر العرفي فيما تضمنه من التزام الزوج بالنفقة الشهرية المتفق عليها، وكان هذا المحرر منتجاً في النزاع، فإنه يتعين على محكمة الموضوع أن تحقق دفاع الزوجة في شأن صحة المحرر بالطرق المقررة قانوناً، بعد إنكار الزوج لتوقيعه الوارد عليها، وقد قدرت محكمة أول درجة النفقة الزوجية بعد أن طرحت حجية المحرر محل النزاع بينهما، مما يستوجب معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإحالة القضية لمحكمة الموضوع للفصل فيها من جديد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك