التفوق الدراسي هو حلم كل الطلبة سواء في المدرسة أو الجامعة ويتطلب تحقيقه القدرة على تحديد الأهداف وقوة التحمل وحسن إدارة الوقت. ويعتقد البعض أن التفوق الدراسي يرتبط بصفات الشخصية، مثل الذكاء والإرادة والتفاني، في حين يرى آخرون أن النتائج الدراسية تعتمد بشكل كبير على العوامل البيئية والتعليمية. ولكن هل تلعب الجينات دورا في ذلك وما هو دور العامل الوراثي في التفوق العلمي.
هذا ما سوف توضحه لنا في المقال التالي الدكتورة هدى اخصائية أمراض الوراثة الجزيئية بمركز الجنان الطبي الجينات هي عبارة عن مجموعة من العوامل الوراثية في الحمض النووي (DNA)، وتؤثر بشكل كبير على الخصائص الوراثية للفرد، وغالبا ما يرتبط التغير الجيني بالأمراض الوراثية سواء السائدة منها أو المتنحية تحديد نوع الأمراض الوراثية من خلال الفحص الجيني والتاريخ العائلي للمصابين بهذه الأمراض. ولان بعض هذه الجينات توثر في الجهاز العصبي فقد حظيت باهتمام كبير لفهم الية عملها، اذ تشير الأبحاث إلى أن هناك علاقة بين الذكاء والتفوق وبين الموروثات الجينية، حيث يعتقد العلماء أن هناك مجموعة من الجينات المرتبطة بالذكاء والتي يمكن أن تؤثر على الأداء الدراسي للفرد. فقد يتميز بعض الأفراد بالقدرة على التعلم السريع والتذكر الجيد، ويعزى ذلك إلى وجود تمايز في بعض الجينات المرتبطة بالذكاء. ولكن دور الوراثة في القدرة على التعلم يتأثر بشكل كبير بالعوامل البيئية. فالذكاء هو خاصية معقدة ومتعددة الأبعاد، ولا يمكن تحديده بالكامل بجين واحد أو مجموعة من الجينات. وبالتالي، فإن الأشخاص الذين يحملون جينات تؤثر على الذكاء قد يكونون ذوي ذكاء عالي، ولكن يمكن أن يكون لديهم أيضًا مستوى ذكاء متوسط أو منخفض إذا لم يعملوا بجد لتحسين قدراتهم الذهنية. اذ أظهرت دراسات علم ما فوق الجينات (Epigenetics) ان العوامل البيئية مثل التعليم والتربية والتغذية والصحة العقلية والجسدية، يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستوى الأداء الدراسي للفرد. وبعبارة أخرى، فإن الجينات والبيئة يتفاعلان معًا لتحديد مدى تأثيرهما على التفوق الدراسي. كما ان التعرض لظروف الحياة الصعبة مثل الإجهاد والتعرض للملوثات البيئية قد يودي إلى تغييرات في مستوى الذكاء والأداء الدراسي.
هل يمكن للأشخاص الذين لا يحملون هذه الجينات أن يكونوا ذوي ذكاء عالي؟ نعم، بالطبع يمكن للأفراد الذين لا يحملون تمايزا في الجينات المرتبطة بالذكاء أن يصبحوا متفوقين دراسيًا. كما ذكرت سابقًا، فإن الجينات لا تعتبر العامل الوحيد المؤثر على التفوق الدراسي، وبالتالي فإن الأفراد يمكنهم تنمية مهاراتهم وقدراتهم الدراسية من خلال التعليم والتدريب والتحفيز. فعلى سبيل المثال، يمكن للأفراد الذين يعانون من صعوبات في التعلم التحسين من أدائهم الدراسي من خلال استخدام تقنيات التعلم المختلفة والتدريب على المهارات الأساسية والإشراف الملائم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العوامل البيئية الخارجية مثل الدعم الاجتماعي والثقافة والتربية والتعليم والصحة العقلية والجسدية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على التفوق الدراسي للفرد. وبالتالي، فإن الأفراد الذين لا يحملون جينات تؤثر على الذكاء يمكنهم تحسين أدائهم الدراسي من خلال توفير بيئة داعمة للتعلم والتطوير الشخصي.
ما هي اهم الجينات التي تتعلق بالذكاء وهل يحمل العباقرة مثل هذه الجينات
لا يمكن القول بأن هناك جينات محددة وحاسمة وراء العبقرية فهي مازالت طور البحث والدراسة، ولكن تم اكتشاف العديد من الجينات التي يمكن أن تؤثر على مستوى الذكاء، ومن بينها:
1. جين DRD2: يتحكم هذا الجين في إفراز الدوبامين، وهو مادة كيميائية في الدماغ ترتبط بالتعلم والتذكر والمكافأة.
2. جين CHRM2: يتحكم هذا الجين في إفراز مستقبلات الأسيتيل كولين، وهي مادة كيميائية في الدماغ ترتبط بالتعلم والذاكرة.
3. جين COMT يتحكم هذا الجين في إفراز إنزيم خاص بالمستقبلات والنواقل العصبية، وهو مهم في تحلل الدوبامين في الدماغ. ويعتقد بعض العلماء أن الاختلافات في هذا الجين يمكن أن تؤثر على مستوى الذكاء.
4. جين :NRG1 يلعب دورًا مهما في نمو وتطور العديد من أجهزة الجسم ومن بينها الجهاز العصبي. وقد ربطت بعض الابحاث جين NRG1 باللغة والإدراك الاجتماعي.
ما العوامل الأخرى التي تؤثر على مستوى الذكاء؟
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على مستوى الذكاء، ومنها:
1- البيئة: تلعب البيئة دورًا كبيرًا في تحسين مستوى الذكاء، فالأشخاص الذين يعيشون في بيئة غنية بالموارد التعليمية والثقافية، يميلون إلى تحقيق مستوى ذكاء أعلى من الأشخاص الذين يعيشون في بيئة فقيرة.
2- الصحة العقلية والجسدية: الصحة الجسدية والعقلية الجيدة تؤثر بشكل إيجابي على مستوى الذكاء، حيث أن النشاط الجسدي والعقلي المنتظم يساعد على تحسين وظائف الدماغ.
3- التعليم: يعتبر التعليم عاملاً أساسيًا في تحسين مستوى الذكاء، فالأشخاص الذين يحصلون على تعليم جيد يميلون إلى تحقيق مستوى ذكاء أعلى.
4- التحفيز: يعزز التحفيز الذهني والتحدي والتنافسية الذاتية ويؤدي إلى تحسين قدرات الذكاء.
5- التجربة: يمكن أن تؤثر التجارب والتحديات المختلفة التي يواجها الفرد في حياته على مستوى الذكاء، ويمكن أن تؤدي إلى تطوير مهارات الحلول الإبداعية والتفكير النقدي.
وفي النهاية، يمكن القول إنه من المهم أن نفهم أن الجينات والبيئة لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، وأن التفوق الدراسي يعتمد على عدة عوامل متداخلة. ولذلك، فإن الاهتمام بالتعليم والتربية والصحة يمكن أن يساعد في خلق بيئة مواتية لتطوير المتفوقين دراسيًا، بغض النظر عن وراثتهم لبعض الجينات المتعلقة بالذكاء.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك